أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - تراتيل سورية .. التحالفات السياسية 2 / 2















المزيد.....


تراتيل سورية .. التحالفات السياسية 2 / 2


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 15:43
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


لم ’يسقط قادة 8 آذار 1963 حكم الانفصال وحسب ، وإنما بإعلانهم حالة الطواريء والأحكام العرفية ، أسقطوا أعمدة وشروط العملية السياسية ، المتمثلة بوجود مناخ سياسي مفتوح لحركة السياسة والأحزاب والتحالفات السياسية .
وبتفكيك التحالف بين حزب البعث والناصريين ، الذي أسقط " حكم الانفصال " ، استدعى موضوعياً قمع الآخر ، وتكريس حكم الحزب الواحد ، وتعميم الاستبداد ، وأسس لصراعات جادة .. وتحالفات شكلية من طرف الحكم ، وتحالفات متعددة .. متحولة .. تعمل تحت الأرض .. في الطرف الآخر .
وقد أثرت الانقلابات ، والمتغيرات العنفية من أجل السلطة ، داخل الحزب الحاكم ، وبينه وبين معارضات متعددة الخلفيات ، أثرت على شكل التحالفات السياسية ، ومضامينها .. الحاكمة منها .. والمعارضة .
ويمكن تقسيم المراحل السياسية السورية ما بعد 8 آذار 1963 على الشكل التالي :
- المرحلة الأولى : 8 آذار 1963 - 22 شباط ـ 1966 .
- المرحلة الثانية : 23 شباط 1966 - 15 ت2 ـ 1970 .
- المرحلة الثالثة : 16 ت2 1970 - 9 تموز ـ 2000 .
- المرحلة الرابعة : 10 تموز 2000 ـ 15 آذار ـ 2011 .
- المرحلة الخامسة : ما بعد 15 آذار 2011 .

- المرحلة الأولى :
صباح 8 آذار 1963 ، أعلن البيان رقم ( 1 ) إسقاط " حكم الانفصال " ، وإعلان حالة الطواريء والأحكام العرفية في عموم البلاد السورية . وبدءاً من ذلك اليوم ، تمت عملياً مصادرة السياسة . وبعد تفكيك التحالف ( الناصري ـ البعثي ) بدأت ممارسة الأحادية الحزبية في قيادة الدولة والسلطة ، التي اقتضت عملياً ، منع الأحزاب من مزاولة نشاطاتها . وكل تحرك حزبي معارض ، صار عرضة للقمع والاعتقال .
وقد أدى ذلك إلى ردات فعل عنفية ، حدثت في تموز 1964 . تمثلت بحركة العقيد جاسم علوان الناصري الانقلابية الفاشلة في دمشق ، وحركة الشيخ مروان حديد " الأخواني " في حماة ، التي فشلت أيضاً . وتكرس بذلك عداء تناحري ثأري بين حزب البعث وبين الأخوان المسلمين والناصريين .
وبعد تموز 1964 ، كان جهد الحكام الجدد ينصب على إحكام سيطرتهم على مقاليد الأمور الرئيسية في الدولة والسلطة . لم يكن وارداً لديهم اتخاذ إجراءات لتنفيذ الشعارات ، التي تحالفوا مع الناصريين لتحقيقها ، وهي ( الوحدة والحرية والاشتراكية ) . كما لم يكن وارداً لديهم أيضاً ، التفكير بتحالف جديد . لكنهم بعد أن استقرت الأمور نسبياً ، شكلوا " المجلس الوطني " الذي ضموا إليه بعض الشخصيات المقربة من بعض القوى السياسية ، ومنها الحزب الشيوعي ، دون أن يتبع ذلك ، أي لقاء مباشر مع قيادات تلك القوى يمهد للانتقال إلى مستوى تحالفي .

- المرحلة الثانية :
ما بين تموز 1964 و22 شباط 1966 ، شهدت صفوف حزب البعث الحاكم تفاعلات تحمل خلفيات متعددة ، استقرت صراعاً بين طرفين ، أطلق عليهما " يمين .. ويسار " وفيما بعد " قيادة قومية يمينية .. وقيادة قطرية يسارية " . وكان محور الصراع المعلن هو حول إعادة التأميم والإصلاح الزراعي ، ومتابعة إجراءات " التحولات الاشتراكية والقومية " ، التي تلكأت " القيادة القومية في البدء بها . ما أدى إلى انقلاب حركة 23 شباط 1966 ، التي أطاحت بالقيادة " اليمينية وجاءت بقيادة " يسارية " .
وقد قامت الحركة الجديدة بإعادة تشكيل " المجلس الوطني " وتشكيل حكومة تعبر عن رغبتها بتوسيع التعاون مع الشيوعيين ، حيث تم تعيين شيوعي ، بصفته الشخصية ، وزيراً ، لأول مرة في مجلس وزراء سوري . ورغم هذا التقشف في التحالف مع الحزب الشوعي ، إلاّ أنه يمكن اعتبار تعيين وزير شيوعي خطوة هامة جداً .
من طرف آخر ، كانت الأحزاب الناصرية ، وجماعة الأخوان المسلمين ، تمارس تحركها المعارض لحزب البعث الحاكم ، داخل البلاد وخاجها ، وتتعرض لحملات قمعية متلاحقة . وقد ساعد وجود أكثر من طرف معارض في المنفى ، وخاصة في بغداد . لا سيما من قيادات وأفراد البعثيين السوريين التابعين للقيادة القومية ، وشخصيات وأفراد من الأخوان المسلمين والناصريين .. وغيرهم .. ممن شاركوا في مواجهات تموز 1964 المسلحة مع النظام الجديد ، ساعد على اللقاء وإقامة تحاف معارض في الخارج سمي " جبهة الانقاذ " . إلاّ أن هذا التحالف لم يكن له حركة مؤثرة سياسياً وشعبياً في الداخل .
وكان هذا التحالف ، أول تحالف يعمل من الخارج ، وتحتضنه جهات خارجية بالمال والملاذ والإعلام .
وجاءت هزيمة حزيران 1967 ، لتفتح أبواب الخلافات داخل الحزب الحاكم ، حول وسائل تحرير الأراض المحتلة ، وفلسطين ، والقرارات الدولية المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي . وقد مرت مرحلة طويلة معقدة من التجاذبات ، بين قيادة الحزب التي ركزت على الشرعية الحزبية ، وبين وزير الدفاع ، الذي استطاع أن يكسب إلى جانبه القوى الرئيسية في الجيش والحزب ، كما استطاع أن يتحالف مع القوى الناصرية المعارضة ، وأن يحقق انتقال الحزب الشيوعي إلى صفه أيضاً ، ما أدى إلى أن يفوز على قيادة الحزب بضربة قاضية .

- المرحلة الثالثة :
مساء 16 ت2 . 1970 ، قدم التلفزيون السوري بياناً باسم " القيادة القطرية المؤقتة " ، يعلن فيه الإطاحة بالعهد السابق ، وتسلم " الحركة التصحيحية " بقيادة وزير الدفاع السلطة ، التي ستقيم " جبهة وطنية تقدمية " ، وتعيد تشكيل " المجلس الوطني " الذي سمي " مجلس الشعب " والحكومة وفق معايير جبهوية ، لتحقيق ( الوحدة والحرية والاشتراكية ) ، فاتحاً مرحلة جديدة في مفاهيم وأشكال التحالفات السياسية .. الحاكمة .. والمعارضة .
وقد نفذ وزير الدفاع الذي صار على رأس الدولة وعوده التحالفية . وشكل " مجلس شعب " تمثلت فيه الأطراف الموعودة بالمشاركة . ثم شكل " جبهة وطنية تقدمية " ضمت كل من ( حزب البعث العربي الاشتراكي . الاتحاد الاشتراكي العربي . الحزب الشيوعي . الوحدويين الاشتراكيين . الاشتراكيين العرب ) . الأكثرية فيها لحزب البعث ، وعضوين لكل حزب مشارك فيها . كما شكل حكومة ضمت وزيرين من كل حزب مشارك في الجبهة .
غير أن هذا الشكل من التحالف ، قد أثار نزاعات في أوساط معظم الأحزاب المشاركة في الجبهة ، لم ’يستبعد دور السلطة فيها لإضعافها ، أدت إلى انقسامها . وهي الاتحاد الاشتراكي ، والحزب الشيوعي ، والاشتراكيين العرب .
وبعد أن رفض النظام إلغاء المادة 8 من مشروع الدستور المزمع طرحه على الاستفتاء الشعبي ، التي تعطي حزب البعث صلاحيات قيادة الدولة والمجتمع ، وعدم إضافة ( ال ) التعريف على عبارة ( جبهة ) في ميثاق " الجبهة الوطنية التقدمية ) التي تشرعن أحزاب الجبهة ، انسحب الاتحاد الاشتراكي من الجبهة والحكومة ، وحل محله في الجبهة جناحه المنشق عنه . وتحولت الجبهة إلى تحالف كتل انقسامية يقودها حزب البعث . وبالممارسة العملية لم يتجاوز هذا التحالف دور الاستماع إلى شرح لقرارات النظام الهامة بعد تنفيذها .
بالمقابل ، وطوال مرحلة السبعينات ، كانت " جبهة الانقاذ " هي التحالف الوحيد المعارض المقابل لتحالف " الجبهة الوطنية التقدمية " . إلى أن تداعت عام 1979 أطراف الأحزاب التي انقسمت إلى داخل الجبهة وخارجها ، إلى تشكيل تحالف معارض سمي " التجمع الوطني الديمقراطي " . وقد ضم كل من ( حزب الاتحاد الاشتراكي ـ جمال الأتاسي . الحزب الشيوعي ـ المكتب السياسي . حزبالعمال الثوري . الاشتراكيين العرب . حزب البعث الديمقراطي العربي الاشتراكي ) . وانتخب جمال الأتاسي أميناً عاماً لهذا التحالف .
لم يطرح " التجمع الوطني الديمقراطي " برنامجاً يتضمن إسقاط النظام . وإنما طرح المطالبة بالديمقراطية والتعددية السياسية والحريات العامة ، والتأكيد على الالتزام بالتحولات الاجتماعية التقدمية ، وتحرير الأراضي المحتلة باتباع سياسة دفاعية ضد إسرائيل ، والعمل من أجل تحقيق الأهداف القومية ، وإعادة بناء دولة الوحدة .
في نفس العام .. حزيران 1979 .. حدثت مجزرة مدرسة المدفعية الطائفية البشعة بحلب ، التي نفذتها مجموعة من " الطليعة المقاتلة للأخوان المسلمين " بقيادة النقيب إبراهيم اليوسف ، والتي كانت الصاعق الذي فجر صراعاً دموياً بين السلطة والأخوان المسلمين . واستمر هذا الصراع نحو خمس سنوات . وكانت أسوأ وقائعه هي معركة حماة 1982 ، التي راح ضحيتها عشرات الألوف من القتلى والجرحى الأبرياء . ما أدى إلى إضافة نوعية مدمرة إلى مضامين وأهداف التحالفات السياسية في البلاد .
لم يشارك " التجمع الوطني الديمقراطي " في المواجهات الدامية ، بل شجب ، عدا الحزب الشيوعي ـ المكتب السياسي ، الصراع الدامي في البلاد ، الذي يتدحرج إلى مستنقع الطائفية .
قوى جبهة الانقاذ شاركت في الصراع في الداخل والخارج . لكن الريادة كانت " للطليعة المقاتلة " التي احتوت كل التيارات الإسلامية وغير الإسلامية الأخرى . كما شاركت قوى خارجية في الصراع . فقد تبين أن الأردن والعراق والمملكة السعودية ، كانت تقوم بتدريب المقاتلين وتزودهم بالمال والسلاح . لقد جاء في كتاب " حوار حول سوريا صفحة 172 " لمؤلف باسم مستعار .. هو الآن من كبار المعارضين المتحالفين مع الأخوان المسلمين .. أن المملكة السعودية قدمت للتيارات الإسلامية في سوريا .. للتغطية على القابضين الفعليين .. بين عامي 1972 ـ 1979 .. ( 25 ) مليار ليرة سورية .. حين كان الدولار يعادل أقل من أربع ليرات سورية .. باسم بناء مساجد في مختلف المدن السورية .
فشل مشروع جبهة الانقاذ والأخوان المسلمين في الاستيلاءعلى السلطة بين عامي 1979 ـ 1983 .. وانحسر نفوذ كلاهما من المشهد السياسي لعقود . وبقي تحالف " التجمع الوطني الديمقراطي " هو التحالف المعارض الوحيد المعلن في سوريا ، الذي كان يعبر عن وجوده من خلال ما ينشره من آراء ومواقف معبرة عن سياسته في الشؤون السورية وغيرها ، في مجلته ، غير الدورية ، " الموقف الديمقراطي "
واستمر هذا المشهد التحالفي ، حتى وفاة الرئيس الأسد الأب عام 2000 ، وتسلم بشار الأسد الحكم في أول تموز 2000 .

- المرحلة الرابعة :
في خطاب القسم أمام مجلس الشعب ، أعلن بشار الأسد عن عزمه على تجاوز أخطاء جرت في الماضي ، ونقله البلاد عبر الإصلاح إلى مرحلة جديدة . بيد أن هذا الطرح قد قوبل بالتشكيك في فائدته في ظل القوى التي صنعت الأخطاء وما يحاتج إلى إصلاح .. وبالمطالبة بالإصلاح السياسي أولاً .
وبرزت ظاهرة الأندية السياسية ، ومنظمات المجتمع المدني ، ولجان حقوق الإنسان ، وتم الإفراج عما تبقى من المعتقلين السياسيين .
وقد كان لهذا المسار الجديد للأوضاع بعامة ، أن يتسع ، ويتطور إلى مراحل أفضل ، لولا التداعيات الدولية والإقليمية ، التي أقحمت الخارج ، أكثر من أي وقت مضى ، قي العملية السياسية السورية ، والتي اتضح لاحقاً أنها قد أعد لها مسبقاً ضمن مخطط شامل ، يستهدف الشرق الأوسط بكامله ، لاسيما بلدان الجوار الإسرائيلي .
وهذه التداعيات هي :
- انتشار ثقافة وسياسة " العولمة " .
- تفجير برجي التجارة الدولي في نيويورك أيلول 221 .
- إعلان الولايات المتحدة الحرب العالمية على الإرهاب .. ثم لحقت بها دول أخرى .
- الغزو الأمريكي للعراق 2003 .
- تفجير الأوضاع في لبنان ، واغتيال رفيق الحريري ، وانسحاب الجيش السوري من لبنان 2004 .
وقد تدخلت هذه التداعيات ، في إعادة بناء الخلفيات والبرامج والأهداف للأحزاب والتحالفات السياسية ، وجعلت من القوى الدولية النافذة مرجعيات ، ومراكز قرار ، لحركة القوى السياسية وتحالفاتها ، وهمشت دور " القوى الشعبية " في التغيير والبناء السياسي والاقتصادي والوطني .
وقد فهم الكثير من القوى السياسية والشخصيات الثقافية ، لاسيما المغرمين بمناداتهم " بروفسور ..أ و .. مفكر " أن المناخ " العولمي " الدولي ، الذي روجت له القوى الإمبريالية ، يعني انتهاء زمن الحدود الوطنية ، والاندماج في إطار " القرية العالمية " تحت الإدارة الأمريكية ، قبل أن يعني انتشار الثقافة والفكر والحضارة الإنسانية والعلمية . وأعادوا ترتيب أفكارهم وأهدافهم وولاءاتهم ، وفق مخططات " سيدة العالم " الولايات المتحدة الأمريكية .
ولما غزت الولايات المتحدة العراق 2003 ، استبشروا ، أنها لابد قادمة إلى سوريا . وأبدعوا في طرح المعادلات " العولمية " السياسية الجديدة .
ولما حدث اغتيال رفيق الحريري في لبنان 2004 ، وبدأت التحقيقات الدولية تتوجه لاتهام النظام السوري ، وتبعه انسحاب الجيش السوري من لبنان ، أعدوا أنفسهم لاستلام السلطة .
في هذه الأجواء ، وبالاعتماد على معطياتها وتداعياتها المتوقعة ، بدأت حركة نهوض تحالفي سياسي . و’شرعنت الحركة المعارضة في الخارج . و’سوغت العلاقات التبادلية المصلحية مع القوى الدولية .
وانطلق من دمشق تحالف " إعلان دمشق " ت1 2005 . الذي ضم في البداية ، أحزاب " التجمع الوطني الديمقراطي " والتحالف الديمقراطي الكردي ، والجبهة الديمقراطية الكردية ، وحزب المستقبل ، ولجان المجتمع المدني ، وعدد من المستقلين . ثم انضم فيما بعد حزب العمل الشيوعي . غير أن حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب العمل الشيوعي ، قد غادرا تحالف " إعلان دمشق ، بسبب خلافات حول نسب التمثيل في قيادة الإعلان أثناء مؤتمر الإعلان الأول .
ثم انطلقت " جبهة الخلاص من لندن .. حزيران 2006 . التي ضمت نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام والأخوان المسلمين وعدد من المستقلين .

- المرحلة الخامسة :
منذ بداية 2011 ، انطلق في عدد من البلدان العربية حراكاً شعبياً ضد الأنظمة الحاكمة ، في تونس ومصر وليبيا ، وسوريا ، واليمن ، والبحرين . سمي " الربيع العربي " . وترافق هذا الحراك بدعم إعلامي لإقليمي ودولي لافت . ومن ثم اتضح أن هناك دولاً عربية ودولية تقف خلفه ، وتدعمه سياسياً وإعلامياً ومالياً وعسكرياً .. وإرهابياً .
لقد هرب " زين العابدين بن علي " في تونس أمام الحراك الشعبي ، وبنصيحة قيادة الجيش .
وتنحى " حسني مبارك " في مصر وسلم الجيش السلطة ، بناء على طلب أمريكي وأوربي .
أما في ليبيا فإن " معمر القذافي " لم يهرب أويتنحى ، بل قاوم . ومقاومته كشفت المستور .. كشفت تبني أمريكا وأوربا ودول عربية رجعية " للربيع العربي " إذ استخدم حلف الناتو بقرار دولي لإسقاطه .
ومنذئذ اتضح أن الربيع المشار إليه ، هو ربيع المصالح الستراتيجية السياسية والاقتصادية للدول التي تدعم هذا الربيع ، وانتشرت روائح البترول والغاز من بين الأنقاض الليبية ، وفي أجواء المؤتمرات السياسية ، وأصداء الإعلام المرافق لهذا الربيع . وبرز حمد آل ثاني ، وسعود الفيصل ، وأردوغان ، وكاميرون ، وأوباما ، ونتنياهو وساركوزي وبعده أولاند ، كقادة لهذا الربيع . . وجرت محاولات حثيثة لجر مجلس الأمن الدولي ، لتكرار السيناريو الليبي في سوريا .
وعلى خلفية هذا المشهد ، ’شكلت وعملت تحالفات سياسية قديمة جديدة . ’شكل " المجلس الوطني " في استانبول في 16تموز 2011 . وقد ضم قوى إعلان دمشق ، والأخوان المسلمين ، وعدد من الأحزاب الكردية والشخصيات الدينية والعشائرية والسياسية . وقد تم بمساعدته وبمشاركته ، عسكرة المعارضة . والبدء بتوريد المسلحين عبر الحدود التركية والأردنية واللبنانية إلى الداخل . وتم تخصيص رواتب وأجور لكادرات وقيادات المجلس ، وللمسلحين ، الذين أطلقوا عليهم اسم المجاهدين .
خلال ستة عشر شهراً ، لم يحقق " المجلس الوطني " المخططات المرسومة . فقام الداعمون الكبار ، بدعوة أعضاء المجلس وشخصيات أخرى ، إلى مؤتمر في الدوحة في ت2 .2012 . تمخض عن تشكيل " الإئتلاف الوطني " كقيادة لكل أشكال المعارضة المسلحة وغير المسلحة . وقد ضم هذا التحالف الجديد ، المجلس الوطني ، الهيئة العامة للثورة السورية ، لجان تنسيق محلية ، المجلس الثوري لعشائر سوريا ، رابطة العلماء السوريين ، منظمات من مكونات ، كردية ، سريانية آشورية ، تركمانية .
ما حققه هذا التحالف بمكوناته القديمة الجديدة هو إشعال وتأجيج حرب ، لإسقاط النظام ، لحساب الدول الأجنبية الهادفة إسقاط سوريا . وما حدث من تدمير في كافة المدن البلدات والقرى ، وفي المؤسسات الخدمية والانتاجية ، يؤكد على ذلك . وما سقط من أعداد هائلة من القتلى والجرحى والمهجرين ، يفوق ما يحدث في حرب عظمى . وهذا يطرح السؤال : هل هذا التدمير .. وهذا القتل .. هو من ثمار ربيع .. أو ثورة تحمل وعداً بحياة أفضل .. أو هل تأتي الديمقراطية من أنقاض الخراب .. ومن بحيرات الدم .. ؟ .

وقد أقيم في الداخل ، أكثر من تحالف معارض أيضاً . ويعتبر تحالف " هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في الداخل والخارج " الذي تأسس في 6 ت1 .2011 في بلدة حلبون في ريف دمشق . هو من أكبر وأبرز التحالفات الداخلية . وقد ضم ( حزب الاتحاد الاشتراكي . حزب العمل الشيوعي . حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي . تجمع اليسار الماركسي " تيم " حركة معاً من أجل سوريا حرة ديمقراطية . الحزب اليساري الكردي . حزب الاتحاد الديمقراطي . الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا " البارتي " ) وقد أعلن هذا التحالف التمسك بوحدة سوريا أرضاً وشعباً ، ورفض العنف والإرهاب المسلح ، والحوار من أجل إعادة بناء نظام بديل يقوم على الديمقراطية والتعددية السياسية وتداول السلطة . وهو يشكل المحور الرئيس المحاور في أي مجال حواري من أجل حل سياسي ديمقراطي للأزمة السورية .
كما قام في دمشق.. آذار 2011 .. تحالف سياسي آخر يسمى " الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير " وهو يضم ( حزب الإرادة الشعبية . الحزب السوري القومي الاجتماعي . وتنظيمات وشخصيات سياسية ) . وهو يحمل مضموناً مشابهاً لمضمون تحالف " هيئة التنسيق " مع إضافة ، أن ارتفاع المنسوب الوطني نتيجة التدخل الدولي والإرهابي المتزايد في البلاد ، يتطلب التعاون مع الحكم القائم ، مع الاحتفاظ ، بملاحظاته ومطالبه المعارضة .

وفي الفترة الأخيرة ، حيث أخذت الرياح الدولية ، توجه أشرعة الأزمة السورية نحو مؤتمر جنيف 2 ، للحوار والحل السياسي ، نشأت حالة تفاضلية ، بين التحالفات السياسية السورية .. القديمة والجديدة .. الخارجية والداخلية .. معيارها الرئيس هو ، التاريخ ، والممارسة ، والامتدادات الخارجية ، ليتحدد من منها يستحق أن يجلس بين الأطراف المحاورة حول سوريا . وهذا ما يملي ، تفحص في أي من الحدين المذكورين في مقدمة مقالنا السابق ، تموضع هذا التحالف أو ذاك . هل كانت سياساته وممارساته ، وعلاقاته الخارجية ، قد أضعفت الوطن ، وخربته ، وههدت وجوده ، أم قد عمل على حماية الوطن وإنقاذه ، والعمل على رد العدوان والإرهاب عن عمرانه وسكانه .. ؟ ..

وهذا ما يستوجب قراءة تطور المفاهيم السياسية ، في الوعي الشعبي ، خلال أكثر من عامين من العنف والإرهاب والتدمير والقتل .. وأكثر من عامين من النفاق السياسي والمخادعة الإعلامية . أهمها .. أن السياسة لم تعد فن الممكن .. وثقافة .. واحتكاراً نخبوياً .. بل هي .. الأصالة الوطنية بكل تجلياتها ، قبل وفوق ، كل الإرادات ، والمصالح ، الفردية ، والحزبية ، والسلطوية ، والمعارضة . فإما أن تكون السياسة وطنية .. أو لاتكون . وما يجري خلافاً لهذه المفاهيم المجبولة بالدماء .. والدموع .. والغصات الخانقة . لها مسميات أخرى ..



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراتيل سورية .. التحالفات السياسية 1 / 2
- يوم للطفل السوري
- تراتيل سورية .. حرب لا كالحروب
- تراتيل سورية .. الاختلاف ..
- المملكة .. وزمن أفول الامبراطوريات
- عيد السوريين الأكبر
- سوريا إلى متى .. وإلى أين ؟ ..
- الأزمة السورية ولعنة أمراء الحرب
- ابرهيم ماخوس باق .. لم يرحل .
- اللحظة السياسية داخل وخارج الأسوار السورية
- عندما تقع الحرب
- ضد المذبحة الدولية في سوريا
- مصر والتحديات الإرهابية والتآمرية الدولية
- ثورة .. أم انقلاب .. أم ماذا ؟ ..
- أكبر من مؤامرة .. وأكثر من تدخل عسكري خارجي
- سوريا بين موازين القوى .. وموازين الدم
- دفاعاً عن ربيع الشعوب العربية
- الحظر الجوي .. والسيادة الوطنية .. والديمقراطية
- سوريا بين الانتداب والحرية
- الوطن أولاً


المزيد.....




- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...
- جامعة كولومبيا تعلق المحاضرات والشرطة تعتقل متظاهرين في ييل ...
- كيف اتفق صقور اليسار واليمين الأميركي على رفض دعم إسرائيل؟
- لا مناص من نضال جماهير النساء لفرض قانون أسرة ديمقراطي يكرس ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - تراتيل سورية .. التحالفات السياسية 2 / 2