|
ما بين الليبرالية الديمقراطية والإيمان
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4369 - 2014 / 2 / 18 - 17:52
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
نؤمن بل نعتقد : إن هناك ثمة إرتباط بين اللليبرالية الديمقراطية وبين القيم السماوية ، وهذا الإرتباط تؤسسه قيم فلسفية وعلاقة موضوعية وجدلية تربط بينهما ، هذه العلاقة الطبيعية والفلسفية تظهر كما في المعنى الذي تنشده الليبرالية الديمقراطية للحياة ، وكذا في المعنى الذي نعرفه عنها وفي سعيها لجعل الإنسان وفكره في حالة تطور دائم ومستمر ، وقولنا هذا منظور إليه من وجهة نظر معرفية خالصة ، وهو نفسه المعنى الذي سنلتقي به وبذلك المذهب القائل عن رحلة الفكر نحو الرقي والكمال ، طبعاً هذا إن قلنا إن هناك ثمة كمال في الكون ، ولهذا لم يكن صدفة أن نعنون لمقالنا هذا تحت بند تلك الجدلية التي توحي لنا دوماً بذلك الترابط الموضوعي بين الأثنين ، فإذا كانت الكتب السماوية مثلاً تبشر أو تدفع بمعتنقيها للقبول بفكرة النعيم الأخروي ، فإن الليبرالية الديمقراطية هي الأخرى تصر على ذلك النعيم للإنسان بصيغة البنى للمعلوم ، وشرط ذلك مرتبط إن تمسك الإنسان بقيمها وقواعدها بالفعل ، فإنه تبعاً لذلك سيحقق تلك الرغبة والسلامة والهدوء والثقة بالمستقبل في نهاية رحلته مع الحياة ، ولا يجب أن يظن البعض فينا أو بإننا ننحو بالليبرالية الديمقراطية منحاً تكون فيه ديناً أو فكراً متماهياً أو مشتقاً من الدين ، لكننا نريد أن نرد في الواقع تلك الدعوى يأتي ذلك من خلال تبيان الطبيعة الموضوعية لليبرالية الديمقراطية ، وكذا من خلال إيماننا بماتوفره للإنسان حين تجعله حاكماً لإرادته مالكاً لحياته ومصيره ومستقبله ، وهذا نابع من كون ماتطلبه وما تسعى له لا يتم من خلال اللاأدرية أو الطوباوية بل من خلال المعرفة العلمية القادرة على تحقيق التوازن بين الحاجات والواقع ، والتحقيق ليس مجرد فكرة بل هو تسخير لقوى الطبيعة من خلال العلم حين تكون الأهداف واضحة ، وبذلك تكون هي العامل الحاسم في تحقيق الرقي والتقدم المنشود الذي يحقق السعادة والخير العام ، وربما يقول قائل : إن ذلك منكم طموح أو نظرة مثالية بعيدة المنال والتحقيق ، ونقول : في طبعها لم تكن الليبرالية الديمقراطية مثالية في نزوعاتها وفي فهمها للحياة بصورها وأزمنتها الثلاث ، لأنها تعمل في الواقع لتجسيد ماتؤمن به وتنادي إليه لتلبي من خلال ذلك العمل طموحات الإنسان وأمانيه وأحلامه في الحياة الحرة الكريمة ، والسعي في هذا الطريق هو كمن ينشد النعيم للإنسان وإذا كان مستهل الكلام الذي بدأنا به حول هذه الضميمه ، فإننا لا نكاد نبتعد عن ذلك المنحى الذي تصوره هيجل عن غاية التطور في الفكر الإنساني وإرتباط ذلك بالحرية ، وبما إن الليبرالية الديمقراطية هي مركز ومحور الحرية بل منها جاء الإشتقاق اللغوي والمعنوي ، لذلك تكون - الليبرالية الديمقراطية - هي الأقدر بوصفها نظام للحياة على تحقيق هذا القدر المطلوب من الحرية ، وهذا عين ما عناه منتسيكيو في روح الشرائع حين ربط بين نزاهة القانون وقدرته حين يرتبط ذلك بحرية القائمين ونزاهتهم ، يقول آدم سميث : إن التطور في حياة البشر لازمه الحرية ، بل هو محكوم بها فهي القادرة بفضل طبيعتها لتحدد لحياة الإنسان مايرضي طموحه ونظره نحو المستقبل ، أي هي القادرة على جعل الإنسان يحقق ما يطلبه وما يريده في حياته ، ومن هنا كنا مُصرين على ذلك التلازم معتبرين بصيغة الحياة الدورية القائمة على الولادة والموت ، وبين تلك اللحظتين تتفجر الاحداث ويستمر الزمن في دورته التي نلتقيها كل يوم . إن الليبرالية الديمقراطية هي الصورة الأكمل للحياة وهي الروح الأمثل للقانون وللسياسة وللإقتصاد وللإجتماع وللثقافة ، وهي المئآل الطبيعي المرتجى لكل المجتمعات في رحلة الكفاح والبحث عن التوازن والعيش الطبيعي ، ومجتمعاتنا العربية والإسلامية أحوج ما تكون إلى الليبرالية الديمقراطية وهي تكد في سعيها طلباً للإستقرار والحياة السعيدة ، وظني الغالب إنها ستنال ما ترجوا وإن طال السعي لكنها في نهاية المطاف ستبلغ هدفها المنشود هذا ، وكلامي هذا لا يعبر عن إرتجال أو تمني بل هي الحقيقة التي تعضدها تجربة كل الدول التي تقدمت ونضجت بفعل - الليبرالية الديمقراطية - . ان الليبرالية الديمقراطية هي عندنا وكما هي بالفعل صورة الحياة الممكن العيش فيها لأنها تلك الضرورة التي لاتنفك عن السعادة والعيش المحترم للإنسان
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة الإيرانية بعد 35 عاماً
-
معركتنا مع الإرهاب
-
مؤتمر جنيف 2 ليس حلاً
-
قصة رجوع الشمس لعلي علية اسلام
-
قراءة في كتاب ( الغلو والتطرف في الفكر الآسلامي - للشيخ آية
...
-
قراءة في كتاب ( الغلو والتطرف في الفكر الآسلامي - للشيخ آية
...
-
لماذا الضاحية الجنوبية ؟
-
أهلاً 2014
-
العراق بين إرهابين المطر والتفجير
-
قول في الشعائر الحسينية
-
جواب عن سؤال في الإنتخابات
-
لماذا يستهدف الأمن في العراق ؟
-
وهل يجوز اقتناء الكلاب في البيوت ؟
-
الرئيس الإيراني والواقعية السياسية
-
لاتضربوا سوريا
-
الإسلام السياسي وهاجس الحكم
-
تلوث العقل السياسي العربي
-
تجربة مصر تُثبت مدى الحاجة لليبرالية الديمقراطية
-
تهنئة
-
القرضاوي وكذبة رجل الدين
المزيد.....
-
من جهينة عن خيمة طريق الشعب في مهرجان اللومانيتيه (1)
-
السويد.. آلاف المتظاهرين يحتجون على مشاركة إسرائيل في مسابقة
...
-
مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج
...
-
أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل
...
-
مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر
...
-
على وقع حرب غزة.. مشاهد لاقتحام متظاهرين في اليونان فندقًا ي
...
-
هل تقود الولايات المتحدة العالم نحو حرب كونية جديدة؟
-
م.م.ن.ص// -جريمة الإبادة الجماعية- على الأرض -الحرية والديمق
...
-
تمخض الحوار الاجتماعي فولد ضرب الحقوق المكتسبة
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 554
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|