أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - ليلة غجرية














المزيد.....

ليلة غجرية


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 13:57
المحور: الادب والفن
    


ليلة غجرية

ظل حميد الجلاب يربح الأدوار ويجمع المزيد من الدنانير في تلك الليلة .. كانت اللعبة تسمى ( اشلع) .. استمر اللاعبون يستلون من جيوبهم الدراهم ثم الأرباع والأنصاف، وظلت اصابع حميد تجمع تلك المبالغ وتضيفها لاخواتها ليشكل تل من الاوراق وأعمدة من الدراهم .. في كل مرة ينطق حميد كلمة إشلع ثم يكشف اوراقه التي  كانت تشير الى الربح الذي لا يسمح لاحد ان يجاريه .. كان الدخان يتصاعد مسرعا من سيحارته الملتصقة بلا انقطاع بشفتيه الغامقتين وهو يوزع الورق بعد ان يلاعبه جيدا وبسرعة اصابع ماهرة ومتقنة لتلك الحركات المتوالية ..قال لنفسه وهو يجمع الدراهم التي ربحها : حظ جيد ياحميد ولكن بالورق فقط .. أردف : ليت حظك ياحميد يجلس مع سلامه !! لم يكن حظ ولكن قسوة اهلها وعناد ابن عمها هما اللذان يحولا دون قسمتنا !! اشلع .. عادت اوراقه تربح من جديد .. عبثا بحث كويت في جيوبه فلم يجد أية ورقة نقدية ولا درهما ... لم يتبقى من شياهه العشرين سوى خمس نعجات هرب بها ابنه الكبير مهدي الى أخواله بعد أن عجزت دموعه وصراخه من ردع ابيه عن القمار ... نزع صباح الكاولي ساعته الثمينة التي أهداها له عشيق اخته صبيحه .. كانت الساعة من ماركة ( سبيرا ام الانكر) .. وضعها مع الدنانير مراهنا بها ...تناهى لهم صوت صبيحه من الخيمة الاخرى وهو يطرز سكون الليل : يدار أرباي  بيج ايام راحات.. اوعكبج ماشفت بالعمر راحات .. أظل افرك لما ادميجن يراحات واطفي النار البكلبي سريه ..!! تعالى صوت الطبل وهو يرافق عزف الربابة الذي كان يضيف شجنا فوق ذاك الذي يحدثه صوت صبيحة الشجي .. شق الليل صوت إطلاقات متتالية إعجابا وتشجيعا ...ازداد نباح الكلاب التي استفزها صوت الرصاص وهو ينطلق من مسدس جليل بعد ان تناول جرعة طويلة ومباشرة من فوهة قنينة العرق الخالص منتشيا بصوت صبيحة الشجي ...إشلع .. قالها صباح الكاولي بتحد ثم أردف: ساعة الشيخ السييرا مقابل كل ما انتزعته من جيوبنا يا حميد !!
تمهل حميد قليلا قبل ان يكشف الورقة الاخيرة !! ارتجفت اصابعه .. كان يغلب على طبعه الهدوء والحزن الذي اورثه له تولعه بسلامه التي عاند ابن عمها ونهى عليه رافضا زواجه منها ..القى نظرة على كومة الدنانير ذات الألوان المتعددة وهي تعلن عن قيمتها .. ركز نظره على تلك الورقة الحمراء من فئة الخمسة دنانير .. تلك التي اشتراها كويت قبل ليلة ودفع ثمنها نعجتين !! لقد استمر الحظ واقفا الى جانبه لثلاث ليال مضت كاد بها ان يأت على ملابس اللاعبين من إخوانه وابناء عمومته غني وكويت وآخرين من القرى المجاورة لقريتهم الرابضة على قفا التل منذ فجر السلالات ..وضع حزمة الورق على الارض واشعل سيجارة من عقب سيجارته السابقة .. تناول الحزمة والقى الورقة الاخيرة بعنف بدون ان يكشفها !! سارع صباح الى كشفها فخسر السبيرا !! لقد احترقت ورقاته بصورة الشايب !! تصاعد صوت الطبل ودخل جليل مترنحا وهو يحمل قنينته بيده .. ها ... من ربح ،؟!  تسائل بصوته الساخر وقد اثقل العرق لسانه ..تعاقب دخول الاخرين الى خيمة القمار بعد ان وصل الشيخ الى المخيم !! حدثت جلبة في الخيمة وراح الجميع يتابع تلك اللعبة وقد انسحب الآخرون بعد خسارتهم وإغلاقها وبقي لاعبان فقط الواحد مقابل الاخر .. حميد وهدوئه المعتاد ، وصباح الكاولي الذي تحول الى كتلة من الغضب والحزن والانحطاط  !! ظل الغريمان يقابل احدهم الاخر وكل ينظر في عيني غريمه .. الغريب في الامر ان حميدا كان غير مبال البته !! كان بوده ان يخسر في تلك الليلة وقد كسر صباح خاطره !! وتألم لموقف ابن عمه كويت وهو يبيع شياهه التي كانت مصدر عيشه الوحيد وتألم لخسارة اخيه لأبيه غني الذي استل دنانيره من الزايره امه بصعوبة وبشتى الأعذار والمبررات والقسم الكاذب بانه سوف يتاجر بهن لصالحها وسوف يكتفي بربع الأرباح من شراء وبيع ثور من المعدان !!تألم كثيرا حميد لكنه أجاب نفسه ؛ انه اللعب !! الخاسر يخرج حافيا بلا كلاش !!  ذلك قانون القمار ..هكذا قال لنفسه وهو ينفث دخان سيجارته في فضاء الخيمة .. راح الدخان يتلوى متباهيا بنصر صاحبه وهو يتجه صوب الفانوس الذي أخذ سعدون يقربه فوق رؤوس اللاعبين ...أخيرا قال صباح مخاطبا غريمه وهو يتطلع الى كومة الدنانير... قالها بصوت منكسر وقد غلفه اليأس والإنكسار : وزع ...!! تسائل حميد : السبيرا وقد خسرتها .. بم تقامر الان ؟! أجاب صباح بذل وانحطاط ... بليلة مع صبيحه !!!ا
انطلقت ضحكة عالية من جليل الذي جلس قريبا منهم وقد وضع قنينة العرق أمامه على الارض.. سرت همهمة بين الجالسين والواقفين حول اللاعبين وهم يراقبون بلهفة وفضول ما يجري أمامهم ... أطرق حميد طويلا قبل ان يجيب .. راح يبنلع الدخان بنهم بل أخذ يلوك عقب سيجارته باسنانه ..أخيرا مد يده الى كومة الدنانير .. تناول ربع دينار منها .. تلك التي ابتدأ بها اللعب .. وضعها في جيبه التقط الساعة السبيرا .. تطلع اليها بتمعن .. نعربها الى صباح الكاولي ودفع بقية الدنانير مخاطبا اللاعبين كويت وغني وصدام وصباح وهو يقوم .. خذوا دنانيركم ... ارتدى عبائته وعدل عقاله ...غادر الخيمة وسط دهشة الجميع  .. ولج في الظلام الكالح الذي غلف المخيم .. تناهى لسمعه صوت صبيحه وقد انفردت بالشيخ الشاب الذي هامت به عشقا وراحت تغني له من أعماقها..راح يبتعد حتى غيبه الظلام ...

8 نيسان 2014



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياوطن
- قطط وأشباح ...3
- وشم
- رباعيات متأخرة ..كاملة
- واقعة ثور القاضي وبقرة جحا
- كامل شياع و محمد بديوي
- قطط وأشباح 2
- قطط وأشباح
- هذا وطن إم مبغى ؟!
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ..20
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991..19
- أحلام
- اوراق على رصيف الذاكرة ..1991..18
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة اذار 1991 ..17
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة اذار 1991..16
- عشك السواجي
- اوراق على رصيف الذاكرة ..انتفاضة آذار 1991 ..15
- اوراق على رصيف الذاكرة .انتفاضة آذار 1991 14
- اوراق على رصيف الذاكرة..انتفاضة آذار 1991 ..13
- اوراق على رصيف الذاكرة .. انتفاضة آذار 1991 ..12


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب الجليلي - ليلة غجرية