أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - هموم أبو مصطفى















المزيد.....

هموم أبو مصطفى


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 4110 - 2013 / 6 / 1 - 14:32
المحور: الادب والفن
    


(بحركة سريعة لم تكن لتناسب سنه الستيني، يثب داخلاً من الباب الخارجي ثم يزعق ويرغي ويزبد بصوت يهدر في أرجاء البيت وكأنه يريد تمزيق جدرانه أو يريد أن يثبت شيئاً لنفسه ولأهل بيته....تفوه بالكثير وفي معظم كلامه كانت الشتائم هي الأبرز...وما كان ليفهم منه إلا القليل، إنه يريد أن يقول إنه رجل، رجل شريف، رجل وابن عشيرة، عشيرة لاتهاب الموت.. والموت أهون عليه مما حصل....ثم يستدير نحو زوجته ويبدأ بتحديد فحوى كلامه أكثر)
ـــ أنتِ السبب...ولا غرابة فأنتم عائلة الخزي والعار والشرف الممروغ بالطين...أختك مطلقة...وأختك التانية خطبت لغير زوجها.. الغلط غلطي لأنني صبرت عليك طيلة هذه السنين....وهذه هي مفاخر زواجي منك: ابنتي تنزل من سيارة غريب!!
(يهدر ويزمجر ثم يكرر)
ابنتي تنزل من سيارة غريب!! أين كانت؟ وماذا فعلت!؟ هذه تربيتك وهذه من خصال داركم...البنات (يقصد بذلك شقيقاته) لم يجرؤن على الخروج من دار أبي إلى أن تزوجن هكذا ربتهم الحاجّة وهكذا علّمهم الحاج...إنهم فخر لجميع بنات وأهل القرية بشرفهم وعفتهم ودينهم....إنها تربيتك!
(ثم، وبحركة تشير إلى الضعف يفتح ذراعيه ويرفع رأسه للأعلى)
ــ يا ربي ماذا فعلت كي تذلني !؟
(يصمت لبرهة ثم يهدر من جديد)
ــ أين هي تلك الـــ....؟ أحضريها
(تخرج الأم من الصالون وهو يصرخ ثم تعود لتدخل ومعها الابنة التي تبدو لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها...تطرق برأسها إلى الأرض....لم يتلكأ الأب حيث تابع زاعقاً )
ـــ ماذا أفعل بكِ!؟ ماذا أفعل بك يا بنت الكلب !؟ أحلف برب العباد أن قتلك جائز.. لقد شرشحتني في بلاد الغربة يا بنت الكلب! يلعن أبوك وأبو أمك! ليست عشيرتي عشيرة من يرضى رجالها لأنفسهم القرون...إنها عشيرة دار أمك....ماذا أفعل بك يا بنت العيب !؟ (يصمت لفترة قصيرة ثم يقترب من ابنته)
ـــ قولي لي من هو هذا "الهامل"؟ أين كنتِ معه؟ قولي لي هل كنتما في مطعم؟ في فندق!؟ هل ذهبتما إلى بيت أهله أم لبيت لايسكنه أحد؟ قولي لي هل بقي الحجاب طيلة الوقت على رأسك!؟
(تستمر الفتاة طارقة رأسها في الأرض...بينما يرفع الأب رأسه للأعلى من جديد ويقول معاتباَ)
ــ يا ربي لماذا تذلني وأنا الذي لم أكن يوماً إلا عبدك المطيع...؟ (ثم يلتفت لزوجته) كنت أعيش برضى الله ورضى الوالدين وبقناعة لكنكِ أنتِ من دفعتني إلى ترك قريتي وعشيرتي وهذه هي النتيجة: ابنتي في سيارات الغرباء...! يا للعار! (يلتفت لابنته ويقترب منها أكثر رافعاً يديه وكأنه يهم بالضرب...تتراجع الابنة.. فيصرخ الأب)
ــــ سأذبحك دفاعاً عن شرفي وسأغسل عاري!
(تصرخ الفتاة لكنه يهددها)
ـــ لن يعفيك تعالي صوتك ! سأذبحك!
(يصمت لفترة قصيرة ثم يقول)
ــ ولماذا أفقد نفسي بسببك...اخرجي من بيتي يا بنت الكلب...لست والدك...اخرجي من بيتي وستقول أمك لمن يسألها في القرية أنك متي بمرض...تدمع عيناه ثم يقول ليت الموت يأخذك ويريحني...اخرجي من هذا البيت....(يرفع صوته أكثر) اخرجي من هذا البيت! إنني أعني ما أقول..اخرجي من هذا البيت!
(تمشي الابنة فاتحة الباب الذي دخل منه الأب وتخرج...يسود الصمت لفترة قصيرة ثم تبدأ الزوجة بالبكاء)
ــ هذه الدموع لم تعد تغرني!
الزوجة: ــ لقد أضعت ابنتي وهي أشرف من الشرف والناس تظلمها...ليتني أعرف من قال لك ذلك....
ـــ و تدافعين عنها!؟ الحقي بها...لا مكان لك في بيتي ولن أريدك زوجة بعد الآن...!
الزوجة: طلقني!
الزوج: اغربي عن وجهي قبل أن أحلف عليك بالثلاث!
(تمشي الزوجة باتجاه الباب الذي خرجت منه ابنتها وتفتحه وتخرج مسرعة...ثم يسود الصمت في البيت...يتمتم لنفسه ببعض الكلمات ثم يتوجه للحمام فيتوضأ ثم يعود ليقرأ بالقرآن ثم ينظر إلى ساعته وبعدها يسمع صوت الأذان فيبدأ بالصلاة ...وبعد انتهائه من الصلاة يجلس هادئاً ويمضي من الوقت أكثر من ساعتين ونصف....بعدها يسمع رنين جرس الباب فيتجه نحوه ويفتحه ويقول: )
ـــ أهلاً وسهلاً... أهلاً وسهلاً قدومك عزيز علي يا أبو زايد. (وقبل دخوله يصرخ ابو زايد)
ـــ الله محييك.. الله يطول عمرك... والله ما قصرت....ادخلوا ! (يدخل أبو زايد وتتبعه زوجته وبعدها الزوجة المطرودة ثم ابنتها...ثم تتوجه الزوجة المطرودة وتتبعها أم زايد والابنة إلى باب يفضي لغرفة أخرى في البيت...بينما يبقى الأب وأبو زايد في الصالون)
أبو زايد: صللي عالنبي يا أبو مصطفى.. "هاي عملة بتعملها الله يصلح حالك"!
أبو مصطفى: رووا لكم القصة طبعاً!
أبو زايد: أخو رفيقتها في المدرسة وأوصلها للبيت ماذا حصل!؟
أبو مصطفى: لايجوز و رفيقتها لماذا لم تكن في السيارة؟ من يقبل على نفسه أن تركب ابنته في سيارة غريب؟
أبو زايد: لا تغم نفسك...أنت ترى وتسمع ماذا يحصل.. نحن لم نعد صغاراً في السن..لاسمح الله أي زعل بيجيلك السكري والجلطة والفشل ... و...ألم تسمع بالمسكين الفلسطيني أبو محمود؟ لم يحتاج إلا لخبر مزعج لتأتيه الجلطة...!
أبو مصطفى: ليتني أنجلط وأرتاح منها ومن بنتها!
أبو زايد: لا... لا.. العن الشيطان وانسى وأجلسها بجانبك وأفهمها بالكلام الهادئ يا ابنتي هذا هو الصح وهذا هو الخطأ!
أبو مصطفى: ألمي وحرقتي لا يدركهما أحد! كنت بدار أهلي ولم ينقصني شيئاً في أي يوم من الأيام، وعندما تزوجت منها أصبحت بالكاد أستطيع تأمين لقمة العيش والله انذليت...الله يلعن لقمة العيش شو بتذل!
أبو زايد: لا..لا يا أبو مصطفى لا تقول ذلك إنه كفر...الغربة لها ضريبتها...ومع ذلك أنت محظوظ أنك في بلد عربي وعندما يحصل سوء تفاهم معكم تأتي ابنتك إلى دار عمها أبو زايد ويتدخل أبو زايد وتُحل القضية... أما لو لاسمح الله لو كان هذا قد حصل في بلاد الأجانب لكانت الشرطة تأخذ ابنتك ولن تراها مرة أخرى...احمد ربك!
(يمد أبو مصطفى يده إلى ترمس حافظ للقهوة ويتناول فنجانا مدوراً موضوعاً بجانبه يصب فيه قليلا من القهوة يرشفها بسرعة ثم يصب أخرى ليقدمها لأبي زايد)
أبو مصطفى: قضيت عمري في الغربة وماذا جنيت ...؟ حتى في عملي يتعالون علي ويعاملونني كالعبد ولافرق عندهم بيني وبين الهندي و الباكستاني والبانقلاديشي...هل نستطيع أنا و أنت أن نعيش هنا بدون كفيل؟ هل نستطيع أن نحصل على إقامة تشعرنا بالأمان الدائم؟ صرنا عبيداً لهم...وتشبهنا بهم وهم... ومع ذلك.... (يصمت قليلاً .. يتنهد ثم يتكلم في موضوع آخر لاعلاقة له بموضوع ابنته أوبعمله ولكنه يتضمن متابعة لسرد بعض من الهموم) حتى البيت الصغير المتواصع الذي أبنيه في القرية لم أستطع إكماله والا لكنت عدت الآن لقريتي..!
أبو زايد: كتر الشكوى كفر يا أبو مصطفى!
أبو مصطفى: أصبحت تتكلم مثلهم...!
أبو زايد: أنا أقول أن تحمد ربك على كل شيء!
أبو مصطفى: وهل توقفت عن حمده لحظة؟
أبو زايد: أنا اقول إما أن تتجاهل ابنتك ريثما يأتي نصيبها أو أن ترسلها للقرية لدار الحاج!
أبو مصطفى: أصبت...سأرسلها لدار الحاج والحاجة بدلا من أن تعيش في هذا البلد الغدار!
(يصمت أبو زايد لدقيقة أو أكثر بقليل ثم يقول)
أبو مصطفى: أنا واعد "طويل العمر" الساعة السابعة ولهذا أستأذنك...شدلي حيلك ولا تنسى اللي حكيناه....(ثم يصرخ بصوت عال) يا أم زايد...(فتستجيب أم زايد... ثم يغادران).



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب جديد عن علاقة الدين بالدولة
- اغتيال البوطي وخلط الأوراق
- هل نحتاج لثورة على ((الثورة))؟
- العائلة تذهب إلى السينما
- كلبهم...ومخلوقنا
- لن نكون وقوداً لمن يريد حرق سوريا
- عرف عالمي وسوفتوير عربي (software)
- شكر وتساؤل للأستاذ برهان غليون
- بين الخنوع والتمرد
- في واقع الحريات الدينية في العالم العربي والإسلامي
- أحقاً هو غياب طائفي في معارضة النظام في سوريا!؟
- إنه عبثنا ... لا غدر السنين!
- الفن والأيديولوجيا: أيام الولدنة وبقية الجوائز
- هل لتفاؤل العرب بنتائج الانتخابات الأمريكية ما يبرره؟
- إلى متى يستمر الشعب السوري في الصمت؟
- لا نور في نهاية نفق سنوات الضياع
- إيران في نظر العربي المغبون
- ليت أخوتنا في شمال إفريقيا يعرفون نظام الأسد أكثر!
- أيهما الوحش هنا؟
- في انتظار المنقذ تُضيَّع قضايا الشعب السوري


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - هموم أبو مصطفى