رأس المال في القرن الحادي والعشرين (2)

طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 17:04
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    

لمنحه احقيته فان Piketty قد كتب كتابا مهما بخصوص توزيع الدخل والثروة في أوروبا والولايات المتحدة على مدى القرنين الماضيين. انه، و إيمانويل سايز، زميل باحث في جامعة كاليفورنيا، قد ضمنا بحوثهما كمية هائلة من المعلومات التي تعود إلى عام 1913 بالنسبة للولايات المتحدة (عندما اعتمد تعديل ضريبة الدخل) وكذلك المعلومات التي تعود إلى القرن التاسع عشر في فرنسا وغيرها من البلدان التي تكون فيها سجلات العقارات والأراضي متوفرة. لا أحد آخر قد فعل هذا النوع من العمل التاريخي الدقيق من قبل. لكون المعلومات المتوفرة بخصوص القرن التاسع عشر متفرقة ومبعثرة، فان Piketty اعتمد على روايات كتاب مثل جين أوستن و بلزاك لإعطاء القارئ نكهة حول الحياة في ظل النظام رأسمالي وقتها.

الموضوعة الرئيسية التي يستنتجها Piketty هي انه في النظام الراسمالي المنفلت من عقاله فان عوائد الرأسمال تنمو بشكل اسرع من مجمل نمو الاقتصاد. وهذا امر يكاد ان يبدو بديهيا. فإن العائدات طويلة الأجل في سوق الأسهم تزداد حوالي 8٪-;- سنويا (ناقص التضخم) في حين أن النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي العام في الاقتصاديات الحديثة قد وصل إلى نحو 3% في بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر، دفعت السندات الحكومية 5٪-;- فائدة سنوية، مع صفر من التضخم بمعيار الذهب، في حين توسع الاقتصاد الاجمالي بمعدل أقل. عندما يتراكم هذا النمط عبر عقود أو أجيال, فان مالكي الثروة اصلا سيزدادون ثراء بشكل غير متناسب, حيث تتملك العوائد المالية تدريجيا حصصا أكبر من الثروة الوطنية. وفقا ل ,Piketty ، ان هذا النمط يشكل الديناميكية المركزية للنظام الرأسمالي, وهو نمط يعيد انتاج نفسه كل مرة تخفف فيها الحكومات القيود الاقتصادية أو تقلل من خفض الضرائب على رأس المال، كما فعلت في العقود الأخيرة.

هنالك فصلين مركزيين في الكتاب, حيث يتتبع Piketty فيهما توزيع الثروة والدخل في الولايات المتحدة و أوروبا الغربية منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا. ينتج تحليله سلسلة من الرسوم البيانية "على شكل حرف U", التي تظهر بان ثروة 1%من الأفراد أو %10 العوائل بلغت ذروتها في الفترة بين 1910 و 1930، ثم تراجعت و استقرت في عقود منتصف القرن، ثم بدأت بالارتفاع مرة أخرى بعد عام 1980. في الولايات المتحدة في العقود التي سبقت فترة الكساد الكبير, تلقى1% من السكان نحو 18% من إجمالي الدخل و امتلكوا حوالي 45% من إجمالي الثروة. انخفضت هذه الأرقام إلى حوالي %10 و 30%، على التوالي، في العقود الخمسة في بين عامي 1930 و 1980, ثم بدأت في التزايد مرة أخرى. اعتبارا من عام 2010، يتلقى 1% في الولايات المتحدة ما يقرب من 18% من إجمالي الدخل ويمتلكون ايضا 35% من إجمالي الثروة. الأنماط متشابهة في غيرها من البلدان الأنجلوسكسونية-;- بريطانيا العظمى، كندا و أستراليا، ولكنها مختلفة تماما في أوروبا حيث أغنى الجماعات لم تتمكن من استعادة الدخل والثروة االتي تمتعت بها قبل الحرب العالمية الأولى.

هنالك بعض الغموض بخصوص مصادر منحنيات "على شكل U" في الدخل وتوزيع الثروة. لقد مسحت حربان عالميتان في النصف الأول من القرن، جنبا إلى جنب مع آثار الكساد العظيم, الممتلكات الرأسمالية الى درجة غير مسبوقة، في حين ان فرض ضرائب تصاعدية خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها (تصل إلى 91% في الولايات المتحدة في فترة 1940s و 1950s), جعل من الصعب بمكان لأغنى المجموعات ان تراكم رأس المال بالمعدلات السابقة. من الواضح، ان الحروب والكساد والضرائب التصاعدية ليست مفيدة لأصحاب رؤوس الأموال. بداية من 1980s، حيث تم تخفيض معدلات الضرائب على الدخل والأرباح الرأسمالية، وبخاصة في الولايات المتحدة و بريطانيا العظمى، عاودت هذه الأنماط القديمة الى الظهور من جديد.

#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات