أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم خوري - محاكاة ساخرة للديمقراطية














المزيد.....

محاكاة ساخرة للديمقراطية


هيثم خوري

الحوار المتمدن-العدد: 4468 - 2014 / 5 / 30 - 08:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك أن إصرار النظام، بالتنسيق مع حلفائه الإقليميين والعالميين، على إجراء الانتخابات الرئاسية هو لفرض واقع يهدف إلى تدمير مؤتمر جنيف كلية، والقضاء على أية إمكانية للانتقال السياسي للسلطة من خلال تشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي نصَّ عليها بيان جنيف الأول. إن النظام يحاول استغلال الانشغالات الدولية ولا سيما بالأزمة الأوكرانية للمضي قدماً في برنامجه الهادف إلى تثبيت نفسه من جديد على رأس الحكم، عبر انتخابات لاشرعية معروفة النتائج مسبقاً، وهو بذلك يوهم نفسه ويحاول ايهام جزء من الشعب السوري والمجتمع الدولي بشرعية مفقودة كلياً، متناسياً أنه القوة التي ارتكبت ولا تزال كل ذلك القتل والتدمير بحق غالبية السوريين. وهكذا فإنه يقدم دليلاً إضافياً على استمراره بفرض الواقع الذي يناسبه، لا ذلك الذي يناسب الشعب السوري، ضارباً بعرض الحائط أمنيات هذا الشعب الذي بمجمله يريد الوصول إلى حل للأزمة السورية الحالية، لا تعقيدها، غير أن هذه الانتخابات ستقطع أمام هذا الشعب طرق الحل، وستعمق انقسامه، وتزيد من آلامه.

من نافل القول أن هذه الانتخابات تفتقد للشرعية السياسية إذ قامت على أساس دستور وضعه النظام الحالي ليحرم كثير من السوريين من حق الترشح، فهذا الدستور يشترط أن يكون المرشح قد أقام داخل سوريا خلال الأعوام العشرة الماضية بشكل متواصل، وهو بذلك أغلق باب الترشح أمام كل المعارضين المقيمين في الخارج، والذين خرج معظمهم مؤخراً من سورية بسبب أزمة أشعلتها رعونة النظام عينه. كما أن المحكمة الدستورية العليا قررت عدم إعطاء حق التصويت لأي مواطن سوري "خرج من بلاده بصفة غير مشروعة"، حسب وصفها، وهي تشمل بهذا القرار كل اللاجئين الذين خرجوا في السنوات الثلاث الأخيرة مشردين نتيجة الدمار الذي ألحقته بممتلاكاتهم آلة الدمار الوحشية، مما يعني حرمان نحو سبعة ملايين سوري من المشاركة في الانتخابات. وعلى اعتبار أن ثلثي مساحة سورية هي خارج السيطرة الفعلية للنظام، إذاً لن يستطيع المشاركة فيها سوى أقل من ثلث السوريين، وطبعاً لا يمكن أن يشاركوا جميعاً، أولاً لعدم توفر الظروف الأمنية الملائمة في بعض المناطق وثانياً لعدم قناعة جزء كبير من السوريين بأن الظروف السياسية والديمقراطية صحيحة للقيام بهذه العملية. لهذا فإن هذه الانتخابات تفتقد لكل شرعية سياسية.

ومن الجلي أن النظام في هذه الانتخابات يخالف عمداً كل معايير النزاهة والمساواة بين الناخبين وعمومية الاقتراع والتصويت السري والتعبير الحر عن ارادة الناخبين، هذه المعايير التي أقرتها المواثيق الدولية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كحقوق أساسية لا يجوز لأي نظام يدّعي الشرعية مخالفتها. فالسلطات السورية تقوم بإجراءات ترهيب للمواطنين وخاصة موظفي القطاع الحكومي من أجل اجبارهم على المشاركة في هذه الانتخابات اللاشرعية، إذ تلزمهم بالتقيد بالدوام الرسمي والامتناع عن التغيب في يوم الانتخابات تحت أي ظرف كان، حتى لو كان أمنياً، وتقوم بنظم قوائم ناخبين بأسماء الموظفين الحكوميين في دوائرهم الرسمية للتأكد ممن سيشارك في الانتخابات مع التهديد بالفصل في حال الامتناع. أما في الأحياء فإن الأجهزة الأمنية تقوم باعتقال وتهديد كل من مواطن يدعو إلى مقاطعة الانتخابات على اعتبارها انتخابات مزورة وغير شرعية، وهي تنشر لهذا الهدف مخبريها في مختلف الأحياء، فتبث الرعب والريبة بين المواطنين. أما سفارات النظام، ومن أجل رفع عدد المشاركين في هذه الانتخابات الصورية، فلقد حصرت تقريباً مواعيد تجديد الوثائق السورية في يوم الانتخابات؛ لابتزاز المواطنين السوريين، إذ تقايضهم بالتصويت لرئيس مجرم مقابل تجديد جوازات سفرهم التي هي حق طبيعي لهم. كل هذه الممارسات تجعل من هذه الانتخابات عديمة الشرعية من الناحيتين القانونية والحقوقية.

من خلال هذه الانتخابات اللاشرعية سياسياً وقانونياً والمحسومة النتائج سلفاً، والتي هي ليست إلا محاكاة ساخرة للديمقراطية، يؤكد النظام مرة أخرى بأنه غير قابل للإصلاح، وبأنه يستخف بعقول السوريين والمجتمع الدولي، لا بل يسخر من عذابات المشردين ودماء الأبرياء، إذ لا يعنيه تخفيف هذه العذابات وحقن تلك الدماء، عبر إيجاد حلٍ سياسي للأزمة الدامية، بقدر ما يهمه بقائه في السلطة. لهذا فإننا نجد لزاماً، على كل المواطنين السوريين بلا استثناء، مقاطعة هذه الانتخابات الصورية التي ستطيل الأزمة السورية وستزيدها تعقيداً ودموية.



#هيثم_خوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الجمهورية؟
- المنبر الديمقراطي السوري وأزمة الهوية
- مصر أمام مصير مجهول
- موقف لا كما يريده أغلب السوريين
- عوائق نجاح مؤتمرات المعارضة السورية
- مقاربة تاريخية لمشاعر الإضطهاد السريانية
- عجيبة هي المعارضة السورية
- كوفي عنان، إنتبه!
- أزمة المكون السياسي للثورة السورية
- القيصر و الضحية
- تحديات المرحلة الإنتقالية في سوريا -رقم 3- المصالحة و الشفاء
- تحديات المرحلة الإنتقالية في سوريا -رقم 1- المشاركة الشعبية ...
- تحديات المرحلة الإنتقالية في سوريا –رقم 2 - الأمن و السلام
- لا أعرف لماذا كل هذا التشاؤم؟
- أما آن للأمين العام للأمم المتحدة أن يسمي مبعوثه الخاص بالقض ...
- معضلة التدخل الخارجي
- دلالات إدانة اللجنة الثالثة للنظام الأسدي
- عدم النضج النفسي كأصلٍ للشر -دراسة سريرية لحالة بشار الأسد
- الدبلوماسية الروسية نسر ذو رأسين
- هكذا ماتت المبادرة العربية، فماذا بعد؟


المزيد.....




- مليارديرات وميليشيات وحقوق تعدين.. من قلب صفقة ترامب الجديدة ...
- مسؤول في -حماس- يوضح لـCNN مدى -جدية واستعداد- الحركة لاتفاق ...
- المحكمة العليا البريطانية ترفض دعوى لوقف تزويد إسرائيل بقطع ...
- ما تداعيات الحكم الجديد الصادر بحق المحامية التونسية سنية ال ...
- قراصنة يهددون بنشر رسائل بريد لمساعدي ترامب وأميركا تتهم إير ...
- وفد أوروبي بكفر مالك يدعو لوقف اعتداءات المستوطنين بالضفة
- نتنياهو يترأس اجتماعا أمنيا ثلاثيا وواشنطن تؤكد أولوية صفقة ...
- -لسنا جمهورية موز-.. كيف قوبلت دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياه ...
- المقاومة ترفع تكلفة -عربات جدعون- والاحتلال يمهّد للانسحاب
- لماذا تتركز كمائن المقاومة في -عبسان الكبيرة- بخان يونس؟


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم خوري - محاكاة ساخرة للديمقراطية