أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية














المزيد.....

آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4494 - 2014 / 6 / 26 - 17:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس من شك في أن المشهد العربي الراهن القائم على كلا شقي الصراع المبطن والمعلن بين قوى الطائفية والمذهبية الدينية من جهة وقوى الجيوش الوطنية العربية في المقابل لا يسر أغلب منظري ونشطاء الديمقراطية العرب، ولا ينبئ بحال من الأحوال عن إمكانية إنبات الأخيرة وسط مثل هذه البيئة الصدامية، الإقصائية، العنيفة والمقفرة ديمقراطياً؛ فكما أن عداوة التيار الديني للديمقراطية والتعددية والخصوصية والحريات الفردية صريحة ومعلنة، كذلك لا يمكن أن يعول بحال على أن تكون العسكريات العربية هي الجسر الآمن الذي تعبر من فوقه مركبة الديمقراطية. حسب شهادة الواقع التاريخي قديماً وحديثاً في بلدان متعددة عبر المنطقة وحول العالم، ليس ثمة قوى مجتمعية منظمة أكثر توجساً وكرهاً وعداءً إزاء الحريات الشخصية والتوجهات الديمقراطية من المؤسسات والقوى الدينية والعسكرية. هل، رغم ذلك، لا يزال ثمة بصيص من أمل في إنقاذ آمال الديمقراطية من أنياب هذين الفكين الكاسرين؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب التأكيد على أن العملية الديمقراطية هي في جوهرها تنويعة من تنويعات الصراع على الأصعدة المختلفة من سياسية واقتصادية واجتماعية، وإبداعية وفكرية ورياضية...الخ؛ لكن الصراع الديمقراطي يمتاز على غيره من أنواع الصراعات الأخرى، خاصة التقليدية منها ذات الطبيعة الإقصائية العنيفة الدائرة حالياً داخل وعبر دول المنطقة، في كونه صراع سلمي، الذي يكسبه تسمية مميزة تبعده عن تلك الصراعات البدائية- ’التنافس‘. فبدلاً من استخدام أسلحة القتل والتدمير كوسائل رئيسية في الصراع على الفوز بالنفوذ والسلطة، توفر الديمقراطية قواعد لعبة متحضرة ومسالمة للوصول إلى الغاية نفسها، دون حاجة إلى سفك للدماء أو تهديد للسلم والرخاء المجتمعي. في وضع ’الصراع‘ تستخدم وسائل القوة والعنف، لكن في وضع ’التنافس‘ تستخدم وسائل السلم والرفاه، ومن ثم دائماً ما تعرف العملية الديمقراطية بكونها تنافس سلمي وصحي على السلطة بعيداً عن الصراع وأدواته العنيفة والهدامة.

إذن، في ضوء ما سبق، الصراع العنيف في حد ذاته يمكن أن يشكل قاعدة أولية تتأسس فوقها العملية الديمقراطية، لكن بشرط توفر الإمكانية أولاً لتحويله في الوقت المناسب وتحت الشروط المواتية إلى التنويعة السلمية- التنافس. وحتى تتوفر هذه الإمكانية لتحويل الصراع إلى تنافس، لابد من ضمان استمرار هذا الصراع والحيلولة دون حسمه بالضربة القاضية لصالح طرف ضد الآخر؛ لابد من الوصول بوضع الصراع الإقصائي العنيف إلى نقطة ’توازن الرعب‘، التي يصل عندها كل طرف إلى قناعة تامة باستحالة أن يفرض إرادته بالقوة أو أن يقضي بوسائل العنف على الآخر؛ عندئذ تفقد وسائل العنف قيمتها ويبدأ التفكير في وسائل أخرى ذات جدوى أكبر وكلفة أقل لبلوغ غاياته. هنا يجب أن يجد الوسائل الديمقراطية السلمية تحديداً هي المطروحة والمتاحة والأقرب والأيسر والأجدى له. وهذه، على وجه الخصوص، هي مهمة منظري ونشطاء الديمقراطية.

كحالة إيضاحية، عقب 25 يناير 2011 كان منظرو ونشطاء الديمقراطية المصريون قد نجحوا في صقل وإتاحة العملية الديمقراطية كوسيلة سلمية مجدية للتنافس على السلطة والفوز بها. وبالفعل قبلت بقواعدها جميع الأطراف، حتى الأشد رفضاً وتكفيراً لها في السابق من المنتمين لتيار الإسلام السياسي. لكن بعد قليل من واقع الممارسة الفعلية، تأكد لهؤلاء المنظرين والنشطاء في مصر أن أنصار الإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين قد عملوا بعد فوزهم ديمقراطياً بالسلطة على تحقيق ذات الأهداف الهدامة المرجوة من اللجوء إلى الصراع العنيف: التخلص بالضربة القاضية من الطرف الآخر المهزوم في الانتخابات. الديمقراطية تستند في الأساس على درجة معقولة من توازن القوى بين الأطراف المتنافسة. فإذا انعدم هذا التوازن انعدت بالضرورة فرص الديمقراطية، حتى لو بقيت الآلية الديمقراطية الشكلية عاملة بكامل قوتها وفي أحسن صورتها.

ضد هذا الوضع تحديداً- فرض الإرادة بالقوة وإقصاء الآخرين ولو بالوسائل الديمقراطية السلمية- انقلب منظرو ونشطاء الديمقراطية المصريون ضد الإخوان المسلمين ونجحوا بالتنسيق مع مؤسسات الدولة في إسقاطهم من السلطة. لكن مع تغير معادلة الصراع الآن لصالح الدولة، خاصة مؤسستي الجيش والقضاء، ضد الإسلام السياسي يصبح لزاماً على منظري ونشطاء الديمقراطية المصريين العمل على منع حدوث خلل حاد في توازن القوى يوصل إلى إقصاء الإسلاميين- كمكون أصيل وعميق وواسع الانتشار من مكونات المجتمع المدني- بالضربة القاضية من معادلة النفوذ والسلطة. النصر الحاسم في هذا الصراع لصالح مؤسسات الدولة الرسمية ضد قوى المجتمع المدني، ومن بينها الإسلامية بالطبع، سوف يوصل حتماً إلى وضع تنفرد فيه مؤسسات الدولة الرسمية بالنفوذ والسلطة وتفرض إرادتها بالقوة على سائر المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، كالذي قد جربته وعانت منه مصر منذ ثورة 1952 حتى ثورة 2011.

كما نجح منظرو ونشطاء الديمقراطية المصريون في حماية مؤسسات الدولة الوطنية المصرية من مساعي الإسلاميين المسعورة لتقويضها بعد 25 يناير، عليهم الآن أن يقفوا الموقف ذاته ضد محاولات الدولة القضاء على الإسلاميين والانفراد بالنفوذ والسلطة. توازن القوى هذا يعد شرطاً ضرورياً لاستمرار الصراع، حتى لو كان من النوع الصدامي العنيف والدموي في هذه المرحلة؛ والوصول من هذا الصراع إلى نقطة توازن الرعب يعد شرطاً ضرورياً مسبقاً لإقناع كل الأطراف بعدم جدوى استعمال العنف في تحقيق الأهداف. هكذا تستطيع قوى الديمقراطية، مهما كانت صغيرة وضعيفة مقارنة بالقوى التقليدية الأخرى، أن تلعب دوراً حاسماً كرمانة ميزان الصراع طالما ظل مشتعلاً، ثم دور الطليعة الديمقراطية المعلمة والمرشدة حالما يضع الصراع أوزاره في نتيجة مجموعها عدم فوز أحد وعدم هزيمة أحد، ويأس الكل من جدوى العنف.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية في الإسلام
- هل صليت على النبي اليوم؟
- المرأة والأقليات العربية بين التحرير والتمكين
- ديمقراطية التوحيد الإسلامية
- جدلية الوحي والتاريخ (10)
- جدلية الوحي والتاريخ (9)
- جدلية الوحي والتاريخ (8)
- جدلية الوحي والتاريخ (7)
- جدلية الوحي والتاريخ (6)
- جدلية الوحي والتاريخ (5)
- جدلية الوحي والتاريخ (4)
- جدلية الوحي والتاريخ (3)
- جدلية الوحي والتاريخ (2)
- جدلية الوحي والتاريخ (1)
- العقل الفقهي وتنصيص الواقع
- العقل الفقهي والسلطة
- ابن رشد ضالع في الإرهاب
- سحر الفقه
- ابن رشد: فيلسوف أصيل أم فقيه مستنير؟
- فيلسوف وفقيه وإرهابي (3)


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية