أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - مفهوم جديد ل -الوطن- قَيْد التأسيس!














المزيد.....

مفهوم جديد ل -الوطن- قَيْد التأسيس!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4433 - 2014 / 4 / 24 - 10:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



في القرن الحادي والعشرين، حيث تأتي "العولمة"، إتْيان النار على الهشيم، على "الأصول (الواقعية والتاريخية)" لكثير من المفاهيم، التي ما زالت تَحْكُم (وتتحكَّم في) فِكْرَنا، وطريقتنا في التفكير، تشتد الحاجة إلى إعادة تعريف "الوطن"، بما يجعل هذا المفهوم (القديم قِدَم الأوطان نفسها) أكثر تَوافُقاً مع "محتواه الواقعي الجديد"؛ فالهوَّة اتَّسَعَت بين هذا المفهوم المتقادِم وبين الواقع الجديد للأوطان.
"الوطن"، وفي ثقافتنا الشرقية على وجه الخصوص، هو دائماً مدار تقديس وتمجيد وتعظيم، وإنْ اجتهد "إسلاميون" كُثْر في النأي بعقول (ومشاعر) العامَّة من المواطنين المسلمين عن "الوطن" بصورته الذهنية المثالية هذه؛ وفي الأردن، مثلاً، حرصت الدولة على إدراج "الوطن" في منزلة تتوسَّط منزلتين "مقدَّستَّيْن"؛ فالشعار في كثيرٍ من الأمكنة المهمَّة هو "الله، الوطن، المَلِك"؛ ولَمْ أرَ هذه "الثلاثية (التي اشتهر بها الشَّرْق)" تغدو "رباعية"، بِضَمِّ "الشعب (أو الأُمَّة)" إليها؛ مع أنَّ "الشعب" يُعْتَرَف به، في الدستور، على أنَّه مَصْدَر السلطات جميعاً في الدولة، وتُصَوَّر "إرادته (الانتخابية الحُرَّة)" على أنَّها مَصْدَر الشرعية في الحُكْم. والسبب في هذا "الاستثناء"، وذاك "التمجيد"، يَكْمُن في طريقتنا في فَهْم الأمرين (الوطن والشعب) والنَّظَر إليهما؛ فـ "الوطن" هو هذه الرقعة (الخالدة، الثابتة، الدائمة) من الأرض، والتي هي "مِلْكِيَّة خاصَّة" لنا على مَرِّ الأجيال؛ أمَّا "الشعب"، فمُتَغَيِّر، لا يستقر على حال، ولا يحتفظ بـ "نقائه العرقي" لأسباب شتَّى، في مقدَّمها منطق "دولة المواطَنَة"، والذي يُتَرْجَم بعضٌ منه بـ "تجنيس غُرَباء"، فتَخْتَلِط الأعراق ، ويتَّسِع مع اختلاطها التنوُّع الثقافي واللغوي..، ويذهب هذا الاختلاط، في "عصر العولمة"، بالبقية الباقية من "النَّقاء العرقي" للشعب؛ ويظل "الوطن"، من ثمَّ، هو الأجدر بالتقديس والتمجيد والتبجيل!
إنَّهم يقولون بهذا، أو بما يشبه منطقاً ومفهوماً ورؤيةً؛ مع أنَّ تاريخ الأوطان والأُمَّم يقيم الدليل، في استمرار، على أنَّ "الوطن السَّرمدي"، أيْ الأرض التي تعود مِلْكِيَتِها إلى جماعة بشرية بعينها منذ فجر التاريخ، هو خرافة، لا تَعْدِلها خرافة إلاَّ خرافة "العرق النَّقي (الذي لا تشوبه شائبة)"؛ ولو سَعَيْنا إلى حلول لـ "النزاعات الوطنية (أيْ النزاعات التي مدارها ملكية أوطان، أو أجزاء من أوطان)" لاقتضى هذا الأمر إعادة توزيع الأوطان جميعاً؛ لأنَّ أي وطن هو أرض تعاقبت على العيش فيها جماعات بشرية مختلفة.
"الوطن" سيكولوجياً هو الذي لو شُغْلِتُ بالخُلْد عنه نازَعَتْني إليه بالخُلْد نفسي؛ وهذا "الخُلْد" نراه اليوم في "المهاجِر الغربية"؛ فشبابنا، الذي أَكْرَهَه "وطنه (العظيم الجميل الحبيب)" على الهجرة إلى الغرب، بَحْثاً عن حياة كريمة (وبأوجهها المختلفة) له ولعائلته، يَحنُّ، في استمرار، إلى وطنه، ومسقط رأسه، وأهله وأحبائه وأصدقائه، وإلى كثير من الأمكنة التي له ذِكْريات فيها؛ وهذا الحنين يَحْمِله على زيارة الوطن؛ ومع ذلك، تَحْكُم مصالحه الشخصية والعائلية الجديدة خياره وقراره؛ فالهوَّة تَتَّسِع بين رغبته في زيارة الوطن ورغبته في العودة النهائية إليه. وهذا "المهاجِر" يتجنَّس، عمَّا قريب، بجنسية الدولة الغربية التي يعيش ويعمل فيها، ويصبح مواطناً (في دولة المواطَنَة) يتمتَّع بحقوق المواطنة كاملةً؛ فإنَّ وطناً ثانياً قد أُعِدَّ له (وعلى يديِّ "العولمة" على وجه الخصوص).
لقد عَرَفَ التاريخ دولاً (ممالك وإمبراطوريات) يحكمها حُكَّام بِزَعْم أنَّ سلطانهم (وسلطاتهم) مِنْحَة لهم من الله؛ لكنَّه لم يَعْرِف إلاَّ وطناً واحداً منحه الرَّب لجماعة بشرية بعينها، هي "بنو إسرائيل"، مع أنَّ هذا الوطن (أرض الميعاد) كان أرضاً مأهولة بغيرهم زمناً طويلاً!
وظلَّ "الوطن"، زمناً طويلاً، "مفهوماً فلاَّحيَّاً"، يشبه كثيراً، بماهيته وخواصه، قطعة أرض يملكها فلاَّح، يمثِّل، في ثقافته وخواصِّه السيكولوجية، "الوطن"، بمفهومه الأكثر شيوعاً وانتشاراً؛ فهذا المفهوم هو الأكثر توافُقاً مع نمط عيش أبناء الريف.
القبائل البدوية كانت الجماعات البشرية الأقدم في عيشها بمنأى عن "الوطن"، واقِعاً ومفهوماً؛ فـ "الأُممية الأقدم" كانت العاقبة الحتمية لنمط عيش القبائل البدوية؛ وفي القرنين التاسع عشر والعشرين، وبعد نشوء ورسوخ "الدولة القومية" في الغرب الصناعي الرأسمالي، بدا النظام الرأسمالي، بطبقتيه وهما العمال والرأسماليين، متوفِّراً على التأسيس لواقِعٍ يتضاءل فيه وَزْن "الوطن"؛ فالعمال، على ما قال ماركس، لا وطن لهم، وليس ممكناً، من ثمَّ، سلبهم شيئاً (أيْ الوطن) لا يملكونه؛ أمَّا "الرأسمال" نفسه، فَعَرَف من التطوُّر ما جَعَل أصحابه أكثر تَحَلُّلاً من "الوطن"، واقِعاً ومفهوماً؛ وفي القرن الحادي والعشرين، بَدَت العولمة قاب قوسين أو أدنى من هَدْم "الوطن القديم"، واقعاً ومفهوماً، ومن ابتناء "وطن جديد"، بينه وبين "الوطن القديم" من أوجه الاختلاف والتباين أكثر بكثير مِمَّا بينهما من أوجه التشابه والتماثُل. وعلى الهامِش من هذا العالَم، نرى عالَمنا العربي يستحثُّ خطاه في السَّيْر في مسارٍ آخر؛ فَمِنَ "وطني حبيبي، الوطن الأكبر" انتقلنا إلى "الأوطان (العربية) الصغيرة"، فإلى "أوطان الطوائف (وأشباهها)"؛ وكأنَّ "التديين" لـ "السياسة" و"الدولة" قد امتدَّ إلى "الوطن"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يحتال الدِّين على الفيزياء
- النجم إذا انهار على نفسه!
- قراءة في -فنجان- الصراع السوري!
- إذا الشعب تخلَّى عن -الحرية- في سبيل -الأمن-!
- القانون الكوزمولوجي الذي يَحْكُم تطوُّر الكون
- حتى نُحْسِن فَهْم سياسة الولايات المتحدة!
- -العدم-.. تلك الفكرة الغبيَّة!
- في -الخَطِّ العُقَدي- الهيجلي
- أخطاء يرتكبها -ماديون- في دفاعهم عن -المادية-!
- -النقود الإلكترونية-.. ثورة نقدية تقرع أبواب القرن الحادي وا ...
- هكذا تموت الأُمم.. العرب مثالاً!
- -الوسيط- كيري!
- -الحركة في المكان- و-الحركة المكانية-
- نظام دولي جديد يتدفق في أنابيب الغاز!
- -التناقض- في ظاهرة -انحناء المكان-
- -المعرفة- بصفة كونها -صناعة-
- كيف نَفْهَم -خصائص- الشيء؟
- واشنطن وموسكو.. صراعٌ لتبادُل المصالح!
- تاجِر الإعلام عبد الباري عطوان!
- في التسميات والأوصاف الطائفية


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - مفهوم جديد ل -الوطن- قَيْد التأسيس!