أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - هل إختار المعاق عقلياً إعاقته؟














المزيد.....

هل إختار المعاق عقلياً إعاقته؟


تامر عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4425 - 2014 / 4 / 15 - 03:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل اختار المعاق عقلياً إعاقته؟

قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
بالنسبة لأى شخص طبيعى عاقل، عندما يصاب هذا الشخص إصابة قدرية، كأن يتعرض لحادث سيارة مثلاً، فإننا نقول أن الله يخفف عنه ذنوبه فى الدنيا، وتلك رحمة من الله عظيمة. وإذا كان هذا الشخص طيباً عميق الإيمان شديد التدين، لا ذنوب له، فإنه عندما يتعرض لنفس الحادث، وبسبب علمنا أن هذا الشخص لا ذنوب له يعاقبه الله بسببها، فإننا نتصور أن الله يريد له الإثابة وتعظيم الأجر فى الآخرة. نفس هذا المنطق ينطبق على المرض والمآسى والفواجع التى يتعرض لها الإنسان فى حياته. هذا المنطق المستديم مؤداه أن الإنسان إذا تعرض للإبتلاء وكان صاحب ذنوب وخطايا فهذا معناه تخفيف عن ذنوبه، وإذا كان بلا ذنب فهذا معناه تعظيم لمنزلته ودرجته فى الجنة.
لكن، وعلى جانب آخر، هناك كما تعلم أطفال وفتيان وفتيات مصابون بالإعاقة العقلية، ومن هؤلاء حالات يعانى المرضى فيها من نوبات صرع وتشنج تصيبهم بآلام جسدية، وتصيبنا نحن بآلام نفسية لا حد لها. نشاهد هؤلاء الأبرياء وتتمزق قلوبنا عليهم ألماً ولوعة، ونتساءل بيننا وبين أنفسنا عن الذنب الذى جناه هؤلاء الأبرياء ليعانوا هذه المعاناة الساحقة فلا نجد لهم ذنباً اقترفوه. وبالتالى، تقفز أذهاننا إلى الوجه الآخر للتفسير: إن الله يعظم أجورهم، ويرفع درجاتهم فى الجنة. نردد فى سرنا هذا التفسير ونرتاح إليه، وتنتهى تساؤلاتنا عند هذا الحد.
لكن، تعال على نفسك وفكر: إن الله عندما يرفع درجاتنا أو يخفف من ذنوبنا بالإبتلاء، فإنه يفعل ذلك معنا، نحن البشر العاقلين، المدركين للصواب والخطأ والحلال والحرام. وهو ما يسوغ تخفيف الذنب أو رفع الأجر بالإبتلاء. لكن هذا المعاق ذهنياً لا عقل له أصلاً، وهو حسب الشرع (غير مكلف)، لأن العقل هو مناط التكليف والحساب والإثابة والعقاب. وهو أيضاً بهذا المعنى، لا ذنوب له يمكن تخفيفها. فما معنى كل تلك الآلام التى ابتُلى بها ولماذا؟
يجيبك الفقهاء: لأنه مخلوق كالملاك، (رايح على الجنة حدف)، ومش أى درجة فى الجنة .. ده رايح على الفردوس، أعلى درجات الجنة. طيب. تعال على نفسك وفكر: هل خـُـير هذا المسكين بين أن يولد معاقاً ذهنياً ويكون مصيره الحدف على الفردوس، أو يولد إنساناً طبيعياً يخطىء ويتوب، ثم لا يتعرض لتلك الآلام الفادحة من جراء الصرع والتشنج؟ هل نحن نخير فى أن نولد عقلاء أو متخلفين عقلياً؟
أكاد أسمع الآية الشهيرة تتردد فى أذهان بعضكم وهم يقرأون المقال. تلك الآية الكريمة من القرآن التى تقول: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً} (سورة الأحزاب، الآية 72). ولمن يظنون أن فى تلك الآية الحل للمعضلة المطروحة، دعنى أذكرك بأن من رفض العقل هو الجماد غير ذى المشاعر. لكننا، فى معضلتنا تلك، نتحدث عن إنسان. لا يعقل نعم، ولكنه يشعر ويتألم. نراه وهو يتألم ويصرخ، ويتمرغ فى الأرض ويعوى، بينما تتمزق نياط قلوبنا نحن العقلاء عليه بسبب كونه إنساناً مثلنا، يُفترض أنه مُكرّم من الله، ولكن ما نراه من البهدلة الواقعة لهذا الإنسان هى أبعد ما تكون عن التكريم.
تعال على نفسك وفكر: هذا الإنسان غير العاقل، هل إختار أن يولد ليتألم؟ متى وأين اختار هذا الإختيار وما الثمن؟ الفردوس؟ أنا شخصياً لو خُيرت لتواضعت واخترت درجة مناسبة من درجات الجنة، مقابل أن أحيا سليماً بلا صرع ولا تشنجات ولا بهدلة ومرمغة فى الأرض، وأن أحيا مثلى مثل الملايين العاقلين، أخطىء وأستغفر وأتوب، لاسيما وأن اكتساب الحسنات ومحو السيئات مسألة سهلة كما يبين لنا الدين. من يرَ شخصاً معاقاً يعانى من الصرع والتشنج، يصرخ ويعوى ويتقلب فى الأرض، وينسال لعابه على ذقنه وصدره ويتحول إلى شبه حيوان مسعور، لا يتمنى أبداً أن يكون كذلك. هى بهدلة ومرمطة وألم ولوعة لا مزيد عليها، تترك المريض هامداً مهدوداً، وتترك أهله قتلى من الحزن والألم.
قد يقول قائل: إن هذا الإنسان المعاق عقلياً لم يكن كذلك فى علم الغيب، وقد كان عاقلاً واختار أن يولد معاقاً ذهنياً طمعاً فى الأجر. طيب. تعال على نفسك وفكر: مادام المعاق قد اختار إعاقته طمعاً فى الفردوس، فمن العدل والمنطق أن نكون نحن قد اخترنا أن نولد أصحاء أسوياء. أنت يا صديقى، بمنطقك هذا، تنسف تماماً فكرة القدر. والقدر هو واقعة ربانية (يخضع) لها الإنسان ولا يختارها، (يفاجىء) الله بها عباده ليمتحن إيمانهم وثباتهم، وليجزيهم عليها عند الصبر. إحذر. إنك بتفسيرك هذا تخرج عن التصور الدينى الــمُـجمع عليه لدى الفقهاء، فلو كان كل إنسان قد اختار الكيفية التى سيعيش بها، والأمراض التى ستصيبه، والإبتلاءات التى سيتعرض لها، فأنت بذلك كأنك تكاد تقول بأن حياة الإنسان، بتفاصيلها، هى من اختياره هو وليس بقدر وإرادة من الله، وكأن الله يعرض علينا أدواراً فنرفض هذا ونقبل ذاك، وهو أمر ينافى تماماً العقيدة الدينية القائمة على أن كل شىء مرهون بمشيئة الله، وأن ما من شىء يقع للإنسان إلا وقد قدره الله، وأن الإيمان هو التسليم بالقدر، خيره وشره. هكذا علمنا الفقهاء ورجال الدين.
المعضلة يا أصدقائى لا زالت قائمة. هل ترى لها حلاً؟ تعال على نفسك وفكر ...



#تامر_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هى الحالة التى يقتل فيها الإنسان إنساناً بدون تأنيب ضمير؟
- لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟
- لماذا لم تدون شعوب العالم القديم معجزات الأنبياء؟
- لماذا لم يظهر الأنبياء إلا فى منطقة الشرق الأوسط؟
- لماذا إختار الله أن يعذب العصاة عذاباً جسدياً؟
- فرعون .. المجنى عليه!!
- قبل الإختلاف على حكمها .. ما هو معنى -الردّة-؟
- ألغاز سفينة نوح
- أين يختبىء يأجوج ومأجوج؟
- أخلاق آدم والعصر الحجرى
- دخول العرب مصر .. فتح أم غزو؟
- مشاهد من رحلة الإسراء والعروج
- بأى جيش طارد فرعون موسى؟
- الإسلام أو الجزية أو الحرب .. ثالوث الإختيار الشهير بين العق ...


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - هل إختار المعاق عقلياً إعاقته؟