أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثامر ابراهيم الجهماني - السكّير :














المزيد.....

السكّير :


ثامر ابراهيم الجهماني

الحوار المتمدن-العدد: 4367 - 2014 / 2 / 16 - 00:39
المحور: الادب والفن
    


السكّير :
منتشياً بفعل المشروب الذي واصل غبّه حتى ساعة متأخرة ليلة البارحة ، استيقض وفي رأسه كل مطارق الحدادين تعمل وكل ضجيج المدينة مع القليل من الصداع المعتاد .. قرر أن فنجان القهوة الذي نسي شربه كالمعتاد بعد كل سهرة كفيلاً بمعالجة الأمر .
أدرك وقتها دون سابق إنذار أنه يعيش بين أحياء المدينة المحاصرة ، قرر أن يلبس ثوب الثائر ليشارك في المظاهرة التي ستخرج هذا اليوم لتطالب بحقوق المرأة ، بحث عن ثوبه المفقود بين زجاجات الخمر وصناديق البيرة وخلف السرير وتحت الطاولة ..لكنه نسي أين خلعه آخر مرة .
ركض سريعاً الى حمامه القذر ليفرغ ما في جوفه من بقايا المشروب ليلة الامس ..وسواد القهوة التي احتساها قبل قليل ...
وصل الى مسامعه أصوات الهتافات في المظاهرة أسرع الى شرفة منزله المتهالكة ، عض على شفتيه وضرب الدرابزين بقبضة يده غضباً لمّا فاتته المظاهرة فقد اعتاد أن يعتلي الاكتاف حتى يراه الجميع ...قرر أن يهتف من شرفته لكنه تذكّر أن موعد حمامه المؤجل منذ شهور قد حان ..راح يبحث عن ملابس نظيفة ومنشفة جديدة لكنه لم يفلح كالمعتاد وقرر تأجيل استحمامه ..مالذي سيحدث ؟ إن كان سيتسخ بعد أول سكرة فلماذا الحمام اذاً ؟
أزيز الرصاص المتبعثر في الحي وأصوت المكبرات وهي تعلن منع التجوال أزاحت من رأسه بقايا الثقل المترسب ...حلف بالطلاق على زوجته التي طلقها قبل ذلك عشرات المرات - ويعود ليعاشرها في صباح اليوم التالي دون اغتسال -..لا لسبب فقط للمزاح فقد اعتاد ذلك .
كيف سيخرج ليجلب ما يحتاجه من مشروبه المفضل (عرق الريان ) ...عاد ليسأل نفسه لماذا أطلقو عليه اسم الريان ؟؟ هل هو تحدي . أم اشارة لأنهار الخمر ؟؟!!
هجم الليل سريعاً .. ماذا لو صلى ركعتين ؟ فكرة خطرت في باله لكنه ليس على طهارة كالعادة ..غيّر رأيه سريعاً وراح يبحث بين الفوارغ على رشفة هنا أو رشفة هناك ..تلهوج كثيرا ً إنسعر وهو يبحث ..
ماذا يفعل ؟
هل يخرج ؟
وماذا عن دوريات البوليس الليلية ومنع التجوال ؟ وإن تمكّن وخرج أين سيجد غايته ؟
راح يحرك رأسه ( كالحرذون ) فكّر ثم فكّر ...قادته قدماه الى الشرفة وراح يصدح كما فعل المتظاهرون الليلة الفائته ..تكبير ...الله أكبر ...تكبير ...الله أكبر ...كررها وكررها حتى جاوبته حناجر ابناء الحي ...دقائق وامتلأ الحي بزوّار الليل ودوريات الامن ..أشار أحدهم بيده نحوه ..هاهو هناك ..!!
لحظات وكان البيت محاصراً وتخبيطهم على الباب المتهالك صمّ الآذان ..طار الباب وتحول البيت الى ملعب يتزاحم فيه رياضيون ببساطير عسكرية أو بالعكس عسكريون بأبواط رياضية ، زادت وارتفعت قرقعة السلاح كل ذلك لم يجعله يرتجف ..اكتفى أن يتكوّر في ركن الغرفة كالكد س النابض ...
ضحك الضابط مما شاهده ...عشرات الزجاجات الفارغة وكومة لحم ترتجف من البرد ...والخوف .
الضابط : انت من كان يكبّر ؟
السكّير : نعم .
الضابط : لماذا ، ماذا تريد ؟
السكّير : بدي عرق .
الضابط : ههههه ضحك ملياً ..إن احضرنا لك العرق هل تصمت ؟
السكّير : نعم سيدي سأصمت .
الضابط : أحضروا له ما طلب . وإياك أن أسمع صوتك ثانية .
ما هي الا ساعة حتى وصل طلبه ..عانق عنصر الامن وقبّله واحتضنه فرحاً ، ولم يتمالك عنصر الامن نفسه من الضحك .
كانت ليلة حمراء وخضراء وصفراء ، وكما هي العادة نسي أن يشرب فنجان القهوة ، وتحول الى ( طيخة ) ، جثّة نتنة خائرة أتت على كل الشراب .و لعبت بها الزجاجات لعبها.
لن أكرر سرد تفاصيل اليوم السابق لانه يكرر ذاته يومياً بكل سفاسف الامور . في الليل قرر ان يتظاهر ...خرج الى الشرفة ...تكبير الله أكبر ...تكبير الله أكبر ...صاح به الضابط من الحاجز القريب : حسنا سمعنا صوتك وفهمنا طلبك .
صمت فورا وراح ينتظر ..يعد الدقائق ...ولم يطمئن إلا حين سمع الضابط يخاطب أحد عناصره ..اذهب واحضر لتر عرق لابن الكلب خليه يسكت ..
إبتسم وأدرك أنه المقصود ..ودّ لو أنه يستطيع النباح عرفاناً لهذا الضابط الرحيم .



#ثامر_ابراهيم_الجهماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية البيضة والدجاجة في جنيف 2 :
- متعة
- سورية ماذا بعد الآتون ؟ :
- سعاد وخيمة اللجوء :ق ق ج
- نيلسون ما نديلا من رئيس لجماعة مسلحة الى رمز عالمي لنبذ الان ...
- إياكم ألا يسقط نظام الأسد :
- البِيّاع :
- حول خروقات السلطات الاردنية لاتفاقيات اللجوء :
- ماذا يعلمنا القرآن في تيه بني اسرائيل :
- الذاهبون الى جنيف 2
- الإرهاب والدين .
- التمييز بين العنف والإرهاب :
- شبيحة الاسد تذبح مواطن اعزل بالسكين :// دراسة تحليلية .
- مَن يحدد خيارات الشعب السوري ...
- متابعات حول المجزرة :
- المسكوت عنه في الثورة السورية (2)
- قصص قصيرة عن الثورة وللثورة المعراج الاول
- عن القضاء والفساد ومشروعية النظام ومصيره
- الديموقراطية و صندوق الاقتراع :
- نحن رواد حضارة عنوانها الاسلام


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثامر ابراهيم الجهماني - السكّير :