النهار من أجل ليلة 1973(فرانسوا تروفو):قطع مونتاجي

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4443 - 2014 / 5 / 4 - 23:55
المحور: الادب والفن
    

النهار من أجل ليلة 1973(فرانسوا تروفو):قطع مونتاجي
الفيلم مهدي الى دورثي وليليان جيش وهما ممثلتان امريكيتان من زمن السينما الصامتة
هو فيلم عن السينما نفسها...عما يحدث خلف الكواليس وخلف الكاميرا...عن ذلك العالم الذي يتحكم به المخرج أولا..عن الممثل وعن المنتج وعن الكادر الذي يجب ان يكون مساره مرسوم بدقة...ولكن هي حكاية اخرى خلف الكاميرا لانستطيع ان نحكم عليها بالواقعية لأنها مقولبة ضمن قالب سردي مقصود قصد منه المخرج أن يحقق حكاية ذلك العالم الذي يجب ان يواجهه تروفو في كل مرة يصنع فيها فيلما حيث يظهر تروفو نفسه الذي يعمل كمخرج يدعى بفرناند يعمل على اخراج ميلودراما تدعى ب(قابل باميلا) ويظهر وكأنه يروي قصة من عالمه الخاص الروتيني المتكرر،وهو على مايبدو لايتحدث عن قصة ابداعية بالقدر الذي يتحدث فيه عن طريقة تعامله مع ذلك العالم...مع الاستوديو..مع التقنيات..مع الفنيين...مع كل شيء يتعلق بالفن السينمائي حتى مع ابسط الأشياء مثل الآنية والمزهرية ويتخلل كل ذلك امور على شاكلة قصص حب بين الممثلين واعضاء الكادر انفسهم،وهذا الشيء سوف يتطور إلى شيء غير محسوب وغير مفهوم ابدا في الفيلم بل ازاح الفيلم عن مسار متوقع له بزاوية 180 درجة.
يقول تروفو في الفيلم:تصوير فيلم يشبه قيادة مركبة للسفر في الغرب القديم...
باختصار نحن نشاهد فيلما عن تصوير فيلم...
احدى الممثلات التي تعاملت مع فدريكو فليني ذات مرة وتصوير مشهد أكثر من مرة نتيجة غباء ممثلة كبيرة وصلت الى ارذل العمر وعلى مايبدو تمر بمرحلة ازمة افول نجم علما أن ابنها قد مات منذ فترة من اللوكيميا...
عن حياة اشخاص هم ليسوا فعليا كما نراهم على الشاشة...
في الليل لازال يحلم بتلك الأحلام التي هي عبارة اصلا عن صدى احداث النهار ويتخللها حلما بالأبيض والأسود عن ذلك الصبي الذي يمسك عكازا سيستخدمه لاحقا لسرقة ملصقات فيلم(المواطن كين) من سينما اقفلت ابوابها لهذا اليوم...هاجس مثل لص في الليل تختم به في الحلم كل هواجس النهار...ولاشك أن هذا الصبي هو تروفو أو فرناند ولافرق في التسمية ابدا...
لاحقا سوف يمارس المخرج دوره في القطع المونتاجي...
القطع المونتاجي يحمل معنيين،أولهما هو معناه التقليدي والثاني-في هذا الفيلم تحديدا- هو قطع لما يدور خلف الكاميرا ولانعرف عنه أي شيء..
ونأتي لنقطة هامة في الفيلم وهو الكادر الذي يبدو غارقا في علاقات عاطفية وبشكل يبدو بانه عشوائيا جدا...
الممثل الفونسو(جان بيير لود)-رفيق تروفو في كل افلامه تقريبا-يغرق في اكتئاب بعد ان تهجره حبيبته ..يخرج فجأة وهو في ملابس النوم:اريد مالا للذهاب الى بيت دعارة
الممثلة الأمريكية التي حضرت لأداء دور باميلا تقع في علاقة مع الفونسو وهو اساس العنوان التجاري الاشهر للفيلم
(الامريكية المخطئة) ويبدو أن هذا الحدث الضئيل زمنيا هو الحدث المركزي لفيلم فعليا يخلو من اي حدث مركزي.
هل تروفو فعليا يبحث عن هذا الحدث؟!
تقول احداهن غاضبة حانقة من كل هذه العشوائية:
فيلمكم هو عن العالم...الكل مخادع...كلكم تنامون مع بعضكم البعض
قد يكون هناك مقصود آخر اكبر لتروفو....الحياة ليست الا مسرح كبير
فيلم النهار من اجل ليلة هو فيلم عن هؤلاء الذين يتحدثون ويتهامسون خلف اي كاميرا تصور فيلما ونحن لانعرف عن احاديثهم تلك اي شيء مثل اي قطع مونتاجي..
بلال سمير الصدّر 30/11/2013

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل