|
هل تسلّم الجماهير العربية رقبتها ومصيرها الى - الفشّ الطالع من تحت القشّ
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1214 - 2005 / 5 / 31 - 12:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل تسلّم الجماهير العربية رقبتها ومصيرها الى (الفشّ الطالع من تحت القشّ) تطرقنا في سياق معالجات سابقة الى ان الاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل، المواطنين العرب في اسرائيل، غير محصّنة تماما من تأثيرات المتغيرات الحاصلة في المحيط العالمي والمنطقي وحتى الاسرائيلي الداخلي. وان العديد من القوى الخارجية، العالمية والعربية الرسمية تحاول وتعمل على حرف الجماهير العربية عن منهجها ونهجها السياسي الكفاحي دفاعا عن قضاياها العادلة ومواجهة سياسة التمييز القومي والمدني السلطوية وفي المعركة من اجل السلام العادل وإنصاف الشعب العربي الفلسطيني بانجاز حقه الوطني الشرعي بالتحرر والاستقلال الوطني في اطار دولة سيادية. تطرقنا الى محاولات ونشاط بعض الانظمة العربية المدجنة امريكيا الى مصادرة الهوية الوطنية الكفاحية لهذا الجزء الحي من الشعب العربي الفلسطيني وتحويله الى دجاج داجن "يقاقي" في قن المخطط الاستراتيجي الامريكي – الاسرائيلي المعادي لمصالح شعوب وبلدان المنطقة. تطرقنا الى محاولات خصخصة السياسة وتسليم رقبتها ومصيرها بايدي سماسرة السوق الاستهلاكية من الخدام المفضوحين تماما والمستترين بتقمص الشخصية الوطنية الذين يسجدون في نهاية المطاف في محراب السياسة الصهيونية القهرية والتمييزية المعادية لمصالح المواطنين العرب. لقد جرت في العقدين الاخيرين تغيرات عاصفة في بنية الخارطة الجغرا-سياسية وميزان قوى الصراع عالميا ومنطقيا كان لاعاصير رياحها تأثير سلبي على المناخ السياسي بين الجماهير العربية في بلادنا وعلى اجواء الخارطة السياسة العربية ايضا. فانهيار النمط السوفييتي في عملية البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي واوروبا الشرقية وفشل تيارات "القومية العربية" في مواجهة اعاصير الهجمة الاستراتيجية الامبريالية العدوانية، وخاصة الامبريالية الامريكية ورسم افق تفاؤلية امام شعوبها، قد أديا الى بروز حالة من الاحباط واليأس بين اوساط جماهيرية في البلدان العربية وغيرها من بلدان العالم الثالث، وبين اوساط من جماهيرنا العربية. والاحباط واليأس من العوامل الهدامة، التي تشل الطاقة والقدرة على مقاومة الظلم وتعمي البصر والبصيرة وتصرف الانظار عن الظالم الحقيقي والضرورة الموضوعية التي تحتم النضال ضده. واذا اضفنا الى الاحباط واليأس حالة البؤس الاجتماعي – الفقر والجوع والبطالة والضائقة السكنية والمعيشية، فان المناخ والتربة يكونان مهيأين لترويج البضاعة الفاسدة للسماسرة الديماغوغيين ايديولوجيا وسياسيا واجتماعيا، ولظهور أنصاف الرجال من المقاولين الثانويين بين العرب، من خريجي معاهد العمالة للاحزاب الصهيونية، ومن المتطوعين في خدمة السياسة الرسمية الصهيونية الحاكمة والانسجام في اطارها باسم العروبة والدين و"المصلحة في الحصول على فتات من فضلات مائدة سياسة التمييز القومي العنصرية"! فسماسرة البضاعة الفاسدة من المقاولين الثانويين للاحزاب الصهيونية الحاكمة ينطلقون من الجحور الصهيونية مثل القنافذ يعرضون على جماهيرنا العربية "سياسة بديلة" للسياسة الوطنية النضالية التقدمية التي طرحتها وتطرحها الاحزاب والتيارات الثورية التقدمية المقاتلة والقومية الوطنية التقدمية الفاعلة بين المواطنين العرب، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي والجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة وغيرهما. "سياسة بديلة" لسياسة هذه التيارات النضالية التي بلورت وصاغت طابع الهوية السياسية والاجتماعية السائدة بين الجماهير العربية، سياسة بديلة لمنهج ونهج الجماهير العربية الوطني التقدمي الكفاحي الذي بموجبهما اصبحت الجماهير العربية قوة دمقراطية لها وزنها السياسي، النوعي والكيفي، في الدفاع عن قضاياها وعلى ساحة الكفاح العام والعيني في اسرائيل في المعارك من اجل السلام العادل والمساواة والدمقراطية والتقدم الاجتماعي. يطرحون "سياسة بديلة" مدلولها السياسي دفع الجماهير العربية الى متاهات التياسة السياسية والارتماء في اوحال مستنقع "السوق الاستهلاكية" واخلاقياتها النيولبرالية – الانانية المصلحجية النفعية والانتهازية السافرة. من الفطريات التي اوجدها "ودب الروح فيها" مطر شتاء الصهيونية الحاكمة، ما يطلق عليه اسم "منتدى السياسة الاخرى" فقد قرر حزب الليكود، حزب شارون ونتنياهو وجدعون عزرا ان يخرج "فشّه من تحت قشّه" من رؤساء سلطات محلية عربية وغيرهم، ممن ارتضوا لانفسهم ان يكونوا دعاة وخدام سياسة جنرال الاحتلال والمجازر والاستيطان، ومصيدة هذا الحزب اليميني لافتراس الجماهير العربية. ففرسان هذا المنتدى الليكودي ينطلقون في رسالة "البلاط الملكي" الى جماهيرنا العربية، انه "انتهى عهد الشعارات الفضفاضة، الانغماس في السياسة، النضال ووحدة الجماهير الكفاحية، والتضامن مع النضال العادل للشعب الفلسطيني من اجل زوال الاحتلال وانجاز حقه الوطني في الدولة والقدس والعودة..." وان من يرفع مثل هذه الشعارات من الاحزاب السياسية لم يحقق شيئا، كما يدعون، ولهذا فان منتدى شارون – غدعون عزرا بلسان عربهما، يريد "انجازات" مصالح – ميزانيات لهذه السلطة، او تلك، وظائف، خدمات! انهم بصريح العبارة يرددون بشكل ببغائي السياسة النيوليبرالية الديماغوغية لخصخصة السياسة وضرب الاحزاب والتيارات الثورية والوطنية التقدمية المكافحة واستغلال الوضع الاقتصادي – الاجتماعي المأساوي للجماهير العربية، ضحايا سياسة التمييز السلطوية الممارسة والمتراكمة، استغلال الوضع العالمي والعربي الرديء لاصطياد وافتراس اوساط من الجماهير العربية في مصيدة "التتييس السياسي" مصيدة المصلحة النفعية الانانية، القبول بفتات الفضلات كبديل للمساواة القومية والمدنية في الحقوق. ان جماهيرنا العربية قد جربت هذا النهج الانبطاحي خلال العقدين الاولين بعد النكبة الفلسطينية وقيام اسرائيل، نهج "بوس الكلب من ثمو تتقضي حاجتك منو" الذي مارسته القوائم العربية التي كانت مجرورة بذيل حزب "مباي" جد "العمل" اليوم، وبغيره من الاحزاب الصهيونية، نهج الركض وراء المصلحة الانانية النفعية الشخصية على حساب قضايا الحق القومي والوطني والمطلبي لاقليتنا القومية المهضوم تعسفا من قبل سياسة التمييز القومي السلطوية. هذا النهج لم يجلب سوى المآسي لجماهيرنا، فقد ساعد سلطة القهر القومي الصهيونية على التطاول في ارتكاب الجرائم ضد جماهيرنا، اذ صادرت ونهبت الغالبية الساحقة من الاراضي العربية في الجليل والمثلث، وذاقت هذه الجماهير الامرين من جرائم ارهاب الحكم العسكري. ان ذاكرة جماهيرنا العربية الجماعية ماضيا وحاضرا، قوية جدا، فهي تدرك جيدا، ان الانجازات التي حققتها في مختلف المجالات، لم تكن حسنة تكرمت بها حكومات الاضطهاد القومي، بل كل انجاز كان نتيجة لكفاح مرير، معركة مع سلطة التمييز القومي والمدني حول بناء مدرسة او شق شارع او انتخاب سلطة محلية او مواجهة مخطط سلطوي لمصادرة ارض عربية او لهدم بيت عربي. وجماهيرنا الواعية لم تفقد الذاكرة ولم تنسَ حقيقة الدور الريادي للحزب الشيوعي في نشاطه الدؤوب لرص الوحدة الكفاحية للجماهير العربية وتجنيد القوى الدمقراطية اليهودية كحاجة ضرورية وموضوعية على ساحات النضال دفاعا عن قضايا الجماهير العربية ولمواجهة مظالم السلطة. بالامس القريب، قبل ايام، هللنا لانجاز استعادة احد عشر الف دونم في الروحة (منطقة وادي عارة) من بين فكي ذئب المصادرة السلطوي. لقد مهرت جماهيرنا هذا الانجاز بتقديم الثمن الغالي، تقديم الثمن الكفاحي، مئات الجرحى على ساحة مواجهة قوات القمع السلطوية المعتدية. والامثلة كثيرة يا خدام سياسة احزاب القهر القومي. وبرأينا ان حزب "العمل" لا يختلف جوهريا عن حزب الليكود، شريكه في حكومة الاحتلال والجرائم والافقار، في نشاطه ونشاط مقاولي خدمة سياسته من بين العرب، لخصخصة السياسة بين المواطنين العرب، لمصادرة وتزوير هويتهم الوطنية التقدمية الكفاحية السائدة. فاستغلال الضائقة الاقتصادية – الاجتماعية والعلاقات العائلية والطائفية لتجنيد الوف مؤلفة من المنتسبين الى حزب الجزارين والمجرمين بحق جماهيرنا وشعبنا تعتبر بمثابة جريمة تستهدف اغتيال النهج الوطني الكفاحي لجماهيرنا ووصمة عار في جبين حزب العمل وخدامه من السماسرة والمقاولين المتعهدين بخدمة سياسته. لقد اكدنا في معالجات سابقة، ونؤكد اليوم، ان اخطر ما يواجه جماهيرنا العربية في نضالها العادل من اجل حقها الشرعي والوطني بالمساواة التامة، القومية والمدنية، الجماعية والفردية، هو خصخصتها من خلال طمس هويتها القومية وتمزيق اوصالها وشرذمتها طائفيا وعائليا واشعال وتأجيج الاحتراب والصراع الطائفي والعائلي المدمر للجميع. ان تجربة اقليتنا القومية خلال عشرات السنين، المجبولة بعرق ودماء التضحيات الجسام على ساحات النضال المرير ضد جرائم سياسة الاضطهاد والقومي والعنصري السلطوية، تؤكد انه لا بديل على حلبة الصراع في بلادنا للاحزاب السياسية الثورية الطبقية المناضلة والوطنية التقدمية الدمقراطية في المعركة دفاعا عن حقوق الاقلية القومية العربية الفلسطينية، ومن اجل السلام العادل والعدالة الاجتماعية ومواجهة ذئاب الاحتلال والتمييز والفاشية العنصرية وتهشيم انيابهم المفترسة. فلا شراشيح البدائل الهشة المطروحة من منتديات ومجرورات الاحزاب الصهيونية ولا الجمعيات المدنية يمكن ان تؤلف البديل الواقعي للاحزاب السياسية. وواجب ومسؤولية الاحزاب والتيارات السياسة التقدمية والوطنية الدمقراطية في هذه المرحلة المصيرية، المعقدة والحساسة، ان تفتش عن القواسم الجوهرية المشتركة فيما بينها، والتنسيق فيما بينها، لمواجهة وافشال حركة جراثيم المستنقع من اختراق وتلويث بيئة الحصن الحصين لجماهيرنا، منهجها ونهجها الكفاحي المبني على ترسيخ اقدام وحدة الصف الوطنية الكفاحية وعلى الكفاح المشترك العربي – اليهودي، اليهودي- العربي في المعركة من اجل السلام العادل والمساواة والدمقراطية والتقدم الاجتماعي.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع إضاءة الشمعة الـ 81 : الشبيبة الشيوعية كتيبة ثورية نضالية
...
-
مع إضاءة الشمعة الـ 62 من عمرها المتجدد -الاتحاد- الصرح الحض
...
-
عالبروة رايحين!
-
في أول ايار 1958: الشيوعيات الكفرساويات يخترقن الحصار!
-
رسالة شارون في -عيد الحرية- عبودية!
-
خطة شارون – نتنياهو الاقتصادية عمّقت فجوات التقاطب الاجتماعي
-
مدفع نمر وصمدة ذيبة
-
طَرْش العنصريين وصمة عار للرياضة
-
رمانة أم الفهد عصيّة على الموت
-
في ارجوحة المخططات التآمرية التصفوية: ألصراع على الحق بالوطن
-
يوم الأرض مش يوم خبيصة
-
ماذا تمخّض عن قمة الجزائر؟
-
بعد سنتين من احتلال العراق: لا بديل لإنهاء الاحتلال الانجلوا
...
-
الصمود والوحدة والتضامن
-
عنزة ولو طارت
-
على ضوء لقاء الاحزاب الثلاثة في عمان: مبادرة الانطلاقة
-
حين يلعب الاحتلال بالقانون الدولي!
-
ألقاموس الثقافي- لاستراتيجية الهيمنة الامريكية – الاسرائيلية
-
المجلس القطري للحزب الشيوعي الاسرائيلي: قضايا ومهام من منتج
...
-
لإزاحة غمامة الشؤم الكارثية من سماء المنطقة
المزيد.....
-
ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي
...
-
-كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم
...
-
وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55
...
-
السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
-
ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست
...
-
بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا
...
-
دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م
...
-
غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
-
كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا
...
-
ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|