أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - النكبة في ذاكرة معطوبة














المزيد.....

النكبة في ذاكرة معطوبة


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 4455 - 2014 / 5 / 16 - 14:29
المحور: القضية الفلسطينية
    


النكبة في الذاكرة المعطوبة
والداي أميان لا يقرأن أو يكتبان، لكن كان لهما مدرسة وأسلوب خاص في ترسيخ وتأكيد مفاهيم عدة في وجدان الطفل المقتات من ذاكرة حية، تنبض دومًا بالهم الوطني الجمعي الذي يتناول الوطن كقوتٍ وقضيةٍ أشمل وأعم, كإنعكاس موضوعي للحالة الوطنية المؤمنة بحتمية التضحية، وحتمية إنعاش الذاكرة، وخاصة للطفل الذي عليه أن يعايش ويواكب النكبات بتفاصيلها وشجونها ومؤثراتها، وأن تأريخ الفكرة بالعمل والممارسة تعبير عن حيوية الفكرة المنبعثة من" فدائي"، " عودة"، " هوية"، " تقرير مصير"، " حرية"، " ايمانية النصر"، " تمكين وثبات"، "إصرار على الاحتفاز بقوشان ومفتاح الأرض والبيت"، وحواديث عن الأغنام والأرض والرعي، وكروم الفواكه والبرتقال، والخير في أرض انعزلت عن الجسد، لكنها لم تنعزل عن الروح. لم يكن لدينا ديوان موظفين، ومالية عسكرية، وجمعيات خيرية وأهلية ومدنية، أو مؤسسات تطوير مجتمعي، أو منتديات ثقافية، كان لدينا مفتاح ولجن وصابونة نابلسية، وملابس يحصلوا عليها من مراكز وكالة الغوث تذكرهم دومًا بأنهم لاجئين، ماركاتها شعبية، قماشها خشن بخشونة ألمهم ووجعهم بالبعد عن الأرض، المنزل، البيارات، وكان حجم استدراكهم جيش الشقيري، وجيش التحرير، والفدائيين، هم الفعل المحرك والناظم لثقافة العلاقة بين الطفل والأرض، بين المُقتلع والمِقتلع، هي الفعل المخضب بتأرخة الحكاية والتغريبة التي تؤكد على" الوطن"، وتتجاوز باهمال وتناسي سواه، فكان تدريب فاعل وهادف لمعاني النكبة والنكسة، وغيرهما.
لم نحتفي أو نحتفل بعيد الأم، وعيد شم النسيم، بل كان لنا حكاية تُعزف على جدران غرف نومنا التي نتكدس بها كبنيان مرصوص، صورة لا زلت معمدة بتربيتنا" طفلٌ صغير شاحب الوجه ناظر النظرة مزدانه بعبارة واحدة" " عيدنا يوم عودتنا"، وعلى الجهة الأخرى صورة للزعيم جمال عبد الناصر تحتها " ما أخذ بالقوة لا يسترد إلَّا بالقوة"، فكانت النكبة حاضرة وحية في كل تفاصيل حياتنا، ولحظاتنا، متداولة على مدار دقات الثواني في عقرب الزمن الحي بذهنية طفل، لم يرَ ولكنه يعيش النكبة.
لا فضاضة في انبعاث الجدلية التاريخية العمدية في عبقرية البسطاء، وتحديد بوصلتهم الفطرية المعمقة بايمان حتمي لا ينتمي للمكننة الذهنية أو إنبعاثية التغريب والتغييب الممنهج، وقصائد الحماسة تصدح في دواخل من زهدوا بالحياة، وتزودوا بفلسطين.
فالعقلية الجمعية، والوعي الجمعي حُدد وفق مسار واتجاه أوحد في الأفق الوطني الأبعد، من أوفق الوظيفية الفردية والمراتبية التي دُست في فضاء أمة عربية لم تَعد تستذكر سوى حوائج أمعائها، وتضليل فقهائها، وغيبوبة مثقفيها، وشعب صاحب قضية لم يعد حاضر في ذاكرته سوى عبارات مقتبسة من فعل الفعل المؤثر بالأمعاء، فتردد صدى " عن اي وطن تتحدث؟"، "هل لا زلت لليوم تؤمن بهذه الخزعبلات؟"، " عن أي نضال وتضحية؟"، " من يمت تروح بكيسه"، هي الاستبدالية الطارئة لـِ" عيدنا يوم عودتنا"، " نموت وتحيا فلسطين"، " فلسطين من البحر للنهر"، فأصبحنا نردد بكل ثبات تحت مبدأ الاعتراف بالواقع، "إسرائيل" واستبعدنا" الكيان الصهيوني"، فنمت طحلبية الذاكرة، وهاجرت ثبات القناعة، وانحنت الأشجار الباسقة من صفحات التأريخ الوطني.
ست وستون عام من النكبة - ولا زالت- وإن كان التاريخ هنا ليس منصف أو حقيقة، حيث أن ارهاصات النكبة الفعلية بدأت منذ وعد بلفور 1917، والتدحرج حتى رسم معالم النكبة على لوحة اقتلاع شعب من أرضه، ومنحه خيمة لجوء، ووثيقة موشحة بالتشتت في دهاليز النفي الدائم، ليتحول مع التراكية التراجعية إلى فعل كرنفالي تتبادل به خطابات الاستحياء، ورفع العتب، والتزويق اللغوي، والتجميل في الحماسية، وعرض أزياء للوجوه، المتلونة، اللامعه في عقلية الإنحسار والإندثار المعبأة بالفردية والحزبية، لا ترى أبعد من تمرير تجهيلي لعقلية أصبحت معطوبة بفعل عوامل الإعطاب المستدعية لحقن الفعل الشعبي المتحول من العيش بنكبة إلى أعياد عيد الأم، وشم النسيم، بعمق أكثر وأكبر من عمق مفهوم النكبة والنكبات الوطنية بمجملها التأريخي العام.
ففي كل مسجد تعقد حلقات الذكر والتحفيظ، وفي كل جلسة حزبية تعقد حلقات التجهيل الضيق بالتنظير الحزبي، وفي الأمسيات الأسرية تتعارك القوتين المثقفتين "الأب والأم" حول جدلية الحزبية وتفاعيلها، وفي المدارس تتلون هوية المدرس الحزبية، فحضرت السكرة وغابت الفكرة ضمن حدود العقل "لجيل تخدج".
توسعت لدينا مراكز الأبحاث والدراسات منها الاستراتيجية ومنها غير الاستراتيجية، وتعددت مشارب وهوامش الهويات الأدبية، وتنوعت المعطيات في ظلّ التطور التكنولوجي، فأصبح لدينا حضور في جسد البنى التحتية الظاهرية، ولكن غاب الوعي الجمعي، فغابت عن الأرض الأفعال، ورددت الأجيال أغنيات الهامشية المغيبة، واستحضرت افلام الأكشن، وغابت أفلام الانتماء.
فالعبء شمولي والمسؤولية جمعية، تتطلب استدعاء أرواح الماضي ونسجها مع الحاضر، لنحيك مستقبل متفتح القرائح في ذاكرة أجيال استهلاكية أكثر منها انتاجية.
د. سامي محمد الأخرس
السادس عشر من مايو ( آيار) 2014
[email protected]



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - مصالحة- أم مصارحة للمطارحة؟
- أسرانا مقهورين أم قاهرين
- حكاية - مناضل- يسهر ولا زال .... من أجل أسرانا
- الرئيس: خطاب ثبات أم وداع
- محمود الغرباوي قصيدة وطن
- الأسرى وإطار كيري
- عبد الفتاح السيسي إما للرئاسة أو الاستقالة
- حماس بين الأخونة والفلسطنة
- نحتاج كرنفال انطلاقة الثورة أم اعادة صياغة الثورة؟
- أليكسا الفلسطيني أشد بردًا
- مستقبل الوطنية الفلسطينية
- المرأة السودانية وقهر الإعلام
- انقسامنا بشهادة سودانية
- المرأة الفلسطينية ودورها في مجابهة الانقسام الفلسطيني - الفل ...
- أوسلو بين الانقسام والانكسار
- أوباما توضأ من دمنا
- المفاوضات استراتيجية ام هواية
- حدوتة فتنة
- الأقصى ليس فلسطينيًا
- بكفي انقسام وابتذال


المزيد.....




- في نطاق 7 بنايات وطريق محدد للمطار.. مصدر لـCNN: أمريكا ستقي ...
- المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي يستقيل ويعتبر أن -ل ...
- لجنة أممية تتهم إسرائيل بعرقلة تحقيقها في هجمات 7 أكتوبر
- فيديو: -اشتقتُ لك كثيرًا يا بابا-... عائلات فلسطينية غزة تبح ...
- برلين ـ إطلاق شبكة أوروبية جديدة لتوثيق معاداة السامية
- رئيسي: ردنا المقبل سيكون أقوى وأوسع
- نتنياهو: حرب غزة جزء من تهديد إيرن
- -حزب الله- يستهدف مقرات قيادة ومراقبة جوية للجيش الإسرائيلي ...
- الجيش الأردني يكثف طلعاته الجوية
- مناورات تركية أمريكية مشتركة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - النكبة في ذاكرة معطوبة