|
فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4454 - 2014 / 5 / 15 - 17:34
المحور:
الادب والفن
تقدم في الولايات المتحدة الأمريكية جائزة تعرف باسم (جائزة راتسيز) ، و هي جائزة سنوية تعتبر نقيض لجائزة الأوسكار ، و تقوم باختيار أسوء فيلم ، و أسوء ممثلة ، و أسوء إخراج ، قيمة الجائزة حوالي خمسة دولارات ، و تعتبر كنوع من السخرية بالمخرج و الممثل . للأسف لا يوجد في عالمنا العربي جائزة مماثلة لجائزة التراتسيز هذه ، بالرغم من أن الجو العام و الإنتاج السينمائي العربي مشجع و بشكل كبير لإقامة مثل هذه الجوائز ، وأعتقد أن فيلم مترو ، الذي بدأ عرضه بالأمس ، له حظوظ كبيرة للفوز بهذه الجائزة ، و سيدخل المنافسة بقوة مع العديد من الأفلام الأخرى التي أتحفنا بها المخرجون خلال الأشهر السابقة ، لكن سوء و ركاكة فيلم مترو لها طابع خاص ، تلفت نظر المشاهد منذ اللقطات الأولى و حتى نهاية فيلم ، فكل شيئ متصنع و تافه ، أداء الممثلين كان ممل جدا و بدائي جدا ، التصوير و كأنه بعدسة شخص اكتشف بالأمس هذه المهنة ، أما تقطيع المونتاج فهو بحد ذاته مدرسة في الفشل ، و يستحق أن يدرس هذا الفشل في المعاهد و المادرس الفينة، تدور أحداث الفيلم حول فتاة (هيام الجباعي ) تتعرض لحادثة اغتصاب أثناء عودتها بالسيارة برفقة حبيبها و خطيبها (رامي وحيد ) ، لتتعقد العلاقة بينهما ، و يدخل الإثنان في أزمة نفسية حادة ، تدفع الشاب ليقتل رجل في الطريق كان يحاول التحرش بفتاة ، و ذلك انتقاما لعجزه السابق عن حماية حبيبته ، و يدخل السجن عدة سنوات ، أما الفتاة فتصاب بمرض نفسي ، يدفعها للقتل و لحالة أشبه بالفصام ، و لإسباغ نوع من الصبغة العلمية على الفيلم ، ينهي المخرج شريطه ببعض الكلمات النفسية التي جمعها بشكل سريع و اعتبطابي من الإنترنت . تدور معظم أحداث الفيلم في محطة مترو بالقاهرة ، حين تدخل بطلة الفيلم هذه المحطة و هي عائدة من حفلة عيد ميلاد صديقتها ، لتغفو داخل المحطة ، دون أن ينتبه لها أحد ( لاحظوا أننا نتكلم عن محطة مترو القاهرة !!!! ) و تصحو لتجد نفسها وحيدة و يطاردها شخص مجهول يقوم بعمليات قتل مجانية ، و يحاول الفيلم إدخالنا في جو من الرعب و الخوف الذي عانته المثثلة داخل تلك المحطة . و لكنه بالتأكيد يختلف عن كل أفلام الجريمة التي يمكن أن نشاهدها ، فميزة أفلام الجريمة هي اللعب على حبل العقلانية ، كي تستفذ المشاهد أو القارئ (في حالة الرواية ) في تحديد المجرم ، لذلك يجب أن تصدر كل تصرفات المرتبطين بمسرح الجريمة ، متوافقة مع العقل و المنطق ، أو مع العلم و الطب النفسي في حال وجود خلل نفسي لدى أحد هؤلاء ، و إلا أصبح لا معنى لكل الحبكة السينمائية ، و يجب أن يكون كشف الجريمة منطقي أيضا ، و فيه بعض الإشارات داخل العمل ، و التي تدلل عليه بشكل باهت ، ليعود و يتذكرها المشاهد بعد انتهاء الفيلم ، و يكتشف معها ذكاء المخرج ، و أي خطأ مهما كان صغيرا سيؤثر على تلقي الفيلم و على التشويق الذي من المفترض أن يحدثه العمل لدى المتلقي ، هذه مواصفات أفلام الجريمة بشكل عام ، أما في فيلم مترو : كل شيئ دون ترتيب أو تصميم ، و كأنهم يعرضون الفيلم لمجموعة حمقى ، أو فاقدين للذاكرة البصرية ، فمن أخطاء الفيلم الواضحة : 1ـ أثناء تواجد البطلة داخل المحطة تتصل بمراقب الأمن كي تطلب منه المساعدة ، و كي تخبره أن هناك مجرم ما داخل المحطة ، يسلط مسؤول الأمن كاميرا المراقبة عليها ، و يعرف أن هناك بالفعل قتيل بجوارها ، و هناك مجرم داخل محطة الميترو ، فلا يهتم لكل هذه الظروف الطارئة و الخطيرة التي تجري داخل المحطة ، بل يبتهج لوجود فتاة مثيرة ،و يوعد نفسه بقضاء ليلة حمراء معها ؟؟ 2ـ يستعرض الفيلم قصة الحب التي جمعت بين البطلين ، و من ثم دخول الشاب إلى السجن بتهمة القتل ، و مكوثه عدة سنوات داخل السجن ، و يخرج الشاب ليلاحق خطيبته الذي يعشقها ،و يطلب منها العودة إليه كي يتزوجها و تواجهه بالرفض ، و قد تكرر عدة مرات في الفيلم حقيقة مضي سنوات طويلة ، هي عدد سنوات حكم من قام بجريمة قتل ، و مع ذلك فإن الشاب بقي بذات الشكل دون تغيير ، و الفتاة أيضا دون تغيير ، حتى أن حذاء الشاب الاصفر اللون و الذي ظهر واضحا في سياق الفيلم عدة مرات قد بقي دون تغيير ، فيا سبحان الله 3ـ تظهر الممثلة في اللقطات الأولى للفيلم ، و هي تركض في النادي ، و تأخذ استراحة تشرب أثنائها من زجاجة ماء معدنية ، فتبدوا أصابعها و قد وضعت عليها طلاء أظافر أزرق اللون ، و بعد عدة دقائق و مازال المشهد مستمرا ، تشاهد خطيبها الذي يأتي لوداعها ، فيتغير لون طلاء الأظافر إلى الأحمر .......هكذا خلال دقائق ، يبدوا أن المخرج إلتقط المشهدين الفاصلين بين لحظة الجري و لحظة لقاء الخطيب بفترتين زمنيتين متباعدتين ، و نسي موضوع طلاء الاظافر هذا.....يعني موضوع غير مهم بالنسبة للمخرج و بالنسبة للسكريبت !!!!!!!!!! لا أريد ذكر المزيد من الأمثلة عن ركاكة الفيلم ، و أستطيع التأكيد أن مثل هذه الأخطاء كانت بالجملة ، لكن ما لفت نظري أنني أشاهد الممثل رامي وحيد للمرة الثانية في السينما خلال الأشهر السابقة ، ففيلمه السابق كان بعنوان 31 ـ12 مع الممثلة علا غانم ، و بالرغم من أن دوره في العملين يكاد يكون متشابه حد التطابق ، بنفس الإنفعالات و نفس الحالة النفسية ، فقد فشل في الدورين ، و ظهر بكليهما بمنتهى التكلف ، صراحة ، لا أتمنى لنفسي و لا لغيري خوص تجربة مشاهدة فيلم مشابه في المرات السابقة ، أعاننا الله نحن عشاق السينما و محبي الأفلام مما يعرض في صالاتنا العربية هذه الايام
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
-
هيا بنا نلعب سياسة
-
الذكاء السياسي لجبهة النصرة
-
عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
-
فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
-
الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
-
مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
-
هلوسات في الجنس
-
الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
-
الامة السورية بين الفكر و الحزب
-
بين خالد سعيد و رابعة العدوية
-
لكننا لم نعد اطفالا
-
ظاهرة الامام الصدر
-
الجنس في رواية ساق البامبو
-
الاسرائيليون و نحن........
-
بين معركة أحد و 25 يناير
-
المؤسسة العسكرية في سوريا؟؟؟
-
على الجسد السلام
-
حول ضعف الشخصية لدى المعارضة السورية
-
تحليل مخبري لطائفية الثورة في سوريا
المزيد.....
-
الحلقة 163 من مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة عبر ترددات
...
-
الحلقة 27 من مسلسل صلاح الدين الايوبي على تردد قناة الفجر ال
...
-
تجمع ضخم لعشاق سلسلة أفلام -حرب النجوم- في بوينس آيرس
-
منظمة التعاون الإسلامي تختار داكار والقاهرة ولاهور عواصم للس
...
-
موت إيجه إعلان حصري ح 36.. مسلسل المتوحش الحلقة 36 والأخيرة
...
-
هتتفرج بدون اشتراك… رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 ب
...
-
“باقة من البرامج والمسلسلات وأفلام السينما”عبر تردد قناة CBC
...
-
“ابنك هيدمنها” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمشاهدة ج
...
-
مايكل دوغلاس يزور مستوطنة إسرائيلية ويصف المتضامنين الأمريكي
...
-
بتهمة -الفعل الفاضح-.. إحالة سائق -أوبر- بواقعة التحرش بفنان
...
المزيد.....
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
المزيد.....
|