أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نضال نعيسة - عهـود الأمان,ومجيرو أم عامـر















المزيد.....

عهـود الأمان,ومجيرو أم عامـر


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1254 - 2005 / 7 / 10 - 11:37
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أم عامر لقب "للضبعة" التي آواها, وجارها ذاك الإعرابي المسكين حين كانت جريحة تعاني سكرات الموت, نظرا لما حدث لها جراء أفعالها, وشرورها الآثمة السوداء,وتعدّيها الدائم على الخلق والعباد. وحين تعافت ,وبرأت من جروحها ,أنقضت على ذلك الساهم الغفيان لتقطّعه إربا ,وتجعله في استضافة سيدنا عزرائيل إلى الأبد ,وترسله في رحلة مجانية مفتوحة باتجاه واحد one way ticket ,وإلى أجل غير مسمى,إلى العالم الآخر,حيث لاضباع بإذن الله.

فأخيرا ,ومع سابق دراية وتصميم وإنذار,وقع المحظور ,وتناثرت الأجساد في الهواء,وزهقت الأرواح,,وتفحمت الجثث في العربات و"الفركونات",وماتت كثير من الأمنيات,وانطفأت عنوة الابتسامات,وكتمت الأنفاس تحت الرماد ,وسالت الدماء مدرارا في الأنفاق, وخبت بألم,ولمرة واحدة, تلك النظرات الواعدة التي كانت ترنو للأفق بسعادة وترقب وصفاء,وحشر "الكفار" أخيرا ,أصحاب السحنة الحمراء بالسعير الدائم الغليان, وقبل الآوان.فقد حصل ماتوقعه الإنكليز منذ زمان ,وتأهبوا,ولكن بدون جدوى, ليوم مأساوي لم يألفوه منذ أن كانت طائرات ذاك المعتوه الآخرق الآخر تقصف لندن بلا هوادة ليل نهار. فعهد الأمان الذي منحه الانكليز "الصليبيون الكفار" لأولئك الذين فقؤوا عيوننا, وأصموا آذاننا, بالكلام والتنظير عن عهود الأمان وعن طيبتهم, ووداعتهم, وتسامحهم, قد تم نقضه بشكل مأساوي, وفاضح ,ومن جانب أحادي, صبيحة السابع من تموز يوليو ,حين انفجرت القنابل,دفعة واحدة, في سبعة أماكن متفرقة من عاصمة الضباب,مدينة شكسبير,وبرنارد شو,وتشارلز ديكينز , من رموز وعمالقة الأدب الإنساني الكبار.

وإلى الآن لم تعلن الحصيلة النهائية لهذه التفجيرات.وللحقيقة العارية الجرداء,فلم يكن يوما عهد أمان لهؤلاء مع أحد على الإطلاق. فأول ما نقضوا عهد الأمان في بلدانهم , ومع أبناء جلدتهم بالأساس. وقد كفّروا أول ماكفّروا شعوبهم, وزعماءهم, وأولياء نعمتهم الذين دللوهم ,وغنجوهم,وربوهم ,وحضنوهم,وكبّروهم في سنوات القحط العجاف,ونقضوا معهم عهد الأمان ,وانقلبوا عليهم .ولم يكتفوا بذلك فقد نكّلوا بالعلماء ,والكتاب والأدباء وأصحاب العقول النيرة ,وكل من كشف عوراتهم وألاعيبهم على الملأ , ,وطاردوا الشرفاء والأحرار, وصنّفوهم مع الخوارج والملاحدة والزنادقة الملاعين الكفار, وشفّروا كل العقول والأدمغة ,وأحكموا عليها الحصار,وسدوا أمامها كل منافذ النور والإشعاع ,وسيطروا على المنابر ,والساحات والأبواق. وحولوا الأوطان الجميلة ,وواحات الخير المعطاء,إلى صحارى قاحلة جرداء,وأرض يباب عزلاء , تصفر فيها الرياح الصفراء,وقصص الغيب والأشباح ,والقبور والجان .ومع هذا لم يهنأ لهم بال ,ولن يرتاحوا حتى يخيم الجهل والظلام فوق البسيطة جمعاء.فمن هو هذا الجاهل المغفل الذي سيعتقد لوهلة بسيطة أنهم سيستثنون "الصليبيين وديار الكفار" من حملتهم الشعواء ضد البشرية , ويعقدوا معهم الأحلاف,ويعطوهم عهود الأمان,ويلتزموا بها على الدوام؟

طالب كان يهم بدخول امتحانه النهائي بعد سنوات طويلة كأداء من المذاكرة والتحصيل العلمي ,تطايرت أشلاؤه ,وذهبت أدراج الرياح كل تلك السنوات التي قضاها,بما فيها من جهد وتعب وبحث وأموال, وهو يعد العدة لهذا اليوم الحاسم. وامرأة همّت بكل دأب ونشاط لمواجهة يوم آخر في مسيرة العمر العبثية ,لإعالة أطفالها ,وكانت تتشوق للقائهم مساء محملة بالهدايا ,والحلوى الألعاب,حولتها الأحزمة الجهادية المقدسة إلى فتات ,والتصق لحمها على حديد العربات الخرساء.ورجل وعد أطفاله بعودة سريعة عند المساء ليصحبهم إلى مدينة الملاهي ,وهم يتشوقون لرؤياه بعيدا عن صرامة جليسة الأطفال التي يبدو أنها ستتابع هذه المهمة لأجل غير مسمى بعد الآن,بعد أن تأكد ،أنه لن يعود على العشاء.وصبية حلوة في مقتبل العمر تخفق بالحب والتفاؤل والدفء والأحلام ,وتشع الابتسامات من ثغرها الجميل الوضاء, وأد كل هذا الفتون والجمال والأحلام أولئك الفجار المشحونين,والمعبئين بوصايا وتعاليم إجرامية بعيدة عن كل التقاليد ,والمعتقدات ,والديانات ,والأعراف.وعاشق صب ولهان ,كان تنبض سرائره العذراء بلواعج الشوق والهيام ,انتظر ملامسة راحتي غادته الهيفاء التي ضاعت وسط الركام,وجفت العروق الغضة ,وإلى الأبد الآن ,في تلك الأكف الجميلة الملساء.

وعشرات من القصص المحزنة الأخرى التي لم يتسن التعرف عليها حتى الآن ,حدثت بشكل جماعي ,وبلحظة قاهرة في واحدة من أشهر عواصم العالم,وأجملها, وأكثرها انضباطا ونظافة ,ونظام ,وبأنها واحدة من اكثر بلدان العالم تسامحا واستقبالا لنجوم الإرهاب والظلام المعروفين في العالم على الإطلاق. وكانت بعض التسريبات الصحفية والإعلامية قد أشارت إلى وجود أعداد من المسلمين أيضا بين الضحايا والمصابين,ولسنا هنا في وارد تمييزالمسلمين عن غيرهم في الموت,لاسمح الله, كما يفعل البعض أحيانا لدى التنطح والكلام,ولكن للتدليل على أن فكر الموت والإجرام لايوفر مخلوقا على الإطلاق. .تلك العاصمة المنكوبة التي فتحت ذراعها لهم وأعطتهم الأمان بعد أن فروا من "دار الإيمان" التي كانوا بجحيمها يتلظون,دهشت وأصابها الذهول من رد الجميل بهذا الأسلوب الجلف والبربري القاسي,والهمجية العمياء.أي من هؤلاء الأبرياء الذين لاناقة لهم ولاجمل بعالم السياسة الملوث والمليء بالضغائن والأحقاد,وأحلام السيطرة والاستعباد, لم,ولن يصل إلى مبتغاه,بعد الآن, في ذاك اليوم الأسود المشؤوم.فما الذي فعله أولئك الأبرياء حتى يلاقوا هذه النهاية السوداء؟وهل أخطأ الإنكليز عندما كانوا إنسانيين تتيح قوانينهم اللجوء لمن لايشعر في بلده الأصلي بالطمأنينة والأمان؟

لاحرمة لأحد,ولاحصانة لطفل ,أو شيخ ,أو امرأة,ولالدين ولا لطائفة وملة وحزب واتجاه لدى التكفيريين العتاة. ولا عهد أمان لهؤلاء القوم ,ومن والاهم على الإطلاق, فلقد هاجموا مكة والمدينة أعظم مقدسات المسلمين قاطبة في الحياة, قبل أن يهاجموا نيويورك ولندن ونيروبي . كما هاجموا دمشق والدوحة,والرياض, والكويت, والجزائر, وقاهرة المعز لدين الله الفاطمي التي كانت مفرختهم المعطاء,وكراتشي ,وبيسان, .وينشرون الموت الأسود الزؤام في بلاد الرافدين باسم الله الذي هو منهم ومن أمثالهم براء, وتكاد لاتسلم بقعة من وجه الأرض من شرورهم وآثامهم.

لن يكون بمقدور أي شخص أن يصل لأي مكان أو يلاقي أي من الأحبة الذين ينتظرهم ,ويترقبونه على الدوام,أو يحقق أيا من أحلامه ,تماما كما حصل مع ضحايا مترو الأنفاق الأبرياء,ولن يكون أحد بمعزل ,وبمأمن من الموت الذي يتربص به في كل ثانية,وسيبقى مهددا في حياته ,وأمنه الشخصي مادام هذا الفكر التدميري التكفيري ينعق ليل نهار في الجرائد ,والفضائيات,ومختلف وسائل الإعلام,ويتمتع بالتبجيل والدعم والبركات والدولارات ,وعوائد الثروات,حتى من تلك الدول والحكومات التي اكتوت بناره ,وتلظت بجحيمه. والمأساة الكبرى أن هناك من لازال يروج لهذا الفكر,ويبشر به ,ويهادن أصحابه الأشرار.ويحضرني الآن قول الشاعر تعقيبا على واقعة "الضبعة"المشهورة ,فيما أصاب أصحابنا الإنكليز المساكين ,الذين لم يقرؤوا قصة الإعرابي,وما أدراكم ما الأعراب, وما حصل معه منذ مئات السنين:

ومن يفعل المعروف في غير أهله يلاقي الذي لاقاه مجير أم عامر

والله يجيرنا ويجيركم من شر "الضباع" ,ياشباب.

كاتب مستقل-اللاذقية سوريا































#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعبولات الأعــراب الجدد
- مسلسل اللوائح الأمنية
- طواحين أبي مطر الانترنتية
- ثقافة التخوين والإبادة الفكرية
- اللعبــة مستمـرة
- الإستقواء بالداخل على الخارج والخوارج
- ملـوك الطوائـف
- نحو خيـار علمـاني
- متاهات الإستبــداد
- كيف تغيب قروناً في كهوف الزمان؟
- سيناريـو الفصـل الأخيـر
- داحـس والغبــراء
- المستجيرون من الرمضاء بالنار
- مبروك عليكم أيها السوريون
- حين تقبع الكرامة في سراويل الطغاة
- مقالب العربـان الإصـلاحية
- صـور صدام والبورنو السياسـي
- شرف الأعـراب المهدور
- حقــوق النسـوان
- كلـــنا شــركاء


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نضال نعيسة - عهـود الأمان,ومجيرو أم عامـر