أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شوكت جميل - بلاد الأنوف الطويلة














المزيد.....

بلاد الأنوف الطويلة


شوكت جميل

الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 19:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا أرى بأساً في دس أنوفنا قليلاً ..فيما يعنينا،و من هنا كان المقال..
لا أحسب أن عصراً،أجترأ الناس فيه على بعضهم البعض،و أقحم الناس أنفسهم في شئون بعضهم البعض،و استباح الناس خصوصية بعضهم البعض كهذا العصر،فلم يعد الناس فيه يعفون حرمةً أو يستثنون إلّاً،و كما لقومٍ عادة لا يروقنا في الشيء سوى أسوأ ما فيه و أفسد ما فيه،إذ يرى ذوو الأنوف الطويلة:إنما هو زمن التواصل و الحرية،و علينا أن نأخذه بزبدته و زَبده،بخيره وشره.. و لا نملك إلا أن نقول: فلئن رافق الحرية في الغرب شيئاً يوازن ثقلها على الطرف الأخر،فاستقامت به أمورهم و صارت إلى النفع،شيئاً يسمونه الخصوصية(privacy)،و إنتهاكها(privacy violation)، في عداد الجرائم أو شيء كالجرائم،أما نحن فأمرنا غير ذلك،و آثرنا أن "نحجل"على ساقٍ واحدة،نسميها خطأً حرية، وإن شئت الصدق،فهو(زمن العرج والإختلال و السماجة ).

فما تكد تمر ساعة أو بعض ساعة هي عمر معرفتك بأحدهم في وسيلة إنتقال أو ما شاكل،حتى يحاول أن يستقصي أمورك ،كما لو كان سيكتب سيرتك الذاتية بعد رحيلك، فلا يقنع بمعرفة لقبك ومهنتك،و يلح في معرفة دينك و عقيدتك،فإن أنت أخبرته،تطرق السؤال إلى أسرتك،و إن كان لديك أطفال فكم عددهم و أي الأسماء أسميتهم،و عن قليل يسألك عن رقم حسابك!...لذا تجد الكثيرين منا اليوم يصطنعون لأنفسهم وجهاً خشبياً يحتمون خلفه،فيميلون إلى التحفظ و اقتضاب و بت الحديث مع الآخرين،فيكسبهم ذلك قشرةً من الجفاء و الغلظة الأنسانية، ما قصدوا إليها،و ما سلكوا تلك السيرة إلا لأن فتح الباب لأنف الفضوليين،يعني المزيد من البُغَضَاء و التنغيص في حياتهم التي لم تعد تتحمل المزيد من الإثنين.

و لو اقتصر دس الأنوف على هؤلاء الثقلاء الذين نصادفهم لماماً في حياتنا اليومية، لهان الأمر و لقبله المرء على مضضٍ،محتسباً إياه في غمار المنغصات التي نكابدها جميعاً،و نكره أنفسنا على تحملها،إلا أن الأمر الذي لا يطاق حقاً،هو طغمات الثقل الدائم المقيم،و التي تتخبطنا أينما ذهبنا، و التي لا مثيل لها_فيما أعرف_ في أي المجتمعات سوى مجتمعاتنا الناطقة بالضاد،و هم فئة من الناس أتخذت من الثقل و التنغيص و دس أنوفهم فيما يعنيهم و ما لا يعنيهم مهنتهم الأثيرة،وكأنهم تفرغوا لها أو كادوا...فمن هم؟

هم أناس تزخر بهم الطرق،و تكتظ بهم دور العبادة،و يطلّون علينا من الشاشات،آناء الليل و أطراف النهار،و تطفح بهم المواقع الإفتراضية،و هم بين طائفتين:الأولى:أناس بعثت بهم العناية الألهية رحمة بساكني الأرض،فيأتيهم خبر السماء و عندهم العلم اللدني...و الثانية:أناس لا يأتيهم خبر السماء،إنما نفذوا ببصيرتهم الخارقة الماحقة،و عقلهم الجبار القهار إلى جوهر الكون،و وعيه الكلي،و باتوا سونارات لكلى و قلوب البشر.و يتفق هؤلاء و أولئك في إيمان كل فرد منهم إيماناً لا يتزعزع بأنه صاحب الرسالة و المختار لهداية البشر الضالين.

فهو يجيبك_دونما سؤال منك_ بكل يسر و خفة عن الأسئلة التي كانت و ما برحت تدوخ الإنسان و جبابرة العقول:ما الإنسان؟و من أين جاء؟و إلى أين يذهب؟..ثم هو بعد ذلك يقدم لك الحقيقة المطلقة المنزهة عن كل شكٍ،و يرسم لك بالضبط كيف تعيش حياتك،و أي الأمور تفعل و أي الأمور لا تفعل،و إن فعلتها فبهذه الطريقة لا تلك الطريقة،و يبين لك ما يناسبك وما لا يناسبك،و ما يصلح لك و ما لا يصلح لك..و إيجازاً يضع لك "كتالوجك"أمام عينيك،و عليك أن تغتنم الفرصة،و تقنصه شاكراً، ضارعاً تركع،راكعاً تضرع،لتنفيذه في التو والحين......و قد يقع ذلك في نفسك موقع الدهش و الذهول،وتتساءل بأي إمارة يجترأ مثل هذا على ما لم يجرؤ عليه أعتى الفلاسفة و المفكرين؟ فتضعه مضطراً تحت مجهرك،و قد قدرت أن الرجل ربما أصاب شيئاً من العلم لم يدركه القوم،فإذا به ليس على شيءٍ من العلم و لو نذرٍ يسير!،فتقول ربما لخبرة الرجل و دربته و طول مراده في الحياة،فإذا به لم تصأصأ بعد عيناه !إذن فلربما كان رجلاً من أنجح الناس و أبرزهم؛ فتجده انه ليس على شيء من ذلك كله،تقول يكفي أنه من أسعد الناس..و لا حتى هذه أيضاً ،و أكبر الظن انك لو جربت أن تسقيه من دوائه،محاولاً أن تخطط له حياته لنفر منك أشد النفور و بادر بركلك،رافعاً لافتة الخصوصية و عدم دس الأنف في شئون الأخرين!

و ما خبرته في البعض _وليس جميعهم طبعاً_من هؤلاء،أن دس أنوفهم في أمور الناس ليس عن حالة فكرية أو عقيدة،بقدر ما هو حالة مزاجية تتلبسهم،أو بالأدق" دوافع نفسية تسوقهم"،فطغمة الناصحين الصالحين منهم،لطالما أخفت إحساساً عميقاً بالدونية،تجد راحتها في إحساس التفوق على من يمحضون له النصيحة، و هم يرفلون في زي كنفيشيوس المعلم الصالح، وأما طغمة الداعين للزهد(و كأن مجتمعاتنا قد بلغت من الرفاة غايتها!)و الذين يرمون الناس بالتكالب على المال ،فتجدهم أكثر الناس حرصاً و شحاً و تكالباً على الدنيا،أما الذين ينعون على الناس قسوتهم و يدعونهم إلى التسامح مع الناس و الصفح عن الإساءة،فقد خبرت واقعة لأحدهم إذ لم يكد يمسَّه بعض الناس مسَّاً خفيفاً حتى هر عليهم هرير الكلاب،فسقط فكي دهشةً و كنت قد أستمعت قبلاً إلى بعض أحاديثه،حتى ظننت أن مثله يبتسم في وجه قاتله!و لعل إتهامهم للناس بالقسوة ضرباً من الإسقاط النفسي.

هذا،ولأن المقال أوغل قليلاً في شئون الناس،و أوشكت أنفنا على الإستطالة،لذا نؤثر السلامة و كفى.



#شوكت_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيان ركلة لعنان لا أكثر
- و بعض التخاذل عنصرية_الشامية_
- شهوة الطريق سارة العقاد(2)
- شهوة الطريق و سارة العقاد(1)
- الكذب لحساب الله!
- صحراء النيل
- مصر:المرهم أم المشرط؟
- جهاد الفِراش في الحرب و السلام
- مصالحة الذئاب و سِمّاوي الكلاب
- علة العرب النفسدينية و قضية القُبلة
- أبالهوية أم بالمقود تتمسكون؟(2)؟
- أبالهوية أم بالمقود تتمسكون؟(1)
- هل تأكل الثورة أبناءها،و لِمَا؟
- و بعض التخاذل عنصرية_دلجا_
- عقد فاوست و بيعة أم ورقة إقتراع؟
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة الأخيرة_أقسم بالله..لست من الإخوان ...
- الخبز و ثورة 30 يونيو
- حمائم على مذابح الصولجان
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة الثامنة_فتنة!
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة السابعة_الشعب الذي يقول:لا


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - شوكت جميل - بلاد الأنوف الطويلة