أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - بين سبيلك و ميركه سور 15 ب














المزيد.....

بين سبيلك و ميركه سور 15 ب


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 22:46
المحور: الادب والفن
    


من اسبيلك الى ميركه سور 15 ب

( اوراق على رصيف الذاكرة )

دلف علي مسرعا ثم احتضنني وراح يقبلني بحرارة .. كان يحني جسمه لكي يطول رقبتي فقد كان ذو قامة طويلة ورشيق القوام ..جلس قبالتي وأخرج سيجارتي روثمان ..أشعل اطرافهن سوية وناولني إحداهما بمرح كعادته ..كان بتأبط حزمة من الاوراق .. استل واحدة وانحنى ليضعها أمامي على الطاولة .. كانت تحتوي كتابا من وحدته تطلب فيها إدراج تفاصيل الإصابة وفيما اذا كان العقيد ( د الفضلي) قد اكتسب الشفاء من عدمه لإكمال المجلس التحقيقي ومنحه هدية السيد الرئيس كما أوضح لي العقيد د !!
أضاف وهو يغمز : مسدس و الف وخمسمائة دينار عراقي !! 
نظرت اليه نظرة طويلة ثم قلت : د .. نحن قد دفناه سوية !! اردفت هازئا ؛ نقتسم المبلغ سوية ..!! 
أطلق ضحكة طويلة ثم رسم علامات الجد على وجهه الغامق السمرة ..قال بنبرة قرار شابها شيء من الحزن:
انظر دكتور .. عشرة أعوام كنت اتسابق فيها مع ملك الموت من مكان الى اخر وأحيانا نلعب لعبة ( الختيلة) .. تهت في جبل كورك وحاول البغل ان يسقطني من على سفين وجرحت في زوزك وقاتلت في هندرين وجرحت في ديزفول وتخلصت من الموت بأعجوبة في لسان اعجيرده ...! الا يشكل كل ذلك الرعب سببا يدعوني الى رمي فخذي لإطلاقة لكي أضع حدا لذلك الماراثون الجنائزي ، ام أني يجب ان اقتل ويلف جسدي الممزق بالعلم حتى تفتخر وحدتي ويهجم بيني ؟! ... سحب نفسا طويلا من سيجارته وراحت اصابعه ترتعش وهو يعقب بصوت متهدج : رميت فخذي في لحظة تخيلت فيها أني قتلت وان أطفالي يصحون من نومهم ليلا ويجدوا شخصا آخراً يرفع فخذي امهم ويصفقون له ويغنون شعار العراقيين الازلي : هي هي .. الياخذ آمنا .. ايصير عمنا ..!!!
كان يحوم كضبع شم رائحة فطيسة ..!! اعتاد على اصطياد كل جريح يشك في إصابته في كل معركة .. كنا في سباق معه لكي نخفي معالم الإصابات المتعمدة ثم نسرع في تغيير ملامحها وإزالة ذرات البارود المتجمع حول مداخل الاطلاقات .. كثير من تلك الإصابات لم تكن متعمدة .. كانت المتحاربون يشتبكون احيانا بالأيدي ويتطاعنون بالحراب ..لكن تلك الإصابات تستهوي عناصر الاستخبارات والمتملقين والوصوليين من بعض الضباط الاطباء!! فيسارعوا بالكشف عنها واتهام الضحايا بجريمة إيذاء النفس اثناآ المعركة ، والتي تكون عقوبتها الاعدام الميداني والفوري ، وبلا محاكمة !! 
اثناء معاينتنا لجرحى نلك المعركة وقد غصت ردهات الطوارئ والممرات و باحات المستشفى بالجرحى ، امسك بذراعي الرائد الطبيب ( ن) ، ضابط التوجيه السياسي !! سحبني جانبا.. أشار الى غرفة جانبية داخل الردهة كانت مخصصة للجرحى من الامراء والقادة!! كان هناك جندي يقف بسلاحه بجانب الباب.. همس الرائد في أذني : الحق ذلك العقيد قبل ان يستلمه د ق او ن ض ب!!! انه امر فوج مشكوك في إصابته !! التفت اليه متسائلا وبخوف .. أردف وهو يغمز : نفذ والا كشفت عنك المدفون وارسلتك الى جدك بدلا عنه !! 
كان رائد طبيب نافل من دورتي وكان من أنقى وأشرف وأنبل من عرفت من الأطباء العسكريين الحزبيين!! ظل ذلك الطبيب وفيا لثوابته القبلية الأصيلة ولم يألوا جهدا في منع الأذية عن أي شخص مذنب او تحوم عليه الشبهات ... كان رجلا نبيلا بكل ما تعني الكلمة .. الرائد الطبيب نافل الجنابي...
حين دخلت الغرفة وجدت العقيد مستلقيا في السرير وكانت تغطي فخذه  الايسر بقعة دم دائرية تبرز من خلال سرواله وتتوسطها فتحة دائرية صغيرة سوداء...!!! كان الضابط هادئا جدا وكان يشيح بوجهه نحو الحائط..لدى مشاهدتي للإصابة امرت بنقله فورا الى صالة العمليات .. قمت بتهويل الامر وطلبت ان تحضر له ثلاث قناني
 م .. حرصت على مرافقته بنفسي وانا ممسك بالنقالة  ونحن نهرول نحو الصالة ... هناك حيث تغلق الأبواب ونكون بعيدين عن أعين الفضول والشكوك  !! كان الرجل شبه مخدر، لم ينطق بكلمة واحدة ولم يبد أية شكوى .. قام المخدر بإعطائه تخدير نصفي .. كانت الجرح ممتلئا بالبارود !! كنت متأكدا انه قد تعمد إصابة نفسه ...انها الحرب..!! قد تمتلك شجاعة ليس لها حدود وتسير وفقها لزمن ليس قليل  وقد تخونك نلك الشجاعة في لحظة ما!! لماذا وكيف .. الهة الحرب وحدها لديها الجواب..!! 
قمت بإزالة كل ما يدل على تعمد الإصابة او على الأقل الاشتباك القريب .. راح مشرطي يقص المزيد من الجلد والعضلات المهروسة المحيطة بمدخل الاطلاقة .. طرق سمعي اسم ليس غريب عن ذاكرتي .. قال مساعد التخدير وهو يدون اسم الجريح على ورقة المعلومات : العقيد ( د) .. توقف مشرطي ورددت متسائلا : ( د الفضلي) .. رفع العقيد رأسه وهو يؤكد ويتسائل : نعم د الفضلي .. كان تساؤلي مدعاة له لكي ينطق للمرة الاولى !! ا ادري هل كان قطعه لصمته كان انتحارا ام أملا بأنه قد وجد صديقا يعرفه؟! اقتربت منه والمشرط لا زال في كفي المغطى بالدم : انت؟! د شقلاوه؟! ..فوج المغاوير؟! صاحب البغال؟! .. يبدو انه تذكرني من خلال صوتي لان وجهي كان مكمما ... تسائل ؟! من ؟! دكتووور !!! قلت له : لا زلت حيا نقيب د؟! أجاب وهو يعيد رأسه الى الوراء ... ومن يظل للقحاب اذا مت أنا ....!!!

يتبع



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين سبيلك و ميركه سور 14
- بين سبيلك و ميركه سور 13
- بين سبيلك وميركه سور مرة اخرى 12..
- من لي سواك
- انت...
- قسم
- اه يا وطني
- يا..كمر
- أصدقاء
- الثور مرة اخرى
- الانتخابات تقترب ..ذيج السنه !!
- الانتخابات تطرق الأبواب ...
- التغيير ...!!!
- الأوغاد ...
- الكصاص .. عيد سومري
- السباع
- الى ..أنت !
- شقشقة ...
- ليلة غجرية
- ياوطن


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - بين سبيلك و ميركه سور 15 ب