حب وإملاق لأميمة خايف الله

نجية نميلي (أم عائشة)

الحوار المتمدن-العدد: 4484 - 2014 / 6 / 16 - 21:06
المحور: الادب والفن
    

عندما تختزل أبسط حقوقنا في العيش، في العمل و حتى في الحب كي تصبح هي أقصى أمانينا ...عندها سيكون الموت أجمل سبيل…
_________________________
حب و إملاق
مرت ثلاث ساعات على الانتظار، كان واقفا في زاوية من المشفى، شاحب الوجه.. ثيابه رثة ، و حذاؤه يكاد لا يظهر من تراكم الغبار عليه، ربما ظن أنه لا يستحق حتى الجلوس على ذلك الكرسي النظيف بين الحاضرين، لقد تعود أن يختبئ في زوايا الزمن، فالفقر و القهر و جبروت الحياة أجبره على ذلك.
محمد شاب في ربيع العمر، يجني قوت يومه كبائع متجول، على الأقل أرحم من البطالة، لقد كلّ و ملّ من اجتياز مباريات التوظيف بدون جدوى فالشهادة لوحدها لن توصله إلى ما يطمح إليه في دنيا أصبحت المصالح و الوسائط هي محركها.. بالكاد استطاع أن يجمع المال لدفع تكاليف العملية، رغم أن الديون تراكمت عليه ..غير أنه لا يبالي فحياة محبوبته هي الأهم، كيف لا و قد بارك رب السماوات حبهما، لقد مضت سنتان على زواجهما، لكن مشيئة الله قضت أن يُبتلى بمرضها.
وعدها بألا يتخلى عنها مهما حدث، أخبرها بأن البيت في غيابها موحش لا طعم له و لا لون، وعدها أن يستحضر طيفها كل مساء و يغني على أوتار حبها أجمل القصائد كما عوّدها دائما، أخبرها أنه سينتظرها و ترجاها أن تقاوم المرض لتعود إليه، يحبها لحدّ الهذيان..
هي تصفه بمجنونها فحياتها بدونه كزهرة ذابلة في غرفة غجرية مظلمة، منذ أن عرفته أعاد لها الروح للحياة، تعشقه لدرجة اختلاط وجهه بأحلامها، أصبحت كل أمانيها إسعاده، أن تجعل من قسوة الزمن عليه حلاوة الزهر بين أمواج الحقول، أن تزيّن بأناملها أحلامه لتزيدها بهجة وأملا و طموحا..
هي أيضا و عدته بأشياء كثيرة، وعدته أن تقاوم و تقاوم حتى يكلّ المرض منها ، وعدته بأنها ستعود قريبا، وعدته بأن تحبه أكثر.و تمنت أن تشفى لأجله، و أن تقف على رجليها ، لتصلي وتسجد لله وتطلب منه أن يحفظهما ، وأن يهبهما ذرية صالحة.
وبخطى سريعة أتت الممرضة لتنزل على مسامعه بخبر صاعق..
لقد غابت شمسه و كأنها كانت تعده بألا تفي، و ربما الأقدار حكمت ألا يكون لوعودهما صدى في هذه الدنيا السوداء، فنقاوة أحلامهما أكبر من أن تتسع في دنيا طغى عليها الخبث و القهر و الإملاق.


الطالبة: أميمة خايف الله(المغرب_فاس)

#نجية_نميلي_(أم_عائشة) (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات