|
لاتضربوا سوريا
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 16:24
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
في خضم هذا السجال الدائر حول طبيعة الضربة وكيفيتها ، ومتى وأين ؟ ، نقول لمن يهمه الأمر : إن الوقت لم يحن بعد ، كما إن أوراق الضرب لم تكتمل بعد ، ولم تتضح الصورة عن المستقبل ، وتجارب الربيع العربي لم تؤد المطلوب بل ساهمت في تراجع الوعي وإنحسار مفهوم الدولة المدنية ، إذ فيها تراجعت القيم الديمقراطية ونمت التيارات الدينية المتطرفة وازداد الشعور بالطائفية والكراهية ، ولعل تجربة العراق في فوضاه وأهواله اليومية شاهد ودليل يجعلنا حريصين على أن لا نعيد التجربة والسيناريو من جديد ، خاصةً ولسوريا مزايا وجوار أشد وأعظم فيما لو سمحنا لهذه الفوضى أن تأخذ طريقها وتسود ، كما إن مافعله الأخوان في مصر يجعلنا غير متفائلين ولا شغوفين بهذا الإندفاع الذي يغذيه المال والحقد وكراهية الأعراب ضد بعضهم البعض الآخر ، واقول : لم أجد في حياتي ملة أو شعب يكره بعضه بعضاً كالشعب العربي ، ولم أسمع بمن يتشفى بموت أخيه ويشمت به إن حلت به المصائب غير شعبنا العربي العظيم !! .
لهذا أدعوا حكماء العالم الحر أن لا ينخرطوا في هذا السجال وليعملوا مع المخلصين في سوريا لتحريرها من الدكتاتورية والعنف ، عبر الحوار وإيجاد أفضل الطرق التي فيها تُحمى الدولة وتصان الحرية ويحترم الإنسان ، ونحن حين أيدنا التغيير في مصر وشددنا على يد القوات المسلحة إنما كنا في ذلك نريد لمصر مستقبلاً زاهراً غير منحاز ولا متطرف ولم نشجع العسكر كما قيل ، وعلى هذا الأساس نحن في ذلك أشد حرصاً على سوريا وهي تخوض حربا مع عصابات متطرفة وجماعات إرهابية مشهود لها بالعنف والإجرام ، لهذا كان ندائنا - لا تضربوا سوريا - ليس دفاعاً عن الدكتاتورية ولا عن بشار وجماعته ، ولكن حرصاً منا على سلامة الدولة وعدم ضياع ماتبقى فيها من عاملين مخلصين للدولة المدنية والديمقراطية ، ويتذكر الجميع إنني كنت من أوائل من دعا إلى رحيل الأسد وإستبداله بشخصية وطنية ليبرالية ديمقراطية مؤمنة بالتعددية والإختلاف ، وكنت أنبه أصدقاء لي في المعارضة السورية كي لا يقعوا فريسة بيد تجار الدم والكراهية والعنف والطائفية ، لكن سطوة السلاح والحقد العربي وعنف النظام لم تسمح للمخلصين من قول كلمتهم ورأيهم على نحو واضح ، فغابت وأنعدمت الآمال .
لهذا أوجه ندائي للرئيس الأمريكي الذي أكن له إحترام خاص أن لا ينجر وراء المطبلين سماسرة الحروب ، وليتذكر إنه رجل سلام حائز على جائزة النوبل في ذلك ، أوجه ندائي له ليتريث وأن لا يندفع فلربما يجد حلاً مع الأيام على أن لا تطول حتى لا تزداد المعانات ويزداد الضيم والظلم ، ونحن بدورنا سنكون شركاء في كل ما من شأنه تصحيح الأوضاع في سوريا وإنقاذها مما هي فيه من حرب أهلية ودمار .
لا تضربوا سوريا ليس شعاراً نرفعه لكي نبريء ذمتنا أمام الرأي العام مما سيحصل من تبعات وأضرار ، إنما هو مبدأ وقناعة نؤمن بها ويؤمن بها كل ليبرالي ديمقراطي ، فهدفنا هو حرية الشعوب وتحقيق العدالة والسلام ، وهدفنا هذا أحوج ما تكون إليه البلاد العربية التي تضج بالموت والدمار والحروب التي تعيشها كل يوم ، ولقد شجعني في قولي هذا ذلك التيار الكبير في العالم كله الرافض للحرب والداعي للعمل السياسي الذي من شأنه حماية الأرواح والممتلكات ، ولقد كان لنداء البابا في نفسي وقع كبير وهو يذكر قمة العشرين بحجم المعانات التي تصنعها الحرب إن وقعت في سوريا على شعبها وشعوب المنطقة ، كان ندائه حول المستقبل وكيف يكون فيما لو ذهبنا للحرب بحجج واهية وأكاذيب .
وإذا كنا نخاف على أطفال سوريا ونسائها كما يزعم الإعلام فلنعمل إذن على حقن الدماء وتجفيف مصادر التوتر والإرهاب ولجم الدول التي تغذي الطائفية ، ونشجع الشعب لينفتح على بعضه يحاور بعضه بعضاً ونساعده في إيجاد الحلول التي تنقذه مما هو فيه ، إن تغيير نظام الحكم في سوريا شأن شعبي يمر عبر حوار الشعب ، وإنني ممن يشجع على التغيير في ذلك لأني أجد فيه الحماية والرعاية والأمل بالمستقبل لشعب سوريا ، لكن ذلك لا يحتاج منا لتدمير سوريا وضربها وهتك حرمتها .
إذن لا تضربوا سوريا ودعوا الحوار يأخذ طريقه بديلاً وهدفاً وخيارا وحيدا ، وإنني واثق بقدرة الشعب على صنع مستقبله ، ذلك لأن شعب سوريا يمتلك من الذكاء والقدرة ما لايمتلكه شعب أخر .
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام السياسي وهاجس الحكم
-
تلوث العقل السياسي العربي
-
تجربة مصر تُثبت مدى الحاجة لليبرالية الديمقراطية
-
تهنئة
-
القرضاوي وكذبة رجل الدين
-
ماذا تعني السيادة الوطنية ؟
-
موقفنا مما يجري في المناطق الغربية
-
بمناسبة الإنتخابات البلدية في العراق
-
عقلية الطوائف
-
حينما يتكلم الملك
-
المعركة في سوريا
-
العلمانية كما أرآها
-
قول في الوطنية
-
مبادئنا
-
كيف ننقذ الوطن ؟
-
الإصلاح الديني ... لماذا وكيف ؟
-
فوضى التظاهرات
-
رأينا في الأزمة الجديدة
-
مصلحة العراق فوق الجميع
-
حوار في قضية الحسين
المزيد.....
-
محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح
...
-
تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم
...
-
طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز
...
-
اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك
...
-
كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع
...
-
ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر
...
-
في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة
...
-
تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
-
-الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
-
تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|