أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - حجر لايستجيب وكتاب يهدد!














المزيد.....

حجر لايستجيب وكتاب يهدد!


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 4375 - 2014 / 2 / 24 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


انتهى عرض الفيلم وراقني اقتراح بقية الأصدقاء أن نتناول شيئاً ما في المقهى المجاور، فلسنا مضغوطين بالوقت إذ أننا في مساء يوم السبت وإن تأخرت فبإمكاني أن أستخدم الباص الليلي الذي يذهب مباشرة من ذلك الحي ببرلين إلى منطقة راينيكندورف في شمالها حيث أسكن بدون التبديل إلى باص آخر، ففعلت...في المقهى لم تكن جلستنا لتخلو من الكلام عن الفيلم الذي شاهدناه للتو، ولكن الأحاديث الأخرى عن مسائل كثيرة أخذت الجزء الأكبر من وقتنا فكان أن تأخرت أكثر، ما اضطرني أن أنتظر بعدها للباص الليلي بالفعل...بعد أقل ما يزيد على النصف ساعة في انتظاره وصل الباص الذي أراحني من الوقوف منتظراً فصعدت إلى الطابق العلوي من الباص لأن السفلي كان مليئا بالعائدين من السهر المتأخر حتى تلك الساعة...في الطابق العلوي كنت أجلس مستعيداً بعضاً مما تخلل أحاديثنا في المقهى وبعضاً آخر من الفيلم ولكن عيني كانت تنظر عبر نوافذ الحافلة...عند زاوية من شارع رأيت أحدهم يجلس على الأرض ويداه تتفحصان سطح الأرض بجانبه وكأنما يتلمس شيئاً ما كان قد وضعه هناك من قبل وتاه عنه...! شدني منظر ذلك الشخص لسبب ما...وعندما تعمقت أكثر في النظر إلى وجهه عرفته...إنه "جابر" العربي الذي جاء برلين قبل عقود للدراسة وبعدها طلب اللجوء السياسي...! لم يكن المشهد ليمر بشكل اعتيادي ولم أكن لأفهم ماذا حل به...وبنفس الوقت لم أشأ أن أنزل من الحافلة في الموقف التالي وأعود أدراجي إليه لأستطلع عما حصل...! وصلت سكني تلك الليلة لم أستطع النوم قبل بزوغ الفجر. في اليوم التالي اتصلت بأحد الأصدقاء الذي يعرف جابر ورويت له ما شاهدت.. فأخبرني أن جابر مكتئب لسبب ما ويحاول الابتعاد عن البشر ولا يجيب على المكالمات يبقى في شقته نهارا وفي الليل يخرج...واتسم بقية حديثنا بمزيج من الشفقة ورغبة في مساعدة شخص شبه وحيد في بلد لم يستطع أن يتخذ منه وطناً فقررنا أن نتكلم معه هاتفياً ونحاول بعدها رؤيته...اتصلنا.. لم يجب على مكالمتينا، فما كان منا إلا أن مضينا قدماً في تنفيذ ما اتفقنا عليه في حال لم يرفع سماعة هاتفه، فالتقينا بالقرب من مسكنه بعد ظهر اليوم التالي ووجدنا باب العمارة مفتوحاً فصعدنا إلى أمام شقته وبدأنا نقرع الجرس لكنه لم يفتح وكررنا المحاولة مرات عدة...فقال الصديق الآخر بصوت عال بالعربية أولا وبعدها بالألمانية أخاف أن مكروها قد أصابك ولهذا سأخبر البوليس ليتصرف... سمعنا بعدها حركة وراء الباب من الداخل..نظرنا لبعض وصرخ الصديق افتح الباب إني أسمعك أنا (فلان)...! تباطأ جابر في الداخل..لكنه شرع بفتح الباب...وعندما التقت الأعين كان المشهد حزيناً جداً ومقلقاً...دعانا للداخل...كان جابر يمشي بتثاقل وأتمتم برغبته لنا بالدخول. أكثر ما يلفت النظر هو التوافق التام بين جابر الحالي وما بدت عليه شقته حينها...تراكمت الأغبرة على الأرض ولا يمكن لك أن تعرف أو تنجم لما هذا الشيء موضوع في هذا المكان أو ذاك أو كيف ولماذا وصل هذه النقطة بالتحديد من سكن جابر...!! لم يكن كسر الجليد بالبداية بالكلام عن صلب الموضوع بالعثير حيث سأل الصديق الآخر قائلا: " أخوي جابر..! قل ماذا نستطيع أن نخدمك؟ هل ذهبت إلى المختص؟ ماذ قال لك وماذا أعطاك!؟" وأما جابر فقد بدأ يسرد قصته قائلاً ذهبت الى البسيوشاتا (المختص النفساني) مرة كل أسبوع لمدة أشهر ولم أستفد منه شيئاً وفي النهاية قال لي لا أستطيع أن أساعدك لأنك حالة خاصة لا أستطيع التعامل معها...ذهبت لواحد آخر بعد جلستين بدأ بالصراخ في وجهي ووصفني بالعنيد وقال كسابقة أنه لايستطيع مساعدتي...احترت وفعلت كذا وكذا وكذا ولم ينفعني أي شيئ ..وأقول لكما بصراحة أنني مرة ذهبت إلى أمام الكنيسة في زاوية الشارع وهناك رأيت تمثال المسيح ووجدت نفسي أقول له بصوت عال: " يا مسيح ما أنت أبو المعجزات دي ساويلي معجزة واشفيني! [أي ساعدني بمعجزة أيها المسيح]" وأعدت الكلام مرات ومرات قم انصرفت وأتيت بعدها وقلت له يا مسيح اشفيني! لم يشفني..ووجدت أنني أتكلم مع الحجر. ثم قلت في نفسي سأجرب أن أستجير بالإسلام فطلبت قرآناً من شاب عربي هنا فأعطاني قرآنا وأوصاني بما يتوجب علي عمله فأتيت به إلى البيت واغتسلت بعد أن قلت في نفسي إنني سأقرأ في كتاب الله...تذللت بشكلي.. ونظرت بخشوع... وغيرت من نبرة صوتي... ونظرت للأعلى وقلت يا ربي اشفيني...! ثم فتحته القرآن لأقرأ...صمت جابر لبرهة وبعدها تنهد ثم تابع بلهجته العامية: "فتحت القرآن أقرأ بيه ما قدرت أتحمل أكثر من دقايق لأني لقيت أخو القحبة قاعد يهدد بيا ويقللي: يا جابر إن تعمل هيتش آني مخوزقك! وإن تعمل هيتشة آني الك بالمرصاد.. وإن تعمل هيتشة هَم آني واقف فوق راسك أذبحك وأذبك بالنار...! [أي وجدت أن (...) الله يهددني ويقول إنني أراقبك في كل ما تفعله..ويهددني بمعاقبتي وادخالي نار جهنم]... وهذا أنا كما ترونني ... ثم تابع في الحديث قائلا هذه هي المرة الثالثة التي أصاب بها بالاكتئاب ولكن هذه المرة كانت الفترة أطول وأخشى أن تصبح أبدية...تكلم جابر الكثيرمما عنده وكأنه كان بحاجة أن يتكلم.... ! غادرناه واعدين أن نتواصل....
بعد أشهر من ذلك بدا جابر وكأنه بدأ يتعافى من اكتئابه.



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نميز أنفسنا بالكره في يوم الحب!؟
- الآه الفاشلة
- لقد تنافسوا مع الطاغية على القتل والدمار في سوريا
- استنساخ الوحش في مقارعته
- هموم أبو مصطفى
- كتاب جديد عن علاقة الدين بالدولة
- اغتيال البوطي وخلط الأوراق
- هل نحتاج لثورة على ((الثورة))؟
- العائلة تذهب إلى السينما
- كلبهم...ومخلوقنا
- لن نكون وقوداً لمن يريد حرق سوريا
- عرف عالمي وسوفتوير عربي (software)
- شكر وتساؤل للأستاذ برهان غليون
- بين الخنوع والتمرد
- في واقع الحريات الدينية في العالم العربي والإسلامي
- أحقاً هو غياب طائفي في معارضة النظام في سوريا!؟
- إنه عبثنا ... لا غدر السنين!
- الفن والأيديولوجيا: أيام الولدنة وبقية الجوائز
- هل لتفاؤل العرب بنتائج الانتخابات الأمريكية ما يبرره؟
- إلى متى يستمر الشعب السوري في الصمت؟


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - حجر لايستجيب وكتاب يهدد!