أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 3















المزيد.....

مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 3


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4408 - 2014 / 3 / 29 - 17:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ملاحظة: هذه المقالة، في أغلب تفاصيلها واحصاءاتها وبياناتها، مبنية على تقرير كلية جون جاي للعدالة الجنائية (John Jay College of Criminal Justice) المنشور في سنة 2004، ويُمكن تحميل نسخة كاملة من التقرير من الرابط في هامش المقالة، وذلك بالإضافة إلى أوراق بحثية متخصصة مُشار لها في الهامش.


يُعتبر من أهم أجزاء دراسة كلية جون جاي للعدالة الجنائية (John Jay College of Criminal Justice) الذي نُشر في سنة 2004 هو الفصل المتعلق (بطبيعة الاختلافات بين الاعتداءات الجنسية والتحرشات التي يقوم بها الرهبان المسيحيين والشماسة في مقابل المجتمع العام). إذ هذا الفصل بالذات، المعنون بـ (Incidents and Allegations of Child Sexual Abuse)، يُشير بصورة واضحة لا لبس فيها إلى (ظرف عقائدي أو طقسي) يُحيط بهؤلاء الرهبان والشمامسة مما يجعلهم (مختلفين جذرياً وكمياً) عن الاحصاءات العامة لمثل تلك الاعتداءات على الأطفال داخل المجتمع كما سنتطرق له أدناه.

يبتدئ هذا الفصل باستعراض أهم (الصفات النفسية) التي يتميز بها المعتدون ذوي النزعات التي تندرج تحت اضطراب (البيدوفيليا) السلوكي والنفسي. فيتطرق إلى ما يُعرف بـ (التطابق العاطفي) (emotional congruence) مع الأطفال بالذات، وهو يعني أن هناك نزعة مُبالغ بها للاهتمام الفكري والسلوكي بالأطفال على الخصوص عند مَنْ يعانون مِن هذا الاضطراب، بحيث يبدو واضحاً للمتمعن في سلوكياتهم والمواضيع التي تشغل أذهانهم [لورقة بحثية متخصصة في هذا الموضوع بالذات، انظر الهامش تحت رقم (2)]. ففي هذه الدراسة البحثية المُشار لها في الهامش تحت رقم (2)، توصل الباحث إلى نتيجة هامة وخطيرة، وهي أنه على عكس مرضى البيدوفيليا الذين يوجهون اعتداءاتهم للأطفال الإناث، ويتصورونهم على أنهم بالغين ويتعاملون معهم من خلال هذا المنظور، فإن الذين يعانون من البيدوفيليا المثلية، [وهذا هو النوع الذي يندرج تحته أغلب الاعتداءات الجنسية للكهنة، حيث احصاءات جون جاي تُشير إلى نسبة 81 بالمئة من الاعتداءات الجنسية للكهنة كانت موجهة ضد الأطفال الذكور بالتحديد، بينما الاعتداءات على الأطفال الإناث احتلت فقط 19 بالمئة من جملة الاعتداءات التي خرجت للضوء، انظر المقالة السابقة]، أن الذين يعانون من البيدوفيليا المثلية بالتحديد كانوا يفضلون التعامل مع ضحاياهم على أنهم "أطفال"، ويتصورونهم على أنهم كذلك، ويتصرفون معهم على هذا الأساس وينزلون إلى مستواهم الفكري والنفسي في تعاملاتهم [وهذا هو أساس الخطورة القصوى في هذا الموضوع، إذ المجتمع مُبرمج على أن يرى في هذه الصفات التي تبدو على السطح وكأنها صفات حسنة ومرغوبة مُطلقاً في التعامل مع الأطفال وتعليمهم، ولذلك هي لا تستدعي الشك إطلاقاً بالدافع النفسي والسلوكي الحقيقي للمعتدي]. كما أن المجتمع مُبرمج في أن يرى رجل الدين، بصورة عامة، وكأنه مثال أخلاقي متعالٍ على السلوكيات غير القويمة، وبالتالي مِن الصعب عليه جداً أن يفترض أن الاهتمام المبالغ فيه بالأطفال قد يكون ناشئ من رغبة غير سوية تجاههم. كما أن المجتمع مبرمج أيضاً في أن (يؤمن)، من دون دليل واقعي وحقيقي، بأن المحيط المكاني الديني [الكنيسة في هذه الحالة] هو أبعد مكان عن تلك السلوكيات غير القويمة أو الدوافع غير السوية. أو إذا أردنا أن نستخدم العبارات الدينية في وصف الحالة الإيمانية الذهنية لهؤلاء المؤمنين فإن هذه الفرضية الإيمانية يمكن طرحها من وجهة نظرهم هكذا: (لا يمكن للشيطان أن يسكن بيت الله). إلا أن تلك الفرضية الإيمانية أيضاً أثبت خطأها تقرير جون جاي، إذ 16 بالمئة من جملة الاعتداءات الجنسية حدثت داخل الكنيسة ذاتها، دون ما كان يحدث في أفنيتها الخارجية.

أهم ما أشار إليه التقرير هو أن هؤلاء الكهنة قد انخرطوا بُما يُعرف بـ (إستمالة الأطفال) (Child grooming)، وهي سلسلة أفعال وعواطف موجهة (بقصد وتعمد) تجاه الضحية بغرض إقامة علاقة صداقة واتصال عاطفي ذو رابطة قوية، وذلك بهدف (خفض ممانعة الطفل للاعتداء الجنسي عليه). وعدد التقرير أساليب هذه الإستمالة عند هؤلاء الكهنة والشمامسة وهي تتضمن: الكلام المباشر، الترهيب العاطفي [كخوف الرفض أو الحرمان أو غضب الله]، الترهيب الجسدي، الإغواء (seduction)، الإغراء (enticements) بواسطة استعمال الحلوى والمال والهدايا. ويبدو أن أكثر طريقة مستخدمة من جانب الكهنة هي (التلاعب العاطفي) (Emotional manipulation) بالضحية و (الضغط اللفظي) (verbal coercion) وهي تشمل بالإضافة إلى ما سبق المعاملة الخاصة أو عمل خدمات محددة غير متاحة عادة للجميع. أما فيما يخص الإغواء بالتحديد فالأرقام التي نشرها هذا التقرير هي (مخيفة وخطيرة) فيما يخص الكهنة والشمامسة. إذ التقرير يشير إلى استعمال الصور والأدوات الجنسية (Pornography) مرافقاً معها في بعض الأحيان الكلام الجنسي الصريح المباشر مع الضحية وذلك في عدد (1196) حادثة من أصل (10667) حادثة اعتداء جنسي على الأطفال من جانب الكهنة، أي بنسبة أكثر من 12 بالمئة، أما إذا أضيف إليها حالات تعريض الطفل لمشاهدة أفلام جنسية أيضاً فالنسبة ترتفع عن ذلك. أما الضم والتقبيل ونزع اللباس والاستمناء أمام الطفل فقد وصلت إلى (4167) حادثة، أي بنسبة 43 بالمئة من الحوداث كلها. أما جعل الطفل هو الذي يلمس جسد الكاهن فالنسبة أكثر من 9 بالمئة. وهذه نسب خطيرة جداً وتشير إلى وسائل مباشرة جداً وصريحة في استغواء الطفل.

ويشير تقرير جون جاي أيضاً إلى صفات متعددة عند مَنْ يعانون من البيدوفيليا وانخرطوا فيها. وعدّد منها تدني احترام الذات (self-esteem) وانحراف في طبيعة المُثير الجنسي (deviant sexual arousal). إلا أن هذين الصفتين أثبتت الأبحاث النفسية علاقتهما ببعضها البعض [انظر الهامش رقم 3 لعدد من الأبحاث بخصوص هذه العلاقة]. فقد لاحظت الدراسات النفسية أن هناك علاقة وثيقة جداً بين نظرة الإنسان لنفسه واحترامه لها وبين مقدار شذوذ المُثير الجنسي لديه، فكلما تدنى احترام الشخص لذاته زاد احتمال انخراطه في ممارسات ذات طابع بيدوفيلي. وهذا بدوره يدفع الباحثين للتساؤل أمام هذا الكم الهائل من الأرقام التي تشير لمشكلة البيدوفيليا بين الكهنة والشمامسة المسيحيين: ما هو (الظرف) الذي يدفعهم إلى تدني احترام الذات لديهم؟ كيف تكون هذه الصفة النفسية الذاتية للكهنة متلازمة مع مقدار الوضع المهني (Status) الذي يتميزون به؟ ما هو المختلف حقاً بين ما هو ظاهر للمؤمنين وما هو (حقيقي) عند الكهنة؟ وما هو المختلف في هذا المحيط الديني بالذات عنه في المجتمع بحيث تكون نسبة الإصابة بالبيدوفيليا بين الكهنة أعلى من النسبة في المجتمع ككل؟

إلا أن أهم ما أشار إليه تقرير جون جاي من صفات نفسية عند هؤلاء المعتدين جنسياً على الأطفال هو مجموعة من ثلاثة صفات، اثنان منها تندرج تحت بند (الموانع – الانسداد) (blockage)، والثالثة، وهي الأخطر، وتندرج تحت بند (إزالة التثبيط) (disinhibition). فأول ما أشار إليه التقرير هو ما يُسمى بـ (انسداد التطور) (developmental blockage) [انظر الهامش رقم 4، وهي ورقة بحثية مهمة جداً حيث تتطرق في أحد فصولها بالتحديد إلى مشكلة الاعتداء الجنسي عن الكهنة المسيحيين بالتحديد (وتشير إلى احتمال وجود علاقة بين التعاليم المسيحية بخصوص الجنس وبخصوص الرهبنة مع هذا الاضطراب النفسي والسلوكي)، وهو يستعرض دراسات تتهم المؤسسة الكنسية ذاتها بتكوين مناخ "موالي" للبيدوفيليا، انظر صفحة 169 من هذه الورقة]. والمقصود بـ (انسداد التطور) هو الفشل عند هؤلاء الكهنة في تطوير المهارات الاجتماعية المطلوبة، والثقة في النفس المترتبة عليها، لتطوير علاقات "حميمة" مع أشخاص بالغين. وهذا الانسداد ربما (يشير إلى مسؤولة طقس الرهبنة في المناخ العقائدي المسيحي عنه، بالإضافة إلى التعاليم المسيحية عن الجنس وممارسته)، إذ هو يمنع ممارسة مَن ينخرطون فيه مِن تطوير هذه المهارات النفسية الضرورية لسلامة السلوك الإنساني الطبيعي. أما ثاني ما أشار إليه التقرير فهو ما يُسمى بـ (الانسداد الوضعي – الانسداد المكاني – الانسداد الظرفي) (situational blockage)، وهو يعني مجموعة الظروف، أو الحالة المحيطة، للفرد والتي تمنعه مِن التعبير الطبيعي عن رغباته الجنسية وذلك بسبب عدم وجود علاقة طبيعية من هذا النوع أو بسبب ظروف أخرى. وهذا الإنسداد النفسي (يشير أيضاً إلى ظرف عقائدي وطقسي مسيحي بالتحديد عند هؤلاء الكهنة). وأخيراً ما يُعرف بـ (إزالة التثبيط) (disinhibition)، وهي العوامل التي تُساعد المُعتدي على الأطفال إزالة موانعه الذاتية التي تثبطه من الاعتداء على الأطفال، مثل استخدام المشروبات الكحولية أو بعض المواد المخدرة، وهو ما أشارت إليه الإحصاءات في التقرير، إذ حوالي 17 بالمئة من هؤلاء الكهنة كانت لديهم مشكلات في شرب الكحول أو تعاطي المخدرات (alcohol´-or-substance abuse).

فمن الواضح جداً أن العامل الظرفي هنا [طقوس وعقائد] تملك يداً مباشرة في تفاقم حالات البيدوفيليا بين الكهنة المسيحيين، وهو ما يشير بدوره إلى خطورة استمرار التفاعل التربوي مع الأطفال من دون وجود ضوابط صارمة بخصوص السلامة النفسية لهؤلاء الكهنة.



هــــــــــــــــــــوامــــــــــــش:


1- تقرير جون جاي:

http://www.usccb.org/issues-and-action/child-and-youth-protection/upload/The-Nature-and-Scope-of-Sexual-Abuse-of-Minors-by-Catholic-Priests-and-Deacons-in-the-United-States-1950-2002.pdf


2- لشراء نسخة من ورقة بحثة أكاديمية متخصصة تتعلق بموضوع (التطابق العاطفي) (emotional congruence)، الرجاء الضغط على الرابط

http://link.springer.com/article/10.1023%2FA%3A1021328828666


3- أوراق بحثية متعددة عن علاقة تدني احترام الذات مع شذوذ المثير الجنسي عند مرضى البيدوفيليا:

http://bmo.sagepub.com/content/21/1/86.abstract


4- لاستعراض أهم النظريات بخصوص الاعتداء الجنسي، ومنها (انسداد التطور)، وأيضاً فصل (Theories of Offending by Clergy) المتعلق بالاعتداء الجنسي للكهنة المسيحيين:

http://www.bishop-accountability.org/reports/2004_02_27_JohnJay/LitReview/1_3_JJ_TheoriesAnd.pdf



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 2
- مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي
- كتابي في نقد النص المسيحي المقدس
- تزوير مسيحية يسوع – 28
- تزوير مسيحية يسوع – 27
- عندما يُنتحل اسمي في مقالة
- تزوير مسيحية يسوع – 26
- عندما تسحب السعودية والبحرين سفيريهما
- تزوير مسيحية يسوع – 25
- تزوير مسيحية يسوع – 24
- تزوير مسيحية يسوع – 23
- تزوير مسيحية يسوع – 22
- تزوير مسيحية يسوع – 21
- تزوير مسيحية يسوع – 20
- تزوير مسيحية يسوع – 19
- تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الثاني
- تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الأول
- تزوير مسيحية يسوع – 17 – الجزء الثاني
- تزوير مسيحية يسوع – 17 – الجزء الأول
- تزوير مسيحية يسوع - 16


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - مشكلة البيدوفيليا في الفضاء العقائدي المسيحي – 3