أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - احمد سعد - هل يستعيد الشعب العراقي أنوار ثورة 14 تموز المجيدة؟















المزيد.....

هل يستعيد الشعب العراقي أنوار ثورة 14 تموز المجيدة؟


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 1254 - 2005 / 7 / 10 - 14:34
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


*انتكاس ثورة 14 تموز العراقية، كغيرها من ثورات حركة التحرر الوطني العربية، والعالمية المنتصرة سياسيا، يعود الى التمايز والتناقض في مواقف القوى التي كان لها مصلحة في الثورة وانتصارها، بعد تحقيق الهدف والوصول الى سدة الحكم والسلطة*
لا أنسى ابدا الحدث الجلل الذي تفجر فرحا شعبيا قبل سبعة واربعين عاما.
كنت لا ازال طالبا في الصف الثامن الابتدائي في مدرسة كفر ياسيف الابتدائية. كان ذلك في الرابع عشر من شهر تموز العام 1958. في عز الظهيرة، وفي طريقي من المدرسة الى البيت، كانت كفر ياسيف اشبه ما تكون في حفل زفة عريس، الزمامير تنطلق من السيارات التي تجوب شوارع القرية، المقاهي عامرة بالرواد المتجمهرين حول المذياع يموجون كأمواج البحر، يهدأون لحظة، وينطلق كالصواريخ هتاف جماعي عال "أيْوَه ، مبروك" هذا البيان الثالث"، على "المراح" كان مقر فرع الحزب الشيوعي، على غير عادته كانت ابوابه مفتوحة ويغص بالرفيقات والرفاق، يتبادلون التهاني ويوزعون الحلوى والمرطبات، ومن التصقت آذانه بشاشة راديو "السعادة" التي كانت بحجم خزانة ينقل بصوته الجهوري الاخبار والانباء اولا بأول، ويمهر الحضور تلاوة النبأ بعاصفة من التصفيق ترافقها زفة من زغاريد الرفيقات. ولكوني عضوا منظما في منظمة "الاشبال" الحمر اندسست بجسمي النحيل بين الرفاق في المقر. "ابو باسيلا" حبيب ابو عقل، احد جذور وقادة الفرع الكفرساوي، اعتلى كرسيا، جعل منه منصة خطابة وقال: "اليوم عيدنا وعيد كل الاحرار والتقدميين في كل الدنيا، اليوم انتصرت ارادة شعب العراق المجيد، اطاح بثورته المظفرة اخطر وكر للاستعمار في منطقتنا، اطاح بنظام الملكية الفاسدة وبنور السعيد العميل، اطاح بالقاعدة الاساسية لـ "حلف بغداد" الاستعماري، فتحياتنا التضامنية لشعب العراق البطل ولثورته المنتصرة ولرفاقنا الشيوعيين العراقيين وكل الوطنيين على هذا النصر، فنصركم نصرنا ، نصركم يساهم في دعم نضالنا العادل من اجل اقرار الحقوق الوطنية الفلسطينية بتقرير المصير وانجاز السلام العادل".
وانطلقت عاصفة مدوية من التصفيق بعد انهاء كلمته.
استعيد هذه الذكريات ليس من باب الحنين الى ماض تبعث احداثه المسرة في القلب، بل بهدف استخلاص العبر الصحيحة من حركة التاريخ الدائمة وما يرافقها من مد وجزر على حلبة الصراع. فبعد اربعة عقود ونيف من تنظيف ارض العراق من دنس المستعمرين وعملائهم عاد المستعمرون وخدامهم الى مصادرة حرية وسيادة شعب العراق وتكبيله بقيود الاحتلال الغاشم والدوس على كرامته الوطنية باحذية جيوش الغزو والاحتلال العسكري الانجلو – امريكي.
ان انتكاس ثورة 14 تموز العراقية، كغيرها من ثورات حركة التحرر الوطني العربية، والعالمية المنتصرة سياسيا يعود الى التمايز والتناقض في مواقف القوى التي كان لها مصلحة في الثورة وانتصارها، بعد تحقيق الهدف والوصول الى سدة الحكم والسلطة. قائد ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى ف.أ لينين كان يؤكد دائما في "موضوعات نيسان" وغيرها ان الوصول الى السلطة، وتسلم السلطة، مهمة اولية هامة، ولكنها مهمة سهلة نسبيا مقارنة مع المهمات الاخرى بعد تسلم السلطة، مقارنة مع مهمات البناء الاقتصادي – الاجتماعي. فاذا لم يرافق الثورة السياسية، التغيير الجذري لطابع وهوية السلطة والنظام، اذا لم ترافق ذلك تغييرات اقتصادية – اجتماعية، تغييرات جذرية في البنية الاقتصادية – الاجتماعية، وبشكل يخدم المصالح الحقيقية للقوى الشعبية، للفئات الاجتماعية، صاحبة المصلحة في الثورة، فان مصير الثورة الانتكاس والردة والاختراق من القوى المعادية للثورة.
ففي العراق كانت قوة متعددة ومختلف فئات الشعب العراقي، لها مصلحة في التخلص من نير النظام الفاسد عميل الاستعمار، من عمال وفلاحين ومثقفين وبرجوازية وطنية صغيرة ومتوسطة، وشارك في ثورة 14 تموز المظفرة العديد من القوى السياسية، الحزب الشيوعي العراقي والبعث والناصريون وغيرهم الذين كانوا ينشطون في السر بين الجماهير وداخل الجيش. وبعد انتصار الثورة، وعندما طرح على اجندة النظام السؤال حول طابع المجتمع، طريق تطوره الاقتصادي – الاجتماعي والقوى التي ستقود عملية التطور بدأت تبرز الخلافات والتناقضات والتصفيات التي لا يمكن فصلها عن خلفيتها الطبقية. فمصلحة الشعب العراقي الحقيقية كانت تستدعي قيام نظام دمقراطي تسوده التعددية السياسية الحزبية ويضمن الحقوق القومية لمختلف الاقليات القومية، للاكراد والاتراك والآشوريين وغيرهم من ابناء الشعب العراقي الواحد ويخدم المصالح الحقيقية للعمال والفلاحين والمثقفين وللبرجوازية الوطنية. ولكن للاسف الشديد سريعا ما برزت الخلافات بين اول رئيس للعراق، عبد الكريم قاسم والشيوعيين، فأبعد الشيوعيين من مختلف مؤسسات السلطة والجيش، كما برز الخلاف والصراع بين عبد الكريم قاسم والناصريين القوميين برئاسة عبد السلام عارف الذي أدى الى الانقلاب والاطاحة بعبد الكريم قاسم. وحاول الحزب الشيوعي وناضل من اجل جبهة وطنية تقدمية تضم مختلف القوى السياسية التي لها مصلحة بتطور العراق حضاريا يخدم المصالح الحقيقية لشعب العراق بمختلف الوان طيفه القومي والاثني. ولكن بعض شرائح البرجوازية العراقية وتحت ستار "القومجية" استفردت بالسلطة في ظل نظام صدام حسين الذي مارس سياسة دكتاتورية دموية، وصادر حرية الاحزاب والشعب العراقي، اغرق ارض الرافدين الطاهرة بدماء الالوف المؤلفة من ضحايا تصفياته الجسدية، من الشيوعيين والوطنيين المعارضين لسياسته الوحشية الدموية، هذا اضافة الى هروب اكثر من مليوني عراقي من جهنم نظام الارهاب الاسود الى خارج حدود الوطن واللجوء الى مختلف بلدان العالم طلبا لحياة آمنة ورزق حلال.
ان نظام صدام حسين الدكتاتوري يتحمل مسؤولية كبرى في تسهيل عملية المؤامرة الاستراتيجية الامبريالية الامريكية العدوانية ضد شعب العراق واحتلال اراضيه. فنظام معزول من شعبه ومعاد لمصالح شعبه يسهل اختراقه والاطاحة به. وتأكيدنا هذا لا يعني باي حال من الاحوال، ومن حيث المدلول السياسي، اننا نشرعن ونبرر الحرب الاستراتيجية العدوانية الانجلوامريكية ضد العراق واحتلاله. فالاطاحة بنظام صدام حسين لم يكن الهدف من ورائها توفير الحرية لشعب العراق، بل كان الوسيلة لتجسيد الخطة الاستراتيجية الامريكية باعادة ترتيب البنية الهيكلية في منطقة الشرق الاوسط، بهدف ضمان الهيمنة الامبريالية الامريكية على مقدرات وخيرات وثروات هذه المنطقة الغنية بالنفط، وذلك في اطار مساعيها للهيمنة كونيا. فاحتلال العراق كان بمثابة نقطة انطلاق في اطار السياسة الاستعمارية الجديدة لتدجين بلدان وشعوب المنطقة في حظيرة خدمة المصالح الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية للامبريالية الامريكية وحلفائها، وخاصة اسرائيل العدوان، وخدمة مصالح احتكاراتها عابرة القارات ومتعددة الجنسيات. هدف الاحتلال الانجلو – امريكي تحويل العراق الى اسرائيل ثانية في خاصرة منطقة الخليج الفارسي – العربي الى مخفر استراتيجي عدواني. ولهذا يقوم المحتل الغازي بزرع ارض العراق المحتل بالقواعد العسكرية، وباطلاق التهديدات العربيدة ضد ايران وسوريا. ولتعزيز قوائم وجوده الغاشم واطالة امده يعمل على تأجيج الصراع الطوائفي والقومي بين الشيعة والسنة، بين العرب والاكراد، بين الاكراد والاتراك، وذلك بهدف تمزيق الوحدة الوطنية للشعب العراقي. كما يقوم بانشاء قوات عراقية مدجنة امريكية، هذا اضافة الى عمليات تدمير الحضارة العراقية العريقة واغتيال اكثر من مائة عالم عراقي، في مختلف الاختصاصات العلمية.
اضف الى ذلك نهب بترول العراق. فخلال السنتين الماضيتين خسر العراق من جراء تخفيض تصدير البترول العراقي من المنطقة الشمالية لوحدها حوالي 11,4 مليار دولار ورئيس واعضاء ادارة عولمة الارهاب والجرائم الامريكية، من بوش الى رامسفيلد الى تشيني ورايس، يعلنون بما معناه ان اقامتهم طويلة الامد في العراق المحتل، اما شعب العراق، شعب ثورة 14 تموز فله رأي آخر مناقض لرأي الغزاة المحتلين. هذا الشعب قد حوّل ارض العراق الى مقبرة للغزاة والمحتلين واعوانهم، والى درجة ان "مسبحة" التحالف العدواني قد بدأت حباتها تنفرط الواحدة بعد الاخرى هربا من نيران المقاومة وخوفا على حياتها الامنية. وازمة المحتل الانجلوامريكي تتعمق في اوحال المستنقع العراقي. ولا مخرج من ازمته الا بجلاء قواته عن ارض العراق لضمان حريته واستقلاله الوطني. لقد فقد الشعب العراقي مئات الالوف من ابنائه وبناته، من رجاله ونسائه واطفاله وشبابه على ساحة الصراع الدامي. والمحتل الانجلوامريكي يتحمل كامل المسؤولية عن كل نقطة دم عراقية تراق، يتحمل مسؤولية الدمار والتدمير الحاصل في العراق. ونحن على ثقة بان العراق لن ينعم بالامن والاستقرار ما دام المحتل جاثما علىصدر شعب العراق وارضه. كما اننا على ثقة تامة بان الغزاة المحتلين لن يذوقوا طعم الامن والاستقرار ما داموا يدنسون ارض العراق ويهينون كرامة السيادة الوطنية لشعب العراق. ولعل افضل ما نتمناه لشعب العراق الشقيق في شهر تموز/ يوليو الثورات ان يوحد صفوف قواه الوطنية، ومن مختلف الوان الطيف العراقي، في المعركة الوطنية التحررية المصيرية لطرد المحتلين وتطهير الارض العراقية من دنسهم، ولبناء عراق مستقل ودمقراطي وموحد، فبهذا وبهذا فقط تستعيد ثورة 14 تموز المجيدة بريقها المنوّر.



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقامة اوسع جبهة سياسية لمواجهة الفاشية المستشرية - المهرولة ...
- مؤتمر قيسارية على حلبة -صراع الثيران-
- قبل عشرين سنة فارقنا بجسده د. إميل توما والتوجه الطبقي الثور ...
- مهمّات أساسية مطروحة على أجندة الحزب الشيوعي
- بعد انتهاء الانتخابات النيابية: ماذا يواجه لبنان من قضايا وم ...
- ألمؤتمر العاشر لحزب البعث السوري الحاكم: هل ترتقي الاصلاحات ...
- طفيليات المستنقع الاسرائيلي
- لمواجهة مرحلة التهويد العنصرية الجديدة
- حصيلة جنونية للانفاق العسكري: هل يوجد أي أمل بالسلام مع سلاط ...
- لمواجهة متطلّبات وتحدّيات الحاضر والمستقبل: خطوات جدية لتوحي ...
- هل تسلّم الجماهير العربية رقبتها ومصيرها الى - الفشّ الطالع ...
- مع إضاءة الشمعة الـ 81 : الشبيبة الشيوعية كتيبة ثورية نضالية ...
- مع إضاءة الشمعة الـ 62 من عمرها المتجدد -الاتحاد- الصرح الحض ...
- عالبروة رايحين!
- في أول ايار 1958: الشيوعيات الكفرساويات يخترقن الحصار!
- رسالة شارون في -عيد الحرية- عبودية!
- خطة شارون – نتنياهو الاقتصادية عمّقت فجوات التقاطب الاجتماعي
- مدفع نمر وصمدة ذيبة
- طَرْش العنصريين وصمة عار للرياضة
- رمانة أم الفهد عصيّة على الموت


المزيد.....




- قبل أن يفقس من البيضة.. إليكم تقنية متطورة تسمح برؤية الطائر ...
- كاميرا مخفية بدار مسنين تكشف ما فعلته عاملة مع أم بعمر 93 عا ...
- متأثرا بجروحه.. وفاة أمريكي أضرم النار في جسده خارج قاعة محا ...
- طهران: لن نرد على هجوم أصفهان لكن سنرد فورا عند تضرر مصالحنا ...
- حزب الله يستهدف 3 مواقع إسرائيلية وغارات في عيتا الشعب وكفرك ...
- باشينيان: عناصر حرس الحدود الروسي سيتركون مواقعهم في مقاطعة ...
- أردوغان يبحث مع هنية في اسطنبول الأوضاع في غزة
- الآثار المصرية تكشف حقيقة اختفاء سرير فضي من قاعات قصر الأمي ...
- شاهد.. رشقات صاروخية لسرايا القدس وكتائب الشهيد أبو علي مصطف ...
- عقوبات أميركية على شركات أجنبية تدعم برنامج الصواريخ الباليس ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - احمد سعد - هل يستعيد الشعب العراقي أنوار ثورة 14 تموز المجيدة؟