أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟













المزيد.....

لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟


تامر عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4424 - 2014 / 4 / 14 - 03:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟

قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
أولاً: وفى كلمة واحدة حاسمة: لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق. إذا كنت غير متأكد من هذه المعلومة البسيطة، فإما أن تتوقف عن قراءة المقال وتعود لتذاكر الفقه الإسلامى وأحكام الشريعة، وإما أن تتغاضى عن جهلك بتلك الشريعة لتكتفى بسبى ولعنى كما تشاء وكما يحلو لك. ولكن فى الحالتين، توقف فوراً عن استكمال القراءة، حيث لا فائدة من التشنج والصراخ. أما إذا كنت ممن يعلمون هذه المعلومة البسيطة ومتأكد منها، فتفضل باستكمال القراءة.
ثانياً: دعنا نسأل: هل الرق والإسترقاق شىء طيب أم مذموم؟ بالطبع، فى كل العصور والحضارات والمجتمعات الإنسانية، وقياساً على الفطرة الإنسانية البحتة فى كل زمان ومكان، فالرق والإسترقاق شىء ذميم. أن تسلب شخصاً آدميته قبل حريته، وتبيعه أو تشتريه كأى سلعة أخرى، هو أمر يحط من كرامة الإنسان التى هى عند الله فى مكانة كبيرة. ومهما قيل فى الإحسان إلى العبيد والإماء والجوارى، فإن ذلك كله حواشٍ وهوامش تحاول أن تكون أخلاقية حول موضوع هو غير أخلاقى بالأساس.
ثالثاً: ما هو موقف الإسلام وشريعته من الرق؟ بداية، وقبل أن يسارع الحنجوريون إلى الصراخ بأن الإسلام لا يشجع على الرق، وإنما هو يشجع على العكس، دعنا نعترف بذلك حتى تهدأ حناجر الحنجوريين المتحمسين. لكن إعترافنا هذا لن يهدىء خواطرهم، إذ أنه، ببساطة، نعم شجع الإسلام على العتق لكنه لم يحرم الرق بآيات واضحة حاسمة، أو حتى بآيات غير واضحة وغير حاسمة. والموقف باختصار أن الإسلام قد وقف بوضوح وحسم فى قضايا ضارة بالمجتمع وحرمها فى آيات واضحات لا لبس فيها، مثل تحريم الخمر والميسر، لكنه وقف عند قضية الإسترقاق موقفاً غير حاسم فى تحريمها، أو، ولنكن أكثر تحديداً، تركها كما هى: حلالاً واضحاً وضوح الشمس.
رابعاً: أعلم، ويعلم القاصى والدانى، أن الرأى الفقهى السائد فى تحرير المسألة ينحو إلى التفسير الآتى: أن عملية التحريم تقوم بها الشريعة الإسلامية على درجات، وأنه إذا كانت الممارسة محل التحريم هى ممارسة إجتماعية ضاربة بجذورها فى المجتمع وفى نفوس الناس، أو يترتب على تحريمها المفاجىء خلل لا يتحمله المجتمع، فإن الشريعة كانت تعالج التحريم على درجات، والمثال الشهير لذلك هو تحريم الخمر. أما فى قضية الرق والإسترقاق، فإن منظومة القيم التى عكسها الإسلام كان من الواضح فيها أن مسألة الرق غير مرحب بها، بدليل أن الإسلام حض بشدة على العتق، كما أمر بحسن معاملة الرقيق. كل ذلك طيب وجميل، لكن تظل الحقيقة المرعبة قائمة: بُعث وقُبض خاتم الأنبياء، وأنزل الله آخر رسالاته، وأكمل الله شرائعه بآخر شريعة دون تحريم واضح حاسم بات للإسترقاق.
خامساً: أعلم أيضاً أن الضمير الإنسانى فى هذا العصر لا يبتلع فكرة الإستعباد والإسترقاق، وأنها ممارسة مجرمة عالمياً وبقوة القانون الدولى نفسه، وأنه مجرم فى كافة بقاع العالم تقريباً. لكننى أعلم أيضاً أننا كمسلمين لا نمتلك نصاً واضحاً من القرآن أو السنة أو سيرة الصحابة، يحرم المسألة تحريماً باتاً. ما المشكلة فى ذلك؟
المشكلة فى ذلك أولاً، أنه إذا كان الإسترقاق ممارسة غير مجرمة فى أى دين أو شريعة سابقة على الإسلام، فالمعضلة الصعبة التى نواجهها هنا أن الشريعة الإسلامية هى خاتمة الشرائع، وإن كانت تلك الشريعة قد تنزلت فى زمن ومجتمع كان يمارس الإسترقاق بكثافة، وكان التحريم الباتر يترتب عليه أزمات اجتماعية جمة، فإن تلك الشريعة الخاتمة تركت المسألة مفتوحة على التحليل. وبرغم أن الإسلام حض بشدة على العتق، فبوسع أى مسلم طبقاً لأحكام الشريعة أن يدعى أن الإسترقاق حلال حلال حلال، ذلك ببساطة، لأنه لا يجد فى الشريعة الخاتمة ما يحرم ذلك. وإذا قال قائل أن الإسترقاق كان يترتب على ممارسة لم تعد قائمة وهى السبى بعد الغزو، وبما أن الغزو والسبى لم يعد قائماً، فيترتب على ذلك أن تنهدم ممارسة الإسترقاق بالضرورة، أقول لهذا القائل: لا تحاول أن تستنصح، فتحليل الإسترقاق قائم ولو نظرياً فى الفقه الإسلامى، وهو ما يجرح الضمير الإنسانى المعاصر بشدة، إذ أن عملية الإجازة والتجريم فى القانون الوضعى تستند إلى أساس أخلاقى وقيمى، وهو ما يفتقده المسلم فى هذه القضية، حيث لا تجد الشريعة الإسلامية فى منظومتها الأخلاقية والقيمية، وعلى المستوى النظرى، ما يجرم الممارسة عملياً. وإذا لم يعد هناك عملياً غزو ولا سبى، فمجرد وجود الحكم الفقهى الشرعى بالتحليل استناداً على عدم وجود نص يحرِم، هو فى حد ذاته، الإشكال الذى نواجهه. والخلاصة فى تلك النقطة، أن آخر الشرائع، التى ليس من بعدها شرائع، لا تحرم الرق والإسترقاق بنص واضح. أظن هذا واضح؟!
ثم المشكلة فى ذلك ثانياً، أن البناء الفقهى المستند إلى تحليل الممارسة، قد عارض تجريم تجارة الرقيق فى القانون الدولى وميثاق حقوق الإنسان، إذ انبرى من شيوخ الإسلام الأفاضل من هاجم هذا القانون الدولى ووثيقة حقوق الإنسان من منطلق (خد بالك) تعارضها مع الشريعة الإسلامية التى (خد بالك برضه) لا تحرم الإستعباد وملك اليمين!!
ثم المشكلة فى ذلك ثالثاً، أن من أثرياء المسلمين من يشترى فعلاً الرقيق المودرن من النساء المجلوبات من جمهوريات الإتحاد السوفيتى السابق ومن غيرها، وذلك بمخالفة القانون الدولى وقانون الدولة التى يعيشون فيها. ولكنهم لا يجدون غضاضة فى كسر وانتهاك هذا القانون لأنهم يملكون حكماً شرعياً يحلل ولا يحرم!
ثم المشكلة فى ذلك رابعاً، أن من فقراء المسلمين وجهلتهم من المطحونين قهراً، المغيبين فكراً، المهزومين حضارياً والمتقزمين أمام الغرب "الكافر" نفسياً، منهم من يطبب نفسه المهزومة أمام الغرب "الصليبى الكافر" بأمنية غالية، ويعيش على لحظة انتقام آتية. عارف إيه هى؟ هزيمة الغرب الكافر الصليبى الملحد فى معركة الملحمة الكبرى، حيث يكسر المسلمون أعداءهم (!!) ويسبون نساءهم وذراريهم، فى مشهد يتخيله هؤلاء المرضى نفسياً مطابقاً لمشهد فتح مكة. ومن يطالع أدبيات هؤلاء المرضى يكتشف أنهم يتصورون المشهد بحذافيره تماماً، حيث ستكون المعركة بالسيوف والرماح كأيام صدر الإسلام وحروب العصور الوسطى (!!)، ثم تكون مكافأة "المؤمنين" التنعم بأحضان سبايا الصليبيين من اللحم الأبيض الناعم والعيون الزرقاء والشعور الذهبية الشقراء!!
هل المسألة تافهة؟ لا أظن. المسألة غاية فى الخطورة، فبرغم تجريم القانون الوضعى للممارسة وحصارها دولياً ومحلياً، إلا أن السؤال الأهم يظل معلقاً فوق الرؤوس: كيف لم تحرم الشريعة الإسلامية - وهى آخر الشرائع - الرق والإسترقاق، ولأى شريعة لاحقة تركت المسألة وليس من بعدها شرائع لاحقة؟ وإذا كان الله سبحانه قد ترك للإنسان تحريم تلك الممارسة بنفسه، فما معنى الشريعة الإلهية إذن وما دورها ومضمونها؟ وقياساً على تلك القضية، ولمصلحة الإنسانية، فإلى أى درجة يمكن للإنسان أن يتدخل بتحريم محلَل أو تحليل محرَم فى قضايا أخرى؟
تعال على نفسك وفكر ...



#تامر_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لم تدون شعوب العالم القديم معجزات الأنبياء؟
- لماذا لم يظهر الأنبياء إلا فى منطقة الشرق الأوسط؟
- لماذا إختار الله أن يعذب العصاة عذاباً جسدياً؟
- فرعون .. المجنى عليه!!
- قبل الإختلاف على حكمها .. ما هو معنى -الردّة-؟
- ألغاز سفينة نوح
- أين يختبىء يأجوج ومأجوج؟
- أخلاق آدم والعصر الحجرى
- دخول العرب مصر .. فتح أم غزو؟
- مشاهد من رحلة الإسراء والعروج
- بأى جيش طارد فرعون موسى؟
- الإسلام أو الجزية أو الحرب .. ثالوث الإختيار الشهير بين العق ...


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - لماذا لم تحرم الشريعة الإسلامية الرق؟