أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شوكت جميل - مصالحة الذئاب و سِمّاوي الكلاب















المزيد.....

مصالحة الذئاب و سِمّاوي الكلاب


شوكت جميل

الحوار المتمدن-العدد: 4248 - 2013 / 10 / 17 - 07:14
المحور: حقوق الانسان
    


قال محدثي:
(عجيب أن تسقط من ذاكرة الأنسان أحداثٌ شديدة القرب و الطزاجة؛ فتغوص إلى قاعٍ بلا قرار.....بينما تطفو على السطح أحداثٌ و أشخاص من الأعماقٍ السحيقة بأغوار ذاكرته المُهْمَلة؛فتومض فجاءةً و تأخذه على غِرةٍ ؛و قد حسب أن لا وجود لها ..فإذا بكهلٍ تُعِيد إليه الذكريات أو تعيد بهِ إلى العمر الذي يسمح لكبشٍ بتحمل وزنه وهو يمتطيه،قابضاً على قرنيه،متخيلاً أنه أخيل..الذي لا يشق غبار شجاعته بغبارٍ قط .. أقول ذلك و قد ألحَّ على ذهني مؤخراً شيئاً من الطفولة الغابرة.. و تذكرت مهنةً طواها النسيان ،و شخصاً بات من الأحافير..لم يكن ما تذكرته سوى"السِمَّاوي"!...

و السماوي، لمن لم يعاصره،رجلٌ مهنته الصيد و القضاء على الكلاب الضالة و المسعورة،و أظن أنه كان موظفاً حكومياً يتقاضى راتباً نظير ذلك،و بالرغم من أنه لم يكن يستخدم السم عادةً في مهمته،إلَّا أن السم أصبح لصيقاً به،و قد ذهبت هذه المهنة فيما ذهب من مهنٍ كثيرة طواها الزمان و اختلاف الحدثان،فلم تعد ظروف الحياة ترى أن هناك مبرراً لوجودها، أو أن الناس قدروا ذلك....فلم يتبقى من تاريخ السماوي في وقتنا هذا سوى آثار في حديث الناس ..فيقولون :(له وجه السماوي)،حينما يرغب أحدهما في دمغ الآخر بالغلظة و الجفاء،و لا أعلم مدى صحة العبارة،فلم أشهد وجه سماوي،فقد كان أهلنا يلزموننا الدُّور إذا تواردت الأنباء عن قدومه؛ بالرغم من أنه يقتنص الكلاب المسعورة لا الصبية الصغار!و مما تبقى من آثاره أيضاً قول الناس:(رجلٌ سماوي)،لدمغ الواحد منهم بحمله للبغضة المقيمة،و الكراهية المستديمة لمن حوله، و أنه لا ينسى إساءةً،و لا يغفل عن عداوته ابداً...و الحق لم أجد سبباً منطقياً حتى الآن لكراهية الناس للسماوي.. فهو في النهاية يقدم لهم خدمة جليلة لو أبصروا...وعلى أية حال تذكرت هذه المهنة و تمنيت أن تعود..و لقد كان لذلك أسباباً!....


فمؤخراً غزت قريتنا جماعات من كلاب الضالة،و باتت تهدد كل من بالقرية ، فتقتل دواجنها بأطراف الحقول.. ثم امتد نشاطها الى الشوارع،فلم يعد يأمن الأنسان على نفسه في حقله و لا في سبيله لشأن او للآخر و لا حتى في داره..فكان آخر ضحاياها أن مزقت طفلة لم تتجاوز السابعة،و في الحق لقد كان آمر هذه الجماعات عجباً،إذ كانت لا تكتفي بأكل الحيونات من الخراف و الحملان والنعاج...بل تقوم بخرق بطون بقيتها و قد شبعت...فكأنما جبلت على العدوان والإفساد، و بدا أن الأمر تعدى دائرة الطعام أو الجوع..إلى دائرة العداوة و الشراسة الفطرية لديها إتجاهنا..و بمضي الوقت كانت تزداد جراءةً و ضراوة..

وبات جلياً أن هذه الكلاب لا تنتمي للقرية،ولا لإرضنا...فكلاب القرية أصبحت أكثر من داجنةٍ.و أصاب اللين طباعها حتى لم تعد تهر على غريبٍ!..و لما كانت قريتنا الصغيرة يحفها النيل من الغرب؛ فلم يتبقى غير أن نفترض،أن هذة الكلاب قد نزلت علينا من الجبل الشرقي الذي يحتضن القرية،و فيما وراءه من صحراء...و الحق نحن لا نستطيع أن نسميها تماماً بالكلاب...فقد كان تحمل هذة الحيوانات سمات غريبة لذلك سموها" بالسلعوة" أو"السعلوة"فهي ليست بكلابٍ و لا بذئابٍ ايضاً...و أغلب الظن..أنها حيوانات هجينة بين تلك التي تقطن الشرق و بين ما بقريتنا،و ربما حدث التهاجن على أطراف الحقول،على غفلة منا، و يبدو انها لم ترث من فصائلنا المنزلية شيئاً من حب الانسان أو الألفة معه ..بل تحمل كل الكره و العداوة لرائحة البشر؛و لست أعلم مدى رضى اهل البيولجيا بذلك؛على اية حال هذا ما خمنه شيوخ القرية المخضرمين.

و لقد أثارت هذه الكلاب الزعر و الفزع؛ فبعثت فينا الحنين إلى ذلك "السماوي"..الذي طالما لقي من الجميع الكره و الإستنكار و التهكم و السخرية،و رميه بعدم الرحمة و الرأفة،و على أية حال فقد اجتمع كبار القرية...و إذا لم يعد سماوياً هناك..فقد شكلوا مجموعاتٍ لمكافحة ذلك الوباء و القضاء عليه..و ها قد أصبحت الخطة جاهزةً للتنفيذ و لم يكن ثمة عائق غير "أبو حُقه"أو" أبو صفيحة" كما يحلو لعابثي القرية و ظرفائها أن ينعتوه..

أما أبو حقه هذا،فقد كان متفرنجاً كاشد ما يكون التفرنج،ملبساً و مظهراً و التواءاً في اللسان،و كان أكثر الناس لا يأخذونه على محمل الجد،و لك أن تضعه في غمار المطبلين في كل عرسٍ و المحتزمين في كل مرقصٍ،ثم لا يعرف أحدٌ له عملاً و لا مهنةً سوى الإنتماء "لجمعية تهتم بحقوق الكلاب الضالة" لذا كان غرضاً للتفكه و السخرية من عواجيز القرية المتحفظين،ويبدو أنه كان يحصل على راتبٍ في نظير ذلك،و يرتزق من هذه المهنة.،على أنه في كل الأحداث الآنفة لم ينبس أبو حقة بكلمة..و لا كلف خاطره بالبحث عن حل أو مخرجٍ مع تلك الجمعيات التي يزعم أنه منتسب اليها،و لكن ما إن علم بخطة القرية للتخلص من هذه الوحوش..حتى ملأ القرية صياحاً و ضجيجاً و وعيداً وتهديداً..ينفس غضباً بالويل و الثبور و عظائم الإمور، منذراً بتصعيد الأمر إلى جهاتٍ لا قبل لأهل القرية بها،و رغم أن أهل القرية لا يأخذونه على محمل الجد إلّا أنهم بطبيعتهم يميلون للدعة و المسالمة،لذا فقد دعوه للجلوس مع كبارهم "بالمندرة" علَّهم ينتهون إلى ما يرضي الجميع...

فوقف أبو حقة كعادته يرغي و يزبد،و يدعو القرية للمسالمة و المصالحة..و أن يعيش بنو إنسان..و بنو ذئب في سلامٍ و و ئامٍ..فلا يُقتل بنو ذئب و لا يُفنى بنو حمل!وعن قليل يقول..و ينجبوا بنين و بنات!..

و بعد ان أنهى كلامه لم يجد هؤلاء الطيبون ،ما يردون به على دعوة السلام تلك و التعايش؛فهو في النهاية كلام طيب؛ فالتبس عليهم الأمر و احتاروا بين حلاوة ما يقول من حب و سلام و مصالحة وما يذوقوه من مرارةٍ،وما يروه من خرابٍ و دماءٍ و خسارة و فأرتج عليهم.
..و إذا بشيخ طاعن في السن و كأن الأرض قد أنشقت عنه.. و قد أورثه أباؤه غلظة الملامح و أورثته الفأس غلظة الكف و الاصابع... فيهب فجاءة هذا الشيخ واقفاً كمن لدغه الثعبان و يسمك بتلابيب صاحبنا و يقبض على سلسلة الفضة التي تتدلى من عنقه._أي عنق أبي حقه_..صائحاً:(يا سيدي..المحقوق أسيادنا الكلاب..هم اللي خَلُوها خَل...و خلوا الموضوع إما حق الديب أو حق الإنسان..و خلونا نختار إما حياة انسان أو حياة كلب؟ ..و حياة امك لتقوم من هنا يا ض،يا ......
يا......
يا....
يا...
ثم طرقعة صفعات محكمات التنزيل على خد و قفا صاحبنا..

لم يكد يمر اسبوع على هذا حتى لم يعد أحداً يشاهد اياً من هذه الوحوش بقريتنا....و الغريب أننا لم نرى "ابو حقة"بعدها أيضاً..)).

أجبت محدثي:أظنني فهمت قصدك..كثيراً ما تستعمل مسميات أنبل ما في الأرض،لنعت أخس ما فيها.."المصالحة" بين مجاميع الذئاب و قطعان الحملان أمرٌ كالديك الذي يبيض ، و البغلة التي تلد،تلك الكائنات الإسطورية التي لم تكن يوماً و لن تكون.. فالذئب لن يرضى بغير اللحم طعاماً..فيبات الأمر إذن "مذبحةً"لا "مصالحةً".

قال محدثي:أمر الذئاب معروف..فدعه و أنظرفي أمر " أبي حقه"و "السماوي"،فهما الجديرين بالنظر.



#شوكت_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علة العرب النفسدينية و قضية القُبلة
- أبالهوية أم بالمقود تتمسكون؟(2)؟
- أبالهوية أم بالمقود تتمسكون؟(1)
- هل تأكل الثورة أبناءها،و لِمَا؟
- و بعض التخاذل عنصرية_دلجا_
- عقد فاوست و بيعة أم ورقة إقتراع؟
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة الأخيرة_أقسم بالله..لست من الإخوان ...
- الخبز و ثورة 30 يونيو
- حمائم على مذابح الصولجان
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة الثامنة_فتنة!
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة السابعة_الشعب الذي يقول:لا
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة السادسة_أخٌ..في الله!
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة الخامسة_(الضحابا..و المساكين!)
- أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الرابعة_(خيار و فقوس في مواز ...
- أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الثالثة_(إرهاب بالجملة)
- أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الثانية_(ليس هناك إخوان...و ...
- أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الأولى_(نعم ...حدث إنقلاب!!)
- الكهف السفلي و تمرد
- الصراع و الإقصاء الحتمي
- غزو الحبشة..و احتلال مصر!


المزيد.....




- لجنة مستقلة: الأونروا تعاني من -مشاكل تتصل بالحيادية- وإسرائ ...
- التقرير السنوي للخارجية الأمريكية يسجل -انتهاكات جدية- لحقوق ...
- شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد ...
- إسرائيل: -الأونروا- شجرة مسمومة وفاسدة جذورها -حماس-
- لجنة مراجعة أداء الأونروا ترصد -مشكلات-.. وإسرائيل تصدر بيان ...
- مراجعة: لا أدلة بعد على صلة موظفين في أونروا بالإرهاب
- البرلمان البريطاني يقرّ قانون ترحيل المهاجرين إلى رواندا
- ماذا نعرف عن القانون -المثير للجدل- الذي أقره برلمان بريطاني ...
- أهالي المحتجزين الإسرائيليين يتظاهرون أمام منزل نتنياهو ويلت ...
- بريطانيا: ريشي سوناك يتعهد بترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا في ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شوكت جميل - مصالحة الذئاب و سِمّاوي الكلاب