أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار حمود - صديقي الذكي !














المزيد.....

صديقي الذكي !


نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)


الحوار المتمدن-العدد: 3824 - 2012 / 8 / 19 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لاأدري إن كان بإمكاني أن أسميه صديقا ً. فهو أكثر وأقرب من صديق بمراحل. أعرفه منذ سنوات الطفولة الغضة وتربطني به أواصر الاحترام والمودة. صديقي هذا عاش ودرس في الولايات المتحدة الأمريكية و يشهد له القاصي والداني بنظافة اليد واللسان والممارسة. كان في سنوات دراسته الأولى في دمشق مثالا ً للشاب " الحمش" الذي لا يقبل بوقوع الظلم عليه أو على واحدٍ من زملائه. مواقفه الناقدة والمتحدية للنظام السوري وممارساته الفاسدة والإفسادية معروفة إلا أنها لم تفضي به، والحمد لله ، إلى الأقبية المظلمة سيئة السمعة والسيرة والسلوك. عاد من الولايات المتحدة بغرض الاستقرار والعيش في الوطن بالرغم من أن إمكانية البقاء والعمل هناك كانت متوافرة للغاية بالنسبة له في تلك الأيام، إلا أنه لم يستطع تحمل الواقع المعاش في سوريا بكل مآسيه وظلمه وسورياليته فهاجر إلى دبي باحثا ً عن لقمة العيش الشريفة بعيدا ً عن الذل والظلم والرشوة على أبواب مؤسسات الدولة ومرافقها. صديقي هذا يعمل حتى اليوم في الخليج ... كي يكسب لقمة عيشه.
لم يتوان هذا الصديق ولم يتأخر أبدا ً في إظهار تأييده للثورات العربية في تونس ومصر واليمن. كان ومازال بعيدا ً كل البعد عن التفكير والاصطفاف الطائفي إيمانا ً منه بخطورة مثل هذا الفكر وهذه الممارسة على الوطن ومستقبل الوطن. كما أني أجد نفسي مضطرا ً، لضرورات الإيضاح والإفصاح، لأن أقول إن العديد من أفراد أسرة هذا الصديق ذاقوا مر السجون الأسدية وعذاباتها لسنين طويلة ... ظلما ً وعدوانا ً وبتهم عجائبية إعجازية متنوعة مثل كتم المعلوات وإضعاف الشعور الانتماء للوطن وخيانة أهداف الثورة وإنجازاتها العظيمة التي حققتها ... إن كان ذلك على صعيد الوحدة (!) أو الحرية (!) أو الإشتراكية (!).
عندما انفجر الغضب السوري في درعا ... بدأت الإشارات الواردة من هذا الصديق تتغير. بدأ يتخوف من مستقبل الأحداث وعدم جهوزية الشعب السوري لمثل هذه الثورة... لأنه "شعبٌ بحاجة لإعادة تأهيل حقـيقـية كي يستطيع أن يصل بالبلاد إلى بر الأمان". مقولة فساد النظام وإجرامه بقيت كما هي بالنسبة له إلا أنه بدا مرعوبا ً من المستقبل. في محدثاتنا الهاتفية والإنترنيتية قال وكرر مرارا ً إن الحل يكمن في الحوار مع النظام لإيجاد المخرج المناسب من الكارثة الحالية. كان متأكدا ً من أن النظام يطلب الحوار لكنه لا يجد من يتحاور معه وأن المعارضة المشتتة لاتختلف عن النظام في شيء. ومن ثم بدأت نظرية المؤامرة تظهر في أدبياته وكلماته. المؤامرة المراد منها تفتيت الدور السوري الممانع الداعم للمقاومة الجنوبية اللبنانية وانتصاراتها في الـ 2000 والـ 2006. موقفه من دفاعي الشخصي عن مجريات الأحداث وشرعية الثورة السورية تراوحت مابين التسفيه ومحاولة النصح والإرشاد ... إلى الاتهام بأني أحرض على الموت والدمار والتطرف. حاول أن يشرح لي مرارا ً وتكرارا ً أن إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير مما يجري ... من تدمير الشعب السوري والجيش السوري وقطع شريان الحياة عن المقاومة اللبنانية. في آخر مكالماتنا ... قال لي " ثورتكم ستدمر سوريا وتفتتها ولن تقوم لهذا البلد قائمة بعد اليوم" و "أنتم - بغبائكم – ستكونون وراء خراب البلاد" و" المؤامرة واضحة للعيان إلا أن حقدكم أعماكم".
في كل هذه المناظرات ... لم يمرصديقي بنقده وإداناته على إدخال الجيش السوري وزجه منذ اللحظات الأولى في المعركة مع الشعب... لم أسمع منه أية إدانه للمجازر في القبير والحولة و درعا وجبل الزاوية وريف دمشق وحمص وسواها مما ظهر ولم يظهربعد... لم أسمع منه استنكارا ً لاستعمال الطائرات المقاتلة في قصف المدن ... وبصفته من الأذكياء الذين لا يخفى عليهم سر ولا مؤامرة... أرسل لي مقالات صدرت في صحف غربية تتحدث عن الدور التاريخي للقناصين القتلة في إذكاء جذوة الثورات كالثورة البلشفية مثلا ً ... كما كان من أدلته على المؤامرة الكونية التي تتعرض لها سوريا ... أن مجزرة الحولة حصلت بأياد أجنبية للإساءة للنظام وأن ضحاياها كانوا من الموالين للنظام وليس من المعارضين كما نشرت وكالات الأنباء وتقارير الأمم المتحدة !
أحب أن أكرر ... صديقي هذا ليس عنصر أمن ... صديقي هذا يكسب لقمة عيشه بعرق جبينه ... صديقي ليس شبيحا ً ولم يؤذ أحدا ً في حياته ... وهو صادق في قناعاته وممارساته وكلامه ... صديقي لا يمل من أن يقول لي ... مافائدة أن ينجح العمل الجراحي (ثورتي) وأن يموت المريض (سوريته) ... صديقي ينعتني بالغباء وقصر النظر وعدم القدرة على التحليل وقراءة مابين السطور وخلفها ... صديقي مازال لغزا ً شائكا ً بالنسبة لي ... لاأعرف كيف أتعامل معه ...
لقد فشل صديقي بإقناعي بما يؤمن ويعتقد ... وفشلت أنا أيضا ًً ... فأنا مازلت مؤمنا ً بأن الثورة السورية هي حتمية تاريخية لا بد منها ...وأن إزاحة هذا النظام ممر ٌ دموي ٌ إجباري لابد من عبوره ... مازلت مقتنعا ً بأن هذه الثورة إنما وقعت جراء وصول الظالم لحدود الفيزياء٬ حدود الطبيعة٬حدود الله عز وجل٬ التي لايمكن لابن امرأة أن يتجاوزها ...
رغم كل هذا الإجرام الممنهج، الممارس على الأرض السورية ... مازال باستطاعة هذا النظام القاتل الدموي أن يصل لعقول أناس ٍ متعـلمة غيورة على مستقبل البلاد مثل صديقي "الذكي" ... وأنا لاأشك أبدا ً أن لكل سوري ثائر صديق شبيه بصديقي "الذكي" هذا ... نحن جميعا ً بحاجة لهذه الكوادر والعقول ...نحن بحاجة لها كي تقتنع بعدالة ما يجري ولكي تنفض يدها من هذا النظام الغارق الزائل حتما ً وتلتحق بصفوف الثورة والثوار أو الداعمين لهذه الثورة وأولئك الثوار ... كي تقصر المسافة التي تفصلنا عن النصر ونحقـق الغايات المتمثلة بالوصول لسوريا العادلة المتعددة الديمقراطية الجميلة .... لكن كيف ... لست أدري!
هل لديكم الجواب ؟
نزار حمود



#نزار_حمود (هاشتاغ)       Nezar_Hammoud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضرب والتقسيم على الوتر السوري
- لعيون علي ...
- ... المؤامرة مرة ً أخرى
- رسالة إلى السيد حسن نصر الله المحترم ...
- عندما أ ُكِل َ الثور الأبيض
- أناديكم ... هل تسمعون !!
- سوريا مابعد الطوفان
- هجرة الأسماء إلى المعاني
- الشعب يريد إسقاط النظام... فليسقط النظام !!
- المؤامرة الكبرى - سوريا
- آرام
- قالوا في العصابات المجرمة !
- المثقف
- إنتصار
- إلى مصر مع حبي
- مصر أمي، مصر أبويا
- أنا الفينيقي
- أنت الأهم
- لماذا الانتخابات ولماذا فيزيون مونتريال - هاريل ؟
- خادم وحامي الحرمين الشريفين !


المزيد.....




- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...
- جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات ...
- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- -بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي ...
- كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص ...
- دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
- هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار حمود - صديقي الذكي !