أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن العطار - طفلة في العائلة














المزيد.....

طفلة في العائلة


سوسن العطار

الحوار المتمدن-العدد: 987 - 2004 / 10 / 15 - 09:04
المحور: الادب والفن
    


عدت كالعادة قبل الثانية عشرة ليلا بقليل من سهرة إحباط برفقة مجموعة من الأصدقاء المحبطين، جميعنا أطباء منذ أربعة سنوات عاطلين عن العمل و عاطلين عن الحياة من فرح وحب وزواج، ننتظر فرجا قد يأتي وقد لا يأتي، يائسين لدرجة ما قبل الانتحار بقليل بقليل ، اضحك حين اسمع أن الانتحار يحتاج شجاعة ، واضحك اكثر على فكرة أن الانتحار فعل جبان عاجز عن مواجهة الأمور ، ولكنني أتخوف من خسارة الآخرة فانا خاسر سلفا للدنيا ، الانتحار هو درجة اليأس القصوى ، عندما يمتلأ كأسك باليأس ومشتقاته من قنوط ، إحباط ، تعاسة ، غضب غير قابل للتنفيس ، الم حد السكين لا يستجيب للمسكنات ، نقص حاد في أكسجين الهواء الطلق ، سخرية الأولاد حين تقول لأحدهم ذاكر دروسك ليرد عليك ثم ماذا حتى احصل على ماجستير مثلك أبله واقرف أن اشرب من مائه .. لا أريد، هي الصهوة التي ستنزلق على الطرف الآخر لها، موت بإرادتك يسمونه انتحارا.
بعد أن ودعت أصدقائي، امشي بحذر في شارع بيتي المقابل للمستوطنة، ارفع يدي تحية من بعيد لشلومو الساهر على حدود الجرح ليبقي الألم مبرحا، أدعو الله أن يرد تحيتي كما يردها على الأولاد الذين يحيونه بالا كواع قنابل الصوت المدوية التي يصنعونها بأيديهم، ويرد تحيتهم بزخات الرصاص من عيار الخمسمائة عندما يكون لطيفا،

ادخل البيت مستعدا لتبرير تأخري لامي الساهرة – لولا أني اخجل من دمعها ...-
العب يوميا بأعصابها ولا تثق بي لمداواة امراضها، تصدق أي طبيب سواي، وسوى أصدقائي التي تظن أنهم يشتركون معي في المؤامرة التي تحدد قائمة طعامها الخالي من السكر والكولسترول،
اليوم أمي ساهرة وغاضبة ومحبطة وقلقة أكثر من العادة، وترمي إلي بهاتفي الجوال وتقول: تنساه عندما نحتاجك، اذهب إلى أختك في المستشفى ستضع مولود ها بعد قليل ولا غرفة عمليات جاهزة لاستقبالها وتحتاج واسطة لتتم العملية الليلة،
فغرت فمي اية أخت، اعلم أن أختي توقفت عن الإنجاب منذ 10 سنوات، وأنها غير حامل، ماذا يحدث؟! وأخيرا وجد زوجها العاطل عن العمل وظيفة إنجاب طفل وتربيته،
اخفت حملها عن الجميع حتى أمي، تقول أنها سمنت قليلا هذه الأيام، أرادت أن تجنب نفسها الإحراج طوال فترة الحمل، وتخجل من أبناءها الذين دخل أكبرهم الجامعة، ولا تعرف ردة فعلهم على وجود طفل سيشكل عبء إضافي على الأسرة.
ذهبت إلى المستشفى مسرعا، كانت قد دخلت غرفة العمليات بواسطتين :الطبيب الذي تراجع عيادته الخاصة ، وطبيب آخر صديق عرف أنها شقيقتي، ستكون إذن عملية قيصرية لكي لا تنجب مرة أخرى ، ولكي يحبها زوجها وتحبه كل ليلة دون خوف من عواقب ذلك الحب.
كل شيء في البلد يحتاج إلى واسطة، من قرار تعييني كطبيب إلى قرار دخول مريضة غرفة العمليات
أمي لا تفهم كيف أكون اخصائي حاصل على الماجستير وعاطل عن العمل، تقول وهل وزير الصحة الحالي ومن سبقوه يحمل شهادة أعلى منك ؟! إن كنت لا تصلح بالماجستير كطبيب فليعينوك بالبكالوريوس وزير.
انتهت العملية بسلام ودخلت غرفة العمليات،
رأيت الطفلة، وقعت في غرامها من أول نظرة، أمسكتها في يدي بعد أن أزلت القماشة التي لفت بها، قبلتها قبل أن ينظفوها، وكنت على وشك البكاء وترك العنان لدموعي لولا دخول زوج شقيقتي الغرفة الذي توجه لزوجته ليطمئن عليها قبل أن تفيق ولم يكترث للطفلة،
أتمنى أن أتزوج امراة تحبني وأحبها كشقيقتي وزوجها، تنجب بالغلط أو بالتواطؤ معي وهي في سن متأخرة كاعلان مدوي عن الحب الذي لا يتغير مهما قست الدنيا،
شقيقتي أتت لزيارتنا بعد أربعين يوما على الولادة، يا للملاك بالملابس البيضاء الجميلة، نظرت في عينيها التي تفتحها قليلا وتغمضها كثيرا، تبدو متحدية قلقة، تستعد لتعاسة كبرى وامال لن تتحقق، هل أرى نفسي ، حدقت طويلا وفكرت لو أستطيع دفع سنة من عمري لأزيل جزءا من قلقك وسنة أخرى لأساعدك على احتمال تعاسة لا أستطيع تبديلها ، وسنة أخرى لتحقيق احد أمالك ، وسنة أخرى من العمر التعيس ل....
قالت شقيقتي: لا تحدق لا تحمل من أمي سوى اسمها، عيناها لن تكون خضراء مثلها، قلت نعم نعم ...
بامكاني الآن حمل الطفلة ورميها في الهواء والتقاطها مرات ومرات، سيطير قلب شقيقتي معها ولن يهبط إلا و طفلتها تهبط وادعة في كف واحدة من يدي، لعبتي الصغيرة التي أحب مداعبتها
أقول لها: أبقيها لدي الليلة انا طبيب وأستطيع العناية بها ، تقول لي تزوج واحصل على طفلتك الخاصة ،
ستفتح الجرح وترش أمي عليه الملح ليزيد ني ألما،
أقول في محاولة لتغيير الموضوع بجد أبقيها لي الليلة
تقول وماذا تفعل إن بكت الليل بطوله، أتناوب أنا ووالدها على حملها وهدهدتها طوال الليل، هي سمجة وتعلم أنها آخر العنقود ولن يكون هناك سواها
أقول اجعليها أول العنقود عندي، ساقرا لها طوال الليل، تبدو ذكية ومتمردة، ستفهم ما اقرأ، لن اقرأ لها من كتب الطب ولا كتب ادوارد سعيد أو أمين معلوف، ساقرا لها من قصائد محمود درويش، لن أقرا من الجدارية ولن ابدأ معها بحالة حصار، ساقرا لها من سرير الغريبة قصائد حب مجنون ليلى وما قال جميل عن بثينة.
تضحك شقيقتي وتقول أمي: هذا الولد مجنون ولا ينفع،
أقول لهما في سري لن اسميها على اسم أمي كما فعلت أنت وبقية إخوتك وأخواتك الذين اختتموا إنجابهم بتسمية بناتهم على اسمها، سأسميها على اسم والدتها، قد اسمي جميع بناتي على اسمها، ساحبها حب ابدي أزلي، سأطرب واجن فرحا حين تصر هي الأخرى على تسمية ابني على اسمي، لذلك ساتاني في اختيار زوجتي التي تحبني وأحب أن يكون اسمها جميلا لانه اسم جميع بناتي.
هل ستدور الأرض حول القمر لأحصل على وظيفة وأحب وأتزوج واقطف من العمر الجميل زنا بق لفراشات قادمة.



#سوسن_العطار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوسن العطار - طفلة في العائلة