ريتا رضوان عيد
الحوار المتمدن-العدد: 4393 - 2014 / 3 / 14 - 17:49
المحور:
الادب والفن
خربشات روح تعيسة . ريتا عيد
بدأت أفقد رغبتي بالأشياء تدريجياً ، الصحو فالأكل فالأحبة فالسعادة فالحياة ، بدأت أعتاد الحزن بلا مبرر وصرت أعيش الآن ما يسمى بالتعاسة ، يا رب اقتلع هذي الروح اللعينة من جسدي وخذها إليك وطهرها ، أو هذبها قليلاً كي تحب الفرح أكثر وحتى لا تذهب لأرض من نار بقدم عارية ، قل لها انتفضي من هذا الكبت المرير ، قل لها عودي كما كنتِ أو انتحري !
19 عام ، تعلمت منها الكثير ، أدركت فيها أن موت الحبيب وموت الأخ وموت الصديق ، ما هو إلا بداية للوجع ، لم أكن أدري بأن هناك كثير من الأشياء أصعب من الموت وأعمق في وجعه ، وبأن الإنسان حين تذوب منه الروح ويظل الجسد حياً هو بذلك يستحق الشفقة وأكثر ، لم أكن أعلم بأن الحياة ما هي إلا أرجوحة للقدر تأخذنا حيث شاءت ، من فرح أو هم وقتما أرادت ، أيقنت الآن فقط بأن لا دخل لنا بما نحن فيه ، فكلها ألاعيب حظ أصابت أم خابت .
أنظر لجرح قد أصاب يدي مؤخراً وأضغط عليه بشدة ، هيا أيها الجرح اللعين آلمني أكثر وأكثر ، انسني وجع غيابهم وأوجعني بك ، انزف من دمك لعل نزيفك يقتلني وأكون قد حققت على هذي الحياة انتصار أبدي ، انتصار الموت والوجع عليها ، انتصار لليأس وهزيمة للأمل ، أنا لا أدري من أنا ، لربما كثرت أقاويل عني ، لكن كلها كاذبة ، مجرد حمقاء أنا ، أضحك والنار تحرق داخلي الباكي !
أقف أمام المرآة ، أتأمل ملامح وجهي ، أحاول أن أقرأ ما فيها لكني لا أجد إلا حزناً وهماً وضياع ، فتفر دمعة خجلة من عيني ، أمسحها بسرعة كي لا أكون ضعيفة أمام نفسي ، أخشى أن أكون صادقة معها فتلعنني ، أحاول أن لا أكون تعيسة إلى هذا الحد فأجبر شفتاي على أن تبتسم ، لكنها تأبى وتعبس أكثر ، أضع إبهامي على طرفها الأيمن والسبابة على الأيسر وأزيد في اتساعها ، وأخيراً أبتسم ، لكنها ابتسامة حزينة ، قاسية وموجعة ، تتحدث ألماً عشته وتظاهرت بأنني نسيته ولم أعد أكترث له ، أتأمل شعري المنسدل ، وأقول في سر ، يا ليته كان منكوشاً فيصبح شكلي كوميدياً فأضحك ولو كذباً ،، أنا أعترف ، لقد أعمى كياني الوجع !
أتعيسة هي البلاد بقدر ما أشعر ، أم أنني وحدي من كتب علي كل هذا الظلم فيها ؟! ، أحتاج دفئاً يا رب ، فقط دفء لروحي ، أكثير هو الدفء علي !
#ريتا_رضوان_عيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟