أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ولادة مشوهة _ قصة قصيرة .ج1














المزيد.....

ولادة مشوهة _ قصة قصيرة .ج1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4473 - 2014 / 6 / 5 - 22:36
المحور: الادب والفن
    



حمل سرحان زوجته التي حاصره الطلق دون أن تعرف كم مضى من حملها بالرغم أن هذه ليست الولادة الأولى لها فهي لا تعرف من العد والحساب كبقية النساء في قريتها إلا الثلاثة جمع التي أجادة عدهم كلما أرادت أن ترقد دجاجاتها على البيض ,الحمارة التي حملت زوجة سرحان كانت حامل أيضا وقد بان حملها الذي يكاد أن يفجر بطنها حتى ظن الناس أنها حامل بتوأم ,المشهد يوحي للناظر الذي لا يعرف ما يجري في القرية أن هناك موسم للتفريخ تشترك بها العائلة الإنسانية والحيوانية في موعد واحد ,هذا المشهد لا يهم سرحان بقدر ما يمكنه من الوصول إلى وسط القرية حيث الجده أم نايف التي ستتولى زوجته بعد أن أنهكها المرض هي الأخرى عن التجوال على نساء القرية .
مشكلة سرحان أنه وبالرغم من زواجه المتكرر ام ينجب ولم يرزق بولد , كانت هذه الزوجة هي تجربته الرابعة والتي حملت معها البشارة كونها أنثى مجربة فقد أولدها زوجها المتوفي عنها عن مرض عضال ثلاثة أولاد , لا تحتاج إلى تجربه لذا كان حريصا أن يميزها عن بقية الطقم النسواني الذي جمعهم في دار واحدة مع أم وأخت عزباء,الهم الأساسي أن تلد له ولدا ليحمل أسمه ,تعلم الزوجة أن هذا الحلم هو من يجعلها الأسعد ويمنحها الأمان أمام عصابة الثلاثة التي ما أنفكت تفتعل أي مشكل حتى بسقط الجنين أو يولد ميتا , غيرة الضرائر أحيانا أكثر شراسة من حروب داحس والغبراء.
أم سرحان كزوجته ذاقت المر كله حتى جاءها البشير بخبر حملها , سلالة من أباء لا يمكنهم أن يخلفوا إلا بتدخل القدر وهي تعرف أن هذه الفرصة قد تكون أخر الفر لسرحان أن يكون له ولد , حرصت كثيرا أن تقف إلى جانب كنتها لتدافع عن ولي العهد , قد تكون تمقتها لأنها أرملة ,حاولت أن تزوجه من أجمل بنات القرية لكنها فشلت أن تصنع من إحداهن أم لحفيدها المنتظر حتى ابنة أخيها التي ما برحت تصبرها على الأمر بعد أن دارت بها من مرقد لمرقد ومن عارف وعارفة لم يبقى في بال النسوة طريقة للحبل لم تستعملها حتى مما لا يعقل جالت بها بين القرى والمدن بعد أن أخبرها الطبيب أن لا شيء يمنعها أو زوجها من الحبل.
الجدة أم النايف تعلمت هذه المهنة من الضروريات وقبل أربعين عام لم يكن الوصول إلى المدينة بالأمر السهل صار لزاما أن تتعلم من نفسها ومن العجائز التي سبقنها من خبرة مباشرة بدت بدون ثمن إلا كم من زوجة سقطت نتيجة خطأ أو بسبب لا يعلمنه لكنه دوما معلق على القسمة والنصيب وخير الذي جاء مما كتب الله ,أراد سرحان فقط أن تعلمه الجده أم النايف عن موعد الولادة حتى يتسنى له أن يذهب بها إلى المدينة , لم يفكر أنها قد تفعلها هنا أو في الطريق ,ما فكر أن يحمل شيء معه , لا أظن أن أحدا يحمله المسئولية فهو غاية أمله أن يرى هذا الطفل حتى لو جاء به كما خلقه الخالق , الحق واللوم على صاحبات المعرفة وأولهم زوجته فهي أدرى وأعلم.
قبل أن يعبرا الجذع الممتد عبى طهر الساقية بين بيت العجوز أم النايف وبين مربط الحمارة كانت المشكلة التي طرأت فجأة على رأسه خاف على زوجته أن تسقط في النهر وهي كالقربة المنفوخة فيذهب الولد هباء منثورا ,ركض كالمجنون وعبر الجذع صوب بيت أم النايف ليطلب أن تعبر هي لتفحص زوجته ,لم يفكر أن فحص النساء يتطلب وضعا خاصا لا يمكن ان يكون تخت نخلة أو على ضفة الجدول ,جادلها حتى لم يجد بدا من الاستجابة بعدما أغلقت الحاجة أم النايف التي يسميها جميع رجال القرية بالعمة,قفل راجعا وقد أستسلم لكلام العمة وزوجته مستغربة وغير مستغربه من هذا الجنون فدفعت به جنبا ودخلت الدار دون أن يصدق كيف عبرت لوحدها الجذع الذي يهتز كلما عبره عابر.
ورث سرحان عن أبيه بستان كبيرة وأرض تزرع حبوب تسمى الغربية كما تملك والدته مطحنة صغيره ورثتها مع شقيقها عن الجد ,كان أشبه بالمترف نوعما وعمه شيخ القرية وخاله أيضا يملك الكثير وليس له غير أبنه واحده هي زوجته الأولى ,كان زواجه هذا من السيدة المجربة في عرف الكثيرين من أقرانه إهانة وفي عرف الكثيرات زواج مصلحة سوف ينتهي بمجرد ان تنجب له ولد فهي تكبره ببضع سنين ولا تملك شيء من الجمال مقارنة بزوجاته السابقات لكنها الوحيدة القادرة على أن تعطيه ما يتمنى ,لك يكن غائبا عن بالها إنها لربما يطردها يوما ما , لتعود إلى حياة العدم أولادها السابقين في بيت جدهم وقد ترجع لا تجد من يؤويها , لا يعني أنها لا تعرف العد أنها لا تملك من شيطنة النساء شيء وهي تتوقع نهاية قد لا تتناسب مع الرغبة العارمة التي اجتاحت سرحان كي يرى ولد .
يصف البعض سرحان بالأهبل ويصفه البعض الأخر بقليل الخبرة كونه الوحيد للعائلة والمدلل فيها أم سرحان هي الرجل الحقيقي لكل أسرة سرحان منذ أن توفى والده وهو قاصر حتى الخال المنغمس بجمع الاموال والبيع والشراء ترك أمور العائلة لشقيقته تمتلك من قوة الشخصية والتدبير والحزم كأنها الزعيم الذي يقود أمه ,لا يناقش ولا يعارض في أي شيء فقط ينفذ إرادة والدته التي حرمت على أبنتها الزواج ما لم ينجب سرحان ولد خوفا على ثروة العائلة أن تذهب إلى الصهر الجديد وهي تعلم أن ولدها مجرد شاب ولكن ليس كبقية الرجال ,لو تركته يوما واحد قد تجد نفسها في ما لا يحمد عقباه لذا لم تتركه يتصرف بشيء ولا يعرف شيء غير البستان والحقل ,إنه إمعة على قول شيخ زاير عالم القرية الديني والذي تولى بنفسه تزويجه لأربع مرات متتاليات ,
خرجت أم النايف فجأة ونادت عليه هرول كالمجنون وطلبت منه أن يحضر والدته فورا ومعها (البقجه) ليفهم شيء وأراد أن يستفسر أكثر لكنها أغلقت الباب , تركها وذهب مسرعا حيث مربط الحمارة دون أن يتذكر الكلمة التي أوصته حاول أن يتذكر لكن تفكيره بالولد هو الذي سيطر على مخه يتصور في خياله شكله أو حتى ليسمع كلامه وهو يناديه كبقية الأطفال فرح مشوب بخوف وأحيانا خوف متعاظم أن لا يأت الولد أو يحدث ما لم يكن متوقعا ,في منتصف الطريق تذكر أن والدته ليست في القرية أنها ذهبت من الفجر إلى المدينة ,أوقف الحمارة التي لا تكاد بمقدورها المسير من حملها وعاد وغير اتجاهها عائدا إلى بيت أم النايف ليسألها ماذا يعمل.

يتبع



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولادة مشوهة _ قصة قصيرة .ج2
- الفلسفة والإيمان بحدود الزمن
- القيم الأخلاقية والتغيرات الأجتماعية
- أحتاجك صمتا
- الدفاع عن الأسرة والمجتمع العراقي
- نوره وسائق القطار _ قصة قصيرة
- الأخلاق والدين نتاج العقل والتجربة
- في معنى تحديد الهوية
- انتصار الفلسفة
- العودة الى معنى الخلاص الحضاري
- مختارات في الحب
- العقل والفعل التاريخي في التغيير
- المسلمون والنظرية الفكرية (الميزان)
- سرياليات
- حماية الأسرة العراقية في زمن ضياع العراق.
- من يقتل العراق ؟.
- أهمية تجريد الفكر العربي من الإسلاموية شرط أساسي للتحرر
- تجديد الرؤيا تجديد العقل الديني والعلمي
- العلم وضروريات التعلم
- النداء الأخير قبل الرحيل


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - ولادة مشوهة _ قصة قصيرة .ج1