أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نزار حمود - عندما أ ُكِل َ الثور الأبيض














المزيد.....

عندما أ ُكِل َ الثور الأبيض


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 03:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يصر السيد "الرئيس" في خطابه الأخير الذي ألقاه من على منبر جامعة دمشق العريقة على أن يواصل النضال والقتال حتى النهاية. يصر حكيم العيون على أن يضرب بيد من حديد وأن يقطع دابر وأطراف المتآمرين السوريين والعرب والأجانب. وهو يؤكد على أن سوريا قد مرت في ماضيها الحديث للغاية بمراحل أكثر صعوبة ودموية مما تمر به اليوم وأنها استطاعت أن تخرج منها بنجاح وقوة وثقة بالنفس! يشير السيد "الرئيس" بذلك وبوضوح إلى الأخوان "الشياطين" أي الأخوان " المسلمين" وحوادث الأخوان المسلمين المأساوية التي انتهت بالقمع الوحشي لمدينة حماه. مازال السيد "الرئيس" يصرح من على المنابر أن القصف الوحشي والقتل العشوائي الذي طال هذه المدينة العربية السورية بامتياز كان نصرا ً عسكريا ً وأمنيا ً مؤزرا ً. يصر على أن الوقوف على جماجم آلاف السوريين كان مجدا ً وأكاليل غار ليس إلا. مافتأ هذا "الرئيس" يصر على أن الارتكابات اللاإنسانية التي وقعت على أهالي حماه كانت في محلها!
أيتها السيدات ... أيها السادة ... أيها العالم المتحضر والهمجي بآن معا ً: لقد قتل في حماه يومها مابين 5000 إلى 30000 مواطن سوري والتباعد بين الرقمين يعود إلى صعوبة، بل استحالة التحقق من الرقم الدقيق لضحايا هذه المجزرة الرهيبة التي قامت بها قوات الملك الأسد الأول، حامي الحمى والمدافع عن عرين العروبة الأول وصلاح الدين القرن العشرين.
طبعا ً ... وللإنصاف والعدل لابد من التذكير، لمن نسي أو يحب أن ينسى، أن الملك الأسد الأول لم يكن الأول حقا ً في ابداع القتل والقمع الدموي للمحرمات والمقدسات الإنسانية الذي طبق على حماه بل سبقه في ذلك بعض ٌ من أقرانه المهرة في استسهال حلول سفك الدم وقطع الأيدي والأرجل واقتلاع الحناجر وجدع الأنوف. ففي العام 1964 قامت حركة احتجاج بنفس المدينة الشهيدة حين كان عبد الحليم خدام محافظها وأمين الحافظ رئيس دولتها فزحفت قطعة مظفرة من الجيش وقصفت جامع السلطان وهدمت منارته. وفي العام 1965 اعتصم المصلون المحتجون في حرم الجامع الأموي في دمشق وأغلقت المدينة أبواب متاجرها فما كان من الضابط سليم حاطوم إلا أن اقتحم الجامع بالآليات العسكرية وقتل من قتل واعتقل من اعتقل وأكمل المهمة الضابط المغوار صلاح الضلي ثم ختمها أمين الحافظ بأن اعتلى شرفة قصر الضيافة وقال: " النساء تلدن كثيرا ً، سنقطع أرجلهم وأياديهم ونرميها للكلاب". هكذا إذا ً... لم يكن الملك الأسد الأول مبتكرا ً لأساليب القمع والقتل والاعتداء على المحرمات لكنه والحق يقال تميز عن السـلف فأبدع وأجاد بأن قتل في حماه آلاف الأطفال "المجرمين" والنساء "المجرمات الإرهابيات" والشيوخ " الهمج المتخلفين". ولاداعي هنا لأن أدخل في التفاصيل فهي مريعة للغاية.
كل ذلك كان تحت سمع وبصر حكومات العالم أجمع ودولها الـ"ديمقراطية" . إلا أن العالم لم يحرك ساكنا ً يومها... لقد انتهت معركة الثمانينيات في حماه على جماجم عشرات الآلاف من القتلى الذين قتلوا في الغالب الأعم ظلما ً وعدوانا ً ودون أي ذنب ارتكبوه سوى أنهم كانوا من سكان المدينة التي أوت عناصر الطليعة المقاتلة "الأخونجية" التي قامت حينها بحمل السلاح وارتكاب القتل أيضا ً. علما ً بأن الدليل على إجرام هذه الطليعة المقاتلة يبقى في ذمة التاريخ وخبراء ومؤرخي السلطان، الوالي، الحاكم بأمر الله الأسد الأول المعظم. ويبقى هذا الدليل قابلا ً للطعن حتى التحقق من الأمر من قبل لجان مستقلة دارسة لتلك الأحداث الرهيبة.
اليوم ... يصر "الرئيس" على اتباع نفس الطريقة، طريقة قطع أيادي المتآمرين أعداء الوطن والضرب بيد من حديد لاترحم على رؤؤس الإرهابيين. يبدو يا سيدي "الرئيس" الأسد الثاني المبجل أنك لم تفهم أن ماحدث في الثمانينات كان هزيمة نكراء وليس انتصارا ً! كان هزيمة لروح الوطن ومفهوم الواطنة. ماحدث كان من تجليات وإرهاصات القمع العسكري الذي بدأه حسني الزعيم مع أول انقلاب عسكري مدعوم أمريكيا ً في سوريا على رئيس الجمهورية ٍ المنتخب انتخابا ً. ماحدث كان انتصارا ً للعقلية العنفية الانقلابية على عقلية المجتمع الأهلي التي كانت ستقود البلاد والعباد قطعا ً للمجتمع المدني المؤسساتي. لقد سلك هذا الطريق نفسه رؤساء آخرين إلا أنك أنت من ورث كل ذلك ... من ورث ورشة الحدادة ومغاطس الدم وأنت الذي مازلت اليوم تصر على نفس الأسلوب الذي تشير كل المعطيات العلمية الحالية إلى فشله وإلى أنك تقود البلاد إلى الهاوية. ماحصل في الثمانينات كان كارثة وطنية بكل المقاييس والمعايير. ولقد مرت هذه الكارثة تحت أنوفنا جميعا ً دون أن نشعر بها بفضل ذلك التعتيم الإعلامي الهائل ...والرعب، لابــل والهلع الذي خيم على أنقاض حماه ممزوجا ً بالدخان الأسود وروائح تعفن الجثث.
يا سيدي "الـرئيس"... يا حكيم العيون... لقد اعتدتُ فيما مضى على أن أنهي كلامي بالتأكيد على أني واثق للغاية من مقدرة الشعب السوري العظيم على تجاوز هذه المحنة نظرا ً لوعيه وعمق جذوره الحضارية الإنسانية. لكني اليوم، وأنا أرى المعارضة السورية الشمطاء تتصارع وتتنازع الأدوار وتختال على جماجم ودماء الشهداء، أنبل بني البشر، لم أعــد أعرف ماأقول! بدأت أفقد الثقة بالشارع السوري والمعارضة السورية التي تأبى إلا أن لاتتعلم من دروس الماضي القريب للغاية... بدأت أفقد الثقة بالعالم أجمع وبمفاهيم أساسية للغاية كالعدالة والقيم والنضال وحقوق الإنسان والوطن والمواطن. كل ذلك كان بفضلك أنت أيها "الرئيس" المفدى ... يا حكيم العيون الأعمى.
إن كان هناك من مؤامرة على سوريا فهي أنت ونهجك العنفي الكاذب المدمر.
لقد أكلنا جميعا ً عندما أكل الثور الأبيض ولاحول ولاقوة إلا بالله.



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أناديكم ... هل تسمعون !!
- سوريا مابعد الطوفان
- هجرة الأسماء إلى المعاني
- الشعب يريد إسقاط النظام... فليسقط النظام !!
- المؤامرة الكبرى - سوريا
- آرام
- قالوا في العصابات المجرمة !
- المثقف
- إنتصار
- إلى مصر مع حبي
- مصر أمي، مصر أبويا
- أنا الفينيقي
- أنت الأهم
- لماذا الانتخابات ولماذا فيزيون مونتريال - هاريل ؟
- خادم وحامي الحرمين الشريفين !
- حتى نغير ما بأنفسنا
- صديقي خليل
- ما لقيصر لقيصر ... ومالسليم لسليم
- الأستاذ سليم زبال
- رسالة إلى المواطن اللبناني العنيد


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نزار حمود - عندما أ ُكِل َ الثور الأبيض