أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - بانتظار معجزة















المزيد.....

بانتظار معجزة


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4360 - 2014 / 2 / 9 - 13:16
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


لم يعد خافياً على أحد ، أن فشل الحرب السورية ، التي فجرتها ، ومولتها ، وسلحتها ، وأدارتها ، قوى إقليمية ودولية بطمع وحقد وتوحش ، وحولت سوريا إلى وطن مختطف ، وغنيمة حرب وغزوات إرهابية قروسطية همجية ، وأوصلتها إلى مستوى الكارثة والنكبة ، وأضحت ارتداداتها التدميرية تشكل خطراً على الأمن الداخلي ، للبلدان المجاورة ، وأمن أمريكا والاتحاد الأوربي ، هو الذي ، بالمقاييس الزمنية والعسكرية والسياسية ، فرض على القوى إياها التعاون مع المنادين بالأمن والسلام لسوريا ، ضرورة وضع حد .. حل .. لهذه الحرب ، وأن يأخذ الحوار .. والسياسة دورهما ، في تحقيق الأهداف .. أو معظمها .. بوسائل أخرى ، بصورة توافقية مشتركة ، بين الأطراف المعنية بهذه الحرب .. سورياً مباشرة .. ودولياً بصورة غير مباشرة .

وحين حصل الحوار ، تحت سقف " جنيف 2 " في ( 22 ك1 ) الماضي . تمكسك كل طرف بأولوياته ومطالبه المتعارضة تناحرياً مع الطرف الآخر . كل طرف قدم المبررات لمواقفه ، التي تخطيء مواقف وأولويات الآخر . وقد تبين دون لبس أو غموض ، أن الخلاف المركزي يدور حول السلطة .. وحول الدولة ، علناً ، وضمناً ، عند تداول الحوار . أما المسائل الأهم .. أي وقف الحرب .. ومقاومة الإرهاب .. والغزو الخارجي الهمجي .. والتدخل الأجنبي الاستعماري .. وإعادة بناء سوريا . فقد بدت مسائل ثانوية .. مؤجلة إلى ما بعد حسم مسألة السلطة .

ممثلو الحكومة طرحوا ، تحديد الموقف من الإرهاب ومقاومته ، وتحرير سوريا من كل أشكال العدوان والتدخل الأجنبي .. مدخلاً للحوار والاتفاق .
وطرح ممثلو " الائتلاف المعارض " .. إن تشكيل حكومة أو هيئة حكومية ، تتمتع بكافة الصلاحيات ، وفك الحصار عن أحياء في حمص ، وفتح ممرات آمنة لإيصال المواد الغذائية للمحاصرين ، ووقف هجمات القوات الحكومية على المناطق التي يسيطر عليها المسلحون ، وخاصة في حلب ، هو المدخل الذي يصرون عليه للحوار أو الاتفاق .

ما مفاده ، أن الطرف الحكومي ، يريد أن يشترك " الائتلاف " بما لديهم من إمانيات مسلحة بالدرجة الأولى مع قوات الحكومة ، للقضاء على الجماعات الإرهابية المسلحة . وعلى هذا الاشتراك تبنى الثقة ، لتطبيق خطوات أكثر وأوسع تتعلق بالحكومة الانتقالية وصلاحياتها ، وبالانتخابات ، ليأخذ كل طرف مكانه في السلطة حسب حجمه الانتخابي . ، معتمداً في ذلك على " الشرعية الدستورية " وعلى نسبة تفوق ، معترف له بها ، من الدعم الشعبي . أما إيصال المواد الغذائية للمحاصرين ، فهذا يتم حسب اتفاقات مع الأمم المتحدة . وفك الحصار يجب أن يجري من قبل الطرفين . وهذا ينسجم ويتطابق مع احترام السيادة الوطنية والقرار السوري المستقل .

ومن طرف آخر ، يريد ممثلو " الائتلاف " تشكيل حكومة .. أو هيئة حكومية أولاً ، تتمتع بكامل الصلاحيات بما فيها صلاحيات الرئيس ، وهذه الحكومة أو الهيئة ، التي يتوخى " الائتلافيون " أن يكونوا المسيطرين فيها ، هي التي ستبت بباقي المسائل الأخرى ، المتعلقة بالمسلحين ، والحرب ، والانتخابات . معتمدين في ذلك على حراك المسلحين الحربي بعامة ، وعلى الدعم الدولي ، أكثر من اعتمادهم على الدعم الشعبي . وهذا ينسجم ويتطابق مع رغبات " الائتلاف " للاستحواذ على السلطة بأقرب المسافات ، ومع رغبات القوى الإقليمية والدولية الداعمة له .
بايجاز .. ممثلو الحكومة يعملون على الاحتفاظ بالسلطة القائمة ، مع هامش مشاركة من قبل المعارضة يتناسب وحجم تمثيلهم في البرلمان . وممثلو " الائتلاف " يعملون على الاستحواذ على السلطة ، وإقصاء معظم أو كل مكوناتها الراهنة ..
أي أن ممثلي الحكومة جاؤوا إلى المؤتمر على خلفية أنهم يمثلون الدولة ، وممثلو "الائتلاف " جاؤوا على خلفية انتزاع هذه الدولة .

وانفض حوار " جنيف 2 " الأول ، دون الاتفاق على شيء . وغادر الطرفان جنيف يحملان ظلال الفشل . وكل منهما يطمئن النفس ، أنه قد تجاوز مرحلة الانسداد إلى مرحلة أخرى ، تحمل احتمالات تحقيق ما يصبو إليه . و انه حصل على اعتراف الآخر بعد تخوين وإنكار ، وثبت شرعية دولية لممارساته وسياساته .
ولدى مقارنة ثوابت الطرفين ، نجد أن هوة عميقة تفصل بينهما . وأن لاحل وسطاً يتقاطعان عنده . وليس هناك سوى معجزة لردم هذه الهوة .
وهذا ما يثير السؤال : عن ماذا يعبر هذا الشرخ الهائل بين الطرفين ؟ .. هل هو بسبب هيمنة الخارج المتنافس ، المتعدد المراكز ، والمتعارض الأهداف ، الذي دعا للمؤتمر ، من دون التوصل إلى توافقات كاملة ؟ .. أم هو خصوصية التنابذ الموروث من العهد الأحادي ، الذي يصعب إلى حد كبير تجاوزه بآليات حوارية تقليدية ؟ .. أم هو عدم نضج المعارضة وضعف استعدادها للحوار .. من حيث عدم وحدتها على ثوابت وطنية واستقلال قرارها ، ومن حيث عدم تسلحها ببرنامج وطني ديمقراطي متكامل مشترك ؟ ..

بعد أسبوع من لقاء اللا لقاء المتكرر .. وحوار اللا حوار المتواصل .. عبر الممثل الدولي " الابراهيمي " .. توقف الحوار . وتوقفت العقول عن إنتاج المفردات الدبلوماسية .. لكن الحرب لم تتوقف .. الموت لم يتوقف .. والدمار يتابع توسعه .. وظلت المدن المستخدمة بغباء ووحشية ميادين حرب .. ظلت تتحول إلى أطلال . وما سماه أصحاب النوايا الحسنة في البدايات " ثورة " يتواصل قتلها .. وقبرها .. تحت أنقاض المباني المدمرة .. وتقبر معها " الأحلام الثورية " . والربيع السوري يستمتع بالمزيد من الصقيع والأعاصير . ويستمر الاحتفال الهيستيري ، تحت الرايات السوداء ، بسحل المستقبل ، وبدفنه في القبور الجماعية مع جثامين ضحايا الرصاص الأعمى ، والقذائف الغبية ، وسواطير " الثوار " المزيفين . والوطن يتابع تدحرجه مضرجاً بالدم .. فوق الدروب المفخخة بالأحقاد المفوتة البشعة ، والعبوات السياسية الناسفة .

إن الهوة التي تفصل بين السوريين ، ليست صناعة سورية وطنية .. ولاعربية أصيلة .. ولاإسلامية صادقة .. إنها صناعة أجنبية .. ولغايات أجنبية بامتياز .

إن أسباب فشل حوار مؤتمر " جنيف 2 " ، المتمثلة : .. بعدم تمثيل المعارضة بمختلف أطيافها .. وعدم تمثيل مكونات الشعب السوري ، التي تدفع من دماء أبنائها ثمن انتمائها لسوريا . والمتمثلة أيضاً بتجنب إنهاء آلام الشعب السوري بوقف هذه الحرب القذرة فوراً ، والجري وراء مصالح سلطوية وأجنبية ، هي نفسها ، إذا تم التعامل معها عكسياً ، سوف تغدو أسباب نجاح أي حوار قادم . وذلك بالانفكاك أولاً عن الأجنبي العابث بالجيوسياسية السورية والطامع بثرواتها ، والمهدد للوجود السوري كمجتمع ودولة ..
والجلوس معاً .. والتفكير معاً .. كسوريين وطنيين .. ممثلين بصدق كل أطياف ومكونات وطبقات المجتمع السوري .. قبل أي انتماء آخر .. حزبي .. أو ديني .. أو مذهبي .. أو قومي .. أو عشائري .. كسوريين يهمهم قبل كل شيء إنقاذ وطنهم من الإرهاب ، ومن الحرب ، ومن الدمار الممنهج لحساب الغزاة عن بعد .
وفي مثل هذه بداية ، ليس من السعب ، بل يمكن .. ومن الواجب .. تشكيل هيئة مشتركة تقوم ، مدعومة من الدولة ، ومن مناخ دولي صديق بثلاث مهمات متقاربة زمنياً وعملياً :
المهمة الأولى .. إنسانية بكل أبعادها . وهي المساعدة في تقديم المواد الغذائية والطبية للمدنيين المحاصرين ، سواء كانوا تحت سيطرة المسلحين ، أو تحت سيطرة الحكومة ، وكذلك للنازحين واللاجئين داخل سوريا وخارجها . والعمل على تحقيق وقف إطلاق النار في كل مكان ممكن ، وبشكل ممنهج مع الفعاليات غير الحكومية والشعبية .
المهمة الثانية .. بذل كل الجهود المحلية والخارجية ، لتحقيق مغادرة الجماعات المسلحة الأجنبية للأراضي السورية ، بكل أشكالها ومسمياتها . والإشراف على عملية الإفراج عن المعتقلين السياسيين والموقوفين بسبب الأحداث ، ممن لم تلوث أيديهم بجرائم قتل الأبرياء ، لدى الحكومة ، وكذلك الإفراج عن الأسرى والمخطوفين ، لدى الجماعات المسلحة .
المهمة الثالثة .. تأتي بعد نجاح تفعيل المهمتين السابقتين ، الذي يؤدي إلى تعميق الثقة بين الأطراف المشاركة في هذه العملية ، وهي أن تشرف هذه الهيئة ، بتوافق كافة الأطراف ، على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ، تتمتع بشفافية تزكيها مراقبة حقوقية ودولية محايدة .
ومن يختاره الشعب رئيساً ، ومن يشكل أغلبية في الهيئة البرلمانية ، يشكل حكومة سوريا الجديدة .

كما لم يعد خافياً على أحد أيضاً ، أن الحرب التدميرية الكارثية ، التي انفجرت فوق الأرض السورية ، وأحدثت النكبة المروعة ، فرضت على السوريين ، ضرورة إنضاج تجربتهم ، في تحقيق التغيير الوطني الديمقراطي . ووضعتهم أمام حقائق واستحقاقات جديدة في التعامل مع خلافاتهم وصراعاتهم السياسية ، حصرت البت بهذه الخلافات والصراعات بالوسائل الوطنية الديمقراطية ، وبقرار الشعب عبر صناديق الاقتراع . وبذلك تبنى سوريا ديمقراطية جديدة ، منفتحة على حقوق المواطنين المشروعة على كل المستويات ، السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية .. وفي مقدمها حق الحرية .

لكن حتى نصل جميعاً إلى عهد وطني ديمقراطي .. ضامن لكافة الحقوق .. ينبغي أولاً أن نحرر سوريا من غزاة العصر الهمجيين .. وأن نحمي سوريا ونحافظ عليها .

إن سوريا تستحق البقاء .. موحدة أرضاً وشعباً .. وستبقى ، وتستحق أن يعود إليها الأمان .. والاستقرار .. والازدهار .. وسيعود .

إن سوريا بحاجة إلى معجزة .. لكن هذه المعجزة ، لن تأتي عبر حوارات جنيف .. العاجزة حتى عن الاتفاق على مفتاح جدول أعمالها .. هل هو ، تشكيل الحكومة الانتقالية .. أم مقاومة الإرهاب .. وإنما ستأتي عبر وحدة الشعب .. وتآخيه .. ونضاله .. وتضحياته .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل - جنيف 2 - .. وماذا بعد ؟
- السوريون بين الصفقة والحل السياسي
- على عتبة مؤتمر جنيف 2
- حرب أمراء الحرب
- آن أوان النهوض من الإحباط والدمار
- لمن تقرع أجراس الميلاد ..
- الوطن .. والحرية .. والجريمة
- الرهاب الأزرق - إلى من أعطى دمه .. وعمره .. للحرية -
- تراتيل سورية .. الوطن مرة ثانية بين الوحدة والتقسيم
- تراتيل سورية .. مقدمة لحوار تحت النار
- تراتيل سورية .. التحالفات السياسية 2 / 2
- تراتيل سورية .. التحالفات السياسية 1 / 2
- يوم للطفل السوري
- تراتيل سورية .. حرب لا كالحروب
- تراتيل سورية .. الاختلاف ..
- المملكة .. وزمن أفول الامبراطوريات
- عيد السوريين الأكبر
- سوريا إلى متى .. وإلى أين ؟ ..
- الأزمة السورية ولعنة أمراء الحرب
- ابرهيم ماخوس باق .. لم يرحل .


المزيد.....




- غزة: السابع من أكتوبر في المنظور التاريخي
- بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قض ...
- الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج ...
- العدد 555 من جريدة النهج الديمقراطي
- الجيش التركي -يحيد- 17 مسلحا من حزب العمال الكردستاني
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...
- شاهد ما قاله السيناتور ساندرز لـCNN عن تعليق أمريكا شحنات أس ...
- م.م.ن.ص// يوم 9 ماي عيد النصر على النازية.. يوم الانتصار الع ...
- آلاف المتظاهرين احتجاجا على مشاركة إسرائيل في -يوروفيجن-


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - بانتظار معجزة