|
الصراع و الإقصاء الحتمي
شوكت جميل
الحوار المتمدن-العدد: 4128 - 2013 / 6 / 19 - 08:46
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
و أني لدهش من أمري ،وقد سمعت فيما سمعت ،و قرأت فيما قرأت عجبا من تنظير المنظرين،وتقوُّل المتقولين على هامش حركة تمرد،أو حركة رفض التهميش و الإقصاء_ كما يحلو لي ان أنعتها_، و قد وقعت فيما سمعت و فيما قرأت على بعض الأتهامات من خارجها،وبعض التحذيرات من داخلها،يدور أكثرها _ متهما كان أو محذرا_ على ما عسى أن يفضي مداواة الجرم بالجرم، و معالجة الجريمة بجريمة أشنع ، و رد البغي ببغيٍ أشد نكيرا..ونحو هذا. و يرون و الحال كذلك، أن تحتاط الحركة لنفسها و أن تحذر، لئلا تؤخذ من مأمنها و تضرب في مكمنها؛إن هي أسرفت في أمرها و أمعنت في رأيها شططا، و ركبت مركبا وعرا،فتصيب من الذنب ما حرَّمته و تجني من الوزر ما قد انكرته على غيرها ،فقامت على بكرة أبيها ضائقة به حانقه عليه،.ثم تعود لتقع في ذات الخية و نفس الخطيئة ، إن هي روّجت لإقصاء الآخر..،و طالبت بنفيه و ألحت في تهميشه و بغت محوه محوا،و من ثم فالأجدر بها إذن و الأخلق ان تأخذ نفسها بالعدل ،فلا ترضى لغيرها ما لم ترضه على نفسها. فإن لزمت تلك السيرة الرشيدة السالفة و آثرت السلامة و العافية فذاك..والا فتحت بابا وراءه الشيطان ولن يغلق يوما .....و إلا فالصراع و القراع الذي لا نهاية له،وليس به من ظافر أو خاسر؛إذ ليس لطرف منهما القوة لنهو الصراع و المقتلة لصالحه،فلا منتصر إذن و لا منهزم.....و إلا فهو الإنقسام و تكسير العظام.. المتبادل ينهك هذا وذاك فيسقطان جميعا مكدودين آخر الأمر،ويسقط الوطن معهما او بينهما أو بأيديهم، و يهوى من جرف هارٍ مهواةٍ لا قيام بعدها.......هذا الكلام و مثله هو ما إتفقت عليه إتهامات المتهمين المغرضين،وتحذيرات المحذرين المخلصين!.
والحق اننا لسنا في حاجة للتأمل العميق،ولا لشحذ الفكر قليلا او كثيرا، لنستبين فساد هذا الرأي و بطلانه، و أن هذة الأتهامات و تلك التحذيرات تحمل قدرا كبيرا من السخف و السطحية،ولا تخلو من البلادة و التعسف،هذا إن أحسنّا الظن بأصحابها، و إلا فهو التدليس و التواطؤ؛فالمشكلة و الداء حقا ليستا في حركة تمرد،ولا الحل في إرادتها الحرة المنفردة؛ فالمشكلة عميقة و جذرية وتكمن في من يجلسون على سدة الحكم،ولك أن تسميه _غير ملوما و لا مذموما _ فصيل ذاتي الإقصاء بطبيعته،و بحكم تكوينه، ،فديدنه إقصاء جميع الفصائل عنه و إقصاء نفسه عنها،و هذا هو لبابه الفكري الذي قامت عليه أيدولوجيته بالأصل ، و أن سبيل الإقصاء و التهميش للآخر منهج و أصلٌ من أصول الدين السياسي،ومن ثم فإن التخلي عن هذا الفكر الإقصائي تخلي عن وجوده ذاته!.وحتى لا نلقى الكلام على عواهنه،نقول أن مرجعيته الثيوقراطية حتمية التصادم،و و توجز القضية في عبارة :(إما ان تكون واحدا منا و إما لا تكون شيئا البتة !)فأفكارهم و روءاهم إنما تُنَزّل عليهم تنزيلا طوباويا،وما على باقي الفصائل الا السمع و الطاعة، وليس من شيء يدفعنا لافتراض غير ذلك،فأدبياتهم المتصلة على طوال أكثر من ثمانية عقود والتي يتخذونها دستورا و مبدأ لهي خير دليل، و سلوكهم و ادائهم طوال هذة الفترة لأبلغ حجة،ثم أن سيرتهم مذ وطئوا سدة الحكم لأدق وصفا ،ثم أنهم لم يحيدوا عن هذة السيرة و لا تنكبوا لها يوما،ولا هم يتكلفون إخفائها، وأقربها _فيما أعلم_ محفلة التكفير التي جرت مؤخرا، تمهيدا ربما لمقتلة!ياسادة،ليس في قاموسهم الفكري ما يسمى بالتوافق أوالتعايش أو قبول الآخر ، إنما يرونه خورا في الطبيعة أو شيئا كالخور،و ينبغي علينا والحال كذلك،أن نعي تماما اننا إزاء أيدولوجية حتمية الإقصاء و التصادم مع الآخر،وعلينا أن نعلم علم اليقين، أن أيه تنازلات منهم في هذا الاتجاه، و أن أيه حيود عن نهجهم هذ،ا تحت ضغط الواقع في سبيل قبول الآخر ،ليس أكثر من حركات تكتيكية ،ما تلبث أن تتنكبه و تضرب به عرض الحائط.. طالما وجدت الفرصة سانحة لتثوب إلى جوهرها الفكري الإقصائي ، الذي تقتات عليه و يحفظ لها قوامها و يعبأ لها حشدها. وأما حركة تمرد فلم يكن ظهورها على المشهد السياسي،لتهميش فصيل بعينه و إقصائه بل بالحري ولدت درءا و دفعا للتهميش و الإقصاء الذي يبغي و يتغول به فصيل منفردا على جموع الشعب المصري،فالحركة تضم ما بين اليساري و الليبرالي،..الماركسي و الرأسمالي..الازهري و العلماني و المسيحي و المسلم والبهائي و الشيعي و اللامنتمي..الخ،فتمرد لا تتعاطى الاقصاء بطبيعة تكوينها، و هى حركة كارهة و طاردة للاقصاء، إنما قضيتها محاربته، وهدفها (إقصاء) الأقصاء و التهميش_إن صح التعبير_،و لسان حالها يقول:ليس من وكدنا أن نقصي احدا أو شيئا إلا الإقصاء و التهميش و أصحابه.
وغاية القول من ذلك كله،أن التصادم و الإقصاء حتمي،ومرجعه الى الجينات الأصيلة للفكر الديني السياسي،فمثل هذة الدولة لا ترى السلام و التعايش إلا على وجه واحد؛ولا يظنن ظان أن لها سبيل غيره،و ذاك بأن تنفي الاخر تماما،وتجليه إما معنويا بإقصائه وتهميشه و الإنتقاص من مواطنته وحرمانه من كل حق أصيل في وطنه،او أن تجليه ماديا بالتهجير او التصفية البدنية والتطهير وهذان امرين يتباريان في السوء،فنهايتهما جميعا الموت والفناء ، معنويا كان أم ماديا،ولطالما كانت هذة سيرة مثل هذة الدولة الدينية مع كل من يخالفها الرأي و العقيدة.وبذلك وحده تفرض أفكارها فرضا مطلقا،أظن كل الظن ،أن هذا هو السبيل الوحيد لأن تنعم بالسلام...ولكنه السلام الذي يضع حدا للصراع ،بعد أن يكون أحد الفريقين قد فنى وزال !
#شوكت_جميل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزو الحبشة..و احتلال مصر!
المزيد.....
-
حرب إسرائيل على إيران والمنطقة، يجب أن تتوقف
-
مراسلة RT: مسيرة تقترب من قيساريا حيث منزل نتنياهو الخاص
-
فيتنام، 30 نيسان/أبريل 1975 – مرور 50 سنة على انتصار تاريخي،
...
-
هولندا: عشرات آلاف المتظاهرين في لاهاي لمطالبة الحكومة بوقف
...
-
إرحلْ.. رسالةُ المتظاهرين للرئيس ترامب في عيد ميلاده
-
قصف إيراني يستهدف منزل نتنياهو في بلدة قيسارية
-
نحو تدبير أمثل لخلافات اليسار العمالي…صوب حزب شغيلة اشتراكي
...
-
المركزية الديموقراطية من لينين الى ستالين
-
عين على نضالات طبقتنا
-
العمل النقابي والدعارة. بعض الأسئلة المحرجة
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|