أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الصادق الجهاني - الحركة الوهابية وقضية حقوق المرأة















المزيد.....

الحركة الوهابية وقضية حقوق المرأة


صلاح الصادق الجهاني

الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 07:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


موقف الحركة الوهابية من حقوق المرأة
يتبرم الوهابيون من ذكر كلمة الوهابية ومشتقاتها، معللين ذلك بأن عرَاب الحركة، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لم يطرح مشروعاً جديداً، بقدر ما كان الهدف ببساطة العودة إلى ينابيع الدين الأولية الصافية، وإحياء نهج السلف، فترة تكوين الدولة الإسلامية. وبالرغم من نجاح الحركة بالفعل، في إزالة المظاهر الشركية الشائعة آنذاك، إلا أنها لم تكن موضوعية تماماً في التعاطي مع تراث السلف، بل وسلكت نوعاً من الانتقائية، وخاصة فيما يتصل بالمرأة، وهو لب المقالة هذه.
في فترة صدر الإسلام وحتى عندما تبلور المشروع الحضاري الإسلامي، كان للمرأة مكانة متميزة، وظهرت شخصيات من النساء، مثل الخنساء الشاعرة، وأم الشهداء التي تعد قارعة أعظم الشعراء في عصرها، وكذلك هند بنت سهيل المخزومية، زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام، تفر بدينها إلى المدينة من مكة، حاملة أطفالها بدون محرم أو إذن، وكانت بعد هجرتها إلى المدينة خير المرأة المسلمة التي آزرت المسلمين في القتال، في دعم المقاتلين، والقتال إلى جانب المقاتلين، دون أن تجد في ذلك من ينتقد اختلاطها بالرجال وفي عهد النبوة ونزول الوحي.
أما سكينة بنت الحسين بن على التي كانت تعقد مجالس العلم والأدب، وتخالط الرجال والنساء، مثلما كان يحدث في صالونات الأدب التي نعرفها في عصرنا هذا، وليس من وراء حجاب؛ لتمارس السياسة كمعارضة لنظام بني أمية السلطوي. وهناك أمثلة كثيرة أوردها البعض في كتابته، نذكر منها ما يورده رفعت السعيد " نقلاً عن الفقيه الهندي السيد الأمير على الهندي، نماذج مضيئة لنساء عربيات مسلمات، من أمثال فاطمة الزهراء، التي كانت تحاضر في أمور الدين والدنيا في جمع من الرجال والنساء، والشاعرة " فضل " التي علا صيتها زمن الخليفة المتوكل، و" شهدة "، التي كانت من أبرز المتحدثين في التاريخ والأدب خلال القرن السادس الهجري، وكذلك " زينب أم المؤيد "، حيث كانت من أبرز فقهاء عصرها. " وخيزران أم الرشيد وغيرهن، ونكتفي بهذا القدر.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل بمقدور هذه الشخصيات الإسلامية من نساء وغيرهن، ممن لم يسمح المجال لذكرهن، لو قدر لهن أن يعيشن في الوقت الحاضر من الحصول على فرصة لممارسة أدوارهن التي أبدعن فيها بحرية، والتعبير والتفكير بأريحية، ومخالطة العامة دون الاصطدام بالمؤسسة الدينية الرهيبة، ومن وراءها من الجموع الغفيرة من أفراد مجتمع، عام 1988، لم يشب عن الطوق بعد؟ وفتوى أنصاف العلماء الذي يركنون للنص وليس المضمون، يُغذى بأحاديث جلها مختلق ومتوتر، وباجتهادات فقهية منغلقة وإقصائنا تعادي في الجملة غير المسلم والمسلم الآخر والمرأة ؟
إن نظرة عابرة على واقع المرأة المسلمة عامة والسعودية خاصة يكشف عن بشاعة تواطؤ المعتقدات الوهابية المتشددة، وليس الموجودة في الإسلام الأكثر رحابة وإنسانية، وهذا إذا رأينا أن المجتمع السعودي الشرقي مجتمع ذكوري، وأن الرجل هو الذي يصادر حقوقها التي كفلتها العدالة الإلهية والتشريعات القانونية المعاصرة. وهذا المجتمع الذكوري نجح في جعل المرأة عورة، ومارس عليها الصلف ، ومصادرة ما تبقي من حقوق واستلاب هويتها، حتى ما يميز البشر من ملامح يعرف بها مثل الوجه، يتم إخفاؤه، وهو كدلالة رمزية على انعدام الهوية، فصارت مجرد تابع للرجل، ، وأداة فقط لضمان التكاثر وبقاء النوع البشري.
دون أدنى مراعاة أو الاعتراف بأن لهذا المخلوق الحق في أن يكون لها طموحات شخصية، بخلاف الزواج والإنجاب. وللأسف فإنك تجد من بين النساء قطاعاً لا يستهان به يستمر في التبعية، وعدم التمرد على الأوضاع الراهنة، لا من خوف فحسب، ولكن لكون الدين يفرض عليهن الطاعة والانسياق وراء الرجل مثل ظله. وكأن المرأة في هذا المجتمع قد عاشت على العبودية وترعرعت فيها، وأصبحت جزءً من شخصيتها، وتعايشت مع واقعها. وتحت دعوة الحفاظ على كرامة المرأة من الانحلال، والتفسخ والتغريب تم مصادرة حقوقها، وقمع كل محاولة للمطالبة بهذه الحقوق، وأن أي حق للمرأة هو نصر للعلمانيين وللتغريب، وإفساد المجتمع، فقد حدثت جريمة نتطرق إليها، للتعريف بنظرة الوهابية للمرأة، وهى قد لا تحدث في مكان آخر من العالم، التي ارتكبها رجال هيئة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، في يوم 11مارس 2002، التي تسببت في مقتل خمسة عشر طالبة في مدرسة بنات في مكة، عندما طرد عناصرها أولياء الأمور، والحريق مشتعل بالمدرسة، وأغلقوا الباب على الطالبات أثناء الحريق؛ وذلك لأنهن لا يلبسن عباءات، ومنع أفراد الشرطة والإسعاف من الدخول إلى المدرسة؛ لأنه لا يجوز للفتيات أن ينكشفن أمام غرباء".
ربما هذا المثل يوضح تشدد مريدي هذا الفكر، ويوضح مكانة المرأة عندهم، وسأورد في السطور التالية بعض الأمثلة على مظاهر وصور الامتهان التي تمارس بحق المرأة، بدعوى الحفاظ على كرامتها، والتي تتنافى مع الإسلام، ودور المرأة المسلمة المعروف، وهى كالتالي:
أ- " فرض الحجاب قسراً على المرأة، فهم لا يعترفون بغطاء الشعر، ولكن بالغطاء الكامل لجسد المرأة، والتشديد على الالتزام به، والاستماتة في الدفاع عنه، بشكل يدعو للريبة من وراء كل هذا ومن سوء حظ الوهابية أن قراءتها المبسترة للنصوص القرآنية، لا تسعفها بحجية الحجاب وشرعيته، ولعل هذا ما يفسر تباين شكل ووظيفة الحجاب من مكان لآخر عبر العالم الإسلامي. وأكتفي هنا بالإشارة إلى أن آية الحجاب ( سورة الأحزاب 53:33)، تخص زوجات النبي فقط، أما آية الخمار ( سورة النور 31:24)، فالمقصود بها تغيير عرف سائد، حيث كانت النساء يكشفن صدورهن.
لذا جاءت الآية بقصد تغطية الصدر أما الآية الأخيرة أي الجلابيب، (سورة الأحزاب 59:33)، فالقصد منها التمييز بين النساء الحرائر والإماء (الجواري).
ب- منع المرأة من قيادة السيارات كحالة استثنائية تنفرد بها السعودية دون بقية العالم، وهو ما ينصب في تكريس وهم الخصوصية السعودية، وكأننا كائنات حطت من كوكب بعيد. لا يجد الوهابيون – من حسن الحظ - نصاً يلوحون به في فرض هذا القانون الظالم، سوى الإدعاء بأن القيادة ستعرض المرأة لمشاكل لا حصر لها، وقد تكون وسيلة لتسهيل حالات الزنا والاغتصاب، وهو هاجس يظل أحد شواغل المتشددين.
إن مخاوف الوهابية من الانفلات الأخلاقي عند السماح للمرأة بالقيادة يشي ضمناً بحالة من الاحتقان الجنسي المصاب به المجتمع، نظير جدران العزلة التي شطرت المجتمع إلى نصفين. كما أن تعامل الوهابيين مع مسألة القيادة النسائية، يكشف عن تناقضات صارخة، صارت إحدى سمات الفكر الوهابي. كيف يرفض المتشددون أن تقود المرأة سيارتها، ولكنهم لا يمانعون بوجود السائق الأجنبي، رغم ما ينطوي عليه هذا التصرف، من تداعيات اقتصادية واجتماعية يدركها الجميع، والذي يحطم دور المرأة كنصف المجتمع.
الوقوف بشدة أمام دعاوى منح المرأة بطاقة شخصية، خوفاً من أن يرى موظفو القطاعين العام والخاص وجه المرأة، الذي يعد عورة يحرم كشفه أمام الغير، وهذا التعليل بالرغم من تهافته وسقمه وكشفه لعقلية البداية، إلا أن الباعث الحقيقي من وراءه إبقاء المرأة تحت وصاية الرجل؛ لأن البطاقة الشخصية ستمنح المرأة حرية التحرك الجزئي بدون ولي أمرها، وهذا مقدمة – كما يراها الوهابيون – لكسر طوق الرجل. ويلاحظ أن هذا العنت لا يلين رغم ما يتردد عن عمليات تزوير ونصب جرت؛ لأن القاضي أو الموظف، لا يجرؤ على مطابقة وجه المرأة الماثلة أمامه بصورتها في البطاقة الشخصية.
جـ- تضييق الفرص التعليمية، وذلك بحصرها في مجالات لا يترتب عليها بعد التخرج الاختلاط بالرجال، إلا في حدود الطب والتمريض، فعلى سبيل المثال، لا تستطيع الطالبة الالتحاق بأقسام الهندسة والزراعة والإعلام، وهذا التحريم فرضه الوهابيون على الحكومة، مقابل السماح بإعطاء البنات حق التعليم، كما يحرم على الطالبات ممارسة الرياضة ولو لساعة واحدة، ربما خوفاً من إثارة انفعالات جنسية مكتومة بين الطالبات، أو السماح بساعة واحدة سيجلب في المستقبل مطالب بانخراط المرأة في ميادين الرياضة التي هي حكر على الرجل. وتبقى مسألة منع الأستاذ الجامعي من مواجهة الطالبات في قاعة الدرس إلا من خلال شبكة تلفزيونية عادة ما يشرف على مراقبتها موظفون متدينون؛ خوفاً من حدوث ما يكره إحدى سمات التدين الوهابي، المتغلغل في خلايا المجتمع السعودي، الذي قل أن تجد له مثيلاً.
د- تكبيل نشاط المرأة الاقتصادي، من خلال اصطناع معوقات تنظيمية، مثل وجود وكيل (رجل) لإنجاز المعاملات الاقتصادية بصرف النظر عن نوع العلاقة بين الطرفين، المهم أن يكون رجلاً، وهذا ما قد يخلق مشاكل، في حالة لو أساء الوكيل المهام المناط بها لمصلحته الخاصة. والرجل ليس كلمة السر في إتمام المعاملات المالية، بل يمتد سلطانه عليها – مادامت المرأة ناقصة عقل ودين – حتى لو أرادت السفر خارج البلاد، والأدهى من ذلك، أنها قد تتعرض للطرد والأذى النفسي، لو تجرأت في الذهاب لمطعم أو مقهى، دون صحبة ولي أمرها".
هـ- أما آخر ما قامت به الحركة الوهابية في المملكة السعودية فهو قيامها بسلب النساء حق الانتخاب ابتداء من المجالس المحلية والتي تعتبر هى الوحدات المحلية الأولية في السعودية، وذلك يعني منع المرأة من المشاركة في الحياة السياسية بالكامل، وتعطيل نصف المجتمع؛ لصالح النصف الآخر، وتعطيل المتبقي من النصف الآخر؛ لصالح القلة وكل ذلك تحت تشريع الإسلام الوهابي.



#صلاح_الصادق_الجهاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة النهضة وقضية تطبيق الشريعة
- حركة النهضة التونسية وقضية العنف
- حركة النهضة التونسية وحقوق المرأة
- حركة النهضة التونسية وقضية الديمقراطية
- حركة النهضة التونسية رؤية متطورة
- موقف جبهة الوطنية للانقاذ الجزائرية من قضايا الديمقراطية وال ...
- النخب السياسية والقضايا المصيرية (بين سيكس بيكووسد النهضة)
- بدايات ومراحل تطور حركة الإخوان المسلمين
- دراسة في مفهوم الاسلام السياسي
- موقف الحركة الوهابية من قضايا العنف والديمقراطية
- قراءات في ظاهرة الاسلام السياسي
- النص الإبداعي بين القيمة المضافة والمحكمة
- الوطن بين المصالحة الوطنية والعزل السياسي
- انتلجنسيا الزيف
- تقرير عراب الثورات العربية
- الخونة والابطال الجدد
- فرضية قابلة للتصديق
- انضمو الي اعتصام ميدان الشجرة
- الاسلام السياسي في السلطة بعد الاتتخابات
- العولمة والهوية .... علاقة متبادلة


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح الصادق الجهاني - الحركة الوهابية وقضية حقوق المرأة