|
النبوة لعشر دقائق فقط
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 4510 - 2014 / 7 / 12 - 08:00
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الطريق نحو ثلاجة البيت طويل وقطط بشوارب سميكة تجلس حارسة باب الثلاجة ، تضل الفئران طريقها رغم أنها متمسكة بالوصايا جيدا ، هكذا هي قطعة الجبن بالنسبة لها ، ليست وجبة طعام دسمة لكن شيء ما يتعلق بمصيرها وسر وجودها الكوني ، شخص ما سيظهر من السماء ويعيد لجموع الفئران الطيبة الجبن المفقود ، فأر أبيض قصير الحجم ، لا يشبه الفئران كثيرا كانت أمه قد جلبته دون أب ، لم يهتم أحد كثيرا بهذه القضية ، قضية النسب ، كثير من الفئران الإناث قد وهبت نفسهن له ، لكنه كان لا يبالي كثيرا ، ليالي السجن الطويلة التي قضاها بسبب رفضه للغواية من زوجة وزير الفئران علمته جيدا أي نتائج غير جيدة تحصل عند أي معاشرة جنسية نصف مكتملة ، كان يكرز كثيرا لسكان المجاري التافهين ، كان يعلمهم : كلما كانت قطعة الجبن هامة بالنسبة لك فأنت في حاجة ملحة إلى الأحتفاظ بها رغم ماتواجهه من صعاب ، لكن سكان القاع لم يسمعوا تلك الحكمة ولم يفهموا عمقها ، فراحوا يتناسلون بغباء متحدين ناموس الطبيعة ومعادلة مالثوس المقدسة (عدد السكان يزيد وفق متوالية هندسية بينما يزيد الإِنتاج الزراعي وفق متوالية عددية ) ، ازدحمت بهم العشوائيات ، دون أوراق أصولية ، دون شهادات ميلاد خاصة بهم ، وهل يهم هذا ؟ المهم بطونهم مملوءة بالأغذية الفاسدة التي لا يأكلها حتى كلاب سكان الطوابق العليا ، وغددهم التناسلية تعمل 24 ساعة ، معدل الخصوبة عالي جدا كما في الضفادع تماما ، لكن هناك من يحد من تلك القابلية العمياء للتكاثر ، أنها الحروب ، غريزة التدمير تعادل غريزة الأيروس ( الحياة ) كما يقول فرويد ، وحتى تبقى الحديقة جميلة لابد أن تحمل عوامل دمارها معها ، ( الشهوة إذا حبلت تلد الخطيئة وإذا حبلت الخطيئة تلد الموت ) .. ضاق بهم سكان الأعالي ، ولم تكن سوى نهاية تراجيدوكوميدية لهم ، ليكونوا أيقونات في لعبة رقمية ، قبيلة تفتك بقبيلة وجماعة أقوى تلتهم جماعة أضعف منها ، وبطون العناكب متخمة من بقايا الجثث ، كان على تلك العناكب وفق اللعبة أن تعيد تمثيل الجثث عضويا نحو كائنات جديدة ، اللعبة مرعبة ليس فيها منتصر أو خاسر ، ولكن الأكثر قابلية على التغير هو من يبقى لحد النهاية ، ولهذا كان ذاك الفأر المقدس كان يكرز وهو يركب حماره الأبيض : إذا لم تتغير فأنك قابل للفناء ،، وطبعا كانت أحاديثه غريبة ومشفرة ولم يفهمها أحد ، وأتذكر جيدا مقولة أخرى كنت قد سمعتها منه حين كنت جالسا في بار ليلي : شم رائحة قطعة الجبن من حين إلى أخر حتى تعرف متى يصيبها التفسخ ،، كان يجلس قربي بملابسه الرثة ، كان الكل يضحك عليه ، باستثناء بنت الليل قذرة التي تستطيع أن تشم رائحة كريهة من رحمها من كثرة الفطريات التي تستعمرها من بعد أمتار ، هي الوحيدة التي كانت تشفق عليه ، لهذا جعل منها شفيعة في يوم الدينونة ، تلك المقولة الرائعة جعلتني أدفع حساب الأكل الذي تناوله في تلك الليلة ، لم أعد أراه كثيرا من ذاك اليوم .. بعد الحرب الأهلية التي حدثت في مجاري القاع بين فريقي السنة والشيعة هاجر الكثير منهم نحو سلال القمامة في الطوابق العليا ، كانت تلك السلال أمنة نسبيا أكثر من القاع ، وهناك وفي تلك العوالم التي تفيض بخيام اللاجئين هبطت ورقة بيضاء مكتوب عليها : إن السير في اتجاه واحد يجعلك تعثر على المزيد من الجبن ،، وطبعا لم يفهم أحد كما هو المسلسل الطويل مع النبوة المشفرة والمعقدة لغويا ، كانوا ينتظرون منه رؤى بورنو كما فعل غيره ولكن بقى معقد داخليا ، ماهي مشكلة هذا الفأر مع باقي المساكين ، لماذا يصر على البحث عن أصفار ، كل الفقراء عبارة عن أواني فارغة ، أوعية فارغة ، تنتظر من كل عاهر أو بطل قومي أن يملئها مجددا بما يريد ، لكنه كان يتابع أحاديثه دائما ، كانت جلسات تنويم ، كان أحاديثه بالغة الذكاء ، لكن هل تحتاج البروليتاريا الرثة للفلسفات المدورة ؟ الغريب عنه كما يقول من شاهده بين غيبته الصغرى والكبرى بأنه كان يؤكد كثيرا على غسل المرحاض ، بياض المرحاض دليل على نقاوة الداخل !! .. الفلسفة مع الجوع نقيضان ، لم يفهم أي نبي تلك المعادلة ، الكل راح يكرز ويكرز بشكل فصام عقلي مقيت ، ماهو الحل لهذا الزمن المملوء بالانبياء وتجار الحروب والفرائس ( من خبثها الداخلي اصبحت فريسة ) ،،، إقامة دير خلف جبال سبعة وخلف بحور سبعة ، لا أحد يصل إليك لكنك تصل لما تريد بسهولة ، هذا أخر ما توصلت له ... والله المستعان !
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من سيرة فأر أبيض
-
خربشات نصف مجنونة يكتبها نصف صرصار لباقي الصراصير
-
معاناة بمذاق باراسيكولوجي
-
البارا سيكولجي ليس نزهة !
-
باراسيكولوجي : بغداد - كركوك - أربيل
-
سطور لا علاقة لها بالأرض
-
سعدي الحلي ، ثيمة باراسيكولوجي
-
عاشوراء الدوق فليت الأبدية
-
أنصاف بشر .. تحليل أنثرو - نفسي و بارا سيكولوجي
-
بارا سيكولوجيا قدح الشاي
-
تأملات سوداء في أمعاء بشرية
-
الرسالة الشيوعية الأخيرة
-
بشر يأكل بشر في صحن الفقه الشافعي
-
سأهبك طبشورا يابشار
-
النانو - بارا سيكلوجي .. محاولة فلسفية لشرح أحجية ما
-
تحليل سوسيولوجي بنكهة العرب
-
أزمنة وثورات .. ونساء !!
-
أنصاف عرب وأرباع عرب .. واقل !!
-
إلى .. كارمن
-
من وحي إله المتاهة
المزيد.....
-
في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر
...
-
برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
-
شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني
...
-
-نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف
...
-
-حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
-
صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية
...
-
احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
-
سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق
...
-
-حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
-
الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|