أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن العطار - كابتي هواجسي واشتياقي















المزيد.....

كابتي هواجسي واشتياقي


سوسن العطار

الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 09:18
المحور: الادب والفن
    


أنا ضمن الوفد المرافق إلى عمان ّ!! لا اصدق! لا اصدق الرضا الفجائي على المتمرد الشرس ، لمغادرة العراق يلزمني اثنين من الرضا : رضا ملوك منظمة التحرير أولا ورضا ملك الأردن ثانيا ، لن اتعب نفسي في البحث عن السبب لأنني أحوج إلى مخيلتي صافية وذهني متزن بلا اضطرابات ، احتاجهما بقدر ما احتاج حبوب نومي ومضادات الكابة ، يلزمني حضوري التام القوي أمام أهلي بصحة جيدة نفسيا وجسديا ، وان هدوئي حاليا هو نتاج نضج وليس استسلام أو بفعل الأدوية ، لاطمئن أمي علي وليعرف أبى أنني لم اعد الولد العاق وليعرف أخي الأكبر أنني ما زلت اقرر لنفسي و أعيش خياراتي وليعرف أخي جمال أنني لازلت زير النساء ولكني أتعفف ، وقبل هذا ليطمئن قلب شقيقتي واسمع ضحكتها المدوية و أزيل إلى الأبد من ذاكرتي نحيبها ساعة فراقي،

عمان على بعد أمتار من ضفتها الأخرى و ضفتها الأخرى على بعد أمتار من غزة ، برقية واحدة و أكون في حضن أمي الذي لم ارتشف حنانه منذ حين ، كم كان دافئ وأنا لا ادري! لعلي أيضا أرى أبى واخوتي وأخواتي ,أربع سنوات من العذاب و الضياع تجرعت فيها مع المرض صنوف العذاب ، لا زالت لعنات أبي و غضبه علي يطاردني عبر العواصم و السجون من أزمة إلى نكبة ، وصوته من على سجادة الصلاة وهو يدعو الله على بالغضب يئز في أذني كطائرة تصب جحيمها في قلبي و فكري ،اغمض عيني كي اطرد من ذاكرتي صورة أمي وهي تعض أصابعها مني قهرا ، هو عقوقي - و ما كنت ادري- و غضبهما الذي لن يمحو آثاره رضاهما المؤجل وشفقتهما وحاجتي لاخر غير ذاتي يجعلني أكتشف أنني أضعت بحجم وطن، واكتشفت أنني وحيد تماما إلا من كابتي ، مشوش و حزين كحزن نبي بداية بعثه، و لعنة العواصم لا تغادرني قبل خروجي من بيروت وحيدا كما دخلتها وحيدا وخصوصا بعد استشهاد صديقي ، وخروجي من الجزائر وحيدا بعد أن دخلتها وحيدا و أجبرت على ترك الكلية العسكرية ، وخروجي من تونس وحيدا كما دخلتها وحيدا بعد أن تخليت عن المرأة التي احب لمجرد أنها ليست فلسطينية ، مرة أخرى سمعت نصيحة الأهل و قررت لنفسي ! حتى عاصمة الله أخرجتني وحيدا بعد انتهاء تأشيرة العمرة و صدور تأشيرة عذاب من القيادة و خروجي من زنزانة رفاق السلاح وحيدا بدون رتبتي العسكرية ، لا لم أخرج وحيدا رافقتني الكابة.

أنا في عمان آخر ما تؤرقني قرارات المجلس الوطني السابع عشر، ليتنازلوا كما يشاءوا عما تبقى لهم إن تبقى شيئا ، انتظر رد أهلي على برقيتي ، الوقت محدود سأغادر عمان مع الوفد الرسمي ، يؤرقني أنني لن اشبع من أهلي وان الفترة المحدودة التي سأقضيها معهم لن تطفئ شوق 4 سنوات مضت وعمر لاحق
كم أود لو يأتي أبى واسمع رضاه عني بعد كل صلاة، لربما اجعله إمامي واصلي له وخلفه، و لو تأتى أمي واقبل يديها و أمحو عن أصابعها قهرها مني وابدي الندم، وأختي الكبرى وابنتها واحتي الجميلة التي تشعرني بأنني إنسان للعائلة و للعالم حاجة فيه ، يا الله لو تسنى لي العودة إلى البيت لو ليوم واحد فقط، رمال الشارع تقيم في مخيلتي ، نظيفة صفراء ومرتبة حبة حبة بعد موجة مطر ، و أكاد أشم رائحة حطب الليمون في مواقدهم المشتعلة مساء ، ورائحة الشاي المعد عليها ، بالأمس حلمت أنني في البيت اكسر الحطب كما اعتدت شتاء واجلس مع أبى و أمي واخوتي حول الموقد ونشرب الشاي، كنت في الحلم فتى مطيع ومتصالح كأنني غيري ، وكان أبى راض عني على غير عادته مشغول بإبقاء الموقع مشتعلا وباقي اخوتي حوله يستزيدون من حكاية الزير سالم ،صحوت مختنقا من دخان الموقد الذي انطفأ فجأة ، مجرد حلم ، نيجاتيف لواقع مشوش عن أمي سيئة الحظ كما تعتبر نفسها ، وأبى المتجهم و موقد النار الذي لا يبعث الدفء.
أحدق في مدخل الفندق سيفتح الباب الواسع في أية لحظة ، اهرع إليه حين أرى خيال جمال ، شقيقي وصديقي الوسيم ، سأواصل مكابرتي بأنني اجمل منه و أقول له أترى بعد 4 سنوات تشرد وسجن وحرب و قصة حب ، أتبجح اكثر و أدور حول نفسي مستعرضا طولي الفارع –ميزتي الوحيدة عنه- لازلت اجمل منك ، شوقه الي سيجعله يعترف عن طيب خاطر بذلك و بأنني استحق اسم جمال – الذي كثيرا ما تشاجرنا عليه أطفالا ككرة قدم أو حصان خشبي – استحقه اكثر منه.

أنا في الغرفة وحيد ، الشمس على وشك المغيب، الصداع يفترسني و يأكل دماغي قطعة قطعة ، جليد يشل حركة أصابعي و يسقط من يدي السيجارة، و يغلف دماغي والبرد يشتد ،نفس البرد الذي كان يعجزني عن مسك القلم في الصف و التحكم به ، أخربش على الدفتر ما شاء القلم و أتلقى ضرب المعلم ، واحمل البرد في قلبي إلى أن اصل البيت و اهرع إلى كانون النار في دكان أبي ليزيل من يدي ضرب المعلم و برد السماء ، انه ليس البرد إنها الهواجس والخيالات تقصف دماغي ، أحاول التركيز وابذل كل جهدي من اجل ذلك ، دماغي يشت أحيانا واعلم ذلك كأنني على شفا السكر ، أين الكأس لأكسره أو اسكب ما يه على الأرض قبل أن يذهب بعقلي ، احتاجك يا عقلي الآن لا تذهب ، لن اشرب المزيد لن أفكر المزيد ، هل تناولت دوائي؟ أظنني تناولته …. لو تناوله لكنت متزنا اكثر ،لا تناولته و لكنني في حالة شوق تزلزل الجبل ، أخشى لو تناولت حبة أخرى أن استسلم للنوم و اخسر ساعة من لقاء أهلي ، و أخشى أنني لم أتناوله و أصاب بنوبة لاوعي وهذيان لحظة لقائي بهم ، و لكن من قال أن أي منهم سيأتي ، اعلم انهم جميعا يشتاقون إلى و لكن هناك من هو اكبر من شوقهم و يحول بيني وبينهم.

** أنا تحت وطأة موجة نعاس فجائية ، أنا بين أمرين أحلاهما أرق وليس أسوأهما كابوس ، النوم على الكرسي ورأسي للخلف لاستنشق الأكسجين المرسل إلى من السماء مع كابوس أتمنى ألا يكون ثقيلا، أو النوم بالوضع الجنيني واستنشاق الأكسجين الهارب من باطن الأرض لحظة انتهاء الكابوس المنتظر ، نمت على الكرسي لان تحركي باتجاه السرير يعني هروب النوم كعصفور أثناء محاولة نقله من قفص إلى قفص.

أنا في الغرفة وحيد ، أفيق الآن ، اعتقد أنني بكامل وعيي ، الظلام يطبق على الفضاء في الخارج ، ويغلف كل شيء ببرد حاد وقاطع ، يئست من مجيء أهلي الليلة ، وجبة الغداء التي أجلتها و منيت نفسي بتناولها معهم علي أن آكلها وحدي ، خرجت من الفندق ،راقتني فكرة أن برد الجو في الخارج ربما يطفئ السعير في قلبي ، دخلت أول مطعم صادفني ، قبالتي رجل سعيد ويشرب ، طلبت بيرة مرة ومرة و مرة و أنهيت علبة سجائري وبقيت اشرب حتى بدأت اشعر أنني حمار فتوقفت وخرجت من المطعم عندما لم احتمل نحيب الرجل الذي كان منذ لحظة يشرب وسعيد، مشيت باتجاه الفندق احمل نصيبي من البرد والسعير داخلي يزداد اشتعالا و أرجو دموعي أن تصبر حتى اصل الفندق .


أنا يائس من رحمة الله ، أفكر في وضع حد لمعاناتي ولا اجرؤ ، انظر إن كانت النافذة مرتفعة كفاية لأقفز منها، الطابق الرابع لا يشجع على القفز ، لا تعطيني الوقت الكافي للتفكير بما سأقوله للآخر الذي ينتظرني في العالم الآخر ، و لا كلام جاهز لدي أقدمه كتبرير لتأخري في الحضور إلى الآن ، ولا أريد أن أكون عالقا بين عالمين لا أنتمي لأي منهما ، ربما يكون العالم الآخر اقرب إلى ذاتي و بإمكاني التالف معه بدرجة اكبر و بسرعة ، مهما كان فهو ارحم من عالمي الحالي ، على الأقل سأنال متعة اكتشاف الجحيم ، ما اعرفه و أحاول الاقتناع به ما قاله عمر الخيام ، هناك إما العدم و إما الرحمة ، وفي الحالتين افضل من جنة لا أعيش فيها ، لم تعد لأجلي و لا تصلح لي ولا أريدها ولا تريدني، تلفظي باستمرار، ولا أجوبة على كل ما اطرح من أسئلة على رأسي المتعب ، ولازلت انتظر الإجابات ولكن علي تعلم ألا استعجلها، النافدة تغريني بالنظر واكثر، لو أستطيع ضبط حركتي على محور القفز ليلاقي عجلات السيارة الضخمة المارة لحظة الالتقاء بالإسفلت لتنهي ما لم تنهه النافذة إن تبقى ، ولكن اشعر أن الله يعجل عقابي ويترصدني ولن أموت ولو ألقيت نفسي تحت عجلات شاحنة ثقيلة ………ببساطة لان علي أن أتعذب علني اكفر عن بعض ذنوب.



قالت لي: أمثالك لا يعرفون الحب، الحب لا جنسية له ، منذ مدة وأنا اشعر أنها بداية النهاية ، منذ أطلت بقاء أصابعي في كفك ، منذ اقتربت اكثر…… كنا نتودع من بعض ولا نزداد اقترابا ، تزداد الخطايا ، خطيئتي الاولى حبك وخطيئتي الثانية خسارتك ، وخطيئتي الثالثة إن تمسكت بك على حساب كبريائي وتوحيدي لذاتي حملت شظايا قلبها معها واستدارت ، بقيت انظر و هي تتوارى ، لو التفتت قليلا لهرعت إليها احمل أنا الآخر ما تبقى من شظايا قلبي ، لعلمت أنها تبتعد وهي على أمل ، لو توقفت قليلا ، ولكنها من النوع الذي لا ينظر خلفه ، يبدو أنها لا تقرا الكتاب مرتين.
أما أنا أعود لكتابي مرة ومرة واشم الوردة الجافة ، ستبقى معي للابد ،لأبدي نهاية عمري .. سواء بعد قليل أو بعد دهر ، أول وردة حب حقيقية أتلقاها وسعيد بها ، لون بنفسجي ناعم يشبه أحزانها ، لو كانت اقل تفتحا لاحتفظت بشكلها بصورة افضل ،
كنت أحبها حين تأتيني صباحا لأبدا يومي بعطر يديها و قبلاتها ، تتفتح حواسي بابتسامتها ،و تمسح عن وجهي إلى نهاية يومي عبوسي الآتي ، الجريئة التي سحبت جزيرتي النائية من صحرائها الموغلة إلى المحيط ، لم أعطها الوقت الكافي لتنقش على صخورها أيامي ، ألومها لأنها لم تبتعد بها كفاية عن هواجسي وذكرياتي و لم تنأى بها عن امتداداتي البعيدة ،لم تكن تعلم أن جزيرتها تحتاج محيط لا شاطئ له و لا يلتقي بمضيق .
قالت لي احبني أنثى لأجلك ، و قلت لها لم أخلق رجلا إلا لأجلك
قالت لي إن لم تكن أنت لن يكون سواك
أما أنا فصمت
قالت أحبك بهذه البيجاما زرقاء و غامقة، شفافة وندية
قلت سأحتفظ بها حتى نهاية عمري
قالت ياه ستهترأ
لا تدري أنني أنا المهترئ وأنني انهي بها عمري المهترئ
ما عشته معها لم ينقص عمري سنوات ، خبيرة في تفجير الفرح في حياتي كخبرة عصفور في نقر حبات الكرز، حاولت...حاولت الاحتفاظ بشهد الكرز ولكنه سال بين أصابعي، حاولت أن تستعيدني عصفورا تدربني على الطيران بجناحي حب في فضاء حلم، ولكنني أنا العصفور البليد فشلت في نقل عود قش واحد للعش الخرافي، أنا أظنه سقط سهوا من الزمن و ألقى بها في مفكرة أيامي قبل أن اذكره بها في لحظة، قد فطن الزمن أن مفكرته يعوزها الكثير ، كانت تسيل دمي حين يخثره غضب غبي ،كانت تساعدني على عبور مطبات هذياني ، تنتشلني من سياط ذاكرتي وتطبطب رجف قلبي و أصابعي ، معها كنت احب خوفي حين ارتجف، وعلى صدرها أستعيد أماني ادفن جنوني و أبوح ….، ولا اخجل من ضعفي وشفافية روحي المعتمة التي تنيرها بهمسة بلمسة بقبلة ، عن بعد ترى الوجع في دموعي قبل أن تراه عيوني، و معها استطعت عبور الألم والقفز على الجحيم بين هاويتين ، كان لعمري معنى ، ليومي ألوان وفي ليلي أحلام و كانت لي حياة، كانت الرئة الأخرى التي أتنفس منها بعد كل اختناق تنتهي به كوابيسي المقيمة في مناماتي، الآن اعرف أنني كنت بها مع مرضي وذاتي والعالم في هدنة وأنها كانت سلاما أبديا لنفسي ، كانت هي الآخر الرحمن الرحيم، أما أنا أضفتها إلى القائمة كشيطان رجيم.
أين جمال ، لن اسخر من قلبه الرهيف بعد الآن احتاج مواساته و خبرته في جبر القلوب المكسورة ، فقد وقعت في الحب والى جانب قلبها كسرت قلبي أيضا.

أنا وجها لوجه مع الآخر، لن يجدي نفعا أن اغلق أذني بالقطن أو كرة حديد ، لا اعرف لماذا اكرر محاولاتي الغبية بالهرب منه من زاوية إلى أخرى في الغرفة التي تضيق و تحاصر روحي، فهو يقبض على أعصابي ينفضها ويوترها، يرخيها ويعود لشدها و اشعر بصفعاته وأذاه على كل جسدي وعلى روحي و يكرر لي أنت مهزوم وأنا كذلك ، أنت فاشل وأنا كذلك ، أنت خاسر وأنا كذلك أنت لا شيء وأنا كذلك ، يذكرني بما اقترفت من خطايا وآثام ، اعلم أن ما يطهرني و يكفر عن بعض ذنوبي الكثيرة و ما اقترفت في حق غيري وحق نفسي كما يقول لي هو الانسحاب من حياتي و إفراغ مكاني في حياة الآخرين لآخرين غيري ، ليرمموا ما استطاعوا إن استطاعوا ما أفسده وجودي و ليغسلوا بحضورهم النقي أثار روحي الرديئة الفاسدة ، اعلم ذلك واكثر ولكني كما يقول جبان و اجتيازي الحرب سالما دليل على جبن روحي التي لم تغادر ثوبها المهلهل و لا زالت تقبل به ،لو انه يساعدني ، لو انه يدفعني باتجاه الأرض لحظة النظر من النافذة أو…….. يغادر رأسي و يتوقف عن جلدي،و لكنه لا يفعل،و أنا الخاسر بكل الأحوال سواء بقيت على قيد الألم أو ذهبت إلى الجحيم.
دموعي لا تتوقف ، يا الله لو تأتي شقيقتي وتمسحها ، لا يهمني أن تراني حطام ،احتاجها الآن.

لازلت انتظر ما يبدو انه المستحيل، بقي ثلاثة أيام ، ولا أمل يلوح في الأفق ، ولا حتى رد مقتضب "نحن قادمون" أو حتى "وصلتنا برقيتك"، لن يأتوا و نقطة ....
الخيالات السوداء تقيم في دمي ، أريد موتا نقيا بلا ألم ، أتخيل مسدس جاهز للإطلاق في فمي ، انظر إلى مروحة السقف و أتسائل هل تحتمل وزني؟ ، سيكون منظري جميلا و أنا معلق فيها وهي ساكنة لا تدور، فقط علي أن امسح الغبار عنها ليكون آخر نفس سلس ونقي لا يواجه صعوبة أثناء اجتيازه مسالكي التنفسية الوعرة بمطبات النيكوتين ، أما بيجامتي الزرقاء الغامقة الندية ستكون رائعة ، أول حالة إعدام بدون بيجامة حمراء ، و ستبقى زرقاء وندية ، منظر جميل و الأجمل أنني لن أراه،أو أتناول شريط كامل من حبوب نومي ، قد تعود السكينة التي نزعت من أقراصه و أستطيع النوم إلى الأبد ، ادخل العالم الآخر نائما تعويضا عما استعصى علي في آخر أيامي ، أريد موتا بلا ألم بلا دموع ، بهدوء وسكينة ، لا أقول بسلام ولكن بدون الفوضى التي تعم حياتي حاليا و أتمنى ألا ترافقني للعالم الآخر أيما يكن.
وحش كاسر يقيض على رئتي ويقطر عليها الأكسجين قطرة قطرة، عدت للنوم بالوضع الجنيني بعدما نسيته لفترة ، ربما وضع رأسي مقلوبا يعيد لدماغي اتزانه ، أو ربما اتصال جبيني بالمخدة مباشرة يتيح تسرب شحنات الكابة والهواجس الرديئة إلى الأرض ، وربما وضع رئتي في مرمى الجاذبية الأرضية يسمح بضخ المزيد من الأكسجين إليها وتبعد عني حالة الاختناق ،آخر مشهد في كوابيسي المفزعة، وربما تكوري على نفسي يجعل من بيده الأمر يفهم أنني لا أريد من الدنيا شيئا سوى سكينتي وسلام روحي فيتركني ويمنحني نوما لا يقطعه الاختناق كل حين مع صداع كزلزال يدك دماغي، يا الله أتوق للنوم بشكل طبيعي والتنفس بهدوء دون أن اشعر أنني أطارد الأكسجين أو أشكل خطرا على الهواء،لم اعد احلم بالنوم على صدرها حين تجتاحني نوبة ارق ، و لا لهمسها وترانيم صوتها يغني لي إلى أن أنام كطفل بعد أن زالت عنه كل الهموم ،" من أي عام جاء هذا الحزن" من أعوام عمري التي تتشابه حزن وخوف و هزائم.

لماذا لا أعود طفلا كل همه الحفاظ على لعبته ، لم اكن كذلك ، كان همي الحصول على ذاتي الصغيرة " هلو أنا هنا" لست رقم واحد ولكنني موجود واكبر من مجرد رقم ، أنا الغبي الذي يحاول- لا يكف- دائما أن يثبت نفسه في المكان الخطأ ، الغبي الذي يحاول إيجاد برهان لبديهيات ، أو الغبي الذي يحاول إعادة ترتيب الطبيعة ، الأعمى الذي لا يرى ما يريد ، السوداوي الذي يلون قوس قزح بالأسود و الرمادي.

باب الغرفة يدق ، انه اللقاء ،امي…
و لكن معها من يرافقها ، هدهد سليمان ، شقيقي الأكبر ، غرابها الأثير ، أتى ليراني ويطمئن علي! ، ماذا أريد اكثر من شقيق اقل قسوة من اخوة يوسف ، في النهاية أنا لست من أبناء يعقوب لأتلقى رحمة السماء ، في الحقيقة أنا أيضا اشتاق إليه ، لا أنسى طردي من الوطن و لكنني اغفر له ، لا املك اكثر.



#سوسن_العطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلب هش
- أحلام بعمر الفراولة-2
- أحلام بعمر الفراولة
- برد في أثينا …. مطر على الحاجز
- حالة فصام – الجزء الثاني
- قصة قصيرة : حالة فصام
- شمعتين لياسر
- قصة قصيرة: سائق تاكسي نزق
- حياتي التي اعيشها
- أحلام مستغانمي وأحلام الرجال.... عابرون في خيال عابر
- قصة قصيرة : شرفة في القمر
- الكوتا النسائية تمييز ضد المجتمع
- طفلة في العائلة


المزيد.....




- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن العطار - كابتي هواجسي واشتياقي