أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - فرعون .. المجنى عليه!!















المزيد.....

فرعون .. المجنى عليه!!


تامر عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4422 - 2014 / 4 / 12 - 14:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فرعون .. المجنى عليه!!

قبل أن تمتدحنى أو تذمنى .. قبل أن تشتمنى أو تحتفى بى، أرجوك .. أرجوك .. تجرد قليلاً من مشاعرك وحكِّم عقلك فقط. لا أريد منك سوى التفكير بالعقل والمنطق.
تعال على نفسك وفكر ...
* * *
من بين كافة الحكام فى التاريخ القديم، يقف فرعون، أو فراعنة مصر على العموم، باعتباره النموذج الصارخ للحاكم الطاغية المتأله والمغضوب عليه، والذى تُستنزل على رأسه وعلى سيرته، بل وعلى شعبه، اللعنات كلما ذكر إسمه.
قبل الدخول فى مرافعة صعبة لصالح فرعون، يجب التنويه إلى أن ظاهرة تأليه الحكام لم تكن ظاهرة مصرية فحسب، وإنما كانت ظاهرة عالمية فى العصور القديمة، إذ نعرف أن ملوك سومر وبابل القدماء أيضاً قد أُلــــِّـهوا بدورهم قبل الثورة الدينية وظهور الأنبياء. فقد خاضت الإنسانية أول ثورة وكانت تلك هى الثورة الزراعية، إذ قبل حدوثها كان الإنسان يعيش على صيد الحيوان والتقاط الثمار. وبعد أن اكتشف الإنسان الزراعة، وتعلم أن يستنبت الأرض فى مساحة محددة استقر بها، نشأت المجتمعات المدنية التى كانت هى بذرة الحضارة، والتى احتاجت سلطة أو حكومة لتنظيم سلوك الناس فى تلك المساحة التى استقروا فيها، فكان الملوك وكان المـُلك وكانت السلطة وكانت الحكومة.
ولما كانت السلطة تحتاج إلى سبب تستند إليه (شرعية بالمفهوم المعاصر)، فقد استمد الملوك فى العصور القديمة سلطتهم من الآلهة التى يومن بها سكان المجتمعات. وتصور الناس أن ملوكهم هم من سلالة هؤلاء الآلهة أو أنهم أنصاف آلهة. وقد سميت تلك الظاهرة بــ (الحق الإلهى فى الحكم).
حتى تكتمل الثورة الزراعية ويتعلم الإنسان الحرث والبذر والحصاد واستغلال المواسم وتوزيع المياه، إحتاج الإنسان إلى عصور متطاولة بلغت الآلاف من السنين. وخلال تلك القرون المديدة، لم يظهر للأديان السماوية وفكرة التوحيد أى أثر، وجاءت الإرهاصات الأولى لفكرة التوحيد ليس على أيدى الديانة اليهودية كما يظن الناس، ولكن على أيدى الديانة الآتونية المصرية وبفضلها. ثم بدأت الديانات التوحيدية فى الظهور: يهودية ثم مسيحية ثم إسلام.
وبغض النظر مؤقتاً عن قصة الصراع الشهير بين فرعون والنبى موسى، وهى أصل وسبب استنزال اللعنات على هذا الفرعون وكافة سلالة الفراعين، (وبالمناسبة، فإن التاريخ الفرعونى المكتوب لم يسجل إطلاقاً - على الرغم من دقته ومثابرته - حادثة غرق فرعون وجيشه، بالرغم من هولها وضخامتها، ولكن هذه قضية أخرى شائكة ليس هنا مقامها)، فإن ما يعنينا هنا نقطتان، الأولى: أن مصر القديمة التى حكمها الفراعين لم تكن بدعة شاذة فى ظاهرة تأليه الحكام، وبالتالى فمن المدهش أن تنصب اللعنات فقط على الفراعين من دون حكام العالم القديم. والثانية: أن هؤلاء الفراعين المتألهين المغضوب عليهم، كانوا حكاماً وطنيين حتى النخاع، يحبون مصر ويعملون من أجل رفاهيتها ومجدها، وقد أحرزوا فى ذلك من النجاحات المذهلة ما لم يستطعه حكام مصر من قبل ومن بعد!!
فى ظل هؤلاء الفراعين، كانت مصر تبنى معابد كاملة منحوتة فى الجبال! هل تعرف سعادتك ما معنى أن تنحت معبداً، بأعمدته المنقوشة، بأروقته الفسيحة، بحجراته العالية، بجدرانه الممتدة، وبنقوشه الدقيقة الكثيفة على تلك الجدران .. أن تنحت كل ذلك فى الجبل؟ إن ذلك معناه ببساطة أن النسبة المسموح بها لأى خطأ تصميمى أو هندسى أو معمارى أو تنفيذى، ولو تافه صغير، هذه النسبة هى ببساطة: صفر!! قل لى بالله عليك: إن لم يكن هذا هو الإعجاز فعلاً، فما عسى الإعجاز أن يكون؟ ثم قارن بالله عليك هذا الإعجاز بحالنا الآن من الإهمال ورداءة وتدنى الأداء المصرى فى كل المجالات تقريباً، وستعلم بمقارنة صغيرة فضل هؤلاء الحكام على مصر وحضارتها وعظمتها القديمة.
عندما تذكر تلك الحضارة وذلك الإعجاز والتقدم العلمى الذى تمتعت به مصر الفرعونية أمام إخواننا الإسلامجية من أعداء مصر الفرعونية وتاريخ تلك الحضارة، سينبرون بالقول: وما هى قيمة الحضارة فى مقابل الشرك بالله؟ وماذا يستفيد المصريون القدماء من الفوز بدنياهم التى كانوا فيها أصحاب حضارة وهم خاسرون للآخرة، متبعون لطاغية، مستكينون لحاكم يدعى باطلاً أنه ربهم الأعلى؟
أريدك أن تتصور أول نبى وطأت قدماه أرض مصر. هل تعرف من هو؟ نعم، إنه النبى إبراهيم، أبو الأنبياء. ما الذى تتصوره عن انطباع هذا النبى عندما وقف أمام الأهرامات؟ كان إبراهيم بدوياً رحالاً، يرتحل بأهله شرقاً وغرباً بحثاً عن الكلأ لغنمه، ويعيش حياة البداوة القاسية، حيث لا حكومة ولا قانون ولا نظام، وحيث لا خضوع للناس لأى سلطة، فضلاً عن أن انخراطهم فى عمل جماعى ضخم وصعب، بل ومعجز، مثل بناء الأهرامات، هو من وجهة نظر هذا الرجل البدوى، ضرب من الخيال العلمى!!
تصور هذا البدوى، الحامل لرسالة الله فى قلبه وبين جنبيه، يقف أمام هرم خوفو بأحجاره الضخمة، ويصعد معه ببصره إلى قمته. ترى ماذا كانت إنطباعاته؟ هل كان بوسعه، وهو نبى الله، أن يحتقر هذا البناء وهذا الإنجاز، وهو لم يحلم أبداً بإمكانية أن يشيد هو وقومه شيئاً مثله، أو رُبعه، أو حتى عُشره؟ هل كان بوسعه أن يقول: (وإيه يعنى؟ ماداموا يعبدون حاكمهم الطاغية، يبقى طظ فى إنجازاتهم .. يبلّوها ويشربوا ميتها)؟ الإنصاف، وما نعرفه عن أخلاق الأنبياء، يجعلنا أقرب إلى تصور أن النبى إبراهيم قد احترم تلك الحضارة وأجلها، بل ولعله أُعجب فى سره بهذا القائد الذى تمكن من توحيد جهود أبناء وطنه لبناء هذا الصرح المعجز. (بالمناسبة، لم يبن الفراعنة الأهرام بغرض الدفن فيها كمقابر، وسخروا لذلك المصريين كعبيد أذلاء كما يُشاع فى ثقافتنا السمعية السطحية، ولكن هذه أيضاً قضية أخرى).
لقد لعبت قصة الصراع بين النبى موسى وفرعون دوراً سلبياً وخطيراً فى كراهية المصريين لتاريخهم الفرعونى، وضخمت إحساسهم الدفين بالذنب والعار والإعتذار عما اقترفه جدودهم الفراعين، وألقت على كواهلهم إلى الأبد عار الإنتساب لهؤلاء الكفار الطواغيت. وبرغم أنه فرعون واحد هو من يُفترض أنه قد تحدى موسى، فإن الكراهية انسحبت على الفراعنة وتاريخهم وسيرتهم وحضارتهم كلهم وإلى الأبد، وأعمت المصريين عن رؤية حضارة لأجدادهم هى مدعاة للفخر والإعتزاز إلى الدرجة التى تدفع الخواجات الغرباء إلى الحضور من أقاصى الأرض ومن مشارقها ومغاربها ليتحسسوا الصخر المنحوت فى الجبال منذ ثلاثة آلاف عام ليحكى قصة حضارة وعلم وتقدم لأناس عاشوا على تلك الأرض فى ظل أول دولة فى التاريخ الإنسانى امتلكت حكومة وجيشاً وشرطة وقضاء ومنظومة للتشريع ووزارات للرى والزراعة والقوى العاملة والإسكان والتعمير، وذلك فى وقت كانت الدنيا كلها تجرى وراء شوية مطر لرعى الأغنام، والإقتتال على نعجة شاردة هنا أو هناك!!
هل من الإنصاف بعد كل ذلك أن يحتقر المصريون تاريخهم ويحملون على كواهلم وزر عار فرعونهم الذى عصى الله وتحدى نبيه؟ تعال على نفسك وفكر ...



#تامر_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل الإختلاف على حكمها .. ما هو معنى -الردّة-؟
- ألغاز سفينة نوح
- أين يختبىء يأجوج ومأجوج؟
- أخلاق آدم والعصر الحجرى
- دخول العرب مصر .. فتح أم غزو؟
- مشاهد من رحلة الإسراء والعروج
- بأى جيش طارد فرعون موسى؟
- الإسلام أو الجزية أو الحرب .. ثالوث الإختيار الشهير بين العق ...


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تامر عمر - فرعون .. المجنى عليه!!