أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الأول















المزيد.....

تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الأول


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4336 - 2014 / 1 / 16 - 18:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ملاحظة: هذه المقالة تُعتبر كتكملة لسلسلة المقالات السابقة تحت عنوان (تزوير مسيحية يسوع – 1 إلى 17)، ويجب أن تُقرأ المقالات السابقة كمقدمة أساسية وضرورية لهذه المقالة.

ملاحظة: نظراً لطول هذه المقالة من السلسلة، فقد وضعتها في جزئين، أو ربما ستكون في ثلاثة أجزاء، حتى يسهل قراءتها.



على عكس مما يعتقده المسيحيون اليوم، فإن طقوسهم كما يرونها في الكنائس الآن لم تستقر على صورتها الراهنة إلا بعد أن تحولت الإمبراطورية الرومانية للدين المسيحي كدين رسمي للدولة في القرن الرابع الميلادي. أما قبل ذلك التاريخ، فإن تلك الطقوس كانت عرضة للتطور والتنقيح والتأثير الخارجي. إذ ميزت الدراسات المسيحية بين خمسة أشكال على الأقل من الطقوس العامة دون التفاصيل، متواجدة في نصوص العهد الجديد، عند أتباع الكنيسة المبكرة في القرن الأول الميلادي إلى منتصف القرن الثاني [انظر: Christain History, Worship in the Early Church, Issue 37 ، مع ملاحظة أنه يتبنى أربعة فقط دون طقس التعميد، ربما لأن التعميد ليس طقساً تعبدياً في ذاته]. أولاً: طقس العبادة في الهيكل اليهودي: (وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة) [أعمال الرسل 2: 46]. ثانياً: طقس العبادة في المعابد والمناسبات اليهودية مع اليهود: (وفي يوم السبت خرجنا إلى خارج المدينة عند نهر، حيث جرت العادة أن تكون صلاة [...] وحدث بينما كنا ذاهبين إلى الصلاة، أن جارية بها روح عرافة استقبلتنا) [أعمال الرسل 16: 13 و 16]. ثالثاً: طقس الطعام الجماعي من الخبز والنبيذ، وربما أطعمة أخرى أيضاً، يشترك فيه الجميع ليس لغرض سد الجوع والعطش ولكن على معنى تذّكر يسوع أنه مات وسيرجع: (اصنعوا هذا لذكري [...] اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري. كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس، تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء) [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 11: 24 و 25-26]. رابعاً: طقس التعميد على معنى "لبس" المسيح كرداء خارجي: (كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح) [رسالة بولس إلى أهل غلاطية 3: 27]. وخامساً: طقس يدور حول الدخول في "غيبوبة" (Trance) من نوع ما، وبطريقة تسكت عنها النصوص المسيحية، مما يؤدي بالشخص معها لأن يتكلم (يهذي؟) بلغات غير مفهومة لمن حوله ويسميها المسيحيون الأوائل بـ (التنبؤ – التكلم بألسنة) [انظر الأصحاح 14 من رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس لتفاصيل هذا الطقس، مع ملاحظة أن المترجم العربي قد تلاعب بالترجمة كما سنتعرض له أدناه في أجزاء المقالة، فالأفضل الرجوع لأي ترجمة غربية حديثة]. ومن الملاحظ أن جميع هذه الطقوس، فيما عدا الطقس الثالث (الأفخارستيا) والرابع التعميد بصورتهما المعدلة الآن في الكنائس، قد توقف العمل بها ضمن العقيدة والكنائس المسيحية. إلا أن هذه الطقوس، في إطارها العام، ينقصها التفاصيل ولا تُثبت إلا أن الطقوس التي كان يُمارسها المسيحيون الأوائل في فلسطين بشكل عام، وفي القدس (أورشليم) بشكل خاص، وخصوصاً الطقس الأول والثاني اللذان لا نجد لهما إشارة في رسائل بولس، كانت متأثرة بالطقس اليهودي بشكل واضح، بل هي تتوجه بالصلاة لـ (يهوه) بالتحديد في الهيكل والمعابد والمناسبات اليهودية. إلا أن المسيحية الطقسية الراهنة هي من تطوير بولس بالتحديد، وتفاصيلها تعكس قناعات بولس الذي كان يعمل خارج فلسطين ويُعاكس قناعات حتى تلامذة يسوع أنفسهم. فبولس يقول صراحة في أحد رسائله أنه "قاومهم": (لما أتى بطرس إلى أنطاكية قاومته مواجهة [...] حتى إن برنابا أيضا انقاد إلى ريائهم. لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل) [رسالة بولس إلى أهل غلاطية 2: 11 و 13-14]. ولذلك وجه الباحثون نظرهم إلى محاولة إعادة بناء (طقوس كنائس بولس)، وهذا ما سأعرضه مختصراً في هذه المقالة. موضوع هذه المقالة هو تناول عدد من الطقوس المبكرة للمسيحيين الأوائل، وخصوصاً عند أتباع بولس خارج فلسطين بالتحديد، المتأثرين بالمناخ الثقافي العقائدي الروماني الوثني، والذين كان يكتب لهم رسائله، ومِن ثم محاولة استقراء آثار الطقوس الوثنية فيها.


ا- القبلة المقدسة:

تظهر (القبلة المقدسة) ضمن الطقوس المسيحية المبكرة في نصوص العهد الجديد (خمس مرات): أربع مرات في رسائل بولس، ومرة واحدة في رسالة بطرس الأولى. فهي تظهر على أنها وسيلة للتحية بين أتباع كنيسة بولس بالتحديد:
1- (سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة) [رسالة بولس إلى أهل رومية 16: 16]
2- (سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة) [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 16: 20]
3- (سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة) [رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس 13: 12]
4- (سلموا على الإخوة جميعا بقبلة مقدسة) [رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي 5: 26]
5- (سلموا بعضكم على بعض بقبلة المحبة) [رسالة بطرس الأولى 5: 14]

كما أن كاتب إنجيل لوقا [لاحظ أن كاتب إنجيل لوقا كتب إنجيله بعد ثلاثين سنة على الأقل من رسائل بولس، وهو متأثر بها بصورة واضحة] صوّر يسوع وكأنه يعترض على سمعان لأنه لم يتلقى منه قبلة: (قبلة لم تُقبّلني) [لوقا 7: 45]، وفي إنجيل متّى عن تقبيل يهوذا ليسوع كإشارة ليقبضوا عليه: (والذي أسلمه أعطاهم علامة قائلاً: الذي أُقبّلهُ هو هو، أمسكوه. فللوقت تقدم إلى يسوع وقال: السلام يا سيدي وقبّله) [متى 26: 48-49]، إلا أنها في الأناجيل لا تُسمى القبلة بالمقدسة [انظر: The Holy Kiss- Apostolic Christian Church Practices Series]. بالطبع، سوف يثور اعتراض بأن بطرس في رسالته الأولى قد استخدم (القبلة) لهذه التحية وليس بولس فقط. إلا أن الجواب، وبكل بساطة، هو أن (بطرس لم يكتب إطلاقاً تلك الرسالة المنسوبة إليه)، وإنما هو ادعاء محظ خاطئ في العهد الجديد. بل هو (تزوير) واضح في نسبة هذه الرسالة إلى بطرس. فمن كتب هذه الرسالة هو شخص متأثر جداً بآراء بولس بالتحديد. هذا (الوضوح في التزوير) الذي أثبته النقد الأكاديمي (دفع البابا بندكتوس السادس عشر)، قبل تقاعده، إلى أن يُلقي محاضرة في مجموعة من الأكاديميين ولينفي صراحة أن تكون هذه الرسالة مكتوبة من جانب بطرس بدليل اللغة اليونانية وبدليل تطور العقيدة التي لم تكن تُعرف أيام بطرس [انظر الرابط لموقع الفاتيكان في الهامش أدناه لرأي البابا بندكتوس في رسالة بطرس، ولتقرأ نص المحاضرة كاملاً].

كيفية هذه القبلة المقدسة غير معروفة، ولا كيفية تطورها ومن ثم اختفائها التدريجي من الطقوس. لكنها مِن المحتمل جداً أنها كانت (على العنق)، إذ أن هناك إشارتين لذلك، واحدة في سفر أعمال الرسل فيما يخص بولس (ووقعوا على عنق بولس يقبلونه) [أعمال الرسل 20: 37]، وواحدة في إنجيل لوقا على لسان يسوع في مَثَل ضربه (وركض ووقع على عنقه وقبله) [لوقا 15: 20]. وقد أوحى ستيفن بينكو (Stephen Benko, Pagan Rome and the Early Christians, Indiana University Press, 1986) إلى أن هذه القبلة هي (من الفم للفم) لأن هذه القبلة المقدسة ذات علاقة بما ورد في إنجيل يوحنا في خطاب يسوع لتلاميذه: (ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس) [يوحنا 20: 22]، وأن هذا الطقس، في رأيه، نشأ بسبب الاعتقاد بأن القبلة هي وسيلة لانتقال الروح القدس بين المؤمنين، إلا أن هذا لا دليل عليه سوى هذا الاستقراء. وعلى عكس مما تقوله الكتابات المسيحية اللاحقة بقرون طويلة جداً مِن أن هذه الممارسة هي ضمن الجنس الواحد، وذلك من دون أي دليل إطلاقاً، فأنه من الواضح جداً أن الرجال والنساء معاً كانوا يتشاركون فيها وذلك بدليل التكرار في رسائل بولس وأتباعه مِنْ دون الإشارة إطلاقاً إلى تحديد جنس متلقي هذه القبلة، وربما هذا هو سبب اختفائها لاحقاً من الطقوس بعد تعرض المسيحية وطقوسها الناشئة لاتهامات متعددة من اليهود والوثنيين فيما يخص معاييرها الأخلاقية [لإشكالية الإيحاء الجنسي في هذه القُبلة وكتابات الآباء الأوائل بخصوص هذه المشكلة، وللهجوم الساحق الذي شنه كلمنت على القُبلة ذات الإيحاء و الدافع الجنسي، انظر: Kissing Christians: Ritual and Community in the Late Ancient Church, Michael Philip Penn, pp 110-115]. بل إن تبادل القبلات بين الجنسين نجد له صدىً في نص الإنجيل نفسه منسوباً على لسان يسوع، فهو يخاطب سمعان معاتباً له: (قبلة لم تقبلني، وأما هي فمنذ دخلت لم تكف عن تقبيل رجلي) [لوقا 7: 45]، فلا نجد أي إية إشارة إطلاقاً لأني نوع من الحرج بين تبادل القبلات بين الجنسين، بل اعتراض يسوع كان موجهاً للذي لم يُقبّله في مقابل الرضى التام لِما فعلته المرأة. بل إن الإشكالات التي أثارتها (القبلة المقدسة) كانت واضحة جداً في كتابات الآباء الأوائل مما (يدل بصورة قاطعة أنها كانت متبادلة بين الجنسين بدون أدنى شك). فقد كتب كلمنت (Clement of Alexandria) (توفي 215 م) هجوماً ساحقاً على الكنائس التي يبدو أنها قد "بالغت جداً" في استخدام القبلات بين أتباعها من الجنسين، فقد كتب: "إن القُبلة ليست محبة، ولكنها تُعرف بحُسن النية. ولكن هناك مَن لا يفعلون شيئاً سوى أن يجعلون الكنائس تُردد أصوات القبلات فيها، بينما لا توجد محبة ضمن أنفسهم. إن استعمال القبلات غير المنضبط هذا يؤدي إلى الشبهات والفضائح. هذا الشيء بالذات يجب أن يبقى غامضاً، والرسول [بولس] يسميه مقدساً" [انظر المصدر السابق، ص 111، وانظر أيضاً: Paedagogus, Book 3, Chapter 11]. أما الإنسكلوبيديا الكاثوليكية (Catholic Encyclopedia) فتعترف ضمناً بوجود إشكالية مبكرة في هذا الطقس بين الجنسين: "ما يؤدي له سوء استخدام هذا النوع التحية قد تم تحصينه منذ تاريخ مبكر أيضاً. سواءٌ في الشرق والغرب، فإن النساء والرجال قد تم فصلهم في تجمعات المؤمنين، وأن قبلة السلام كانت تُعطى فقط من النساء للنساء ومن الرجال للرجال". فمن (الثابت)، ومن دون أدنى شك، أن هذه القبلات في القرن الأول على الأقل كانت مختلطة بين الجنسين، وهذا التبادل في القبلات قد سببت "شبهات وفضائح" كما يقول كلمنت. هذه الإشكالية الأخلاقية بالذات هي التي دفعت للفصل بين الجنسين في منتصف القرن الثاني، وهذا هو الذي دفع القديس جستن الشهيد (Justin Martyr) (توفي 165 م) لأن يكتب: "إذن، ليكن الرجال وحدهم في جهة والنساء في جهة، يحييون بعضهم بقبلة في الرب".

ويبدو أن (المشكلة الأخلاقية) قد رافقت بدايات الكنائس التي أنشأها بولس. إذ نقرأ في رسالته إلى أهل كورنثوس هذا الاحتجاج على أتباع كنيسته من جانبه: (يُسمع مطلقا أن بينكم زنى، وزنى هكذا لا يُسمى بين الأمم، حتى أن تكون للإنسان امرأة أبيه) [رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس 5: 1]. وكالعادة، فقد (تعمد المترجم المسيحي العربي إبهام معنى الجملة) حتى لا تكاد تُفهم معناها. والحقيقة هي أن الترجمة العربية للكتاب المقدس هي (فاقدة القيمة مطلقاً) لأي نوع من أنواع الاستدلال بسبب الكمية الهائلة من التحويرات والابهام وتعمد تغيير معاني الكلمات المترجمة وأحياناً (تعمد استبدال جمل كاملة بأخرى) التي مارسها المترجمون المسيحيون العرب لتفادي النصوص المحرجة لعقيدتهم. فعلى الباحث دائماً أن يتعامل مع الترجمة العربية بحذر شديد، وعليه دائماً أيضاً أن يُلغي كل الكم الهائل من الاستدلال اللاهوتي المسيحي الذي بُنيَ على هذه الترجمة المزورة، إذ هي فاقدة القيمة بدورها. فالترجمة الحرفية لبداية الإصحاح الخامس من رسالة بولس إلى أهل كورنثوس هي هكذا كما في ترجمة [Amplified Bible]: (لقد أُفيد بالفعل بأن هناك أعمال جنسية لا أخلاقية بينكم، شوائب من النوع الذي يُدان، والذي لا يحدث حتى بين الوثنيين، وهناك مَنْ اتخذ زوجة أبيه)، (It is actually reported that there is sexual immorality among you, impurity of a sort that is condemned and does not occur even among the heathen-;- for a man has [his own] father’s wife)، [انظر أي ترجمة غربية حديثة أنت تختارها، أو ارجع للنص اليوناني مباشرة]. وقد بدأت بعض الدراسات النقدية بالفعل بالانتباه لتاريخ الكنيسة من هذا الجانب. وقد اُقترِح منذ زمن بأن البنية الأساسية للتنظيم الكنسي تُسهّل تلك الإشكاليات الأخلاقية وتضمن استمراريتها عبر القرون، وهذا ما عبرت عنه الأخبار الدولية المتناقلة اليوم في وقوف ممثلين للفاتيكان أمام هيئة خاصة من الأمم المتحدة للإجابة على أسئلة محرجة جداً عن قضايا التحرش بالأطفال (بيدوفيليا - Pedophilia) التي مارسها القسيسون لفترة طويلة جداً من الزمن بينما الفاتيكان كان يكتفي فقط بوصفها (انتهاك للأخلاق) بدلاً من وصفها بـ (جريمة)، وكان يكتفي فقط بنقل هؤلاء القسيسين بدلاً من إحالتهم إلى جهات الشرطة والقانون والقضاء، كما أن الفاتيكان يرفض أن يكشف عن تحقيقاته بهذا الخصوص. [للرابط التي يحتوي تفاصيل الخبر، انظر الهامش].

ومِن الملاحظ أن استعمال لفظ (المقدسة) للاشارة للقبلة يُلغي عنها بالضرورة ما تتبناه الكتابات المسيحية في تبريرها على أنها وسيلة من وسائل تقوية الصلات الاجتماعية بين أفراد الدين الجديد. فهذه القبلة المقدسة كانت طقساً محدداً ذو دلالة دينية، (لا علاقة له إطلاقاً باليهودية) بسبب اختلاط الجنسين في تلك الممارسة، وإنما منشأه وثني بالتأكيد. إذ على الرغم من ورود (القُبَل) في العهد القديم [تكوين 29: 11 و 13 و 31: 28 و 55 و 33: 4 و خروج 4: 27 و 18: 7، ومواضع أخرى] إلا أنها كانت تقتصر على الأقارب وأحياناً كخديعة للقتل [صموئيل ثاني 20: 8-10] وهي (بالتأكيد) ليست طقساً من الطقوس بحيث تُسمى تحديداً بـ (مقدسة) ويتم الاصرار عليها في الرسائل الموجهة للغرباء من الجنسين وفي مواضيع تتعلق بالعقائد كما هو الحال عند بولس. وقد كتب اللاهوتيون المسيحيون عن (القبلة) بعد أن خفتت قداستها وتلاشت تماماً من الطقوس في الكنائس بقرون واختفت الإشكالية الجنسية بعد تقنينها ضمن الجنس الواحد، مثل القديس ثيودور (Theodore of Mopsuestia) (توفي 428 م) فقد كتب: "مثل المبارك بولس فإننا نعطي السلام لبعضنا البعض بالقُبلة المقدسة، وليس مثل يهوذا، يُقبّل بفمه فقط، حتى يُظهر العداء والشر ضد أطفال الإيمان"، وأيضاً مثل القديس أوغسطين (توفي 430 م)، فقد كتب: "قُبلة السلام هي طقس عظيم. فإنك عندما تُقبّل فإنك أيضاً تُحب. إن الخائن يهوذا قبّل المسيح بفمه، وتآمر في قلبه". وكالعادة ضمن الفضاء المسيحي، تم استغلال قُبلة يهوذا ليسوع لوضع (تقريرات معادية للسامية ولليهود) بصفة عامة، فقد كتب القديس أمبروس (Saint Ambrose) (توفي 397 م): "مثل يهوذا، فإن اليهود يُقبّلونَ فقط بشفاههم، وليس بقلوبهم". [لهذه الكتابات وغيرها التي تولت "فلسلفة" هذه القبلة بعد إخراجها من طقوس الكنيسة، انظر المصدر السابق].

إذن، طقس العبادة عند المسيحيين الأوائل كان يبتدء عند تجمعهم في المكان المحدد بتبادل قبلات، على الأرجح على العنق، بين الجنسين بدون حاجز. وهذه الممارسة الطقسية (القبلة المقدسة)، بسبب تبادلها الحر بين الجنسين، هي وثنية بالتأكيد، إذ لا أصل يهودي لها إطلاقاً ضمن طقوس العبادة. وانتهى العمل بها بسبب الإشكالات الأخلاقية التي نشأت منها.


... يتبع




هـــــــــــامــــــــــش:



1- موقع الفاتيكان: رأي البابا بندكتوس السادس عشر في تزوير نسبة رسالة بطرس له:

http://www.vatican.va/holy_father/benedict_xvi/speeches/2013/february/documents/hf_ben-xvi_spe_20130208_seminario-romano-mag_en.html


2- رابط تحقيقات الهيئة المنبثقة من الأمم المتحدة مع ممثلي الفاتيكان بخصوص التحرش بالأطفال:

http://www.bbc.co.uk/news/world-europe-25748952



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تزوير مسيحية يسوع – 17 – الجزء الثاني
- تزوير مسيحية يسوع – 17 – الجزء الأول
- تزوير مسيحية يسوع - 16
- تزوير مسيحية يسوع - 15
- تزوير مسيحية يسوع - 14
- تزوير مسيحية يسوع - 13
- تزوير مسيحية يسوع - 12
- تزوير مسيحية يسوع - 11
- تزوير مسيحية يسوع - 10
- تزوير مسيحية يسوع - 9
- تزوير مسيحية يسوع - 8
- تزوير مسيحية يسوع - 7
- تزوير مسيحية يسوع - 6
- تزوير مسيحية يسوع - 5
- تزوير مسيحية يسوع - 4
- تزوير مسيحية يسوع - 3
- تزوير مسيحية يسوع - 2
- تزوير مسيحية يسوع -1
- العلم الطاهر
- الرواية الإباضية للإسلام - 2


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - تزوير مسيحية يسوع – 18 – الجزء الأول