أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - اندثار الاماكن














المزيد.....

اندثار الاماكن


نجم عذوف

الحوار المتمدن-العدد: 1265 - 2005 / 7 / 24 - 02:32
المحور: الادب والفن
    


كانت التلال الصغيرة تراقص الريح الهاربة من الصحراء ، الريح التي يطاردها الوهم ، الريح التي تركت الأبواب تلفظ أنفاسها من ثقوبٍ هجرتها المسامير علها تحطم أضلعها الخاوية . من بين تلك التلال يظهر في الأفق تلاً خاويا تجرجره الرمال بعيدا عن مسار الريح كي لا تمسك به ، الرمال التي التهمت الطرقات ، الرمال التي قضمت أثار العابرين في زمن ما ، كانت عظامه تتساقط الواحد تلو الآخر لكن الرمال لن تسمح لعظامه أن تترك الأثر نفسه لكي لا تستدل الريح إليه ، وفي زاويةٍ أشبهُ بأماكن القرابين كانت تمد يدها لتستخرج منها الأرواح التي صافحتها أيادي الآلهة الأرواح التي ضمدت عذريتها بالأزل المقدس ، التل يرتعد وهو ممسكٌ بالوهم ، الوهم القادم من غياهب المجهول ، علهُ يسكت صوت الجراح ورائحة الدم التي تلتفُ خلفَ ضباب الضحية . ينهض الأزل قابضاً على لحيته الرملية بيدٍ بحرية وبالأخرى عكاز من الريح ليضع قدمه على مؤخرة التل فيصمت الخوف لكن روحه تزحف بعيداً باتجاه أخر نقطة في الزمن المنتهي ... الزمن الذي غادر إلى قبل ، الزمن الذي فسَّخَ الأمكنة واغتال لحظتها باتجاه القلق ، النقطةُ التي تركت المدى يطارد لحظتها بعثرت بُعْدَها وأقفلتْ مسافاتها الخرافية ... السكين الذي ذبح الضوء المتشظي يردد توسلات التل الهزيل وهو ممسكا بجدائل العاصفة التي كَشَّفَتْ سيقانهُ ، العاصفةُ التي تجرجر ذيول التاريخ الرملي ، العاصفة التي تثير غضب البحار وتسرق سكينتها اللامعتادة ، من ذا يؤقتُ لحظة الاغتيال ... ومن ذا يملئ المطاردة أوقاتها ... التلال التي اعتادت الرقص مع الريح داستها أوقات الاندثار اللعين ، أما التل الخاوي الذي أنهكته التقلبات و هرم في انطوائيته اللامشروعه يتأرجح تحت استعارة لا زمنية .. استعارة توظف أشواك الصبار تحت العطش المبتل بسراب الرغبة .
يقفز ظل اللاهوت من خلف جمرة الفجر ، فتحترق البحار .. الصحراوات .. التلال ، يزحف نحوه وهو الذي لا يقوى على الحراك ، الحراك الذي كان حلماً ، الحراك الذي لا يمنح الهروب المعنى .. الخنجر الذي يرقص في كفِّ المدى ينفض اصفرارهُ فيتكور خريف الانسلاخ .. خريف الألم المحتضر .. خريف الأوراق المذبوحة برغبةِ السقوط . عشية الانفلات لا تستدل التساؤلات على لغزها في الممرات الموبوءة ، الممرات التي جرجرت أنفاسهُ ذات انقباض علة التنشق .. قذفت انفعالاتها الأجنحة ذات هروبٍ من الطيران القسري لعنة تقضم شجيرات الوجع ، الوجع الذي يمارس لعبة البقاء الأبدي ، الوجع الذي يلتف خلف الدوائر السوداء التي تشبه الجحيم ، الجحيم اليومي صيرورةٍ أُخرى من صيرورات البقاء ، بقاء التعاسة ، بقاء الألم بقاء اللانفع من البقاء .
هناك في أخر نقطة جحيميةٍ يلهث البحر وهو يتوسد التل الرملي الذي داسته أقدام السحب ، تضج الذاكرةُ بأساطير السحب وهي تومئ إلى ( صعصع) وهو يمارسُ عنفه الرعدي ... وهو يمارس قسوتهُ القسرية ليجمح كبوة الهطول . التلُ يحتضنُ وحدته التي ارتمت تحت صخرة (سيزيف ) ، رمح النار الذي احرق هشيم الكون ينفذُ ليبعثر التل باتجاه جمرات الفجر ، الفجر الاحتراقي ، الفجر الدموي ، الفجر الذي يسرق الهدوء ، الهدوء الصاخب بالصمت ....
تثور الجبال فتقذف ارتفاعاتها باتجاه التلال غيرة أن تكون ذات زمنٍ جبالاً وغيرةً من شفافيتها التي تداعب الريح ، أيُّ ريحٍ تلك التي تعبث به ، الريح التي لا تستطيع أن تصدَّ الموت .. الموت الذي التهمنا كما تلتهم الهشيم النار ، الموت الذي يكبلنا بأساوره ويضعنا في زنازينه القسرية .
تلك هي الدوامة التي ينام بها الأموات دون أن يعرفوا لماذا ، وكيف ، ومتى ، والتي يسقط فيها الأحياء لحظة الضعف .....
التلُ لا يقوى أن يفكَّ قيودهُ المثقلة ، فلماذا لاتعبث الريح به ولا تقذفه الجبال ولا تحرقه جمرات الفجر ، في غفلةٍ كانت الآلهة نائمة احترقت في غفلتها فاحترقنا واحترق الكون إذا لا عودة لبداية أخرى .



#نجم_عذوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسمال الصوت تخلع صمتها
- كريم ناصر يقضم برادة الحديد
- بخور في ليل بشت أشان - إلى الشهيدينِ .... زهير عمران وعلي حس ...
- تأبين بقايا الخطوات
- حكايا من مدينة كلكامش الحلقة 14
- الفكر لن يحجب ولو كثرة الغيوم
- حلم سومري
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 12
- خرافة السعلاة تعود إلى الانترنيت
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 11
- بين اشيائي حروف تحتضر
- زفرة باتجاه المتخفي المعلن
- كلٌ باتجاهِ الاخر
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة التاسعه
- ثَمةَ أشياءٍ تختزلُ الوسادة
- الهطول الاخير للزبدِ البري
- خفايا تَحتَ ظِلالِ الفَجرِ
- تحتَ صوتِها شهوةٍ مهملةٍ
- من يوصد الغفله الى/جمال حافظ واع
- خرافة الريح


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - اندثار الاماكن