أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي أحماد - من أوراق معلم بالجنوب/ نواة تمرة 1989














المزيد.....

من أوراق معلم بالجنوب/ نواة تمرة 1989


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 4425 - 2014 / 4 / 15 - 16:57
المحور: كتابات ساخرة
    


توطدت وشائج الصداقة بيني وبينه بعدما انتقل المعلم الآخر الى المركزية وتكلفت طواعية بتدريس المستويات الثلاث(1.2.3) بفرعية أيت ارسان وأصبحت المعلم الوحيد بالقرية... دعاني الليلة الى وليمة. سرت الى المنزل أتلمس الطريق في الظلام. المنزل من طابقين. مبني بالحجارة المرصوصة..يتوسطه فناء رحب تفتح عليه غرف كثيرة. تطل شبابيكه الخلفية على حدائق غناء من أشجار الزيتون، التين و الرمان. وعلى صخور جبلية تحد الرؤيا...وأنا أمرق من الباب الكبير لمحت حركة غير عادية لنساء الدار حول أنوال.. لن أسأل عن المناسبة ، فالأهالي حساسيتهم مفرطة لكل ما يتعلق بالمرأة ..عبرت الفناء في خفر وصعدت عبر أدراج إسمنتية الى غرفة (تامصريت ) حيث ينتظرني محمد. وهو شاب من القرية، حاصل على الإجازة (من كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش) . مرهف الإحساس دمث الخلق، طيب المعشر. حولته العطالة الى جسد نحيل ووجه يعلوه الشحوب. استقر بالقرية بعدما أعيته الحيلة في البحث عن عمل.. يوحي مظهره أنه يعاني قلقا وجوديا. كبير أسرة مات عنها الأب. (كان المرحوم عاملا بمناجم الفوسفاط بخريبكة) هذا ما أسره الي محمد. له أخ يهتم بشؤون الدار و مصالحها. يرعى الأغنام و يفلح الأرض. وهذا ما يشعر محمدا بأنه عالة على الأسرة، وإن لم يصرح بذلك.. منذ عرفته وهو يدمن العقاقير المهدئة لينام وينعم بالراحة النفسية. أنا ألتمس له العذر. شاب متعلم لا يفهم في أعمال القرية شيئا وبنيته لا تسمح له بمزاولة أي عمل شاق يتطلب قوة العضلات.
لغط النسوة حول النار يصلنا صداه وهن يهيأن خبز (تنورت) على الحطب . بدأنا نلعب الأوراق ( الرامي) لتزجية الوقت ونحن نحتسي كؤوس الشاي مع حبات اللوز في انتظار العشاء. فراش الغرفة في غاية البساطة. مائدة خشبية قصيرة القوائم حولها وسائد. وهذه البساطة تضفي على المكان الهدوء والسكينة ولا تقلل أبدا من قيمة أهل الدار. في خضم أجواء اللعب لابد أن نتحدث عن أسرار الهوى. فشاب وسيم، طويل القامة، شديدة بياض البشرة ومتعلم لابد أن تكون له مغامرات عاطفية. يعترف أنه يعشق ابنة الجيران وهي تبادله مشاعر فياضة، الغادة الحسناء التي يزينها طولها الفارع. ولكنه يرضخ لتقاليد القرية ويحترمها. كم أفضل أكلة (تاكلا) من الذرة البيضاء واللبن مع السمن المذوب لمن يستسيغه. وأنا منهمك في الأكل شعرت بشيء في فمي لا يمضغ ،ومحمد عني غافل، أخرجت نواة تمرة من بين الأضراس ودسستها خفية في جيب الجاكيت. كالعادة عند قبائل زناكة يحضر الطاجين بعد تاكلا بلحم الضأن ، البصل ،الطماطم وحبات الزيتون الأخضر. نستمر في السهر بعدما يخلد أهل الدار الى النوم ، ولكن الليلة مميزة أو هكذا بدا لي. نزل محمد الى الأسفل وهو نادرا ما يتركني وحيدا. عاد وهو ينظر الى المائدة تارة ويرمقني في خجل ،تارة أخرى ، دون أن يمتلك الشجاعة ليوجه الي سؤالا كنت أنتظره. عرفت أنه يبحث عن تلك النواة التي سجنتها في جيب الجاكيت . لأبدد حيرته وأضع حدا لبحثه المضني وأريح الأهل في الأسفل أخرجت النواة و سألته إن كان يبحث عن هذه. لم يصدق مارأت عيناه وبدأ يضحك ضحكا هستيريا حتى ظننت أنه سيغمى عليه. أخذ مني النواة ونزل مهرولا. عاد بعد لحظات وهو يقول "أنت مبروك".



#علي_أحماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موكب الزيارة
- من ذكرى أبي / الجزء الثاني الدراجة الهوائية
- أوراق من يوميات معلم بالجنوب المغربي 1986
- من ذكرى أبي الجزء الأول الجدي الأجرب
- حوش المتعة
- خيانة
- رقصة في بيت العنكبوت
- النقابة بعد رحيل كيكيش
- هشام المطال وتقبيل أرجل نائب الوكيل
- ميدلت أون لاين في حوار مع السيد أحمد كيكيش نائب وزارة التربي ...
- حوار مع عبد القادر موعلي الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للت ...
- حوار بوابة ميدلت مع عبد القادر موعلي الكاتب الإقليمي للنقابة ...
- حوار دفاتر مع السيد أحمد كيكيش / منقول الى المكتوب
- نص قصصي : طلسم الفحولة
- النبش في تعيين أحمد كيكيش
- خطاب الى السيد النائب


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي أحماد - من أوراق معلم بالجنوب/ نواة تمرة 1989