أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - علي الخليفي - Turd sandwich ~ سندويتش الغائط














المزيد.....

Turd sandwich ~ سندويتش الغائط


علي الخليفي

الحوار المتمدن-العدد: 4464 - 2014 / 5 / 26 - 08:25
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مهما حاول الإنسان الإرتقاء بنفسه ، عبر المعرفة وعبر توسيع أفقه الثقافي ، يظل للبيئة الأولى التي نشأ فيها تأثير على سلوكياته . فما يكتسبه الإنسان في مراحل نشأته الأولى ، يصعب عليه الخلاص منه بشكل نهائي ، لأنه يكون قد ترسخ في الاوعي .

الْحَمِيَّةَ ، أو الإنتصار للذات ، أو الإنتصار لما يسمى بالوطن أو العرق ، ضد أي إنتقاد أو إساءة توجه لهذه الذات ، أو لذاك المُسمى وطن ، قبل النظر والتفكر في صحة أو بطلان ذاك الإنتقاد أو تلك الإساءة . تلك الْحَمِيَّةَ هي أبرز مثال على تلك المُخلفات التي زُرعت في لاوعينا منذ النشأة الأولى.

تلك الْحَمِيَّةَ ذاتها هي التي دفعتني قبل ثلاث سنوات ، أبان إندلاع التمرد المُسلح ،ضد حكم القذافي في ليبيا ، إلى كتابة رسالة شديدة اللهجة للرئيس الإمريكي ، وذلك على إثر مشاهدة حلقة من العرض التلفزيوني ، الذي يقدمه الإعلامي الشهير جون ستيوارت ، والتي تناول فيها ،طريقة تعامل البيت الأبيض، مع الملف الليبي أبان تلك الأحداث ، وأورد على لسان مُقربين من المكتب البيضاوي ، بأن الرئيس الإمريكي كان يعنون الملف الليبي في إرشيف مكتبه البيضاوي تحت عنوان " Turd sandwich" ، أي سندويتش الغائط أو الخرا ـ أعزكم الله ـ مما جعل الدم يصعد لرأسي ، وأكتب تلك لرسالة ، التي لم أترك شتيمة أعرفها ، أو سمعتها عرضا ،ً إلا وأوردتها فيها ، ولكن شيئاً ما جعلني لا أكمل ما بدأت ، فأحجمت عن إرسال تلك الرسالة أو نشرها عبر أي موقع.

ربما كان دافع ذاك الإحجام هو صوت داخلي يذكرني بأخلاقيات أبناء جلدتي ، من شعب الليبو ، الذين عشت بين ظهرانيهم ردحاً من الزمن ، إنتهى بي إلى ذات ما إنتهى إليه المفكر الليبي الصادق النيهوم، فوجدتني أكرر عبارته الشهيرة ، والتي كانت نتاج تجربته من العيش والتعامل مع شعب الليبو ، والتي خلُص فيها إلى القول.. " تجد نفسك تبصق على الأرض ، وتقرر أنك تريد أن تغادر هذا المكان وفوراً" .

لم أكتفي بترديد عبارة النيهوم ، بل نفذت فوراً تلك الوصية الذهبية ، والتي كان لها الفضل في حفظ ما تبقى لي من عقل.

العيش مع شعب الليبو ، تجربة لاتتمناها لأشد أعدائك ، فالشخصية الليبية شخصية عجائبية ، لايمكن لك أبداً أن تجد لها محددات أو معالم ، هي أشبه بشيء هلامي ، قادر على التشكل في صور وهيئات متناقضة ومتنافرة ، فمن الأسد صعودا،ً وحتى الأرنب هبوطاً ،في باب الشجاعة والجُبن ، ومن الملاك سُمواً، وحتى الخنزير إنحطاطاً ، في باب الفضيلة والدناءة .

لا أريد أن أستطرد في وصف الشخصية الليبية ، فهي تحتاج إلى مُجلدات ، كتابتها ستستغرق فُسحة متسعة من الزمن، نرجو أن تتاح لنا مستقبلاً.

ولكن لنعود الآن لموضوع الْحَمِيَّةَ ، ولتلك الرسالة التي لم يُكتب لها النشر، وهي بين يدي الآن أتصفحها، وأنا أطالع عبر وسائل الإعلام، ما يفعله أبناء شعب الليبو بنفسهم ،وبوطنهم، وبمحيطهم، وبالعالم من حولهم. ذلك العالم الذي تواطئ معهم لتحقيق حُلمهم، أو إسطورتهم الشخصية بحسب تعبير باولو كويلو .
ذلك العالم ،الذي يرى الآن، مدى بشاعة ذلك الحلم، ومدى قُبح تلك الإسطورة .

أعود لتصفح تلك الرسالة ، لأدرك تماما أن دافع كتابتها لم يكن سوى الْحَمِيَّةَ ، وأن ذاك الصوت الواهي الذي كان يصرخ في داخلي ،مطالباً أياي بأن لا أنشرها ، قد تحول الآن إلى صرخة جبارة ، تُعلن بكل وضوح ومع كل مشهد، من مشاهد القتل، والذبح ،والإغتصاب في وضح النهار، وعلى نواصي الشوارع .
تعلن وبكل وضوح مع مشاهد اللحى القذرة، التي تحتل الشوارع والساحات ،وتلوث الفضاء السمعي بصرخات تكبيرها القبيحة .
تُعلن وبكل وضوح، مع إطلالة كل قميء، حقير، جاهل بابجديات المعرفة على الشاشات ،تحت عنوان رئيس حزب، أو مُحلل سياسي .
يصرخ ذاك الصوت في داخلي ،مُعلناً وبكل وضوح ، نعم لقد صدق السيد باراك أوباما ، إنه بالفعل سندويتش غائط ، إنهم جميعاً سندويتشات خرا ، تقرف النفس ، وترغب في التقيؤ من مجرد أن يخطروا على البال .



#علي_الخليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين النعل والبيادة
- نُصوص بدوية ~ الإله الماكر والحياة الضنكا
- نُصوص بدويه ~ شجرة المعرفة المُحرمة
- نصوص بدوية ~ البركة المسروقة والمُغتصبة
- البداوة والمواطنة _ 3
- البداوة والمواطنة _ 2
- البداوة والمواطنة
- الفتاوى المُقرفة قد تهديك السبيل
- دمشق العصّية
- البحث عن الله بين أنقاض الأديان الفضائية
- سرطاناتنا الحميدة
- عذرا معشر الكلاب
- من يتآمر على من في مصر؟
- الثورة لا تخرج من جامع
- دعوة إلى التشيع
- ما الذي تبقى من إسلامكم؟!!
- ديمقراطية الولي الفقيه
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 2/2
- قراءة شيطانيه في ثقافة شيطنة العقل 1/2
- الربيع الفرعوني .. هل يفعلها الفراعنة ؟


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - علي الخليفي - Turd sandwich ~ سندويتش الغائط