أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - متطلبات المترجمين في نقل الظاهرة الدينية-التاريخية إلى اللغات الأخرى















المزيد.....

متطلبات المترجمين في نقل الظاهرة الدينية-التاريخية إلى اللغات الأخرى


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4394 - 2014 / 3 / 15 - 15:07
المحور: الادب والفن
    


(من العربية إلى الإنكليزية نموذجاً حسب رؤية المترجم هادي الحدّاد)

نظّمت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن أمسية ثقافية بعنوان "ماذا يحتاج المترجمون في نقل الظاهرة الدينية-التاريخية إلى اللغات الأخرى؟" للدكتور هادي الحدّاد، وقد اتخذ من موضوع الترجمة من العربية إلى الإنجليزية نموذجاً حيث قدّم بضعة نصوص مترجمة إلى الإنكليزية سنتوقف عندها لاحقاً. وقبل أن يلج إلى التطبيقات العملية قدّم الدكتور الحدّاد أربعة مباحث قصيرة لكنها مركزة جداً حيث ناقش فيها "اللغات واللهجات" و "ماهية الترجمة" إضافة إلى "بعض الظواهر الدينية-التاريخية" و "كيفية نقل هذه الظواهر إلى اللغة الإنكليزية".
تساءل الحدّاد في مبحثه الأول عن معنى اللغة أو اللهجة وحدود كل منهما." فهل يمكن تصنيف اللغة الإنكليزية والهولندية والدنماركية والألمانية والفلمنكية على أنها لهجاتٌ وبناتٌ لأمٍ واحدة ألا وهي الألمانية القديمة؟ أم يمكن تصنيفها على أنها لغات كاملة النمو والبلوغ؟" نظراً لما تمتلكه من إرث شعري ونثري كبيرين يفخر بهما أبناء هذه اللغات. ثم صاغ الحداد سؤاله بطريقة أخرى مفادها إذا كان التصنيف اللغوي قائماً على وجود الشعر والنثر أو الأدب بشكل عام فهل يمكننا أن نقول اللغة العربية العراقية، واللغة العربية المصرية، واللغة العربية والخليجية وهكذا دواليك؟ وهل أن هذه اللغات جميعها هي بناتٌ لأمٍ واحدة وهي العربية الفصحى؟ وساق في هذا الصدد بضعة أمثلة مثل كلمة "كُبَل العراقية" التي تقابلها كلمة "دوغري" في مصر وبعض أقطار الشام، و "قابيل" في السودان، و "سِيْده" في الخليج. كما أشار إلى كلمتي "دشداشة" أو "ثوب" العراقيتين ويقابلهما كلمة "كندوره" الخليجية. أكدّ الحدّاد بأن محاضرته ستقتصر على اللغة الفصحى في الشعر العمودي والحُر. وذكرَ بأن قسم من علماء اللغة يؤكدون على أنّ العربية تحتوي على فرعين وهما "الفصحى" و "الدارجة" وسمّى هذه الازدواجية في اللغة بـ Diglossia وهي حالة لسانية تحتوي على مستويين للكلام من نفس اللغة وهما الفصحى والمحكية التي يسميها البعض بـ "العامية". واستشهد الحدّاد بباحثين مهمين وهما جارلس فيرغسون و د. صالح الطعمة الذي ضرب أمثلة أخرى على الازدواجية فأشار إلى لغات أخرى مثل اليونانية والألمانية والتاميل.
اقتصر المبحث الثاني على الترجمة التي ولدت بعد نشوء اللغة الثانية للبشر فشعروا بالحاجة إلى كسر الحواجز بين الأقوام الذين تناسلوا وتكاثرت لغاتهم ولهجاتهم. ويقدِّر الباحث البريطاني ديفيد بارليت عدد اللغات بنحو(3000) لغة وإذا أضفنا إليها اللهجات فسوف تصبح (5000) لغة بحسب قاموسه القصير للغات. يرى الحدّاد بأن الترجمة الفورية قد سبقت الترجمة التحريرية بمئات وربما آلاف السنين. وقد بدأت هذه الأخيرة في دواوين الحُكّام وشملت السياسة وبعض العلوم الطبيعية والطبية، أما الترجمة الأدبية الشعرية فقد جاءت متأخرة جداً. أشار الحدّاد إلى محاولة بعض اللغويين منذ أكثر من نصف قرن لخلق لغة عالمية واحدة أطلق عليها Esperanto و Interlingua وقد اخترع الأولى لودفيغ لازروس زامنهوف ولكنها لم تنتشر كثيراً لأسباب ثلاثة من وجهة نظر الحدّاد وهي اعتمادها على اللاتينية كأساس لها، وتعلّمها لا يختلف عن تعلّم أية لغة أجنبية، وأن فرضها بالقوة لا يفضي إلى تعلّمها. وقد حصر الحدّاد عدد المتكلمين بها بين 100 ألف ومليوني شخص فقط.
توقف الحدّاد عن بعض الظواهر الدينية، التاريخية التي وردت في الكتب المقدسة أو الكتب التاريخية أو الأدبية مثل "الجنة والنار، الجنائن المعلقة، السندباد البحري، طوفان نوح" وما إلى ذلك الأمر الذي يحول دون تفسير النص بالنص نفسه، بل يضطر المترجم إلى الخروج بعيداً عن النص لكي يلتقط المترجم أو المفسِّر المعنى المطلوب. ويعتقد الحداد بأن هذا الخروج قد يقع حتى في تفسير القرآن الكريم والكتاب المقدس بغية الإمساك بالمعاني الدقيقة المطلوبة.
تركّز المبحث الرابع والأخير على معالجة الظواهر التاريخية والدينية في النصوص المترجمة مثل ظاهرة "طوفان نوح" وقصة "الجنائن المعلّقة" في بابل القديمة اللتين ظهرتا في قصيدة "غارسيا لوكا" للشاعر بدر شاكر السياب والقصيدة الطويلة للشاعر اللبناني يوسف الخال. كما تناول الحدّاد كلمة (Ghost) الواردة في التوراة والتي استعملها شكسبير في مسرحياته بما يشير إلى الأشباح وعالم السحر والشعوذة.
بغية إحاطة الحضور علماً فقد توسّع الحدّاد في تناول ظاهرة الطوفان عند عدة ديانات وهي اليهودية، المسيحية، الإسلامية، والبوذية، والصينية القديمة، والكونفوشية، والزرادشتية والهندوسية. ففي الديانة الإسلامية قام المترجمون بترجمة عبارة "وفار التنّور" في سورتي "هود" و "المؤمنون" بصيغ متعددة لكنها لم تخرج عن إطار التراجم الآتية:

The fountains of the earth
and the reservoir bursts open
And the fountains of the earth Gushed forth!
the bowels of the earth welled up.

ثم أورد الحدّاد مقتبساً من "لسان العرب" لابن منظور مفاده أن علياً "كرّم الله وجهه" قال: إن "التنّور" كلمة معناها "وجه الأرض" وكل مفجر ماء تنّور وهي فارسية معرّبة. فيما يشير "المنجد" إلى أنها كلمة سريانية. كما استدعى قصص للطوفان من ديانات أخرى وهي المسيحية واليهودية والبوذية والصينية القديمة والكونفوشية والزرادشتية والهندوسية موضحاً كل واحدة منها على انفراد غير أنّ ما يهمنا هنا هو معنى الطوفان وكيفية ترجمته. وسنكتفي بالإشارة إلى مقتبسين الأول من "التوراة"، "سفر التكوين" الأية (17) حيث يقول:

6:17 King James Version
And behold, I, even I, do bring a flood of waters upon the earth, to destroy all flesh, wherein is the breath of life, from under heaven, and everything that is in the earth shall die.
وجدير ذكره بأن الكتاب المقدس يركز على أن الطوفان قد حدث بسبب تساقط الأمطار الهائلة الغزيرة وتفجّر الينابيع من باطن الأرض كما ورد في الفصل الثامن من "سفر التكوين" الآية الثانية.

The fountains also of the deep and the windows of heaven were stopped, and the rain from heaven was restrained.
انتقل الحدّاد من ترجمة الظواهر الدينية والتاريخية إلى الترجمة الشعرية حيث كتب الشاعر بدر شاكر السياب قصيدة أسماها "غارسيا لوكا" وهي تتمحور حول حياة الشاعر الإسباني المعروف فريدريكو غارسيا لوركا الذي أُعدِم في أثناء الحرب الأهلية عام 1936. يقول السياب في هذه القصيدة الجميلة:

"في قلبة تنّور
النار فيه تُطعمُ الجياعْ
والماء من جحيمة يفورْ
طوفانُه يُطهِّر الأرض من الشرورْ
ومقلتاه تنسجان من لظىً شراعْ
تجمعان من مغازل المطر
خيوطه، ومن عيون تقدح الشرر".
كما أورد الحدّاد ترجمتين كي يقف على بعض الفروق في كلمات من قبيل "تنّور"، "قلب"، "طوفان"، "يفور" وما إلى ذلك حيث نقرأ في الترجمة الأولى ما يلي:

Translation A
There is a furnace in his heart,
Its fire feeds the hungry
And water sizzles in his hell.
Its blood purifies the heart from evil
And its eyes weave a sail of flame.

لقد اختار المترجم كلمة Furnace للتنّور، كما أخطأ في ترجمة الطوفان بكلمة blood وصحيحها Flood. ولابد أن يربط المترجم بكلمتي تنّور" و "طوفانه" لاكتمال المعنى حيث نقرأ في الترجمة الثانية:

Translation B
His heart is like a hearth
Its fire feeds the hungry
Its water boils and blows
Cleansing the bowels of the earth.

حيث اختار المترجم كلمة Hearth وكلمة ومقطع Bowels & The earth. وكالعادة لم يشِر الحدّاد إلى أسماء المترجمين خشية أن يسبب لهم بعض الإحراج.
يعتقد الحدّاد أن عبارة الجنائن المعلقة" قد وردت في عدة نصوص شعرية منها "القصيدة الطويلة" للشاعر اللبناني يوسف الخال وهي قصيدة من الشعر المنثور.

"عنقي من خشب، ورأسي طابة من التبن على قامة من ورق الجرائد.
إضرب أنا بابلي، حياتي معلّقةٌ على ضجيج الشارع
بيني وبين السماء شعرةٌ من الزمن
كلابٌ تنبحُ في الدار ولا عظام من قبور الموتى."
وقد تُرجمت هذه الظاهرة كالآتي:

Strike me, I am a Babylonian whose gardens are suspended on the street noise.

يرى الحدّاد أن عبارة Suspended Gardens غير واضحة المعالم ولا تؤدي إلى معرفة هذا الأمر التاريخي لذلك ساق مثالين في هذا الصدد الأول حينما نقول: Suspended ceiling ونعني به "سقفاً معلقاً" مراعين هنا الجانب المادي، والثاني حينما نقول "طُرد من عمله" والإشارة الجانب المعنوي. ويعتقد الحدّاد أن عبارة Terrace garden هي الأكثر دقة وتحيل مباشرة إلى هذا الأثر التاريخي المعروف.

خلاصة البحث
توصل الدكتور هادي الحدّاد في بحثه إلى نتيجتين أساسيتين مفادهما "أن الترجمة الجيدة للنص الأدبي تعتمد على المعنى القاموسي للكلمات التي تكوّن النص منها مُضافاً إلى ذلك ما تحمله هذه الكلمات من معانٍ أو إشارات خارج النص حوتها اللغة المترجمة". أما النتيجة الثانية التي خلص إليها فهي أنّ "النصوص العلمية كالرياضيات يمكن ترجمتها اعتمادا على النص من دون الحاجة إلى الطواف خارج النص لالتقاط المعنى أو تعزيزه أو في توضيحه في الأقل. وهو يذهب إلى أن القرآن الكريم لا يمكن تفسيره اعتماداً على النص القرآني فقط من دون الطواف في خارج النص. ويرى الحداد أن المعنى الأدبي العام لكلمة (Ghost) هو "شبح" كما درسناه في مسرحيات لكن هذه الكلمة لا تعني "شبحاً" في النص الآتي من سفر التكوين السورة 25، الآية 8، فالمعنى الدقيق لها هو "روح".
Then Abraham gave up the ghost, and died in a good old age, an old man, and full of years.
فتكون الترجمة كما يقترح الحدّاد هي:
"ولقد لفظ إبراهيمُ روحَهُ ومات بعد عمر مديد آخذاً من السنين قسطها الأوفى". ولا تكون الترجمة صحيحة أبداً إذا ترجمنا النص بالصيغة الآتية: "ولقد لفظ إبراهيم شبَحهُ ومات بعد عمر مديد آخذاً من السنين قسطها الأوفى".
وبعد انتهاء المحاضرة دار حوار متشعِّب بين جمهور مؤسسة الحوار الإنساني والدكتور هادي الحدّاد المتخصص بعلم اللغة والترجمة الشعرية.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصورة وتسويق المقدّس
- قرءة نقدية لسينما الواقع لكاظم مرشد السلّوم (1-2)
- المالكي وانقلاباته الدستورية
- المالكي وسياسة التعتيم الإعلامي
- ترويض المبنى وتطويع المعنى في قصائد وسام الحسناوي
- الشعوب الإسلامية تستعيد هويتها المفقودة
- البلاغة الفكرية و صدق التوثيق في -طعم العسل-
- لهؤلاء الذين لا يبوحون بالحكايات
- توثيق الثورات العربية بعيون عربستانية
- سينما الخيال العلمي: من رصانة العلم إلى دهشة القوى الخارقة ل ...
- بلاد الثلوج. . . تُحفة كاواباتا الأدبية
- الدكتور لؤلؤة يترجم -غنائيات- شكسبير ويعزّزها بشروح مستفيضة
- المناهج البحثية عند الدكتور علي الوردي
- رؤىً مستقبلية للنظام الصحي في العراق
- الأفلام المجسّمة وتعزيز الوهم البصري العميق
- بؤر المهمشين والخارجين على القانون والحالمين بمستقبل أفضل في ...
- الآمال الكبيرة لكيوان مجيدي
- قراءة نقدية في فلم -رمضان في الأطراف- لفتحي الجوادي
- البنية المجازية في فلم -فتاة عُرضة للخطأ- لكونراد كلارك
- السينما العالمية من منظور ناقد عربي (3-3)


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - متطلبات المترجمين في نقل الظاهرة الدينية-التاريخية إلى اللغات الأخرى