أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - كوابيس الثقافة الأمريكية














المزيد.....

كوابيس الثقافة الأمريكية


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4449 - 2014 / 5 / 10 - 09:59
المحور: الادب والفن
    



يتوجه الوعي الفكري وخاصة الجنس الأدبي منه إلى علاقة مركبة معقدة مع الواقع. فقد تشكلتْ مستوياتٌ وتراكماتٌ خلقتْ عوازلَ كبيرةً بين الفرد والحياة في الغرب.
إن الإنسان الغربي يعيش في ذاته، وفي ذاته الواسعة وهي الأسرة، وعلاقته بالمجتمع المباشرة تأتي عبر العمل.
وتبينُ لنا الروايةُ الغربيةُ وخاصة هذه المركبات بين الفرد والأسرة والمجتمع، وغالباً ما يعيش الراوي في خدعةٍ هائلة كبطلِ رواية ميشائيل كروغر الألماني في رواية (الكوميديا التورينية) فهو مؤلفٌ روائيٌّ مزيفٌ يكتشفُ صاحبُ وصيتهِ عمليات نصبهِ على القراء من خلال درس مواد التركة الأدبية المسروقة التي خلفها.
أما رواية (رجل في الظلام) لبول أوستر الأمريكي فهي أكثر وضوحاً في تجسيدِ عزلةِ المواطن الغربي العادي عن الواقع العام، وفي حين كانت روايةُ الألماني مرحةً واقعية، فإن أعمالَ بول أوستر تتميزُ بالكابوسية المركبة، فالراوي المحوري، وهو رجلٌ تجاوزَ السبعين عاماً، يعيشُ حياةً مريرة في أواخر عمره، فيكتب روايةً يختلقُ فيها شخصيات (حقيقية) تشعلُ حرباً في الولايات المتحدة، حيث تنقسمُ الولايات اللامتحدة مرةً ثانية بين الشمال الذي يريد الحرية والانفصال، بينما الجنوب بقيادة الرئيس بوش يعلنُ الحربَ ويشنها على الشمال!
وهذه الرواية المتخيلة ذات الحرب الطاحنة المزعومة التي يؤلفها الرجلُ المبدعُ الكهل، تتمردُ شخصياتُه عليه، وتريدُ قتله لأنه ورطها في حرب وتصفيات، فتغدو عملية قتله هي المنقذ لها وللبلد!
إنها نوعٌ من الفنتازيا التي لا يكملها المؤلفُ نفسه، لكن بعد أن قطعَ ثلاثةَ أرباع الرواية (232 صفحة، دار الآداب)، وهذه العمليةُ المركبةُ من فنتازيا وواقع تلفت النظر النقدي والمؤلف غزير في إنتاج هذا النوع من الأدب الكابوسي وهو من مواليد 1946.
الجانبُ الأولُ في الرواية يجسدُ لنا شخصيات هامشية؛ قتلة محترفين بدرجة خاصة، وهي الشخصيات التي تمثل الحياة السياسية، وتعيشُ في عملياتِها وخططِها الدموية أو في يومياتها العادية التي يمثلُ العنفُ روتينَها، معطيةً وجهَ الحياة الأمريكية السطحية، في حين أن الشخصيات الأخرى كشخصيةِ المؤلفِ وعائلتهِ من زوجةٍ وابنةٍ وحفيدةٍ، فتمثلُ حياة الطبقة الوسطى التي تعيشُ قضايا الحب والعواطف والصراعات الفكرية والنفسية العميقة في قواقعها.
وهذا الجانبُ الشخصي الأخيرُ لا يأتي سوى في الثلث الأخير من الرواية بعد أن تغلغلَ ببعضِ العروقِ في القسم الأول، ولا توجدُ مشكلةٌ متجذرةٌ تمثل إشكالية أو بؤرة كبرى لقضاياها، بقدرِ ما تمثل مشكلاتِ أسرةٍ حدثتْ فيها كوارثٌ شخصيةٌ وغدت مآسي.
إنها مشكلةُ عملِ الزوجة العازفة المغنية التي تنتقلُ إلى مدنٍ عديدة، فيعيشُ زوجُها في فراغٍ عاطفي يملؤه بخيانةٍ مدمرةٍ لحياتهِ الزوجية ولنفسيته، التي تنزلقُ في الإدمان الكحولي، حتى تتقطع أعمالُهُ الإبداعية، وهو يكتبُ قصصَ الجريمة، ويعلنُ التمردَ في قصص الجريمة هذه ذات الأفق المسدود، ويتوارى ماضيه الديمقراطي عبر هذا الجمود التعبيري.
هو نوعٌ من عجزٍ اجتماعي للطبقةِ الوسطى، وما ظهور أقصى اليمين عبر أمثولة بوش إلا شكل لهذا التدهور في قيمها، وسببه عزلتها عن السياسة والتأثير.
إننا في القسم الأخير نعرفُ هذه الجذور للتدهور؛ فراقُ الرجل لزوجته، عودتهما مرة أخرى، إنتاجهما أسرة مفككة، متغربة، تحاول إعادة صلاتها بالحياة عبر الفنون، لكن الذروة هي مجيء حبيب للحفيدة، وهو شابٌ مرحٌ طموح، يبترُ مسيرتَهُ الواعدةَ هذه من أجلِ أن يذهبَ إلى العراق، وكان رافضاً للحرب بشدة، لكنه يريد أن يستثمرها الآن وبشكل شخصي جنوني. فيكون في ذلك نهايته.
مصير الشاب أشبه بالثمرة المرة لتناقضات عميقة في الحياة.
إن منظر الرجل المقيد والمُصوَّر بالفيديو والذي يتمُ قطع رأسه ببلطة، ثم تنغرز السكين في العينين كذلك! هو منظرٌ مألوف في المشرق، لكنه كارثي في غرف هذه العائلات في مدينة نيويورك.
إن مجموعة كبيرة من الظاهرات والجذور الاجتماعية والحيوات ساهمت في أشكال العجز هذه، لكنها مقطوعة السياق عبر هذا النثر الروائي، والتي تصور بلغة شفافة جميلة، ممتعة، متغربة، كابوسية.
عدم قدرة المؤلف على تحليل تناقضات الحياة الأمريكية عبر لجوئه إلى الرواية داخل الرواية، أي لهذه الشكلانية الفنية، جعله في النهاية يلجأ إلى الابهار أو لما نسميه الميلودراما، عبر قطع رأس الشاب الأمريكي في العراق وجعل الرواية تصرخ بالدم.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلات عمال القطاع الخاص
- حروبٌ طائفية
- الحزبُ الديني يرفضُ فهمَ العصر
- مهدي عامل والوعي بالتاريخ
- مسائل اقتصادية واجتماعية
- الإصلاحيون الإيرانيون(3)
- عيدٌ بأية بلوى عدتَ يا عيدُ
- بداياتُ الديمقراطيةِ وتصحيحها
- الإنتاجُ الفكري وضياعُهُ
- إنتاجُ وعيٍ نفعي مُسيَّس
- لا يمكن العثور على الصندوق الأسود!
- الأدب العجائبي في الخليج
- ذكرياتٌ سياسية
- من ثمارِ معرضِ الكتاب
- عجزٌ سياسي
- مؤشرٌ سلبي
- هل فشلَ الربيعُ العربي؟
- انتهازية التحديثيين
- ارتباك قومي
- الوعي التحديثي وتجاوز التقليدية


المزيد.....




- أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج ...
- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
- الحرب والغرب، والثقافة
- -الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله خليفة - كوابيس الثقافة الأمريكية