أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الحياة ظاهرة كونية وليست أرضية فقط ؟















المزيد.....


الحياة ظاهرة كونية وليست أرضية فقط ؟


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 12:25
المحور: الطب , والعلوم
    


الحياة ظاهرة كونية وليست أرضية فقط ؟

منذ فجر الإنسانية والبشر يتساءلون هل نحن وحيدون في هذا الكون؟ من البديهي القول أن الحياة ظهرت على كوكب الأرض منذ مليارات السنين وتطورت من شكلها البدائي أحادي الخلية إلى شكلها المعقد العاقل والذكي الذي بات يغزو الفضاء ويحقق المعجزات التكنولوجية في كل يوم. ولكن كيف ظهرت الحياة؟ ولماذا على الأرض حصراً؟ لماذا لم تظهر في كواكب أخرى في المنظمة الشمسية؟ ومن يقول أنها لم تظهر في النظام الشمسي قبل الأرض؟ وماذا تعني الأرض بالنسبة لمكونات الكون المرئي المنظور والمرصود المليء بمليارات المليارات من السدم والحشود المجرية والمجرات والنجوم والكواكب وغيره من المكونات المادية والطاقات المعروفة والخفية؟ وهل من المعقول القول أن الحياة وجدت في كوكب واحد في هذا الكون الهائل الاتساع والباقي مجرد ديكورات ؟ من العبث التفكير بهذه الطريقة وإنكار ما لانعرفه أو نجهله. فالحضارات الذكية على الجانب الآخر من الواقع المادي قد تكون موجودة وعلينا أن نعترف بأننا لسنا الكائنات الذكية الوحيدة في الكون المرئي، ويجب علينا أيضا أن ندرك أن ليس كل حياة ذكية تأتي من كواكب أخرى و أنظمة نجمية أو شمسية في فضاء الكون الفسيح تشبه بالضرورة حياتنا الأرضية. هناك من البشر أو الكائنات الفضائية من يتمكن من السفر عبر الزمن، وربما البعض منهم يعود إلينا من مستقبلنا، ثم هناك أولئك الذين هم كائنات ذوي الأبعاد اللامرئية، او يأتون إلى زيارتنا من أبعاد كونية أخرى خفية أو مجهولة لا نعرفها. لذا لا ينبغي الخلط، ولهذا فان الأمر معقد جدا بالنسبة للعقل البشري الحالي المحدود. فالحقيقة بالنسبة لنا هو ما نراه ونلمسه وندركه بحواسنا الخمس، وهي حقيقة نسبية محلية، ولكن الفهم والإدراك والاستيعاب والتقبل يخضع لمختلف الاحتمالات، لذلك يجب علينا التفكير خارج منطقة الواقع المألوف.


من الصعب تحديد وتعريف ما هي الحياة وما المقصود بها على وجه الدقة من الناحية العلمية البحتة، خاصة وإننا لا نعرف إلا مظهراً واحداً للحياة هو ذلك الموجود على الأرض والمبني على الكيمياء الحيوية أو الكيمياء العضوية، والحال أننا بتنا نعرف ، بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي والاكتشافات العلمية الحديثة، أن هناك أشكال أخرى متعددة للحياة لا تعد ولا تحصى. فلقد اكتشف العلماء في أواخر القرن العشرين أشكال مذهلة من الكائنات الحية المجهرية وما دون المجهرية أو بحجم البكتريا تعيش في الأعماق المظلمة للمحيطات، وهي لم تر النور مطلقاً وتعيش وسط تركيبات معدنية سامة وتحت ضغط مهول ومع ذلك فهي تعيش وتتكاثر بدون ضوء وبدون أوكسجين. فالنموذج الذي نعرفه على سطح الأرض يتميز بأنه يتنفس ويتوالد وقابل للتكاثر ويتغذى ويطرح فضلات وينمو ويتطور ويتكيف وفق الظروف المناخية. فالحياة إذاً ليست مجرد نظام معقد جداً بل هي صيرورة قادرة على البقاء خارج التوازن الثرموديناميكي équilibre thermodynamique، فشعلة الشمعة تستهلك الأوكسجين في الجو والمادة المحترقة التي تتكون منها الشمعة لكي تبقى مشتعلة لكنها ليست حية، بينما النبتة تستهلك ضوء الشمس وغاز الكاربون في الجو لكي تعيش وهي بالتالي كائن حي، إلا أن النبتة أكثر تعقيداً من شعلة الشمعة حتى وإن استخدمتا الطاقة ومادة العالم الخارجي للبقاء خارج التوازن الترموديناميكيéquilibre thermodynamique، ومن هنا يمكن اعتبار الموت بمثابة عودة للتوازن الترموديناميكي.
وما التطور سوى تكيف الحياة وتأقلمها مع مختلف الأجواء والمناخات أوالتغيرات المناخية changements atmosphériques في المكان والزمان.
إن تطور المادة الحية يختلف عن تطور المادة الجامدة فوصف بكتريا أعقد بكثير من وصف حجر لأن الأولى تحاج في وصفها لمعلومات كثيرة وميزات وخصائص كثيرة.
فالحياة على الأرض تعتمد على كيمياء الكاربون la chimie du Carbon وعلى التفاعلات الكيميائية les réactions chimiques داخل وسط سائل هو الماء milieu liquide بيد أن هذا لا يمنع من وجود حياة تكون قائمة على عنصر السيليكون بدل الكاربون وعلى سائل الآمونيا بدل الماء، على سبيل المثال لا الحصر .
فالأحماض الأمينية les acides aminés والنيوكليوتيد أي التركيبات النووية في النوى أو النواتات les nucléotides التي تشكل الخلية الحية تأتيان من كيمياء لعنصر واحد هو الكاربون. وهناك خمسة نيوكليوتيدات فقط لخلق مجمل الأحماض الأمينية وهناك عشرون حامض آميني تستخدم لصنع البروتينات les protéines مثلما هو الحال مع الحروف الأبجدية الــ 26 الرومانية لتأليف مجلدات في مختلف فروع المعرفة والإنتاج اللغوي, فتماسك الخلية الحية يتم بفضل البروتينات وهي التي تخلق البيئة الأساسية في حين يوجد هناك أيضاً ما يعرف بالبروتينات الأنزيمية les protéines enzymes التي تلعب دور المحفز والوسيط للتفاعلات الكيميائية الحيوية les réactions biochimiques.
الأجواء ودرجات الحرارة وطبيعة المناخ في كواكب منظومتنا الشمسية لا تسمح بظهور الحياة، كما نعرفها في أرضنا اليوم، على أسطحها، وهذا ما اكتشفناه اليوم بعد أن تمكنا من الوصول إليها في مسابير ومركبات فضائية تتمتع بتكنولوجيات فائقة صورتها وحللت مكونات تربتها ومناخها وغلافها الجوي، ولكن لا أحد يجزم أو يعرف ما إذا كانت حياة ما قد سبق وأن ظهرت على سطح إحدى تلك الكواكب في مجموعتنا الشمسية في أزمان سحيقة غابرة قبل ملايين أو بضعة مليارات من السنين عندما كانت الأجواء ودرجات الحرارة ملائمة وربما تواجد وفرة من المياه اللازمة لنشأة الحياة على سطحها كما يعتقد اليوم فيما يتعلق بكوكب المريخ وربما أيضاً على سطح قمر تيتان.
ومن البداهة القول أن التمايز بين الحي وغير الحي يتم بخاصتين أساسيتين إحداهما الحركة الذاتية في كافة الأحياء، أي التغيير باطنيا وظاهرياً، والخروج من القوة الكامنة إلى الفعل لا الحركة المكانية فقط، بينما المادة الصرف، أو الجماد، لا حراك فيها إلا بدفع من خارجها أو إزالة عائق يمنعها، بحيث أن الحي الذي يفقد هذه الخاصية يعتبر ميتاً محروماً من الحياة. والخاصية الأخرى هي الإدراك لدى بعض الأحياء وبدرجات متفاوتة، لا سيما وإن الإدراك نفسه ، فعل أو حركة، له مبدأ باعث على الحركة طلباً أو هرباً ، حسب التفسير الفيزيائي الحيوي الذي يقول أن للكائن الحي قوة باطنة هي علة حياته وأفعاله الحيوية سماها البعض النفس والبعض الآخر الروح ، وإن الحركة الذاتية مقدمة على الإدراك لوجودها في الأحياء قاطبة بل وهي لهذا السبب الخاصية الأساسية للحياة الأرضية.
عندما تظهر الحياة على سطح كوكب ما فإنها تساهم جوهرياً في تغيير مناخه خاصة في الطبقات المنخفضة القريبة من سطح الكوكب la basse atmosphère وهي الفرضية التي عرفت باسم الغايا Gaia التي قدمها العالم الإنجليزي جيمس لوفلوك James Lovlock وتقول إن العناصر الحية التي تعيش على سطح الأرض l’organismes vivants هي المسؤولة عن تكون الغازات غير النبيلة ومسؤولة كذلك عن حالة الأكسدة وتكون الأوكسجين l’etat d’oxydation وإن الصدفة ودرجات الحرارة المنخفضة تغذي طبقة الترسبات ، وبفضل مصدر الطاقة الخارجي وهو الشمس، يتم المحافظة على التوازن والتنظيم المناخي من خلال عملية التركيب أو التمثيل الضوئي photosynthèse لإنتاج الأوكسجين وثاني أوكسيد الكاربون والنتروجين أو الآزوت، وهي العناصر الضرورية للمركبات العضوية ولخلق جون أو مناخ غني بالأوكسجين الضروري للتنفس وغلاف جوي يحمي من غلإشعاعات المميتة القادمة من الشمس، وطبقات من الطين غنية بالمركبات العضوية.
أظهرت تحليلات البقايا العظمية المتحجرة أن الحياة ظهرت على الأرض بعد مليار سنة من تكون الكوكب واستغرقت ملياري سنة لكي تكتسي شكل الخلايا المنعزلة طافية على سطح المياه وبعد أكثر من 7 ملايين سنة تقاربت الخلايا وتجمعت لتشكل أولى العضويات المتعددة الخلايا ، وبعد مرور مائة مليون تكون لبعض من تلك الكائنات العضوية الرخوة هيكل عظمي بدائي عثرنا على بقاياه متحجرة في الصخور ، ومن ثم مرت مائة مليون سنة أخرى تقريباً لكي تظهر أولى الأسماك في مياه البحار والأنهر ومائة مليون سنة إضافية لكي تضع الأجيال المتطورة عنها بيوضاً وتزود البعض من نسلها بالرئة لكي تتمكن من الخروج إلى اليابسة على شكل زواحف وبعد مرور 26 مليون سنة ظهرت الحيوانات ذات الدم الدافيء ونشأت منها النماذج الأولية للثدييات protomamifères. وبعد 25 مليون سنة اختفى حوالي 90% من الأنواع الحية وظهرت عوضاً عنها أنواع حية نباتية تتغذى على النباتات والأعشاب herbivores وجيل جديد من الزواحف reptiles ومن ثم تطورت بقايا الثدييات وظهرت الديناصورات التي اختفت من على سطح الأرض على إثر كارثة بيئية كونية نتيجة اصطدام مذنب بكوكب الأرض الأمر الذي قضى على 80% من الأنواع الحية وابتدأت دورة حياة جديدة وقبل 15 مليون سنة ظهرت أسلاف الجنس الحيواني الذي يعيش على الأرض اليوم ومنه نشأ الجنس البشري كما تخبرنا نظرية التطور الداروينية ويمكن أن تفنى الحياة برمتها إذا تعرضت الأرض لكوارث كونية كالاصطدام بالمذنبات comètes أو النيازك astéroïdes الكبيرة وربما تنقرض أنواع حية حيوانية ونباتية وبشرية جراء انفجار البراكين والفيضانات والتسونامي أو التغيرات البيئية .
هناك نسب محددة ومعروفة للتفاعلات والتطورات الخليوية والبروتينات التي بفضلها من الممكن تكوين أحماض أمينية في المختبر , ولكن من الصعب في الوقت الحاضر خلق خلية حية من مادة غير حية, فالخلية الوحيدة الأولية لم تكن تتكاثر جنسيا
وفي الحقيقة كل الكائنات وحيدة الخلية لا تتكاثر جنسيا
فهناك عدة وسائل بديلة للتكاثر عند هذه الكائنات منها التبرعم الانقسام وغيرها ، ولكن على الأرجح إنها كانت تنقسم فهذا هو الشائع في عالم وحيدات الخلية
وفيما يتعلق بدقه النسب فيمكن مراجعة كتاب ريتشارد داوكنز الجينات الأنانية، والذي هو عالم بيولوجيا كبير ومشهور في مجال الأحياء وهو بروفيسور في جامعه هاردفرد إحدى اكبر الجامعات في العالم ولديه كتب ومؤلفات وحاصل على جوائز عديدة ومتخصص بنظرية التطور.

ولكن من أين جاءت الحياة على الأرض هل هي بفعل عملية خلق رباني أم نتيجة تفاعلات طبيعية على الأرض نفسها أم إن مصدرها فضائي؟
هناك نظرية جدية في الفيزياء عن الحياة تثبت أن نظرية التطور الداروينية في النشوء والارتقاء والانتخاب الطبيعي ما هي إلا جزء صغير من صيرورة أكبر وأوسع وأشمل، تقول أن الغبار النجمي يحمل بذور بدء الحياة. وإن نظامنا الشمسي ملئ بالغبار الناتج عن العديد من التفاعلات بما فيها تكسّر المذنبات. لذا فإن رحلة صغيرة إلى مكونات الغبار النجمي ستنقلنا إلى عالم من الأجوبة حول كيفية بدء الحياة على كوكب الأرض. قام جون برادلي من مختبر "لورانس ليفرمور" الوطني في كاليفورنيا وزملاؤه بدراسة على الغلاف الخارجي للغبار المستخرج من الغلاف الجوي الطبقي للكرة الأرضية (الستراتوسفيرstratosphère). باستخدام مجهر متناهي الدقة استطاعوا بواسطته ملاحظة وجود تجاويف مائية صغيرة تحت سطح ذرات الغبار.
يقول العلماء أن التجاويف المائية تكوّنت بفعل تعرض ذرات الغبار هذه إلى الرياح الشمسية المشحونة، حيث يتكون الغبار النجمي بمعظمه من السيليكات التي تحتوي على أوكسجين، وبينما يسافر هذا الغبار عبر الفضاء يصطدم بالرياح الشمسية التي تحوي على تدفقات من ذرات هيدروجين متأينة ذات طاقة عالية، عندها يندمج الأوكسجين والهيدروجين مشكلين بذلك الماء.
كما يعتقد العلماء أن الأرض تلقت أمطاراً من الغبار الكوني في فترة ما من مراحل نشوء الحياة الأولى رغم أن هذا لا يفسر حساب ملايين الكيلومترات المكعبة من الماء التي تغطي سطح الأرض. من ناحية أخرى تعتبر الكويكبات المحملة بالماء والمذنبات التي اصطدمت بالأرض في مراحل سابقة مصدرًا هامًا لوجود المياه على الأرض.
ويأتي هذا الاكتشاف مرتبطًا بدراسات سابقة حول وجود مركبات عضوية في الغبار الكوني، حيث يتبين من النتائج وجود المكونات الأساسية للحياة كالكربون العضوي والماء في الغبار النجمي والكوني وبما أن ذرات الغبار هذه منتشرة بين جميع مجرات الكون فإن هذا يشير إلى وجود حياة في كل مكان في هذا الكون وليس على أرضنا فقط. وبهذا الصدد نشر العالم الفيزيائي الشاب البالغ من العمر 31 عاماً جيريمي الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT بحثا في مجلة الكوانتا قال فيه أن الفيزياء الأساسية وقوانينها في الكون المرئي أو المنظور والمرصود، هي الأصل الدافع للحياة وتطورها.
هل الحياة جزء جوهري من الكون المرئي؟
هل الحياة موجودة منذ الأزل في جميع أرجاء الكون المرئي أم إنها خلقت هنا وهناك في ثنايا هذا الكون المرئي الشاسعة على فترات متباينة؟ ولكن من خلق من؟ وهل هناك عملية خلق حقاً؟ هل الحياة سابقة للكون المرئي، متمثلة بكينونة حية وعاقلة، هي التي قامت بخلق الكون المرئي أم العكس، أي أن يكون الكون هو الذي يحتوي الحياة في طياته ومكوناته الجوهرية ويبثها في كل مكان من أرجائه في الأكوان المتعددة وفي المجرات داخل كل كون وفي النجوم التي تشكل المجرات وفي الكواكب التي تدور حول نجومها؟. الإيمان بالله لدى المؤمنين مبني على قاعدة معكوسة، فعندما تسألهم من هو الله؟ يقولون لك أنه الخالق و لكن هذه الإجابة تتعاطى مع صفة أو مهنة كصانع أو نجار أو بناء ولا تُعرف ذات وماهية أوكينونة إلهية. وعندما تسألهم ومن قال لكم أنه الخالق؟ فهل شاهدتم حدث الخلق بأنفسكم؟ سيكون جوابهم : لا ولكن ورد ذلك في كتبه المقدسة التي أخبرتنا أنه الخالق، عندها سيفرض سؤال محرج نفسه عليهم وهو : ومن قال أن هذه الكتب من الله فهذا الأمر لم يثبت تاريخياً؟ الإجابة الوحيدة الممكنة من قبلهم هي : لأنه قال لنا فى كتبه أنها كتب من عنده. والحال بات معروفاً اليوم من الناحية العلمية إن الأديان من صنع الإنسان، والإنسان هو الذي خلق الآلهة في مخيلته التي تطورت بتطوره. فبعد أن كان الإله حجراً أو جذع شجرة قديمة ميتة كانت تتوسط المساحة السكنية التي تقطنها قبيلة بدائية يعتقدون أنها تحميهم من الشر، اتخذ الإله أشكالا اخرى كالقمر والشمس والكواكب والنار والبرق والعواصف، ثم أصبح الإله في هيئة إنسان يهبط من السماء ليصارع يعقوب، وينهزم أمامه كما جاء في نص التوارة. أن الكون هو موجد الحياة ومنبعها لأنه هو ذاته كينونة حية. فلقد توصل لفيف من العلماء في أواخر عام 2009 إلى اكتشاف مثير بفضل مرصد راديوي يبلغ قطره 30 متراً تمثل بالعثور على مادة الآسيتونايتريل وهي مادة قريبة في تركيبتها الجزيئية من الحوامض الأمينية التي هي بدورها تمثل اللبنات الأولية للأحماض النووية التي يعتقد علماء الأحياء والبيولوجيا أنها جوهر الحياة، والأهم في ذلك أنهم عثروا على هذه المادة العضوية في غيمة غازية هائلة تقع في مركز مجرة درب التبانة بالقرب من سديم أو كوكبة القوس. وبدراسة هذا التشكيل السديمي الكثيف والساخن جداً الذي يبلغ قطره مايقارب ثلثي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة، أي ثلثي السنة الضوئية، وفي مركزه نجم حديث الولادة. تتيح لنا هذه الاكتشافات العلمية الحديثة في هذا المضمار إمكانية التركيز على فكرة باتت مقبولة من قبل عدد من العلماء والباحثين مفادها أن إحتمال تشكل اللبنات الأولى للحياة الأساسية كان في الغيوم السديمية المنتشرة في كل أرجاء الكون المرئي، وقد تكون هي المصدر الأساسي أو الأولي الذي مهد لظهور الحياة فوق عدد كبير من الكواكب التي تلائم ظروفها البيئية نشأة الحياة فوقها كما هو الحال مع كوكبنا الأرض، وهي كواكب توجد في عدد من المنظومات الشمسية في مجرتنا وفي باقي مجرات الكون المرئي وتعد بالمليارات. وهذا ما سيشجع العديد من العلماء على محاكاة عملية نشوء الحياة مختبرياً من خلال عدد كبير من التجارب البيولوجية والتفاعلات الكيميائية المختبرية. ولو تم إثبات هذه الفرضية فهذا يعني أن من المحتمل أن تكون الحياة بأشكالها المتنوعة، وحياتنا البشرية أحد أنواعها، هي أكثر شيوعاً وانتشاراً في الكون المرئي مما كنا نعتقد في الماضي القريب. بعبارة أخرى إن الحياة هي جزء أساسي وجوهري للوجود الحي في المنظومات الكونية وفي الوجود كله وهي من شروط التركيبة الكونية الشاملة في مقابل فرضية الآنثروبيأو المبدأ الإنسي anthropien التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة وكدليل على وجود أشكال حياة خارج كوكبنا، نشرت دورية "مجلة علم الكونيات" (the Journal of Cosmolgy) مؤخرا مقالا أثار الجدل وشارك في تحريره علماء من المملكة المتحدة و سريلاكنا.
ففي يوم 29 ديسمبر/كانون الثاني من سنة 2012، سقطت مجموعة كبيرة من الشهب بقرية أراغانويلا السرلانكية، و قامت مجموعة من العلماء بجمع عينات لدراستها.
أحد هذه الأحجار النيزكية سمي (Polonnaruwa météorite) وهو نيزك حجري غير حبيبي كربوني (carbenaceous chondrite) كشفت الصور الإلكترونية المجهرية أنه يحتوي بداخله على طحالب من نوع الدياتوم (diatom) المتحجرة، أي تركيبة عضوية حية. وقد قام بقيادة الدراسة البروفيسور شاندرا ويكراماسينغ، مدير مركز البيولوجيا الفلكية بباكنغهام. ويعتقد فريق البحث أن هذا الاكتشاف يؤكد فرضية التبزر الشامل (panspermia) التي تقول بأن الحياة منتشرة في مختلف أنحاء الكون المرئي و تنتشر عبر الكويكبات و النيازك، منذ أن بدأت النجوم بإنتاج العناصر الثقيلة والمواد الأساسية للحياة كالكاربون والأوكسجين والهيدروجين، وبالتالي الماء، في مختلف مراحل التطور الكوني على امتداد 13.82 مليار سنة.
أثارت الدراسة الكثير من الجدل في الأوساط العلمية، اعترض بعض العلماء المشككين على هذا الاكتشاف مقدمين حججا مثل أن تكون الطحالب قادمة من مياه من الأرض علقت بالحجر النيزكي عند سقوطه على كوكبنا.
وفي هذا السياق لم ينف كاتب المقال في حوار له مع جريدة هافينغتون بوست إيجاد كائنات معروفة أرضيا توجد في العادة بالمياه العذبة أثناء الفحص، إلا أنه أكد أن الحجر النيزكي يحتوي على 12 نوعا من الطحالب على الأقل التي أثارت حيرة الخبراء ليس مصدرها الأرض بكل تأكيد، إذ أنها كانت أنواعا مجهولة بالنسبة للعلماء.
أما بالنسبة للمشككين في كون الحجر نيزكيا مصدره الفضاء، فإن الفريق سيقوم بنشر بيانات تؤكد أنه بالفعل حجر نيزكي، ويبقى هذا الاكتشاف محل جدل إلى أن يتم نفي أو إثبات صحته. كما يقول علم الأجنة الطبي أن تطوّر الإنسان كان تتويجاً لعملية تطور بدأت منذ 3.8 مليار عام، حينما ظهرت بكتيريا وحيدة الخلية في المحيط البدائي، ومنها تطورت "شجرة الحياة" النباتية والحيوانية. ومن الفرع الحيواني، وفي مرحلة متأخرة جداً، ظهرت الثدييات، ومنها قرد راما، وهو نوع أكثر تطوراً من فصيلة الشمبانزي، ومن هذا القرد تطوّر الإنسان، منفصلاً عن ابن عمّه الشامبانزي العادي، منذ 7 مليون سنة فقط. و يشترك الإنسان المعاصر مع الشامبانزي في 98،5% من الجينات (نسبة الجينات تحدّد قرب أو بعد انفصال حيوان عن سلالة نسب الآخر بمن في ذلك الحيوان الناطق)، في حين أنّه لا يشترك مع الزّهرة إلا بـ2% من الجينات، ولا يشترك مع الأرنب إلا بـ70%من الجينات. وهكذا مع جميع النباتات والحيوانات التي تطور منها كما تنص على ذلك نظرية التطور والانتخاب الطبيعي لتشارلز داروين.



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق الأوسط في إعصار لعبة الأمم
- حكايات الكوانتا الغرائبية
- الموجود والمفقود في الكون المرئي
- التشققات الكونية
- مفردات الكون المرئي الجوهرية: الصدفة أم الضرورة، الشواش والع ...
- التشيع والدولة: رجال الدين أمام اختبار الحداثة
- دردشة في باريس بين جواد بشارة و الباحث الفرنسي المتخصص بالإس ...
- المليشيات المتشددة في سوريا: الدروس العراقية والليبية
- قراءة في الجذور التاريخية للانقسام الشيعي السني في الإسلام ر ...
- المحطات الخفية في رحلة الكون المرئي
- الجولة ما قبل الأخيرة لمباراة العلم ضد الدين:
- حرب المخابرات سترسم ملامح الشرق الأوسط الجديد
- لبشر وكائنات السماء الأخرى في الكون المرئي : معضلة الاعتراف ...
- مهمة التلسكوب الفضائي بلانك تلقي ضوءاً جديداً على صيرورة الو ...
- برهان شاوي بعيون باريسية
- رؤية بانورامية موجزة لتطور النظريات الكونية من بداية القرن ا ...
- صيرورة الكون المرئي وماهيته من الأصل إلى الكل الحي
- البنية الهندسية لهيكيلية الكون الكلي
- عرض لكتاب الدكتور جواد بشارة الكون الحي
- رحيل الذات


المزيد.....




- تعرض اليوم..الآن تابع الحلقة 156 مسلسل قيامة عثمان .. تردد ق ...
- تقارير: أدوية شائعة لفقدان الوزن -تفاجئ- الرجال بالعجز الجنس ...
- صور من الفضاء.. هذا ما فعلته إيران في قاعدة أصفهان بعد ضربها ...
- إجراء أول اختبار لدواء -ثوري- يتصدى لعدة أنواع من السرطان
- أسهم أوروبا ترتفع بدفعة من نتائج قوية لشركات التكنولوجيا
- الصحة العالمية لـ-سكاي نيوز عربية-: غزة أصبحت لا تصلح للحياة ...
- غوغل ومايكروسوفت تبدأن جني ثمار الاستثمار بالذكاء الاصطناعي ...
- العثور على محيط حيوي -سري- تحت الصحراء الأكثر جفافا في العال ...
- جامعة العلوم السياسية بباريس توقف الدروس بعد تصاعد احتجاجات ...
- كيف تثبِّت الإصدار التجريبي لنظام أندرويد 15 على هواتف بيكسل ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الحياة ظاهرة كونية وليست أرضية فقط ؟