محمّد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات - نحو شرح للحديث في ضوء الطّب النّفسي

مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 02:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من يراجع المقال "necrophilia" [1] في الموسوعة الحرّة "ويكيبيديا" يجد ما يلي:
Necrophilia, also called thanatophilia´-or-necrolagnia, is the sexual attraction to corpses. It is classified as a paraphilia by the Diagnostic and Statistical Manual of the American Psychiatric Association. The word is derived from the Greek words: ν-;-ε-;-κ-;-ρ-;-ό-;-ς-;- (nekros-;- "dead") and φ-;-ι-;-λ-;-ί-;-α-;- (philia-;- "friendship"). The term was coined by the Belgian alienist Joseph Guislain, who first used it in a lecture in 1850.
Rosman and Resnick (1989) reviewed information from 34 cases (supplied by psychiatric colleagues) of necrophilia describing the individuals motivations for their behaviors: these individuals reported the desire to possess a non-resisting and non-rejecting partner (68%), re-union-s with a romantic partner (21%), sexual attraction to corpses (15%), comfort´-or-overcoming feelings of isolation (15%),´-or-seeking self-esteem by expressing power over a homicide victim (12%).

ترجمة هذه الفقرة تعطينا ما يلي:
"جماع الأموات، ويسمى أيضا thanatophilia أو necrolagnia، هو الإنجذاب الجنسي إلى الجثث. ويُصنّف على أنه شذوذ جنسي من طرف "الدليل التشخيصي والإحصائي للجمعية الأمريكية للطب النفسي". الكلمة مشتقّة من الكلمات اليونانية: ν-;-ε-;-κ-;-ρ-;-ό-;-ς-;- (nekros: "ميّت") و φ-;-ι-;-λ-;-ί-;-α-;- (philia: "الصّداقة"). وقد صِيغ هذا المصطلح من قبل طبيب الأمراض العقلية البلجيكي "جوزيف غيسلان"، الذي استخدمه لأول مرة في محاضرة في عام 1850.
استعرض "روسمان" و"ريسنيك" (1989) معلومات من 34 حالة (مقدّمة من طرف زملاء أطبّاء نفسيّين) عن جماع الأموات واصفة لدوافع الأفراد لتصرفاتهم: ذكر هؤلاء الأفراد رغبتهم في امتلاك شريك دون مقاومة أو رفض (68٪-;-)، الإتحاد والتواصل مع شريك جنسي سابق (21٪-;-)، والإنجذاب الجنسي تجاه الجثث (15٪-;-)، والإحساس بالراحة أو التغلب على مشاعر العزلة والإنطواء (15٪-;-)، أو تقوية الثقة بالنّفس بالتّحكم في جسد ضحية القتل (12٪-;-)".

وفي دراسة [2] تعود إلى شهر أوت/ أغسطس 2009، عمد الباحث إلى إحداث التّصنيفات العشر التّالية، بحسب دوافع وتوجّهات الشّخص النّيكروفيلي ونوعية الإشباع الجنسي الذي يبحث عنه وأساليبه المعتمدة:
1. نيكروفيليّون يهوون لعبة الأدوار (role players).
2. نيكروفيليون عاطفيّون (romantic necrophiles).
3. نيكروفيليّون بالتّخيّل (people having a necrophilic fantasy – necrophilic fantazisers).
4. نيكروفيليون يشعرون بالنّشوة عن طريق لمس الجثث (tactile necrophiles).
5. نيكروفيليون توثينيّون أو فيتشيّون (people having a fetichistic necrophilia – fetishistic necrophiles) [3].
6. نيكروفيليّون يهوون تشويه الجثث أو يجدون متعتهم في رؤيتها مشوّهة (people having a necromutilomania – necromutilomaniacs).
7. نيكروفيليّون إنتهازيّون (opportunistic necrophiles).
8. نيكروفيليّون كلاسيكيّون، كما يدعوهم الباحث (regular necrophiles).
9. نيكروفيليّون قتلة (homicidal necrophiles).
10. نيكروفيليّون حصريّون (exclusive necrophiles).

لن أواصل في شرح وتفصيل كلّ هذه التّصنيفات الآن، فقد يُثقل كاهل المقال بأشياء لا علاقة لها بالموضوع إلاّ عرضيّا. لكن بإمكان من يريد معرفة المزيد أن يقوم بتنزيل الدّراسة ومطالعتها، وسيجد في نهايتها جدولا يلخّص أهمّ مميّزات كلّ صنف من تلك الأصناف المذكورة.

المهمّ أنّ ربطي للحديث بجماع الأموات ليس عبثيّا ولا إعتباطيّا، فهو ربط معتمد على نفس طريقة "العلماء" المسلمين والفقهاء في إستنباط الأحكام بالمقارنة والقياس والنّظر إلى ما قبلها وما بعدها وإستحضار النّصوص والأحداث. فإن كانت الطّريقة في نظر البعض شاذّة وغير مبولة، فالأولى أن يحكموا على كلّ منظومة "الإجتهاد" الفقهيّة بالشّذوذ ورفضها.

لكن، هل ورد في مقالي "محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات" إتّهام فعليّ وصريح منّي لمحمّد بن آمنة بممارسة الجماع مع جثّة فاطمة بنت أسد؟ كلّ ما فعلته هو إثارة بعض الأسئلة التي يأثارها هذا الحديث في ذهني. وهذه هي الأسئلة، كما وردت في المقال: " هل فاطمة بنت أسد من محارم محمد بن آمنة، حتى يضطجع معها في القبر؟ كم بقي محمد بن آمنة مع أم علي مضطجعا معها في قبرها؟ هل يمكن لأحد المسلمين أن يقتدي بما فعل محمد بن آمنة في القبر؟ فالسّنّة هي ما قاله أو فعله أو أقرّه رسولهم؟ هل فعل مثل ذلك مع أبي طالب زوج أم علي؟ وهل فعل ذلك مع آخرين ماتوا قبل هذه الحادثة أو بعدها؟ هل فعل نفس الشيء مع إبنه إبراهيم الذي أنجبته له ماريا القبطية، مثلا؟ القبر يُحفر على قياس جسم الميّت، أي أنّه لا يتّسع إلاّ للميّت فقط... فكيف كان إضطجاع محمد بن آمنة مع جثّة فاطمة؟ إلى جانبها؟ أم فوقها؟ ألا تعتبر هذه الروايات مما يتناقض مع الخلق العظيم الذي وصف به محمد بن آمنة؟ إذ كيف يضطجع في قبر مع جثة من غير المحارم بعد أن يلبسها قميصه الوحيد حسب الروايات؟ وهل سمع أحدكم بشخص فعل نفس ذلك الفعل من غير المنحرفين أخلاقيا والمرضى نفسانيا، عشاق جماع الأموات (أو ما يسمى بلأنجليزية necrophilia)؟ " فأين إتّهامي الجازم والصّريح الذي يزعمه عبد الله أغونان وعبد الحكيم عثمان بأنّ محمّدا بن آمنة قد ضاجع الجثة ومارس معها الجنس؟ لا يوجد. هي مجرّد أسئلة قد يطرحها أيّ إنسان. أمّا عن السّؤال الأخير "وهل سمع أحدكم بشخص فعل نفس ذلك الفعل من غير المنحرفين أخلاقيا والمرضى نفسانيا، عشاق جماع الأموات؟" فهو يصبّ في خانة "جماع الأموات" ولكن ليس بالطّريقة التي فهمها من إنتقدوا المقال. فقد أوردت في بداية هذا المقال أنّ "جماع الأموات" أو "النيكروفيليا" لا تعني فقط العمليّة الجنسيّة بما فيها من إيلاج، بل هي أصناف. فهناك نيكروفيليّون توثينيّون أو فيتيشيّون يتعلّق هوسهم بعضو أو أكثر من أعضاء الجثّة، وهناك نيكروفيليّون يشعرون بالنّشوة الجنسيّة لمجرّد مشاهدة الجثّة أو لمسها.

زيادة على هذا كلّه، نحن نعرف أنّ محمّدا بن آمنة كانت لديه أعراض تدلّ، بما لا يدع مجالا للشّك، على أنّه كان مصابا بصرع الفصّ الصدغي (temporal lobe epilepsy) [4]، فلماذا نستغرب أن يكون أيضا نيكروفيليّا، يندرج تحت أحد الأصناف المذكورة سابقا؟


-------------------
المراجع والهوامش:
1.. مقال Necrophilia على ويكيبيديا:
http://en.wikipedia.org/wiki/Necrophilia
2.. Aggrawal, Anil. (August 2009). "A new classification of necrophilia". Journal of Forensic and Legal Medicine 16 (6): 316–20.
يمكن تنزبل الدّراسة على الموقع التّالي:
http://www.4shared.com/office/c6U4SLctba/316_A_new_classification_of_ne.html
3.. التّوثينية أو الفيتيشيّة: إنحراف جنسي ونفسي قوامه إشباع الرغبة الجنسية من طريق الإنجذاب المَرَضي اللاعقلاني إلى ‏أجزاء من الجسد غير ذات صلة في الأصل بتلك الرغبة، كالقدم مثلا، أو إلى شيء من الأشياء بعينه، سواء أكان ذلك الشيء ‏قبعة، أو حذاء، أو جوربا، أو خصلة شعر، أو ثوبا تحتيا...
4.. راجع الحلقات التالية من برنامج "سؤال جرئ":
- سؤال جرئ 235 محمد بين الطب والنبوة: الجزء الأول http://youtu.be/hbmA4fpjM8U
- سؤال جرئ 235 محمد بين الطب والنبوة: الجزء الثاني http://youtu.be/AKaJsSTEBaA
- سؤال جرئ 239 مناقشة حلقتى محمد بين الطب والنبوة http://youtu.be/pCFajXPtzb4
والمقال "محمد (و) الصرع (و) إلين!" http://tinyurl.com/ppfk6y6
5.. المقالات السّابقة التي لها علاقة بالموضوع:
- "محمّد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415585
- "محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات - ردّا على تعليق عبد الله أغونان"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415617
- "محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات - ردّا على مقال عبد الحكيم عثمان"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415772
6.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّنته:
http://utopia-666.over-blog.com
7.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html

#مالك_بارودي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين