أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - من ذكرى أبي الجزء الأول الجدي الأجرب














المزيد.....

من ذكرى أبي الجزء الأول الجدي الأجرب


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 4144 - 2013 / 7 / 5 - 20:23
المحور: الادب والفن
    


لأنه جدي أجرب، فقد كان فيه صاحبه ( راع من أيت مسروح) من الزاهدين، فلن ينفع معه علاج وإذا تركه فقد ينشر العدوى وسط القطيع كله ، لهذا باعه بثمن بخس دراهم معدودات . جاء به الى الدار يجره بحبل يتدلى من قرنيه الأسودين الفاحمين..يملأ ثغاؤه أرجاء القرية، وكلما مر أبي بقوم سخروا منه واتخذوه هزوءا ، لكنه يقابل نظراتهم القاسية وألسنتهم اللاذعة ببرودة أعصاب ولامبالاة تبث الحيرة في نفوسهم وتستفزهم. وسؤالهم كيف لرجل عاقل أن يشتري مثل هذا الحيوان الأجرب - الذي تعافه الكلاب الجائعة - وامرأته على وشك الوضع؟؟
ربطه الى سارية من الخشب وسط الدار، لم ينقطع ثغاؤه وأمامه وضع مايقتات به من حشائش أتى بها من حقول على ضفة الواد يملكها بعض معارفه وجيرانه من سكان قرية إيرارة..لقد عاف الأكل وولى عنه وبدأ يرفسها رفسا بقوائمه، ولو وضع أمامه شعيرا أوذرة لما التفت إليها، لأنه ألف العيش وسط القطيع وعزله بمثابة عقاب له..والماعز يعشق تسلق قرون الجبال وشجيرات السدرة.
بعد أيام ، وفي يوم مشمس أخرج الجدي ومعه طفليه الى الوادي. غطسه في الماء ففاحت منه رائحة نفاذة تزكم الأنوف. عمد اليه ينظفه بالصابون حتى سالت الدماء من دماميل تملأ جسمه الهزيل الذي ذهب فراؤه وبرزت عظامه ، فلاشحم ولالحم يكسوها. كرر عمليات الغطس والنتظيف والمسكين بين يديه كتلة لاحول لها ولاقوة. اقتاده- وهو يرتعد -الى صخر أملس لعل أشعة الشمس اللافحة تدفىء جسمه. بقي الأطفال يمرحون على ضفة الواد ويسبحون.
واظب على فعله الى أن شفي الجدي من جربه واكتنز لحما وشحما بفضل العلف وما انفك الأهالي يعجبون ولايصدقون أن هذا التيس السمين كان أجرب تتقزز من رؤيته النفس البشرية ! وقد آن وقت ذبحه .
اتخذت الأم مكانا قصيا وأنينها لاينقطع من آلام الوضع..نادى الأب على الجارة، وهي امرأة ربعة القوام مكتنزة الأرداف. طردت (زنو) الألطفال خارج الدار لئلا يكونوا شهداء على فعل يخص النساء، ولكنهم ظلوا يتلصصون . الأم تشد الى حبل يتدلى من السقف وهي تتصفد عرقا وصراخها يملأ المكان وتأوهاتها تكسر الصمت الذي يكتنف الدار. القابلة تشدها من الخلف وترجها رجا وتحثها على الصبر. سمع الأطفال صراخ مولود جديد . لقد وضعتها أنثى. الطفل الرابع بعد صالح ،علي وفاضمة. هاهي زهرة تنير البيت .
ذبح الأب الجدي ليعد وليمة العقيقة ودعا إليها بعض الجيران وأسرة القابلة فقط. عاتبهم الأهالي ولكن عذره أنهم اشمأزوا من الجدي الأجرب وما أن تعافى حتى طمعوا في الوليمة . بقي الرجل ، العامل اليومي بمنجم بوعروس مقترنا بالجدي الأجرب . ولم ينس أهالي إيرارا ونواحيها أبدا وليمة لم يكونوا مدعويها !




#علي_أحماد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوش المتعة
- خيانة
- رقصة في بيت العنكبوت
- النقابة بعد رحيل كيكيش
- هشام المطال وتقبيل أرجل نائب الوكيل
- ميدلت أون لاين في حوار مع السيد أحمد كيكيش نائب وزارة التربي ...
- حوار مع عبد القادر موعلي الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للت ...
- حوار بوابة ميدلت مع عبد القادر موعلي الكاتب الإقليمي للنقابة ...
- حوار دفاتر مع السيد أحمد كيكيش / منقول الى المكتوب
- نص قصصي : طلسم الفحولة
- النبش في تعيين أحمد كيكيش
- خطاب الى السيد النائب


المزيد.....




- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - من ذكرى أبي الجزء الأول الجدي الأجرب