|
تطورٌ حديثٌ حقيقي
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 08:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تدور الدوائرُ ونرجعُ إلى نقطةِ البداية. نركضُ في زمنِ الخمسينيات ونحرقُ البناياتَ ونعود في التسعينيات لتكرر بعضُ القرى ما فعلته مدنٌ في زمان سابق فنحرق المستشفيات والبريد وندهس الوطن. وعي لا يتطور وفكرٌ غائب! يتم اختطاف مجموعات من طائفة في القرن الواحد والعشرين تحت مظلة إيديولوجية مذهبية متمددة بالمكر والقوة من قبل دولة مركزية كبيرة، دون قدرة من العناصر السياسية والفكرية على نقد هذه المذهبيات السياسية. مثلما حدث من اختطاف لفئةٍ مذهبية في زمن الخمسينيات وأوغلت في التطرف بعيداً! ثم تظهر قوة سموها سياسية، وهي مذهبية أخرى تتكون فجأة وتظهر على الناس لتطرح شيئاً (جديداً) في القرن الواحد والعشرين. لقد توقعنا أن تشكل تجمعاً وطنياً للفئات الوسطى الواسعة يتجاوز الجماعات المذهبية السياسية، لكنها للأسف لم تكن كذلك، كانت تجميعاً لهذه الجماعات السياسية التي هي من طائفة واحدة. لم نجدْ جماعةً منظمة ديمقراطية يمكنُ لمسَ جسدها السياسي، ومعرفة كفاحها السابق، وعروقَ أفكارِها الجديدة، بل هي تجمع فضفاض. لم تتشكل بنشاطٍ نضالي شعبي مرصودٍ ومحدد، ومن خلال برنامج تؤصلهُ القوى في المدن والقرى. فنناقش من هي ونعرف من أي نضالات جاءت وماذا تطمح إليه؟ وهل يكون الوطن أكثر تقدماً بها أم هي مغامرةٌ أخرى؟ النشاط السياسي الحقيقي نشاط مرئي، يومي، يتشكل عبر سنوات، وينهضُ ويقوم، ويتكسر ويُبنى، ويمكن رصده ومتابعة مستقبله، أما أن يظهرَ كاملاً تاماً من دون أن يجسد فعلاً أو يقاوم أسعاراً مرتفعة، أو بطالة منتشرة، أو فساداً محدداً، ثم يقول إنه سوف يتصدى لقضايا وطنية كبيرة فهو فعل مجرد، وجمل عامة. كما خفنا من اختطاف جسم من طائفة فنحن نخافُ أيضاً من اختطاف جسمٍ من طائفةٍ أخرى، ثم يكون ما يكون، والمستقبل غامض، حافلٌ بالمتغيرات والانقلابات والمفاجآت والصدمات، فما ندري ما يكون وضع هذا الجسم السياسي المنفوخ بالهواء، وقد تخطفهُ دولةٌ مغامرةٌ هذه المرة، ويدعو لجمهورية أخرى! من كثرة ما ضُربنا تكسرتْ النصالُ على النصال. كنا نريد من قوى الفئات الوسطى ومن رجال الأعمال ونساء المهن الكبيرة ومن المثقفين الليبراليين أن يكونوا هم قوة البديل، أن تظهر قوة سياسية مهمة للبرجوازية تعنى بمصالحها وتطور أحوال الشعب وبتطور الاقتصاد الحر بدلاً من الاقتصاد الشمولي الراهن، وأن تجمع الفاعليات السياسية الاقتصادية الموحدة الوطنية، وحتى لو تم ذلك عبر سنين، وتوحد الجسم الاجتماعي للبرجوازية البحرينية من أجل تقدم الاقتصاد والمجتمع وتوسع الحريات. كذلك أن تقوم الطبقة العاملة بدورها بدعم هذا التوجه وإسناد التطور الديمقراطي التعددي العقلاني. أما أن يطل علينا رجالُ الدين ثانية، ويسوقوا نفس المشروع المذهبي السياسي، فلا نجدُ جديداً مغيراً. الحراك السياسي يتم في النور وعبر تحديد جسم المصالح التي سوف يتحرك عليها، والطبقة المحرومة للأسف من التنظيم السياسي وهي طبقة البرجوازية البحرينية، رغم قدمها، ورغم الدور الاقتصادي الكبير الذي قامت به خلال مائة سنة وهي القادرة مالياً! لكنها لا تريد فهي لا ترغب أن تخوض السياسة، والفئات الأقل منها الفئات المتوسطة، أي رجال الأعمال المتوسطين والصغار يمكن لبعضهم ذلك، فالحساسياتُ كثيرةٌ في الوسط المالي. ولكن جماعات البرجوازية الصغيرة السياسية الكثيرة والتي قالت إنها تعبر عن العمال والفلاحين والطوائف وكل شيء تقريباً، وأنها تسعى لتحرير الطبقات وتقدمها، كانت تتسلق على أجسام العمال لكي ترتقي إلى مصاف البرجوازية، ونجحَ العديدُ من أفرادها في ذلك. وهي الآن بين حالتين إما الوفاة وإما إعادة النظر الجذرية في كل تاريخها الشمولي. إن فئةَ رجالِ الأعمال تستطيع أن تطرح تجمعاً اقتصاديا وطنياً كالغرفة لكنها لا تستطيع ذلك في مجال السياسة، في حين أن التجمعَ يطرح أفكاراً سياسية من دون جسم اقتصادي مؤثر. أي أن (الطبقة) الوسطى غير مكتملة لا على الصعيد الاقتصادي ولا على الصعيد السياسي. لا بأس أن يكون التجمع فضفاضاً في البداية لكن لا بد أن يحدد أفكاراً سياسية وطنية تجمع مواطنين أفراداً ينضمون إليه من الطائفتين، ويضم خاصة قوى الفئات الوسطى. هذا الشكل التوحيدي من رجال سياسة وفاعليات اقتصادية سيكون متمهلاً، بطيئاً، يتحسس خطاه بصعوبة، ويحدد برنامجه عبر فترة زمنية طويلة، ويطرح أفكاره المدروسة في الإصلاح الاقتصادي من قبل خبراء اقتصاديين، فهل ستوجد فئات من السياسيين ورجال الأعمال مستعدة لبرنامج إصلاح اقتصادي سياسي بعيد المدى؟ الاستعجال، والثورات المغامرة، والنفس القصير، جربناها مع جماعات البرجوازية الصغيرة التي كانت مستعجلة دائماً لكن لم تحقق تحولاً في المجتمع وخاصة في إنتاج أفكار وطنية منتشرة في المدن والقرى معاً. والآن هو زمنٌ يستعاد للفئات المتوسطة الأقوى اقتصاديا والتي ضاقت ذرعاً بالشموليات المختلفة.
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتهازيون والفوضويون
-
العقلانية والتراكم الديمقراطي
-
الانتهازيون والحقيقة
-
ذكرياتٌ سياسية (2)
-
كوابيس الثقافة الأمريكية
-
مشكلات عمال القطاع الخاص
-
حروبٌ طائفية
-
الحزبُ الديني يرفضُ فهمَ العصر
-
مهدي عامل والوعي بالتاريخ
-
مسائل اقتصادية واجتماعية
-
الإصلاحيون الإيرانيون(3)
-
عيدٌ بأية بلوى عدتَ يا عيدُ
-
بداياتُ الديمقراطيةِ وتصحيحها
-
الإنتاجُ الفكري وضياعُهُ
-
إنتاجُ وعيٍ نفعي مُسيَّس
-
لا يمكن العثور على الصندوق الأسود!
-
الأدب العجائبي في الخليج
-
ذكرياتٌ سياسية
-
من ثمارِ معرضِ الكتاب
-
عجزٌ سياسي
المزيد.....
-
فيديو أشخاص -بحالة سُكر- في البحرين يشعل تفاعلا والداخلية تر
...
-
الكويت.. بيان يوضح سبب سحب جنسيات 434 شخصا تمهيدا لعرضها على
...
-
وسائط الدفاع الجوي الروسية تدمر 121 طائرة مسيرة أوكرانية الل
...
-
-بطاقة اللجوء وكلب العائلة- كلّ ما استطاع جُمعة زوايدة إنقاذ
...
-
في اليوم العالمي لحرية الصحافة: هل يعود الصحفيون السوريون لل
...
-
مسؤول عسكري كوري شمالي من موسكو: بيونغ يانغ تؤكد دعمها لنظام
...
-
صحيفة برازيلية: لولا دا سيلفا تجاهل 6 رسائل من زيلينسكي
-
-باستيل- فرنسا يغري ترامب.. فهل تتحقق أمنية عيد ميلاده؟
-
روسيا تعرب عن استعدادها لمساعدة طالبان في مكافحة الإرهاب
-
ترامب ينهي تمويل خدمة البث العامة وهيئة الإذاعة الوطنية الفي
...
المزيد.....
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|