أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلود العدولي - قصص بحجم الإصبع 1














المزيد.....

قصص بحجم الإصبع 1


خلود العدولي

الحوار المتمدن-العدد: 4458 - 2014 / 5 / 20 - 16:23
المحور: الادب والفن
    


-صفراء-
بعيدا عن الشيوخ السكارى جلس يشرب كأسه في صمت. يبدو انه لم يتجاوز الخمسين من العمر لكنه كان في السادسة و الخمسين. لمح شعرها الأشقر من خلال النافذة و هي تركض خلف الكرة بخفة مع بعض الشباب. تهتز في اندفاع كأنما ولدت لتوها. ارتبكت عيناه بين اصفر البيرة و اصفر شعرها و تذكر أنه بلغ سن الإرتباك. خرج ليستمتع بالمشهد عن قرب، قطرات من العرق كانت تبلل وجهها و شعرها المنسدل على كتفيها .أ يستدعي شعر هذا الكم الهائل من الأفكار التي تعبر رأسه .تأوه شيء بداخله و فكر في ركوب اي حافلة تأخذه بعيدا، بعيدا عن تلك الطفولة التي لمحها في اهتزازها ،بعيدا عن كل هذا الإشعاع الذي يطل
من شعرها بعيدا عن كل هذا العنفوان. لم تقوى قدميه على اللحاق بالحافلة الأخيرة التي سارعت بالإنطلاق قبل دقائق من موعدها فكيف ستقدر هذه الأرجل على اللحاق بخفتها الصفراء القاتلة؟
دخل إلى البار و طلب كأس وسكي و جعل يتفّرس في ملامحها.كانت تجري وراء الكرة لتمررها بخفّة إلى صديقها ثم تصرخ.كان يوّد سماع صوتها لكن لم يصل إليه سوى بعض الذبذبات: باتريك هاي...عندما وضع الكأس على الطاولة سمع صراخا عاليا: هدف هدف هاااااي رائع سوزي.إلتفت مجددا ليجدها تحتضن شابيّن وهي تضحك.أسنانها البيضاء البارزة تعّض لحمه المترّهل حتى اختفى البار في لحظة ما.لم تهدأ,عادت إلى ركضها و اهتزازها العنيف و لم تمضي دقيقة حتى مرّرت لها الكرة من جديد,ركضت بسرعة شديدة لتتعثر في حجر صغير,سقطت سوزي أمام عينيه وارتطم جسدها بالأرض فخرج مسرعا إليها و مدّ يده إليها كي تنهض.كانت تتألم و كان الشباب يحدقون في المشهد باستغراب: من هذا الرجل الذي وصل إليها من البار قبل أن نصل نحن.وقفت سوزي على قدميها و حدقّت في عينيه ثم احتضنته و قالت: جايمس هذا أنت.حدّق فيها مجددا بصمت: نعم كانت تنظر إليه دائما طوال هذه الأيام عندما يدير ظهره ليطلب مشروبا من الساقي و حتما سألت عنه,إنها شقّية يا جايمس,إنها العنفوان.

-عجوز الدي جا فو -
فتحت الجريدة الصباحية و هي تشرب القهوة.حادثة قتل جدّت البارحة في جنوب البلاد و كانت ضحيتها فتاة في الخامسة عشر.فتحت عينيها مجددا: يا إلاهي حصل هذا سنة 1994 و قد قرأت هذا المقال بالذات عندما كنت خارجة للتسّوق يومها و قد اضطررت لإنتظار نهوض سامر من سريره حتى أخبره بهذا الحدث,لم يكن له وقت لقراءة الصحف حينها بسبب الدراسة و لا الآن أيضا بسبب العمل.كانت تريد أن تصّدق بأن هذا الخبر الذي تقرأه الآن جديد,هل هي محض صدفة؟ لكن التفاصيل هي عينها: الفتاة اسمها لينا و الأب أجهز عليها في غرفتها بسبب سكره.تركت الجريدة جانبا و خرجت نحو السوق.عليها أن تشتري بعض الخضر لإعداد الغداء.سامر قادم مع خطيبته اليوم و عليها أنّ تعد وجبة لائقة.أوصاها بأن لا تتحدث كثيرا لأنها أصيبت بالخرف.هذا ما يتعقده ابني المسكين,يعتقد أنني عجوز بصدد الإحتضار.لن أهتم بآرآه مجددا.توجّهت نحو بائع الخضر و جعلت تملأ سلتها بالطماطم.ربّت على كتفها شّاب و قال: سيدتي لقد سقطت منك حافظة نقودك.أدارت وجهها إليه : شكرا جزيلا هذا لطف منك.حدّقت في ملامحه: إنه خالد صاحب محّل البقالة في الحي القديم الذي كانت تسكن فيه.صرخت: خالد ألم تعرفني؟ مضت سنوات الآن منذ كنت اتسّوق في محلّك ألم تعرفني؟ كنت تحمل معي سلّة المشتريات إلى المنزل أحيانا.استغرب الشاب : سيدتي أنا لست خالد,أنت مخطئة و ليس لي محّل بقالة.صمتت ثم قالت : آسفة بنّي,أظنّ أنني أخطئت.سأعود إلى منزلي ,لن اشتري الخضر و لن أطبخ شيئا و على سامر أن يشّمر على ذراعيه و يطبخ لآنسته الصغيرة.عالم موحش,الجميع تغّير,الزمن انتفى تماما,الجرائد تعيد حوادث قديمة : كل شيء يعيد نفسه و كل شيء يدّعي أنه جديد.سأعود إلى البيت.



#خلود_العدولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباح يصيح بالتعب
- من النسيان تولد الذاكرة
- عندما يفرض النص قوانينه:الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة ال ...
- مذكرات طوباوية غارقة في الوهم
- إنحداره بعد إنقطاعه -زيارتي لمعرض تونس الدولي للكتاب-
- تبشير بالأدب الكوني
- يوميات هائمة في شوارع العاصمة
- إلى حلاق باب الخضراء
- مدخل للتفكير في سؤال ما الكتابة؟؟
- اللقاح الذكري
- بين البحث عن الذات و واقع البينذاتية
- إقرأ لأحبل بكتاب
- إلى طفلي
- فوضوية أنثى.....عشوائية صارخة
- النفس الانتحاري في الرواية اليابانيّة
- حانة الكلمات
- جيل البيت في الرواية الأمريكية -the beat generation-


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلود العدولي - قصص بحجم الإصبع 1