أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن العطار - برد في أثينا …. مطر على الحاجز














المزيد.....

برد في أثينا …. مطر على الحاجز


سوسن العطار

الحوار المتمدن-العدد: 1043 - 2004 / 12 / 10 - 05:11
المحور: الادب والفن
    


الساعة تجاوزت السابعة مساء، و أنا مبتلة، مرهقة من مشي المسافات الطويلة، وانتظار دام ساعات طويلة نصفها على الأقل تحت المطر، أنا لا أحب المطر، لا أحب أن امشي وحدي احتمي منه بمظلة، لا أحب الخوف و الانزواء، أتوق للمواجهة حتى لو كان المطر في يوم عاصف.
ارغب بشدة بالسير تحته افتح ذراعاي باتجاهه استقبله وأقول احبك، وانتظر أن يتساقط أكثر و أكثر حتى ابتل تماما، أو أدور في مكاني وافتح ذراعاي على اتساعهما : هي أيها المطر انزل كما تشاء لا أخافك ، لست بعد الآن طفلة ستبقى في الصف حتى نهاية الدوام مبتلة ترتجف ولا تعرف الدفء حتى في الأيام الدافئة.
كانت معي صديقة، ليست الصديقة من يلائم هذا الجو، مضطرة أن اقبل بها اليوم لا يوجد سواها من يحدثني ويتذكر معي، ويتوق معي لفنجان قهوة سادة يفور، نصنعه في مخيلتنا على نار ذكرياتنا عن مكان لم نتواجد فيه سويا وعن أشخاص عرفناهم ولم نلتقيهم سويا، وعن أشخاص نعرفهم ونخاف أن نلتقيهم على انفراد، قد يدفعنا المطر والبرد للبحث عن دفء في جمرة أو عصير ثمرة نصحو منها على إحدى كارثتين: إما أننا تخيلنا الدفء ولم نلمسه مجرد حلمنا به، أو أننا عشنا الدفء ولمسناه لا بل لسعنا الجمر احترقنا، وفي الحالتين يسخر منا قوس قزح: أنت تطلبين دفء من غيمة ماطرة على شجرة غيرك.
ولكنني في هذا المكان اقل من طفلة تجتاحها أكثر من عاصفة وأكثر من برد، يتجمد المطر على أطراف أصابعي كالزجاج، ابحث في الاتجاهات الستة وبحواسي الستة عمن يشعل نارا من اجل الدفء وليس سواه،
أتذكر هيركوليس القوي و ديانيرا الحكيمة في بحثهم عن المشعل الإلهي الذي اطفاته هيرا الشريرة زوجه أبيه ملك الآلهة زيوس ، و أطفأت النار والنور من كل المواقد، كرها للبشر وإمعانا في إذلالهم وغضبا لا ينتهي على هيركوليس بالذات.
هنا في هذا المكان لا يوجد هيركوليس وأنا لست ديانيرا والمشعل يبتعد بمرور الوقت وكل ما أتوق له ليس فنجان قهوة يفور وليس دفء جمرة بل عدم الشعور بالمزيد من البرد.
هيركوليس يسير مع ديانيرا باتجاه المشعل يقتحم معها الأهوال يتراهنان من يوصلهما إليه:القوة أم الحكمة؟
ليتها تكون الحكمة بامكاني الادعاء أنني حكيمة ولكن لا أجرؤ على الادعاء أنني قوية.
الهدف واحد والوسيلة مختلفة ، هما مختلفان يتجادلان ، تفاوض هي على جذوة ضوء تعتقد أنها كافية لإشعال المواقد كلها ، هو يسخر منها هذه الجذوة الباردة تخضع لإرادة هيرا وسرعان ما تنطفئ ، يشتد البرد ، هل ينفع الحب لبعث الدفء كيف يلتقي النقيضان الحكمة والقوة ، يكتشفان أنهما ليسا نقيضان والحب ينتج من شرارة التكامل.
في هذا المكان لا مجال للتكامل لا يوجد حكماء ولا يوجد أقوياء يوجد فقط هيرا الشريرة التي تمنع عنا نصفنا القوي أو نصفنا الحكيم، وتمنع أيضا فنجان قهوة لم يعد يفور وجمرة لا تشتعل.
يعرف هيركوليس أين مكان المشعل وكيف يحصل عليه، أخيرا اقتنعت ديلنيرا أن توجه حكمتها قوة هيركوليس ، يتفاهمان الآن خطوة أولى باتجاه الحب في طريق على وشك أن يصبح دافئ ، ثلاث مراهقات ساحرات يتوقن للقاء هيركوليس ، يشخصنه يحتلن عليه بالظهور على هيئة ديانيرا الناضجة ، انه الرغبة التي لم يفطن إليها طوال الطريق البارد او اجلها لحين الدفء وها هي بين يديه في هذه الغرفة الباردة ، تغضب ديانيرا تغار، لمن الغلبة لمراهقات فجات شبقات أم لحكيمة ناضجة ترى أن الشبق مؤجل ويؤججه الدفء.
ارغب وبشدة أن تفوز الحكيمة فأنا ناضجة ويعجبني أن ادعي حكمتها، هل نقترب من المشعل ؟ ليس بعد نحتاج القوة والحكمة والصبر ، والتفكير بالدفء اكثر من الاستسلام للبرد .
في اثينا مطر زجاجي ، اله النار يتجمد من البرد ، مواقد مطفأة ، طعام لا ينضج وملابس لا ترد الصقيع.
في هذا المكان قهوة لا تفور ومطر ينهمر على الطريق وطين وبرد وطعام لا يشبع ومظلة لم تعد تحمي ، ولا أستطيع تحدي المطر واليوم لا يمكنني أن احبه.
هيركوليس بعد عذاب وحب ديانيرا يصل المشعل ، ينفخ نارا في أول موقد ، أثينا تضيء أثينا يسري في عروقها دفء يئست منه ، ستعد طعاما وتشبع وتنام على يقين أن هيرا ليست من يتحكم في دفء القلب ودفء الموقد ،
هيرا تغتاظ تتفجر لا يساندها الآن زيوس، قد اضطره هيركوليس أن ينحاز إلى جانبه ويقر بحق البشر في النور والنار فلا مفر أمامه ولو غضبت هيرا .
نحن على الحاجز على مرمى النظر موقد وطعام ساخن وغلاية قهوة تفور ، ولم نبلغ قوة هيركوليس أو حكمة ديانيرا لنجبر زيوس على الاعتراف بحقنا في المرور إلى الجانب الآخر من الحاجز ،وتبقى اثينا الخاصة بنا في الظلام تبرد وتجوع والجذوة على الجانب الآخر، إلى متى ننتظر؟



#سوسن_العطار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة فصام – الجزء الثاني
- قصة قصيرة : حالة فصام
- شمعتين لياسر
- قصة قصيرة: سائق تاكسي نزق
- حياتي التي اعيشها
- أحلام مستغانمي وأحلام الرجال.... عابرون في خيال عابر
- قصة قصيرة : شرفة في القمر
- الكوتا النسائية تمييز ضد المجتمع
- طفلة في العائلة


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن العطار - برد في أثينا …. مطر على الحاجز