أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد الربيعي - البعثات الدراسية.. ما لها وما عليها















المزيد.....

البعثات الدراسية.. ما لها وما عليها


محمد الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 22:08
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


كنت قد قرأت في احدى الصحف مؤخراً على صفحاتها في الانترنت ما يلي: "أكدت وزارة التعليم العالي أن عدد الدارسين في الخارج تجاوز حاجز الـ 17 ألف دارس، منهم في الدراسات الأولية، واغلبهم في العليا منها، بترتيبها الماجستير فالدكتوراه، ومن هذا الرقم يتضح حجم الدعم الذي تقدمه الحكومة العراقية ومؤسساتها للنهوض بالواقع العلمي وخلق اكبر عدد من الكفاءات العراقية المؤهلة لإدارة البلد بكل تفاصيله بعد إزالة حاجز المحاصصة والمحسوبية والروتين من أمامها".

اسعدني هذا الخبر واقلقني في نفس الوقت، فهو يمثل حرص الدولة على اعداد الموارد البشرية وتأهيلها بشكل فاعل لتلعب دورا رئيسيا في نهضة العراق الاكاديمية والتربوية والاقتصادية، ولكي تتبوأ جامعاتنا مراكز عالية بين الجامعات والمؤسسات التربوية العالمية، الا انه في نفس الوقت يعني ايفاد للدراسة في الخارج كثير من غير ذوي الكفاءات العلمية المتميزة ومن الذين يتمتعون بقابليات ذكائية عالية، ومن غير هؤلاء الذين يطلق عليهم في الغرب " crème de la crème"، وهذا ما تؤكده كثرة هذه البعثات لدول مثل الهند وايران وماليزيا بالاضافة الى كثرتهم في جامعات من الدرجة الثالثة في العالم الغربي وانعدامهم في الجامعات العالمية المتميزة كهارفرد وكمبردج واوكسفورد وبرستن وييل وكالتك وستانفورد والمعهد الفدرالي السويسري والمدرسة العليا في باريس.

هل من الصحيح الاستمرار في ابتعاث ما هو موجود، حتى ولو كان من افضل ما هو متوفر، وإلقائه في مجاهل الجامعات الاجنبية واعتبار الارقام الهائلة لأعداد المبتعثين انجازات من شأنها رفع مستوى الجامعات العراقية الى مستوى اقرانها في الدول المتقدمة؟ وهل حقا اننا لا نريد مجرد شهادات دكتوراه بل تدريبا وتثقيفا عاليا لطلبتنا؟ بدون اعتبار لصلاحية الطلاب للدراسة العليا ومن دون اعتبار لاعمارهم (وبينهم ما يقارب الخمسين من العمر) ولمستويات الجامعات الاجنبية فاننا نقامر في احتمالات ان يحصل المبتعثون على قدر كافي من المعرفة العلمية والخبرة. لماذا نهتم دوما، ونتحدث دوما، عن المستوى العالمي لجامعاتنا وتسلسلها في السلالم العالمية للجامعات، ونسعى دوما الى رفع درجة جامعاتنا في هذه السلالم، بينما نرسل ابنائنا للدراسة في جامعات مستواها واطئ اصلا. هل نطمح الرقي لجامعاتنا العراقية بينما نهمل من يفترض ان يمنحها وسائل الرقي من اساتذة المستقبل؟ اذا اردنا حقا لجامعاتنا الرقي فما علينا الا ابتعاث طلبتنا الى تلك الجامعات التي تتبوأ مرتبة لا تزيد عن 200 او في اقصى الحالات عن 300 في سلم شنغهاي جايو تونغ او في سلم كيو اس العالمي للجامعات وعدم الاعتماد كليا على كون الجامعة معترفا بها.

وبالاضافة الى عدم التميز بين الجامعات نلاحظ كثرة الاختصاصات التقليدية بين المبتعثين وندرة الاختصاصات المهمة للاقتصاد الوطني ولحاجة المجتمع فعلى سبيل المثال لا توجد بعثة واحدة لدراسة الدكتوراه في موضوع التمريض بالرغم من اهمية الموضوع الفائقة وحاجة الجامعات العراقية لهذا الاختصاص بفروعه العديدة. وما يثير العجب ان اختصاصات تقليدية كالكيمياء والفيزياء تغلب على اختصاصات فائقة الاهمية كتخطيط المدن والنفط والغاز والمياه والتصحر والزراعة المستدامة والبنى التحتية وإدارة المشاريع الكبرى وضبط الجودة. ومثل هذا التحيز في نوعية الاختصاصات مثل ما يحدث في الجامعات العراقية من تغليب لاختصاصات يصعب فهم اهميتها للمجتمع العراقي كتكنولوجيا النانو سوى انها مواضيع مثيرة وحديثة نسبيا ويطلق عليها في الغرب “sexy subjects” على اختصاصات اثبتت اهميتها لاقتصاديات العالم من خلال ضخها لمئات المليارات من الدولارات في الصناعة والزارعة والصحة، كتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاحياء. اني لا استغرب من مثل هذه الاختيارات في مواضيع البعثات لان من يضع هذه الاختيارات يجب ان يكون على مستوى عالي من المعرفة بالتطور العالمي وبارتباط وثيق بالتعليم العالي في الدول الصناعية المتطورة وبما يجري في جامعات هذه الدول وعلى قدرة في تشخيص مشاكل العراق التنموية وأهداف الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي. وبما ان العائدين للوطن من الحاصلين على الدكتوراه قد تعدى الالف اقترح اجراء دراسة فائدية هؤلاء وذلك باحصاء عدد البحوث المنشورة من قبلهم في مجلات عالمية رصينة منذ رجوعهم للوطن ومقارنة ذلك بأنتاج اقرانهم في الداخل. بهذا يمكننا من تحديد العائدية وتشخيص المشاكل لغرض الاستفادة من النتائج لتحسين سياسة الابتعاث وتطويرها.

وما هو غريب ان لا يتدخل احد في تقييم موضوع البحث العلمي لطالب البعثة طالما انه في اختصاص البعثة المقرر له بالرغم من اهمية البحث وكونه الاساس، واحيانا التدريب الوحيد الذي يحصل عليه الطالب في الخارج، خصوصا في زمن الفضائيات العربية الموصولة ببيوت المبتعثين والتي تقف حجر عثرة امام تعلم الطالب ثقافة ولغة البلد وأخلاقه وعاداته وثقافة الجامعة المجتمعية. في الاونة الاخيرة اتصلتْ ادارة البعثات السعودية بأحد زملائي في الجامعة حول موضوع البحث المقترح لأحد الطلبة المبتعثين وطلبت بأدب جم تغير موضوع البحث، فما كان من المشرف إلا ان اقترح موضوعا اخر يتناسب بدرجة اكبر مع رغبة ادارة البعثات ومع اولويات البحث العلمي لمجموعته البحثية، وعلى هذا الاساس تم ابتعاث الطالب. لماذا لا يتم استشارة العلماء العراقيين في الخارج بشأن موضوع البحث لمعرفة اهميته العلمية وارتباطه بأولويات البحث العلمي العالمي والوطني؟ وفي هذا الخصوص اقترح تعيين مستشارين للملحقيات الثقافية من اصحاب الخبرة والمعرفة لكي يعينوا الملحقية في مثل هذه الامور خصوصا بما يتعلق بالمستوى الاكاديمي للجامعة والقسم العلمي والاستاذ المشرف والبحث المقترح.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فانه بالرغم من عدم توفر احصائيات لي عن نسبة الذكور الى الإناث، استطيع ان أؤكد ان معظم المبتعثين هم من الذكور، ويحدث هذا في الوقت الذي نجد معدل التكافؤ بين الجنسين في اللقب العلمي للتدريسيين يميل بدرجة كبيرة الى الذكور في الجامعات العراقية. هل ان جزء من اسباب هذه الظاهرة يعود الى معارضة الآباء لإبتعاث بناتهم الى الخارج؟ ام ان هناك تفضيلا من قبل الجامعات لترشيح الرجال للبعثات الدراسية؟ نريد انصاف المرأة في حصتها من البعثات، لذا فاني ادعو وزارة التعليم العالي في المركز وفي كردستان واللجنة العليا لتطوير التعليم في العراق/ مكتب رئيس الوزراء الى استخدام انظمة الكوتا لغرض تحقيق نسبة لا تقل عن 40% من البعثات للنساء، وبضرورة فحص الادلة والبراهين على العلاقة الطردية بين تحسين نسبة النساء ضمن هيئات التدريس وتحسين بيئة التعليم والتعلم في الجامعات. واقترح تطبيق استراتيجيات لزيادة تمثيل النساء في المجتمع الأكاديمي، اولها استراتيجية التغيير المحدود، واستراتيجية الفعل الايجابي، مثل تصميم النشاطات التدريبية لبناء القدرات والمهارات، واستراتيجية التمييز الايجابي مثل انظمة الكوتا من حيث ابتعاث النساء الى الدول الغربية. لقد اثبتت المرأة العراقية جدارتها ولفتت الانظار بمنجزاتها الرائدة في عدد من المجالات، وخصوصا في مجالات العلوم والبحث العلمي وحققت انجازات تفوق منجزات كثير من الدول العربية، متفوقة بذلك على الرجال. ولربما من الضروري أن نذكر أن أكاديمية عراقية تبوأت منصب رئيس جامعة ولأول مرة في العراق، إلا ان المجتمع الاكاديمي العراقي لازال في معظمه ذكوريا. هل يكفي وجود رئيسة جامعة وعدد لا يتعدى اصابع اليد من عميدات الكليات وبضع بروفسورات لكي لا ننظر بقلق الى احتمالات مستقبل مجتمع اكاديمي تندر فيه الكفاءات النسوية المتدربة تدريبا عاليا في امريكا والبلدان الغربية؟



#محمد_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون التقاعد الموحد وانصاف فئة العلماء الباحثين
- لماذا نريد تعليماً عالياً على غرار الجامعات الامريكية والغرب ...
- تعقيب حول كلمة المالكي في واشنطن بشأن تحديث نظام التعليم الع ...
- لماذا نحن بحاجة الى نظام لضمان الجودة في الجامعات العراقية؟
- آراء بصدد قانون الخدمة الجامعية الجديد
- الدكتور فخري البزاز في ذمة الخلود
- المؤتمر العالمي للتعليم العالي في العراق- نظرة تقيمية للبحوث ...
- هل ستلتحق جامعاتنا بركب الجامعات العالمية في القرن الواحد وا ...
- الحريات الاكاديمية


المزيد.....




- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد الربيعي - البعثات الدراسية.. ما لها وما عليها