أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نزار حمود - رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 3 - الجزء الثاني















المزيد.....



رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 3 - الجزء الثاني


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 4355 - 2014 / 2 / 4 - 06:10
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



الفصل الثالث


الظهيرة


البلوغ - عمر الشباب


الجزء الثاني






إن موضوع الدين موضوع ٌ هـام ٌ آخر يمس حياتك اليومية يا صديقي الثائر ...
أستمحيك عذرا ً إذا كنت قد فضلت الكتابة عن المرأة (1) والطفل قبل الكتابة عن الدين ولكن ...
لا بد من الكتابة عنه ...
لا بد من معالجته ...
وسأقوم بذلك الآن ...
متأملا ً منك أن تنتبه لأمر ٍ هام ٍ جدا ً ... وهو أني وإن كنت سأشير إلى بعض النواحي السلبية في الأديان أو بالأحرى ... في فهم الناس لهذه الأديان، فأنا أقوم بذلك فقط كي أُثبت أنها مرتبطة ارتباطا ً لصيقا ً بمن يمارسها ... وأن تفسير النص المقدس أمر ٌ نسبي يختلف بشدة تبعا ً للمرحلة والواقع الذي نعيش فيه!
أرجو أن تنتبه إلى أني لا أبتغي أبدا ً نفي الدور الإيجابي الذي لعبته الأديان على مر العصور ...




المسيحية :

هي الدين الوحيد الذي انتصر بموت رائده.
لا بد من الاعتراف، ودون الدخول في التفاصيل اللاهوتية الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية، بأن الوحيد الذي انتصر من خلال هزيمته وموته الشخصي هو عيسى المسيح !
إنه الوحيد الذي صاح بأعلى صوته:

"أحبوا بعضكم بعضاً"

علما ً بأن غالبية الحروب الدينية حصلت في أوروبا المسيحية كما هو الحال بالنسبة للحربين العالميتين الأولى والثانية. بالرغم من صيحة المحبة هذه الضرورية للحياة واستمراريتها!
لم تستطع رسالة المحبة هذه، للأسف، أن تمنع وقوع المأساتين الأكبر والأهم في تاريخ البشرية وعلى مر العصور.

كارثتان حقيقيتان سببهما الرجال ... المسيحيون.
الحرب العالمية الأولى والثانية: 10 ملايين قتيل في الأولى و50 مليون قتيل في الثانية.

لا أحد يستطيع أن ينفي الواقع و"الطبيعة الإنسانية" للإرث المسيحي.

لكننا لا نستطيع أيضاً إخفاء الدم الغزير الذي سال بسبب الدين المسيحي ولأجل الدين المسيحي ... تحت غطاء جملة واحدة من نوع :

"أحبوا بعضكم بعضاً"

أنا لا أدعي المقدرة على الدخول في كل تفاصيل أخطاء الفكر اللاهوتي المسيحي
ولا أجد أن هذا هو المكان المناسب ... أو اللحظة المناسبة للقيام بذلك !

لقد أردت وببساطة أن أنبهك للحظات "الظلامية" الأكثر أهمية في التاريخ المسيحي
وسأكرر نفس الفعل بالنسبة للديانتين التوحيدتين الأخريين




هكذا ...
نصل إلى استنتاج بأن النص لا يساوي شيئا ً في واقع الأمر !!!
المهم هو أفعال البشر وتفاسيرهم لهذا النص وكيفية تطبيقهم له !

السماء ملك ٌ لدعاة العنف ...
السماء ملك ٌ لدعاة العنف ... إذا سمحت لهم بذلك يا أخي الثائر السوري الغالي !




الإسلام :

سنكتشف سريعا ً أن نخبة ً قليلة ً من الناس فقط قرأت وعَـقـِلـَت القرآن والسيرة النبوية.
يكفي أن ننظر إلى الإسلاميين الذين تبوأوا الحكم في مصر كي نتأكد من ذلك. لقد وقعوا في تناقضات رهيبة فشلوا تماما ً في الخروج منها.

يخطىء من يقول إن ممارسات الجماعات المتطرفة الإسلامية اليوم لا تجد لها جذورا ً في التاريخ الإسلامي وأن الإسلام كان مجرد دعوة لا عـنفية للسلام والمحبة بين البشر ...
لماذا ؟
دون إطالة ...

سنقتصر فقط على الحقائق والأفعال !

النبي نفسه كان محاربا ً ... ولقد انتصرت ثورة الإسلام بفضل قوة السيف ومبدأ "الحرب خدعة"
كان النبي يردد دائما ً في مرحلة ضعف الدعوة، أي في المرحلة المكية، جملته الشهيرة:

"لكم دينـُكم ولي َ ديني"

وهو ما يفهم منه أن هناك ثمة مكان ٌ لكل الناس ... مشركين ومؤمنين !

لكنه عندما وصل المدينة وبدأت شوكة المسلمين تقوى والدعوة تنتشر بمساعدة الأنصار المدينيين، أعلن الحرب َ ضد خصومه الذين اضطهدوه في السابق من خلال شن الغزوات المتتالية على طرق قوافل التجارة مع بلاد الشام والأمصار الأخرى
لقد حارب النبي بنفسه ... حمل السيف بنفسه ... وذبح بيده وقتل وجرح أعداءه.
لست هنا بصدد القول إنه كان مجبراً... مدافعا ً عن نفسه وعن الدين الوليد... أو مضطراً أو غير مضطر. لا أريد أن أطلق أحكاما ً على ما حدث...
بل وببساطة تقرير ما حدث !
لا أعتقد أن هذه الأعمال العسكرية تدل على التبشير باللاعنف والمحبة والإخاء بين الناس، بل هي أعمال حرب واضحة المعالم.

رغم كل ذلك... ما زال الإسلاميون الملتحون يطالبون بنظام الخلافة كعلاج ناجع ٍ وترياق شاف ٍ لكل مشاكل المجتمع السوري المعاصر.

لكن... لماذا لا يراجع أنصار هذه الحماقة التاريخية التاريخ َ الرسمي للإسلام؟ التاريخ الذي يدرسه الأولاد في المدارس ضمن مادة التربية الدينية.

ثلاثة ٌ من الخلفاء الراشدين الأربعة ماتوا غيلة ً !
عشرات الصحابة المبشرين بالجنة، الأقربين لمحمد قتلوا في الحرب بين علي ومعاوية ... أو ربما بين علي وعائشة !
هل هذا هو الحب بين الناس ؟
أما بالنسبة لسؤال: ما هو السبب الكامن وراء الخلافات والاغتيالات ؟
فنجد أنفسنا مجبرين على تقبل الجواب التالي:

إنها السلطة ...
إنها السلطة السياسية !

تتشابه الحروب بين المسلمين الأخوة مع أي نوع آخر من الحروب على السلطة ضمن أية حيثيات دنيوية أخرى.
ما يشكل دليلا ً آخر على عدم صوابية مقولة إنكم: خير أمة على ظهر الأرض... وعلى أن هذه المقولة لم تكن كافية لمنع اقتتال المسلمين فيما بينهم ... كما لم تكن جملة "أحِبّوا بعضكم بعضاً" كافية ً لمنع اقتتال المسيحيين فيما بينهم !

ولا بد هنا من التذكير بأن الخليفة الأول قد "انتـُخب" بعد مقتلةٍ وقعت على رؤوس الأنصار المدينيين بعد وفاة النبي مباشرة ً
أين المحبة في كل ذلك ؟
بعد بضعة سنوات من هذا التاريخ

أراد معاوية توريث ابنه يزيد وإرساء الأسس لسلالة أموية في الحكم ... فقام من قال لينهي النقاش:


"أما أمير المؤمنين فهذا (وأشار بسيفه إلى معاوية)، فإذا مات فهذا (وأشار إلى يزيد)، ومن رفض فهذا (رافعاً سيفه في الهواء)"


كان هذا نموذج توريث الخلافة
تُرى هل هذا ما يريده الأخوان المسلمون والجماعات الإسلامية بكل الإصرار الذي نعرفه عنهم ونعترف لهم به ؟

لنتابع ...

عندما وصل العباسيون إلى السلطة
قاموا بارتكاب أبشع المجازر ضد كل من بقي حيا ً من السلالة الأموية
لا بل إنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك... بأن نبشوا قبور الأموات من الخلفاء الأمويين
نبش القبور والصلب والشنق والحرق .... هذه كانت أوامر السلطة الجديدة

أين الحب في كل ذلك ؟

كل هذه الأحداث... وقعت وأجمع عليها كل المؤرخين

إذا ً ... الرحمة ...
ارحمونا من مقولة: "نريد الخلافة"
إنها حماقة ٌ تاريخية ٌ... فلنكن شجعانا ً ولنعترف بذلك...
ثم... إن كان ثمة خلافة !
فعلى أي مذهب سيكون الخليفة الجديد ؟
على المذهب السني أم الشيعي ؟؟
إن هو إلا بابٌ جديد لحروب عبثية لا تنتهي إلا بالفناء
فناء الجميع !


هكذا ...
نستنتج أن النصَّ لا يساوي شيئا ً في واقع الأمر !!!
المهم هو أفعال البشر وتفاسيرهم لهذا النص وكيفية تطبيقهم له !

السماء ملك ٌ لدعاة العنف ...
السماء ملك ٌ لدعاة العنف... إذا سمحت لهم بذلك يا أخي الثائر السوري الغالي !



اليهودية :

في هذا الزمن حيث حلت الاتصالات محل المعلومة... يصبح من الواجب الملحّ على كل إنسان عاقل أن يأخذ مسافة ً من الأحداث وأن يتجنب أن يهجم خفيض الرأس مغمض العينين على قطعة القماش الحمراء التي يلوِّحون له بها أمام فهمه وإدراكه...

لن أقوم إلا ببعض التعليقات على النصوص التي سأسوقها لك فيما يلي والتي تلخص عصارة فكر وتحليل العديد من الكتاب البارزين اليهود.

ثم سأتركك تشكل رأيك وحكمك الشخصي... لأن الموضوع مهم للغاية وسترى بنفسك أن هناك الشيء وضده عند اليهود ... وعلى جميع الأصعدة !

فلنتمعَّن قليلا ً في ما يقوله التاريخ بالنسبة لنزعة معاداة السامية التي شكلت موضوعا ً هاماً "تابو" في القرن الماضي

علما ً بأني لن أستشهد إلا ببعض المراجع اليهودية التي أشارت وبوضوح للسم الذي استطاعت هذه الديانة أن تفرزه عبر العصور.

فلنتمعَّن في ما يقوله حزقيال وابن ميمون ...

حزقيال (2) 23/ 20 :
لحم الغوييم (أي كل الشعوب الأخرى غير اليهود) كلحم الحمير وشهوتهم كشهوة فحول الأحصنة.

موسى بن ميمون (3) في "دليل التائهين" (كان القديس توما الأكويني يعتبر موسى بن ميمون النسر َ في الكنيس) يقول:

- فيما يخص "الزنوج":
"طبيعتهم مشابهة لطبيعة الحيوانات العجماء وبرأيي فإنهم ليسوا بمنزلة الكائن البشري. من بين الكائنات الموجودة اليوم فإنهم أدنى من البشر وأعلى من القردة لإنهم يمتلكون هيئةً مشابهة ً للبشر.
- في ما يخص "الزواج و العلاقات الجنسية":
تعتبر المرأة غير اليهودية نجسة غير مطهرة من حيضها، عبدةً كافرةً وعاهرة. أما إذا اهتدت... فتسقط عنها العلامات الثلاث الأولى، إلا أنها تبقى عاهرة ً مدى الحياة.
يبقى الرجل مخلصاً لزوجته مدى الحياة. لكن هذا لا يعني أن العلاقات الجنسية بين اليهودي والمرأة الغوييم مسموحٌ بها، بل على العكس. إلا أن العقوبة تطبق على المرأة الغوييم، ويبقى هذا الكلام صحيحاً حتى ولو كان اليهودي قد أخذها اغتصاباً.

في مواجهة هذه الكلمات المرعبة صعبة الفهم والتصديق... سأورد لك يا أخي الثائر ما قالته بعض العقول المستنيرة من اليهود أنفسهم. ولن أعلِّق على ذلك. بل سأتركك تقرأ بنفسك...

أودّ البدء بسوق بعضٍ مما قالته الفيلسوفة (وليس النائب) سيمون فيل ...:

السيدة سيمون يهودية ٌ يقال إنها تحولت لتصبح مسيحية ً متصوفة
حائزة على إجازة جامعية في الفلسفة في العام 1931
توفيت في العام 1943 عن عمر 34 عاما ً فقط

النص التالي مأخوذ من كتابها المعنون:
"الثقل والبراءة" - فصل إسرائيل

"ليس هناك عرق ٌ بشري ٌ أكثر غموضاً وشؤماً، وبالتالي أكثر إثارة ً للانتباه والاهتمام... من العرق اليهودي. لزام ٌ على كل كاتب ٍ مثقل ٍ بهموم الحاضر ومرتبك ٍ قلقٍ أمام استحقاقات المستقبل، أن يبحث َ عن إجابة على السؤال اليهودي وإسقاطاته على العصر الذي يعيش به.
ذلك أنك تجد السؤال اليهودي وانعكاساته على العالم القديم والمعاصر في جذور كل القضايا والأشياء حولك... ولا بد لكل مفكر شريف من عدم التردد في مناقشة هذا السؤال مهما كانت العقبات والصعوبات التي تواجهه، سواء كان ذلك على صعيد الموضوع نفسه أم على صعيد الأفراد التابعين لهذا العرق.
سوف تكتشف بحماسة ... العلاقاتَ التي تربط بين تجميعية (كوليكتيفيزم) اقتصاديات العالم الغنية للغاية وديمقراطية القيم المالية، كما تسمونها، وبين التجميعية الدولية لدى كارل ماركس وتروتكسي.
تعود كل هذه الشرور والمآسي الاقتصادية والسياسية في جذرها لأصل ٍ واحد:
نبع ٌ وأساس ٌ واحد ٌ فقط: اليهود
طبعاً... هناك يهودٌ آخرون مستعدون لصلبك وإهانتك وتشويه سمعتك جرّاء تعبيرك عن رأيك الصريح والواضح هذا. أما بالنسبة لي... فأنا سأتجنب المساهمة والمزايدة بكيل مثل الاتهامات التي ستنهال عليك حتماً... لكن لابد لي أولاً من قول ما يلي:
لم يجرِ حدث ٌ واحد ٌ فقط في أوروبا المعاصرة دون أن نجد أن اليهود َ كانوا وراءه. كل الأفكار والحركات المعاصرة... انطلقت من النبع اليهودي وذلك لسبب بسيط هو أن السامية استطاعت أخيراً أن تحتل العالم بأسره وتخضعه لها.

لقد بات واضحا ً للغاية وغير قابل للشك الدور الذي يلعبه اليهود، إيجاباً كان أم سلباً، في حياة "الغوييم"، كما لم يعد قابلا ً للشك أيضا ً، أن دورهم أو تأثيرهم هذا يستحق إجراء تحقيق ٍ دقيق ٍ لفهمه كما ينبغي وأنه من المستحيل القيام بمثل هذا التحقيق دون الوقوع فريسة ً للخوف من العواقب.
لقد أخطأنا، نحن اليهود، يا صديقي. نعم... لقد أخطأنا وبشدة !
لم يعد هناك اليوم سوى الكذب والبهتان والجنون.
حماقة ٌ ستؤدي لتضخيم المأساة وجعل الفوضى أكثر عمقاً وتمكناً"

إلى هنا وينتهي النص الذي كتبته سيمون فيل...

هـذا ما قالته هذه الفيلسوفةُ المعروفةُ والمعترفُ بها عالمياً

ولكن... وضمن نفس السياق...

كيف لنا نحن أن لا نعادي السامية إذا كنا "غوييم" وصادف أن عرفنا ما تضمّنتْه النصوص التي سأوردها أدناه... وبالأخص إذا اعتبرنا أن هذه النصوص قابلة للتنفيذ... لا بل واجبة التنفيذ حرفياً؟
كيف نقبل هذه المواعظ والكتابات ونحن في القرن الحادي والعشرين ؟

ستقول لي: مستحيل أن نقبل ذلك ؟
لكن المتطرفين من كل حدب ٍ وصوب يأخذون الكلام المقدس وكلام القديسين كحقائق مطلقة وينادون بتطبيقه بحذافيره على حياة الناس !
مثل هذه النصوص تجعلنا نفقد العقل والمنطق تماماً !
ترى هل هناك يهود معادون للسامية ؟

لا أعتقد بذلك حقيقةً يا صديقي! لكن هؤلاء الرجال والنساء الذين يعبرون عن أنفسهم كما عبرت عن نفسها سيمون فيل... يبرهنون أنهم يتمتعون بحرية تعبير يفتقدها المثقفون السوريون.

إنهم يبدون آراءً لو تفوه بها أحد الغوييم لاتُّهم فوراً بأنه عنصري معاد ٍ للسامية.

هناك بينهم من يقول:

"إن حقيقة اليهودي أن يكون تائهاً وإن دولة إسرائيل هي شذوذ ٌ في مجرى التاريخ"

كما قال روني برومان(4) المثقف اليهودي المعروف

ولا بد أن أذكر أيضا ً باروخ سبينوزا (5) الذي أدين بالكفر والخروج عن الملة اليهودية والذي طعنه أبناء جلدته بالخنجر عند خروجه من الكنيس !

لقد أهدى سبينوزا البشرية َ كتابا ً عنوانه "رسالة في اللاهوت واليباسة" وهو كتاب ٌ شيق ٌ سيبقى موضوعه معاصرا ً ما بقي الإنسان

يا له من ذهن صاف ٍ ويا له من عقل ٍ متنور!

لقد نـُفي سبينوزا وأجبر على السفر إلى هولندا طلبا ً للرزق

حيث قام بصقل العدسات والاعتياش من هذه المهنة
وفي نفس الوقت
قام بكتابة ونشر كتابه المذكور أعلاه الذي يدحض فيه فكرة أرض الميعاد كما يوضح بطلان وعدم جدوى هذه العقيدة العبثية التي تأخذ كلام العهد القديم كما هو وتجعله وثيقة َ تسجيل ملكية (ورقة طابو) لأجيال اليهود عبر القرون والعصور المختلفة.

ترفض الثقافة السورية الرسمية أي عمل فكري يهودي ... ما يحرمها من ثقافة إنسانية عز مثيلها !!!

يا صديقي العزيز

يعرض سبينوزا في كتابه هذا كل العوامل والأفكار الجدلية المناوئة والمناهضة لفكرة أرض الميعاد والصهيونية...

صموئيل روث (6): ناشر كتاب "عوليس" للكاتب جيمس جويس(7) الذي يعتبر الكتاب الأهم في القرن العشرين والذي نزع الحجاب الذي يختفي خلفه الوجه القبلي للمجتمع اليهودي والإسرائيلي لاحقا ً.

لقد قام صموئيل روث بدراسة الأسباب التي أدت لأن تكره الشعوب ُ اليهود َ ما أدى به في نهاية المطاف إلى أن يصبح هو نفسه معاديا ً للسامية. لقد نعت اليهود بأنهم شعب من الكواسر.
سرعان ما أدين هذا الكاتب وحكم عليه بالموت من قبل مجتمعه اليهودي. فالتلمود يقول وبوضوح:
"يـُحكم بالموت على اليهودي الذي يشهد في المحكمة لصالح شخص آخر غير يهودي"
بعد ذلك ... كتب َ رسالة عنوانها: "هل يستحق اليهود الحياة ؟!"

فلنستمع لما يقوله السيد روث:

"يقول ديزرائيلي الذي كان رئيس وزراء الملكة فيكتوريا إن الشعوب تستحق يهودها، لكن بالإمكان القول أيضا ً إن اليهود يستحقون أعداءهم.
لقد كان تاريخ اليهود مأساويا ً. مأساويا ً بالنسبة لليهود أنفسهم ولكن وبدرجة لا تقل عن ذلك ... بالنسبة للشعوب التي عانت منهم.
إن عيبنا الأساس، حاليا ً كما في الماضي، يكمن في تطفلنا. نحن شعب من الطيور الجارحة التي تعتاش على العمل والطبيعة الطيبة لباقي العالم ... إلخ ... "

حتى يصل إلى الفقرة التي يقول فيها:

" إذاً... لا بد من التأكيد على أن نزعة العداء للسامية هي وببساطة مجرد غريزة بشرية أساسية. إنها غريزة ٌ مهمة ٌ تتمثل في مقاومة عرق بشري ما للدمار الشامل"

برنارد لازار(8) : مثقف ٌ بارز ٌ و رجل شريف.
دريفوسي أصيل ومعادٍ من الدرجة الأولى للصهيونية
يقول السيد برنارد أن هناك طريقين محتملين لا ثالث لهما:
إما اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها أو تكريس الوطنية اليهودية أي أن يصبح اليهود شعبا ً كغيرهم من الشعوب.
لقد ابتعد لازار عن الصهيونية فور اختطاف مشروعها من قبل الحاخامات. بالنسبة له... لم يعد هذا المشروع علمانياً.

إنه موقف ٌ "بطولي" لصالح عالمية الفكر الإنساني

" معاداة السامية، تاريخها وأسبابها "

إنه يطرح وبوضوح السؤال التالي :

لماذا تتسم دوماً العلاقات بين اليهود والشعوب الأخرى التي تعترضهم بالإشكال وعدم الفهم ؟
هل عدد السوريين الذين يعرفون هذا الكاتب كبير؟
أشك بذلك ...

مثال ٌ آخر ؟

إسرائيل شاحاك (9): عقد التهجير (الترانسفير) 07/08/1933

لقد عمل إسرائيل شاحاك كثيرا ً على موضوع سياسة التمييز العنصري للدولة الإسرائيلية. هو أستاذ الكيمياء في جامعة القدس وواحد ٌ من الناجين من معتقلات النازية. عمل لاحقا ً أستاذ علم الحياة العضوية في جامعة القدس.
يقول إسرائيل شاحاك إن الخلاف بين اليهود العلمانيين واليهود الصهاينة موجود ٌ منذ مئات السنين حول موضوع نهاية التيه بالنسبة للشعب اليهودي. لقد قـُتل كثيرٌ جدا ً من اليهود العلمانيين أثناء الحرب العاليمة الثانية جراء هذا الخلاف كما تم ترحيل اليهود الصهاينة إلى فلسطين بعد الاتفاق مع هتلر على ذلك وهو ما يعرف باسم عقد التهجير/ الترانسفير.

للتذكير فقط : لقد كان هتلر مدعوما ً أثناء الحرب العالمية الثانية وبشدة من قبل اثنين من الصهاينة الأكثر نفوذا ً في العالم وهما روكفيلر (ستاندارد أويل) الذي كان يغذيه بالنفط والمحروقات وروتشيلد الذي كان يموله وينقل له الأموال عبر المصارف المختلفة.

لقد قام إيدوين بلاك بتسليط الضوء على الصفقة التي عقدت بين النازيين والصهاينة والتي كانت تهدف لتهجير اليهود جماعيا ً باتجاه فلسطين وذلك في جريدة "دير أنغرف" التي كان رئيس تحريرها جوزيف غوبلز شخصياً.

لقد صـُكت ميدالية بأمرغوبلز للإشارة لهذه الصفقة. على أحد وجهيها نرى "السواتسكا" أو الصليب المعقوف، وعلى الوجه الآخر نجمة داوود!

في الواقع... يعاني كل يهود العالم من إشكال الهوية وإشكال العلاقة مع إسرائيل!

كما يعاني اليهود في داخل إسرائيل من إشكالين كبيرين وهما:
- من يحق له أن يكون مواطنا ً إسرائيليا ً ؟
- ماهي حدود إسرائيل ؟

إن الجواب على هذه الأسئلة معقد ٌ جدا ً ويشكل قنبلة موقوتة ستنفجر حتما ً عندما يحل السلام في الشرق الأوسط.
لن يتأخر انفجار الصراع بين الإسرائيليين أنفسهم جراء الخلاف على هذين السؤالين المصيريين الوجوديين ما سيؤدي بالتأكيد لتدمير بنية العصبية الصهيونية نفسها.
هل يعرف السوريون هذا الجانب الأساسي للسؤال الإسرائيلي ؟

لا أعتقد! من الصعب للغاية أن نترك الغريزة جانبا ً ونصغي لصوت العقل ...
الشرق تعريفا ً عاطفي وبعيد عن العقلانية...

النصوص الواردة أعلاه وأسطورة الجريمة الطقسية أو ما يعرف باسم دم الأطفال في الخبز العظيم.
جرائم دمشق وسواها أيام السلطنة العثمانية في القرن التاسع عشر (كلها واقعات معروفة ولا داعي لتفصيلها) ... مقولة إن اليهود يطمحون للاستيلاء على العالم. بروتوكولات حكماء صهيون ...
كلها أكاذيب وترهات فكرية مختلقة الغرض منها إهانة اليهود والنيل منهم ومن ممتلكاتهم
المطلوب هو شيطنة اليهود عبر كل ذلك ...

لا تنسَ يا أخي الثائر السوري الغالي أن

اليهود بشر ...
وكل صفات البشر ليست بغريبة عنهم
كما لا يجب أن ننسى أن العديد من عظماء الفكر الإنساني والأدبي في العالم ... كانوا يهودا... أمثال موسى وعيسى وماركس و فرويد وزامنهوف وكافكا...


و ... هنا
نصل إلى نفس النتيجة:
النص لا يساوي شيئا ً في واقع الأمر !!!
المهم هو أفعال البشر وتفاسيرهم لهذا النص وكيفية تطبيقهم له !

السماء ملك ٌ لدعاة العنف ...
السماء ملك ٌ لدعاة العنف ... إذا سمحت لهم بذلك يا أخي الثائر السوري الغالي !

كل العالم يعرف جملة ماركس (10) الشهيرة: الدين أفيون الشعوب! لكن القليل فقط يعرف أن لها تتمة... وأن هذه التتمة تقول إن الدين هو فكر العالم إذا تخلى العالم عن فكره وعقله


الطائفية

يا أخي الغالي ...
لا أعتقد أنك تجهل أن الطائفية تنشأ في أحشاء كل الأديان ... حيث تجد أتباعها وأنصارها ...

الطائفي تعريفا ً هو ذلك المولع بمعتقداته. الرافض لمعتقدات الآخرين. الذي يعطي لمعتقده أو مذهبه كل الحقوق بما فيها تلك التي تخص الآخرين وذلك انطلاقا ً من شعوره بالتفوق عليهم وتجاهلهم وعدم تحملهم.

علما ً بأن الانتماء بالولادة لدين ٍ أو مذهب ٍ معين والعمل على مساعدة المنتمين لنفس هذا المذهب والمعتقد بهدف تحسين شروط حياتهم دون المس بحقوق الآخرين أو الإضرار بها ... لا يجعل من المرء طائفيا ً.

الطائفية هي استراتيجية تعمل من خلالها النخب الاجتماعية المتنافسة سياسيا ً على الفوز بالغلبة والهيمنة سواء كان ذلك على صعيد الدولة من الداخل أو على الصعيد " الاجتماعي " البحت.

لا وجود للحرب بين الأديان والطوائف المختلفة دون مشاركة النخب الاجتماعية واعتماد استراتيجية طائفية وتجييش الكتل البشرية ما يشكل الشرط اللازم والضروري كي تقوم هذه الكتل بدفع ضريبة الدم التي تتجنب النخب دفعها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.

لا بد للدولة من احتواء هذه الطائفية وتفريغ شحنتها السامة.
يكمن الخطر... كل الخطر في انغماس الدولة في الصراع الطائفي ودخولها معتركه تحت طائلة احتمالية أن تتشظى وتنفجر هي نفسها.
تشكل الطائفية الوسط الملائم للتمزق مابين الـ " نحن " والـ " هم " ...
إنها تسمح، وبوضوح تام لا لبس فيه، بالنيل من الـ " هم " دون أي رادع أدبي أو أخلاقي.

كلمة واحدة تعبر عن هذه الحالة :
لا بد من القضاء على الآخر حال معارضته لإرادتي أنا ...

حتى أولئك الذين يعتبرون أنفسهم ليبيراليين في سوريا يجدون من الـ " طبيعي " للغاية أن يقتلوا ويصفوا أعداءهم نساء ً وأطفالا ً وشيوخاً ...
لكن إذا ارتُكبَت مثل هذه الفظائع في معسكرهم يصبح اسمها حينذاك ممارسات غير "ديمقراطية "!
وهذا ما شاهدناه في مصر بعد انقلاب الجنرال السيسي.
لم ينبس هؤلاء الذين كانوا يطالبون بالديمقراطية ببنت شفة اعتراضا ً على عمليات القتل المرتكبة في الجوامع... بما في ذلك قتل النساء والأطفال والشيوخ. كما لم يتم إجراء أي تحقيق أو حتى مطالبة بإجراء أي تحقيق أو محاكمة.
إنها القطيعة التي ستدخل المجتمع المصري في النفق المظلم مع احتمالية انتقام الـ " هم " عندما تكون الأمور في صالحهم !!!
كي نتجنب هذا المنعطف المأساوي لتمزق المجتمع المصري، ولكي لا تقع سوريا في نفس الحالة: لا بد لك يا صديقي الثائر من أن تفرض الحد الأدنى الإنساني الذي لا يمكن ولا يجب تجاوزه في أي حال من الأحوال.
ستعرف دولة القانون التي ستؤسسها يا صديقي كيف تتعامل مع المرتكبين الذين يخرقون القانون، كما ستعرف كيف تحاكمهم وتعاقبهم حتى ولو كانوا ينتمون لمعسكر الـ " نحن ".

لأن ...

النظام الطائفي يؤدي حتما ً لفشل الدولة وتحويلها لقبيلة كبيرة ... لا أكثر ولا أقل

يبدو هذا جليا ً واضحا ً من خلال استعمال الدولة لغايات تحزبية عصبية ضيقة عوضا ً عن استعمالها لمصلحة كل المواطنين.
إن أعداد ضحايا صراع " الأخوة " الذي يجري بين الطوائف والأديان والمذاهب كبيرة للغاية وأكبر بكثير من ضحايا المجازر والاغتيالات والاعتداءات الأخرى التي قام بها الإسرائيلي.
أرجو أن تتذكر ذلك دائما ً وأن لا تنسى أبدا ً يا صديقي.
أن تتذكر أن تعتبر حياة الآخر ذات أهمية ... تماما ً كحياتك أنت
هل تستطيع تذكر ذلك ... حتى لو لم ينتمِ هذا الآخر لمعتقدك أو طائفتك أو دينك؟
هنا... تبدأ الديمقراطية الحقيقية في ضمائر الناس

ثم ... ودون تخصيص فصل جديد أو فقرة جديدة لهذا/لهذه الرسالة - المخطوط ...
ستدافع عن حق الآخر في أن يكون ملحدا ً !
سيشكل ذلك، كما هو الحال بالنسبة لحرية المرأة، العلامات الأولى للتغيير الحقيقي الصحي والسليم في سوريا.


إذا ً ... أيها السادة الملتحون ... نُخَب الطوائف:

ألا تعتقدون أن الطائفية أثمرت ما يكفي من القتلى والجرحى والمعاقين والمخطوفين ؟

ألم ترتووا بعد من نهر الدم الذي يجري منذ حرب الأخوة التي جرت بين معاوية وعلي ؟

ألا تعتقدون أن هذا يكفي؟

ألم تفهموا بعد أنه لن يكون هناك منتصر و خاسر، وأن النتيجة الوحيدة المضمونة هي الألم والدمار؟

ألا تجدون ذلك كافيا ً ؟

هل حدث لكم وقرأتم التاريخ ؟

هل تفهمون دروس التاريخ ؟

ألم تفهموا بعد أنه يستحيل القضاء على الـ " هم " ؟

وأنه لا بد من العيش معهم والقول أنكم تنتمون لنفس الوطن، وأن الله واحد لكل البشر وواسع الرحمة مع كل البشر؟

حصل لي أن قرأت مؤخرا ً قولاً لأحد علماء الدين هو: " إن الخلفاء الثلاثة الأول قاموا بانقلاب ضد علي ! "

ما رأيكم بذلك ؟؟؟
مرعب بالفعل !!!

أيها العـَالـِم التعـِس ... لقد مللنا وقرفنا من هذا الكلام الذي يدعو للقتل
تلك أحداث ٌ وقعت قبل 1400 سنة !
وها نحن اليوم أمام هذا العالـــِم الألمعي الذي ما زال يبحث عن المذنب !
ياللذكاء وياللحكمة : لقد قرر السيد الملتحي القيام بالتحقيق !!!

لقد مللنا ولم نعد نريد الحديث بهذا الموضوع لسبب ٍ بسيط ٍ واحد هو أن الثوار السوريين ينظرون إلى المستقبل ... وأنهم تعذبوا بما فيه الكفاية من الماضي ...
ربما يأتي اليوم الذي سنعترف به بأن " المتسبب " بهذه المآسي ... ربما كان النبي نفسه، لأنه لم يولِ الاهتمام الكافي لما سيجري بعد رحيله !!!
فليتوقف النقاش والجدل في هذا الأمر هـنـــــــــا !!!
الرحمة ...
لنتوقف عن هذه الترهات... مرة ً واحدة وإلى الأبد




الديمقراطية




" يكفي أن تتوقف عن الخدمة كي تصبح حرا ً "
يقول حكيم !

السلطة المطلقة تؤدي للفوضى المطلقة

لا نستطيع تحليل كلمة ديمقراطية دون الخوض بالحد الأدنى من التاريخ الاجتماعي.
سأسمح لنفسي أن أطلب منك العودة لأصول الدولة وأسس العلاقات بين البشر دون التطرق للخليقة والخلق والكتب المقدسة !

أرجو منك الصفح كوني لن أشير لأي من المفكرين العرب أو تحديدا ً المفكرين السوريين أثناء الحديث عن علم الاجتماع والدولة لأن معلوماتي المتواضعة تقول أنه ليس هناك من مفكر ٍعربي ٍ تطرق لهذا الموضوع.
إذا ً لن أشير إلا للمفكرين الغربيين. لقد تجمد علم الاجتماع العربي مع موت ابن خلدون الذي كان كاتبا ً عبقريا ً وفي نفس الوقت ... وطنيا ً تعسا ً كونه تعاون مع المغول عندما هاجم هؤلاء ... سوريا !!!
عودة مدهشة للتاريخ ... أليس كذلك ؟
إذا ً ...

هناك نظريتان أساسيتان وضروريتان لفهم تطور الإنسان وكل ما يتعلق به ويدور حوله
لا نستطيع أبدا ً أن نستغني عما قيل وعـمَّـا كان وسيبقى أساس المجتمع البشري



الحالة الطبيعية " الأولية "

هي "الحالة التي كان يعيش فيها البشر قبل نشوء المجتمعات وقبل الدولة وقبل الأنظمة السياسية"

هو مصطلح لتوماس هوبز (11) ... أخذه من بعده جون لوك (12)

البشر الأوائل عاشوا في ما يمكن أن نسميه، عن حق، الحالة الطبيعية
تقوم هذه الحالة الأولية على مبدأ بسيط: السمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة ...

لدي كل الحق في أن أفعل كل ما أستطيع فعله !!!
ما يعني ببساطة
حرب الجميع ضد الجميع
أنا أقتل ُ جاري ... ليَ الحق في ذلك (كوني أستطيع ذلك): هو قصير وبشع ومريض
بينما أنا شاب ٌ قوي ٌ وشديد البأس!
أرغب في أن أستحوذ على بيته لأنه قريب ٌ من ساحة السوق حيث تتم مقايضة قرون الثور بخصى الماموث عند كل صباح...
باختصار... الأقوى يقوم بما يرغب ويشتهي وفي أي وقت شاء !
الأمر بهذه البساطة ...
الحق الطبيعي هو القانون الذي يكون الإنسان من خلاله في حالة الطبيعة " الأولية " : إنه قانون غياب القوانين !
جون لوك يضيف بعدا ً خاصا ً به فيقول :
هناك قواعد أو قوانين منحها الإله أو المنطق السليم الفطري للإنسان. الحالة الطبيعية ليست حالة غياب للقوانين بل هي عبارة عن قـواعد أساسية لا بد من احترامها: احترام الحرية والملكية.
الملكية الخاصة تصبح عاملا ً محددا ً ومهما ً للغاية. هذا الشيء يخصني... إنه لي وحدي وليس لغيري من البشر.
يقترب جون لوك هنا من مفهوم توماس هوبز ويختلف عنه نوعا ً ما.


ومع أن لوك يتفق على أساس المصطلح الذي اعتمده هوبز إلا أنه يرى أن حرب الجميع ضد الجميع ما هي إلا حرب ظاهرية وهمية. الحرب الحقيقية تقع فقط عندما تكون الملكية الفردية أساسا ً لها.

ولكن

لماذا ... ما الذي يدفع الإنسان في لحظة معينة لترك هذه الحالة الطبيعية " الأولية " ؟

إنه يقوم بذلك لتفادي حرب الجميع ضد الجميع من خلال إنشاء / مشاركة " طرف ثالث حيادي " يأخذ على عاتقه مهمة تفادي حرب الجميع ضد الجميع وضمان الأمن والأمان.

ستقوم أنت بضمان حرية كل السوريين ... أليس كذلك يا أخي ؟

بالنسبة لـ هوبز : يترك الإنسان الحالة الطبيعية " الأولية " لقاء الأمان الذي يوفره له الطرف الثالث.
بالنسبة لـ لوك : يغادر الإنسان هذه الحالة ليضمن حقوقه في الحرية والملكية.

ستقوم أنت بضمان الحرية وحق التملك لكل السوريين ... أليس كذلك يا أخي الثائر ؟

هنا ... يعطينا مفكرٌ مهمٌ ثالث ٌ رأيـَه في الموضوع :
يعتبر روسو(13) أن الإنسان بطبيعته صالح : الشيء الوحيد الذي يمنعه من أن يكون سيئا ً هو الخوف من الانتقام ...

الإنسان البدائي هو
إنسان متوحد يقضي حاجاته الأولية الأساسية دون مشاكل وتعب : يقطف ويأكل الثمار ويشرب من النبع الصافي.
حاجاته متواضعة ...
نستطيع هنا أن نتساءل لماذا تتحول هذه الحالة الطبيعية المثالية الوادعة وفقا ً لرؤية روسو إلى الحالة المتوحشة ...أي حالة الحرب والاقتتال ؟

بالنسبة له ...

الظروف الخارجية، كالطوفانات وسنوات القحط مثلا ً... تجبر البشر على التجمع
في هذه الحالة يجد البشر أنفسهم مجبرين على أن يعيشوا سوية وأن يتعلق مصير الواحد منهم بمصير الآخرين.
كتشكيل مجموعة صيد مثلا ً ...
هنا ... يبدأ الفرد بالتحول الحقيقي في عاداته وتقاليده :
يصبح غيورا ً ... حسودا ً ... حقودا ً ...
باختصار ... يصبح سيئا ً

هكذا تخلى الإنسان عن الحالة الطبيعية " الأولية " لكي لا يجد نفسه ضحية ً لخيارات الآخر المتحولة والمترددة والمجهولة أو التعسفية الاعتباطية !

لقد همس ديدِرو (14) وهو في زنزانته في فانسين هذه الكلمات لـ جان جاك روسو ... قال له :
الملكية ...
الرغبة في التملك ...
هي أساس كل الشرور في المجتمع ومن هنا تأتي الحاجة للقوانين التي تدعم حرية الفرد وتضمن، في نفس الوقت، تحقيق العدالة.

ستقوم أنت بإحقاق العدل بين المواطنين السوريين بغض النظر عن أحوالهم وظروفهم المعاشية ... أتعدني بذلك يا أخي الثائر ؟

العدالة ... هي الملاط الأول الضامن لحمة المجتمع

بالعودة لموضوعنا ... لابد لنا جميعا ً، وبغض النظر عن أي شيء آخر، من أن نقر بأهمية المسؤولية الفردية في سوريا الغد الجديدة التي ستعمل من أجلها مع باقي المواطنين السوريين بغض النظر عن العرق والدين.

لا بد من حفر ذلك في العقول والضمائر :

المسؤولية الفردية : إنها مسؤوليتي أنا الشخصية ... إن نجحت وإن فشلت ...

حريتي لا يمكن أن توجد ... دون حرية الآخرين

المشكلة تكمن في الانعدام المطلق لمسؤولية الإنسان السوري عن مآسيه وجروحه

يستحيل أن يكون هو المذنب: الذنب دوما ً ذنب الآخرين

إنه ذنب المؤامرات التي تكالبت عليه منذ بدء الخليقة

أليس هذا هو بالذات تعريف جنون الاضهاد " البارانويا " الذي ما فتأ يرافقه منذ ألف سنة ؟

هل كثر ٌ هم السوريون الذين يعترفون بذلك في دواخلهم؟
أشك بذلك !



يا صديقي العزيز
أنت تصارع اليوم للوصول لدولة القانون على التراب السوري. الدولة التي ستحقق العدالة ... الغائبة منذ عشرات القرون.

من هنا تأتي الأهمية القصوى لوجود الشرفاء الذين يستحيل شراء ضمائرهم. رجال ٌ في خدمة القانون يحمون الوطن من كل أشكال الانحراف والفساد.

دون الوقوع في الشطط ... الذي يفضي بنا لجمهورية القضاة

كيف الوصول لحل المعضلة الأساسية المتمثلة باحترام الفردية وحماية ورعاية حياة الجميع.
الجميع ... في مجتمع ٍ واحد وبسلام ... دون عنف! كي يشعر شباب وأطفال هذا البلد المعذب بأنهم سوريون بالفعل وأنهم سيبقون في سوريا للعيش والعمل فيها دون عقبات ومشاكل.

فقط الديمقراطية تستطيع الإجابة على هذا التحدي بنجاح وبشكل قابل للقياس والمتابعة ...

هكذا ...
سيكون بإمكانك إنشاء السلطات الأربع الضرورية لتكوين دولة القانون.

حرية الناس تحت سلطة الحكومة تعني ... وجود قاعدة أو قانون واحد يطبق على الجميع ويتم إقراره من قبل السطة التشريعية.
حريتي في أن أختار كل شيء وأي شيء ولكن تحت سقف القانون !!

لا يمكن لدولة القانون أن تقوم دون العدالة والأمن ومنظومة تعليم متطورة حديثة وحرية الصحافة والرأي ...

إذا ً ...
عندما يبزغ فجر اليوم الذي ستضع فيه سلاحك بعد نصرك على الطاغية
ستقوم بإعطاء سلطتك لمن ستنتخب
ستنتخب الفعل والمشروع والبرنامج وسيكون من حقك أن تطالب ببيان تفصيلي عمّا تم إنجازه على صعيد الفعل والمشروع والبرنامج.
بغض النظر عن هوية من سيقوم بهذا البرنامج. سواء كان كرديا ً أم عربيا ً أم شركسياً... مسلما ً أم مسيحيا ً ... كل هذا لا يهم طالما كان هذا الشخص سيـُسأل عن أفعاله وطالما أنه سيقوم بعمله على أتم وجه.
ما من حرية تعبير دون حرية العمل

ما يشكل تعايشا ً بين الحريات المتساوية ... من حيث الحقوق والواجبات

" تبدأ حرية الفرد ... عندما تبدأ حرية الآخر "
لا تستطيع أن تطالب بحريتك دون المطالبة بحرية الآخرين

ما من طريقة أخرى تضمن بها حياة كريمة للجميع

تطرف ٌ واحد ٌ مسموح ٌ به في هذه الحالة ... هو التطرف في طلب العلم والمعرفة ...

العدل في توزيع الثروات
الاتجاه نحو دولة تحكمها " الكفاءات " وليس الإجرام والقتل
تأمين الحد الأدنى الكافي من الأجور والكرامة والرعاية الصحية المجانية للجميع ...
سوريا تستطيع عمل كل ذلك ... ويجب عليها القيام بذلك.
إنها بذلك ستكون القدوة ... لكل الدول العربية من خلال نجاحها ... وسيعود لك أنت الفضل في ذلك.


أجد هنا من الضروري للغاية أن أتعرض للشكل "الديمقراطي" للتخلص من نظام سياسي معين من خلال ما يعرف بالديمقراطية المدنية التي تشكل الطريق الثالث الذي يستطيع الشعب ... لا بل لزاما ً على الشعب أن يسلكه كي يتخلص من نظام حكم ِ طغيان ٍ جائر.
مرة أخرى نجد أنفسنا أمام جملة دولا بويسي (15) الشهيرة التي تقول :
" يكفي أن تتوقف عن الخدمة كي تصبح حرا ً "
التي تلخص كل شيء !!! كما قال الأمريكي ديفيد ثورو (16) والتي طـُبقت قبله بكثير كما حدث في العام 195 قبل الميلاد (!) عندما ثارت النساء في روما القديمة على أصول اللباس التي كانت سائدة في ذلك الزمان.

يشكل العصيان المدني الدليل َ على أن الشعب يعرف ما يريد ... ويعرف كيف يتوجه نحو هدفه دون المرور بمرحلة الانقلاب العسكري الدموية ...

إنه شكل الصراع الذي كان على الشعب المصري القيام به في مواجهة الملتحين الذين وصلوا للسلطة من خلال انتخابات ديمقراطية ...
إنه شكل الصراع الوحيد الذي يتيح سحب الثقة من الحكومة ومن الرئيس دون إسالة دماء ودون التضحية بأرواح الناس مع كل ما يرافق ذلك من مخاطر وكوارث على الوطن ووحدته وتماسكه ...



بقي أمامنا جانب ٌ أخير ٌ من الإشكالية التي ستعيشها في عمر الشباب والنضج ... لم نتعرض له بعد !

المسألة الفلسطينية ...؟




فلسطين




لا نستطيع، ونحن نتأمل الخريطة، أن لا نفكر في الخنجر الذي اخترق قلوب السورين جميعا ً والذي يجعلهم ينزفون ويتألمون ويفكرون بالتضحية بالرخيص والغالي في سبيل استعادة الأراضي المحتلة من أيدي اليهود الذين اغتصبوها.

إنها القضية المركزية، إن كان هناك ما يمكن وصفة بالقضية المركزية، في قلوب وعقول وضمائر كل سوري وكل عربي من الخليج العـَرَسـِي (العربي - الفارسي) حتى المحيط الأطلسي.

قبل البدء لا بد لي من أن أعطيك بعض الأرقام التي ستسمح لنا برؤية المشكلة بأبعادها الحقيقية.

مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة : 6000 كيلومتر مربع
مساحة الجولان الذي باعه الأسد الأب: 1154 كيلومتر مربع
مساحة إسرائيل 20000 كيلومتر مربع
من خلال القيام بعملية طرح حسابي وإذا تحقق مبدأ السلام مقابل الأرض تصبح مساحة إسرائيل نحو 13000 كيلو متر مربع

لا تصدق يا صديقي أن هناك سورياً واحداً لا يتمنى "تحرير" مساحة الـ 13000 كيلومتر مربع هذه.
لكننا لا نستطيع ربما أن نسأل السؤال الشرعي التالي: لماذا تناسى الأسد الأول والثاني لواء اسكنرون الذي تصل مساحته إلى 5678 كيلومتر مربع ؟
أي نصف مساحة فلسطيننا ؟
لماذا ؟؟؟
مساحة إسرائيل المتغيرة وغير الثابتة المتعلقة مباشرة، ومنذ قيامها، بالانتصارات العسكرية ومعاهدات الهدنة والسلام.

20000 كيلومتر مربع مقابل 5000 سنة من التاريخ.

نحن اليوم في العام 5774 وفقا ً للتقويم اليهودي ...

ما من سوري واحد... أو من إنسان واحد يدعي أنه سوري... يستطيع تجاوز هذه المشكلة العويصة

كل العرب مصابون بهذا الهاجس
هاجس تحرير الأرض المحتلة وإرسال اليهود إلى حيث يجب أن يذهب كل معتدٍ غاصب:

"سنرمي اليهود في البحر"

مع كل ما سبب ذلك من أخطاء وثغرات وجرائم وضلال في السلوك والإنجاز وطبعا ً مصادرة للقرار والحل من قبل الدول التي تاجرت بهذه القضية واستولت من خلالها وباسمها على كل ما هو نبيل: الوطنية والشرف والقانون إلخ ...
تماما ً مثل عائلة الطاغية السوري الحاكمة في سوريا منذ ما يقارب الخمسين سنة ...

يتم اغتيال وتعذيب السوريين والفلسطينيين المعارضين لقرارات الرئيس الملك السوري... والحجة في ذلك جاهزة :
لا أحد يحق له الكلام باسم الفلسطينيين إلا هو. لقد لبست سوريا المعاصرة درع الفارس الأبيض الذي يسمح لنفسه، تحت ذريعة تحرير فلسطين، بكل التجاوزات والموبقات من الكذب البسيط إلى عمليات الاعتداء القاتلة بالسيارات المفخخة وصولا ً إلى القصف بالمواد الكيميائية !

اسمح لي أن أبدا ً ... بأن أضع كل أوراقي دفعة ً واحدة أمامك على الطاولة وأن أقول لك بصوت عال وقوي :

يجب على حكام سوريا الجدد ترك حل القضية الفلسطينية للفلسطينيين أنفسهم.

فلسطين ستتحرر بعزمها الذاتي وطاقتها الداخلية.
إنها ليست بحاجة لك ولا لغيرك ...

إنها بالتأكيد ليست بحاجة للمدافع المُنسـَّـقة والطائرات التي لا تساوي شيئا ً في سوق السلاح
لا !!!
الشعب الفلسطيني بحاجة للعون الذي تستطيع أن تقدمه دون أن تدمر بيتك وتستنفذ طاقتك !

ما هو بحاجة إليه وما تستطيع أنت حتما ً أن تعطيه له هو :
الدعم الطبي والغذائي والإنساني والجامعي ... المنح الدراسية للتلاميذ والطلاب ... دعم الفرق الرياضية إلخ ...
تبني الأطفال الفلسطينيين اليتامى ...
إنشاء وبناء ... ومن ثم بناء وإنشاء ... المشافي والمستوصفات والمدارس والجامعات والطرق والطرق السريعة والاعتناء بالأطفال الفلسطينيين ...
هذا هو مفتاح الحل للقضية الفلسطينية
أن لا نقبل بعد اليوم أن يبكي طفل فلسطيني من الجوع أو الألم أو البرد ...
هذا غير مقبول ... وسوريا الجديدة تستطيع الدخول في معمعة هذه المعركة.

لا تنسَ يا صديقي أن ...
ما تخافه إسرائيل ليس الحرب !!!

استطاع اليهود عبر تاريخهم الطويل الممتد لنحو 7000 سنة أن ينشئوا مملكة إسرائيلية لمرتين فقط. وفي كل مرة كان تفكك الممكلة يتم على أيدي اليهود أنفسهم الذين أنشأوها بسبب فرقتهم وخلافاتهم الداخلية.
مدة حياة كل مملكة كانت نحو 120 سنة
أمر ٌ مدهش ٌ أليس كذلك ؟
نصل اليوم إلى العام 65 من عمر إسرائيل المعاصرة
13000 كيلومتر مربع
ما أعطى ويعطي الضوء الأخضر للأسد كي يفتك بشعبه ويقتله تحت ضربات السكود والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية وسواها !!!

لا يا عزيزي ...
ما تخافه إسرائيل وبشدة ... ليس تلك الطائرات التي باعتها روسيا لسوريا عوضا ً من أن ترميها في مستودعات الخردة!

نعم يا صديقي ... يُساهم الدم السوري وبفعالية في إنعاش الاقتصاد الروسي

أنت ستضع إصبعك على النقطة المؤلمة التي لا يتناولها أحد منذ ما يزيد على الستين عاما ً
ألا وهي ... صناعة الحرب

وتجار السلاح ؟

ضع نفسك مكانهم للحظة واحدة !

ما مصلحتهم في أن تضع الحرب أوزارها بين العرب وإسرائيل ؟

الجواب : ليس لديهم أية مصلحة في ذلك

وإلا ...
فلمن سيبيعون أسلحتهم المتهالكة ؟
من هو الشعب الذي سيرمي نفسه في الفقر والحاجة كي يشتري مدفعا ً أو بندقية أو طائرة لن تسمح له بتحقيق الانتصار في أي معركة ؟

لا أعتقد أنك لا تعرف أن ...

مضى على السوريين ستون عاما ً كاملة وهم يشترون الأسلحة المتقادمة
ستون عاما ً ونحن نطير فوق السحاب ... من نصر ٍ لآخر !!!
1956، 1967، 1973، 1982، 2006 ...

الوحيدان اللذان كان باستطاعتهما تغيير حالة الاستعصاء هذه
الرجلان الوحيدان اللذان كانا على وشك تغيير مسار الأحداث ؟

اللذان حازا على جائزة نوبل للسلام بعد أن تصافحا بالأيدي ...

اغتيلا ...

لقد اغتيل الرجلان اللذان حازا على جائزة نوبل للسلام من قبل قوى الظلام. نفس قوى الظلام التي تحكم دولة إسرائيل اليوم والتي تعيش على أشلاء ضحاياها والتمييز العنصري.
يشكل السلام ُ الخطر َ الوحيد على بقاء إسرائيل في الأرض المعادية المحيطة بها

سيشجع السلام على إقامة العلاقات " الطبيعية " بين البشر. اتفاق سلام مع الآخر الذي نخشاه ونخافه والذي ننتهي بأن نقبل جواره ولم لا الزيجات المختلطة معه ... بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟
لم لا ؟
أتريد أن أعود للنصوص المقدسة التي ذكرت لك بعضها أعلاه في هذا الفصل: حزقيال ... إلخ ...

سيصبح " الغوييم " الفلسطينيون أسيادا ً في ديارهم

متوسط أربعة أطفال لكل أسرة فلسطينية
مقابل 1.5 طفل لكل أسرة إسرائيلية ...

لقد صرحت الباحثة أوريانا فالاتشي مؤخرا ً قائلة:
" يتكاثر المسلمون كالجرذان "

هذا هو الخطر الحقيقي على إسرائيل !

بضعة عشرات من السنين من الحياة المسالمة وسترى النتائج !

دون حرب ٍ ودون إزهاق ٍ عبثي لأرواح الناس

لهذا السبب لا تريد إسرائيل ولا تستطيع أن تقبل السلام

سبب ٌ آخر يجعل السوريين يتراجعون عن خيار الحرب وينكبون على الاعتناء بأطفالهم؟

يجب أن تعرف أن تيودور هرتزل الذي ترأس أول مؤتمر للصهوينية العالمية

لم يتكلم ولا مرة واحدة عن إسرائيل التوسعية

لم يكن يحلم إلا بوطن لليهود ... (علما ً بأنه نسي أو تناسى أن هذا الوطن المختار كان مسكونا ً !)

إنهم الملتحون المعممون الذين وضعوا أياديهم القذرة على المشروع الصهيوني وأعلنوا أن دولة إسرائيل يجب أن تتوسع وتمتد لتصبح من الفرات للنيل !

ولكن
هذا المشروع العبثي اللامنطقي لن يتحقق أبدا ً

لن يكون لديهم ما يكفي من الرجال والنساء ليسكنوا هذه الأرض !
أبدا ً !
لقد تم إقصاء هرتزل من هذه الحركة التي استولى عليها المتطرفون المتدينون اليهود ... تماما ً على شاكلة ما يجري الآن مع الثورات العربية التي استولى عليها وخانها المتطرفون المسلمون ...
لقد قام اليهود بكل ما في وسعهم لتحرير أرضهم " الموعودة "
التي تكلم عنها باروخ سبينوزا مطولا ً في بحثه

الأرض الموعودة كانت الدافع الوحيد الذي يستطيع توحيد اليهود وإعطاءهم هدفا ً واضحا ً واحدا ً

هل تريد أدلة أخرى ؟
الجدار الذي تبنيه الدولة العبرية الذي يفصل الأراضي بين الفلسطينين والإسرائيليين والذي يدينه العالم أجمع !

هذا الجدار بالذات
له فضيلة إيجابية واحدة !!!
نقطة إيجابية عظيمة الشأن

إنها المرة الوحيدة التي تقوم بها إسرائيل، منذ إنشائها، بتحديد حدودها بنفسها ...

يا لسخرية الأقدار ...
لم ينتبه لذلك السوريون ؟؟!!
أرجوك أن تصحح لي معلوماتي إذا كان الأمر غير ذلك ...

نعم ...من هنا إلى هناك: هو الـ " نحن "
والباقي هو الـ " هم "
هل ترى يا صديقي
دولة إسرائيل تعترف بحدودها وأنها لن تستطيع أبدا ً أن تذهب أبعد من ذلك ...
الحرب هي نقطة قوتها والسلام هو نقطة ضعفها
لن تستطيع إسرائيل التوسع كما يدعي الملتحون المعممون من هذا الجانب أو ذاك والذين لا يكفون عن إرسالك للحرب والموت ...
ترى هل يعرفون ذلك أم لا يعرفونه ؟؟؟

لا بد من قول ذلك لهم ... وتكراره مرات عديدة

الحرب لا تفيد إلا إسرائيل التي ستستطيع من خلالها طلب المزيد من الدعم والمساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية

ولكي تكتمل الصورة لا بد من ذكر الإيراني الذي يريد وبأي ثمن تحرير فلسطين بالقوة ... (أو هذا ما يدعيه على كل حال) والذي يحكم سوريا بلدك ... ما يعطي الحجة للإسرائيليين كي يقولوا :

" أترون ... يريدون القضاء علينا "

إيران تريد السلاح النووي الذي يستطيع أن يسقط على رؤوس اليهود في إسرائيل دون أن يصيب الفلسطينيين ولا الأماكن المقدسة !

هل تصدق ذلك ؟

يشبه ذلك ما قاله شايلوك تاجر البندقية عندما أمره القاضي وقال له :

" خذ رطلا ً من لحم أنطونيو ولكن انتبه ... لا أونصة زيادة ولا أونصة ناقصة !!! "
على من يضحك هؤلاء ؟

ستطلب سوريا الجديدة نزع القداسة عن الصراع العربي الإسرائيلي

" الإسرائيليون شعب ُغزاة ٍ مغرور "
لولا هذا الغرور لكانوا قبلوا الحل الوحيد القابل للحياة الذي قدم لهم :
الحل الوحيد الذي يستطيع أن يعطي معنىً حقيقيا ً للرسالة السماوية على الأرض والذي يسمح بتعايش الأديان الثلاثة التوحيدية دون سفح المزيد من الدماء

الاعتراف لكل ٍ من هذه الأديان ولكل ممثليها على الأرض بحقهم بالعيش بكرامة في ظل العدالة الإلهية
ثلث يهودي
ثلث مسيحي
ثلث مسلم
وفقا ً للتسلسل التاريخي

سيسر الإله في الأعالي لدى رؤيته لأولاده الثلاثة يتفقون ويتقاسمون بملء إرادتهم الأرض المقدسة التي طال النزاع حولها ...
معطين الدليل والمثال على الأخوة الحقيقية
إنه حلم ...
أعرف ذلك ...
إنه حلم ... كما قال أحد الأمريكيين المعروفين : " عندي حلم "

للأسف
مازلنا في خضم الصراع
الذي يدور منذ ستين عاما ً
ومازلنا نعيش عصر الانتصارات العربية ...!
ياله من واقع بائس يدعو للبكاء والنحيب

لا بد للسوريين من كل الأديان ....
من أن يستفيقوا

وأنت من سيوقظهم يا أخي الثائر

ويبدأوا بإعطاء الأولوية المطلقة للطفل السوري !
خفض وفيات الأطفال في سوريا
وضع الإنسان السوري في قلب الثورة
وضع الإنسان السوري (الرجل والمرأة) في قلب اهتماماتهم

سوريا أولا ً ...

وسترى ...
إن غدا ً لناظره قريب ...

يا أخي الثائر الغالي

ستضمن الخدمة الإلزامية في سوريا الجديدة توطيد أواصر اللحمة بين السوريين وستتحول إلى شكل من أشكال الخدمة المدنية التي تهتم بالصالح العام. سيتعلم السوري الشاب الملتحق بالخدمة الإلزامية هذه أن يحترم كرامة المواطن السوري. ستكون هذه الخدمة مدفوعة الأجر وبشكل جيد. سيتلقى هذا الشاب الحب الذي تكنه سوريا الوطن له وهو سيعيد هذا الحب بدوره لسوريا بأشكل مختلفة : محو الأمية في المناطق النائية، التشجير الخدمة في المشافي والجامعات إلخ ...

سوريا الجديدة ستحب أبنائها وسيظهر ذلك في كل القطاعات

أما الجيش السوري فيجب أن يكون محترفا ً عالي التأهيل المهني مؤلف من متطوعين راغبين بخدمة العلم في جيش قوي قادر على حماية الحدود والبدء بعملية إعادة الإعمار

فلسطين ليست بحاجة لجيشك بل هي بحاجة لعقلك وذكائك وحرفيتك العالية

سيعود الجولان لسوريا مقابل السلام مع إسرائيل

وبهذا ... ستضع يا أخي السوري الحد النهائي لكل المتاجرات والمزاودات التي كانت ومازالت تحدث تحت اسم القضية الفلسطينية: الأكاذيب المخجلة والشعارات الجوفاء من أي معنى أو مضمون.

لقد شربنا وأكلنا مايكفي من هذه الشعارات والأكاذيب منذ خمسين سنة

كفى !!!

لا بد أن تنهي طوابير الانتظار على أبواب السفارات الأجنبية. ليس لأن هذا ممنوع بل وببساطة لأن الشاب السوري لن يعود بحاجة للهجرة لأن بلده يحبه.

لماذا الرحيل ؟

يجب أن ننتهي من فكرة الرؤوساء الملوك محط غيرة وحسد العالم بأكمله !!!

سوريا ستعلن منطقة الشرق الأوسط منطقة سلام وستصرف أموال التسليح والحرب على المواطن السوري أولا ً وقبل كل شيء




- (1) ورد خطأ ً في الجزء الأول من الفصل الثالث أن خديجة كانت بعمر 45 سنة عندما تزوجت محمد. الصحيح هو أنها كانت بعمر 40 سنة.
- (2) حزقيال : أحد أنبياء العهد القديم - المترجم.
- (3) موسى بن ميمون: أبو عمران موسى بن ميمون بن عبيد الله القرطبي (30 آذار 1135 - 13 كانون الثاني 1204) حاخام يهودي قرطبي اشتهر عند العرب بالرئيس موسى. عمل طبيبا ً في بلاط السلطان صلاح الدين الأيوبي. له العديد من المؤلفات في الطب والفلسفة - المترجم.
- (4) رواني برومان : طبيب يهودي من مواليد القدس 1950 ويحمل الجنسية الفرنسية. مختص بإمراضيات المناطق الاستوائية. اشتهر بنزعته الإنسانية ومشاركته في أعمال الإغاثة عبر العالم - المترجم
- (5) باروخ اسبينوزا 1632 - 1677: فيلسوف هولندي من أصل برتغالي يهودي. أهم أعماله: "رسالة في اللاهوت والسياسة" 1670 و كتاب "الأخلاق" 1677 - المترجم.
- (6) صموئيل روث 1839 - 1974 : كاتب وناشر أمريكي - المترجم.
- (7) جيمس جويس 1882 - 1941 كاتب رواية وأديب أيرلندي. يعتبر من أهم كتاب روائيي القرن العشرين. من مؤلفاته المهمة كتاب رواية "عوليس" و"ناس من دبلين" - المترجم.
- (8) برنارد لازار 1865 – 1903 فرنسي، ناقد أدبي وصحفي سياسي فوضوي وجدلي. كان من أوائل من اهتم بقضية الكابتن دريفوس- المترجم.
- (9) إسرائيل شاحاك 1933 - 2011 إسرائيلي بولندي أستاذ في الجامعة العبرية في القدس - المترجم.
- (10) كارل ماركس 1818 - 1883 فيلسوف ألماني وباحث في الاقتصاد وعالم اجتماع وصحفي يساري. أهم أعماله "رأس المال" - المترجم.
- (11) توماس هوبز 1588 - 1679 عالم رياضيات وفيلسوف إنجليزي. اهتم بالفلسفة والأخلاق والتاريخ. ساهمت أعماله كثيرا ً بالوصول لمفهوم العقد الاجتماعي وتبلوره - المترجم.
- (12) جون لوك 1632 - 1704 فيلسوف إنكليزي وواحد من أهم المؤسسين لعصر الأنوار في أوروبا. كان يقول إن التجربة هي دليل المعرفة ... المترجم.
- (13) جان جاك روسو 1712 - 1778 كاتب وفيلسوف وموسيقي سويسري/فرنسي. أهم أعماله "مقالات حول العلوم والفنون" و "مقالات حول أصول وأسس انعدام المساواة بين البشر" و "العقد الاجتماعي" - المترجم.
- (14) دنيس ديدرو 1713 - 1784 فيلسوف وكاتب فرنسي. من رواد عصر التنوير. هو أول من أصدر دائرة معارف كاملة (إنسيكلوبيديا) - المترجم.
- (15) إينين دو لا بويسي 1530 - 1563 كاتب وقاضٍ فرنسي. مؤسس الفلسفة السياسية الحديثة في فرنسا. من أهم أعماله مقالة "العبودية الطوعية" - المترجم.
- (16) ديفيد ثورو 1817 – 1862 مؤلف كاتب وأديب إنكليزي أمريكي مناهض للعبودية ومن أنصار العصيان المدني. عرف بسبب عمله "والدن" - المترجم.



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 3 - الجزء الأول
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 2
- رسالة إلى أخي الثائر السوري ...
- أن جنيف أو أن لا جنيف. هل هذا هو السؤال ؟
- الأقلية والأكثريات
- أما زال النصر ممكنا ً ؟
- سوريا بين مطرقة الظلم وسندان الظلام
- القبيلة ...
- الطائفية بين العَرَض ِ والمرض !
- صديقي الذكي !
- الضرب والتقسيم على الوتر السوري
- لعيون علي ...
- ... المؤامرة مرة ً أخرى
- رسالة إلى السيد حسن نصر الله المحترم ...
- عندما أ ُكِل َ الثور الأبيض
- أناديكم ... هل تسمعون !!
- سوريا مابعد الطوفان
- هجرة الأسماء إلى المعاني
- الشعب يريد إسقاط النظام... فليسقط النظام !!
- المؤامرة الكبرى - سوريا


المزيد.....




- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نزار حمود - رسالة إلى أخي الثائر السوري ... 3 - الجزء الثاني