أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - حال أمة الشعراء














المزيد.....

حال أمة الشعراء


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 11:01
المحور: الادب والفن
    


قطعوا لسانَ الكاتب فتحسستُ لساني، وخفتُ أن يكونَ قد قُطع.
هل بقي شارعٌ لم يتكلمْ ويصرخ؟ كلُ الجبالِ والأزقةِ والحارات والشجر ضجتْ بالكلام، ووصلت الميادينُ الى الكواكبِ والنجوم، فلماذا هذه القطعة الصغيرة من اللحم تُزال؟
يقولون إن قطع اللسان كان مؤامرة لكي تُتهم أحزابُ الحريةِ بأنها قاطعة ألسنة للشعراء الصارخين بها.
كم من الألسنةِ قُطعتْ؟
كم من الألسنةِ أجتُثتْ وهي لا تزالُ تثرثرُ بالكلام؟
أيكونُ كلُ هذا الكلامِ هراء؟ وحين يجيءُ شاعرٌ فيعبرُ عن رؤية أو حلم يغدو أخطر من الفضائيات التي تروعُ الناسَ بضجيج الكلام؟
كم من الناس يصرخُ بلا لسان؟
وكم من إنسانٍ يهذي بلا معاني؟
كم من الألسنة قُطعتْ منذ زمان طويل ودُفنتْ في الأرض أو حُفظتْ في المتاحف، أو عُلقتْ لتيبسَ في الشمس وتأكلها الغربان؟
هناك ألسنةٌ تتكلم لتعيش.
هناك ألسنةٌ تتكلم لتوقف عيش الآخرين.
هناك ألسنةٌ تتكلم ليحل الصمت.
هناك ألسنة تظهر فجأة وتختفي فجأة، فلا هي جاءتْ من أرضٍ معرفيةٍ خصبة، ولا هي ثبتتْ على موقف، ولا هي معنية بتطور وطن أو قضية، موجودة في الحلق لترقصَ بين الأحزاب والطبقات والمصالح.
هناك ألسنةٌ صامتةٌ لعقود، لم تعدْ لها قضية، اللسانُ صدأ في الحنجرة التي كانت صاخبة بنار الكلام، وقذفتْ الأصنامَ بأسنان المعاول، ومفجرات الحياة، فتعطلتْ الألسنة، وتاهتْ في دروب التجارة، وشراء الأقنعة، وغدا كل حرفٍ يوزن بهدية، أو سفرة هنية، أو دعوة مالية، أو طبعة فاخرة، إنها استراحة المحارب الذي لم يحارب وصدأت أسلحته في المخازن.
ولسان الشاعر المحبوس كالسيف الذي لم يَخرجْ من غمدهِ، ألا ترى أن الكثيرَ من الشعراءِ صار يتبعهم النخاسون والصرافون والباعة، يبيعونهم ليعلقوا رثاثَ الكلامِ في الواجهاتِ المضيئة؟ فإذا وُلد شاعرٌ أهتزتْ الأمةُ وشعرتْ بأنها حية، بعد أن بِيعتْ في سوق النخاسة، فلسانهُ ليس حصانهُ بل هو روحُ الشعبِ وكرامة أرضهِ ونقاء سمائه من الطائرات المغيرة والدخيلة ومن دخان التلوث الروحي الذي تنشرهُ في الفضاءِ لكي لا يظهر أولادٌ وبناتٌ يصرخون باسم الحرية.
لماذا أمةُ الشعراءِ التي بزتْ الأممَ بالأسواق التي تجثمُ تحت نعالِ الشاعر، وتُضربُ له أفخر الخيام، وتُعلق قلائدُهُ على أقدس مكان، تبحثُ عن شاعر الحقيقة والقضية بالبندقية والكبريت الأحمر؟
فإذا وُلد زغردتْ الدروبُ والنساءُ زغرداتٍ تصلُ الى عنان السماء، وشعرَ الرجالُ بالفخر، فقد صارَ للناسِ لسان!
وحتى في زمان القصور التي تشتري الشعرَ بأوزان الذهب كان ثمة شعراء ملأوا المدن والصحارى بكلام لا يشترى حتى بكنوز الأرض، وهو شعر يغسلُ قدمَ عامل، وينظفُ جرح شهيد، ويعلي مكانة العقل.
فتأكدْ من وجودِ لسانكَ فقد يكون قد قُطع، وأنت نائم، أو ربما استبدلتهُ بقطعةِ أرض، أو بشيك مؤجلٍ يُصرفُ عند موتك، أو ضاع منك في أنديةٍ أو في جمعياتِ النضالِ الثرثرةِ، أو استلفهُ نائبٌ ولم يرجعهُ حتى الآن، أو أخذتهُ نائبةٌ مصيبةٌ سياسية منك، أو تجمدَ في حلقك بعد سنوات الصمت، أو بَلعتهُ في زحام الأكل، أو هرب من رقادك الأبدي نحو الوجود والحياة!



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوة الكلمة
- تطورٌ حديثٌ حقيقي
- الانتهازيون والفوضويون
- العقلانية والتراكم الديمقراطي
- الانتهازيون والحقيقة
- ذكرياتٌ سياسية (2)
- كوابيس الثقافة الأمريكية
- مشكلات عمال القطاع الخاص
- حروبٌ طائفية
- الحزبُ الديني يرفضُ فهمَ العصر
- مهدي عامل والوعي بالتاريخ
- مسائل اقتصادية واجتماعية
- الإصلاحيون الإيرانيون(3)
- عيدٌ بأية بلوى عدتَ يا عيدُ
- بداياتُ الديمقراطيةِ وتصحيحها
- الإنتاجُ الفكري وضياعُهُ
- إنتاجُ وعيٍ نفعي مُسيَّس
- لا يمكن العثور على الصندوق الأسود!
- الأدب العجائبي في الخليج
- ذكرياتٌ سياسية


المزيد.....




- الممثل جورج كلوني وعائلته أصبحوا مواطنين فرنسيين.. إليك التف ...
- فعاليات مهرجان “سينما الحقيقة” الدولي للأفلام الوثائقية في ط ...
- من دفاتر الشياطين.. سينما تحكي بعيون الأشرار
- -خريطة رأس السنة-.. فيلم مصري بهوية أوروبية وجمهور غائب
- الجزيرة تضع -جيميناي- في سجال مع الشاعر الموريتاني -بن إدوم- ...
- سيمفونية-إيرانمرد-.. حين تعزف الموسيقى سيرة الشهيد قاسم سليم ...
- الممثل الأمريكي جورج كلوني وزوجته وطفلاهما يصبحون فرنسيين
- فن الترمة.. عندما يلتقي الابداع بالتراث
- طنين الأذن.. العلاج بالموسيقى والعلاج السلوكي المعرفي
- الممثل الأمريكي جورج كلوني أصبح فرنسياً


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - حال أمة الشعراء